×
عيد الحب .. القصة والحقيقة : كتيب للشيخ: خالد الشايع - أثابه الله - بين فيها حقيقة عيد الحب، ونبذة تاريخية عنه، مع بيان حكم الاحتفال به.

 عيد الحب .. القصة والحقيقة

د. خالد بن عبد الرحمن الشايع

بسم الله الرحمن الرحيم

 مقدمة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فمن المظاهر التي يتكرر اهتمام عدد من الناس بها في شهر فبراير من كل عام ما يسمى (عيد الحب).

ولما كان هذا العيد دخيلاً على المجتمعات الإسلامية؛ فقد كان من المهم أن يعرف الشباب والفتيات وعموم الناس من أهل الإسلام حقيقة هذا العيد، وهل لهم علاقة به من قريب أو بعيد، وهل مشاركة من يشارك في الاحتفال به عن عقيدة؟ أم عن فراغ وجهل؟ أم ماذا؟. وهل تأثر من تأثر به ناشئ عن أزمة حب يعيشونها؟ أم أنها أزمة في رصيدهم الفكري والثقافي؟ أم ما هي حقيقة الأمر؟.

وكان من المهم جدًا أيضًا أن يدرك المحتفلون بهذا العيد (الحبي) حقيقة هذا العيد، كيف بدأ؟ وما هي قصته؟ وما صلة الذئاب به؟ وأيضًا ما هي نظرة الكنيسة النصرانية لهذا العيد؟.

ومسائل أخرى أرجو أن أوفق في إلقاء الضوء عليها.

والله المسئول أن يعمر قلوبنا جميعًا بحبه، وحب كل عمل يقربنا لحبه.

حرره

خالد بن عبد الرحمن الشايع

الرياض – 11574 – ص.ب57242

[email protected]

فاكس: 4547549

 النفوس محبة لمواسم الأفراح

النفوس بطبعها محبة لمناسبات الفرح والسرور الخاصة والعامة، ومجبولة على التعلق بها، وهذا في ذاته لا غضاضة فيه ولا مؤاخذة؛ ما دام في إطاره المشروع، بل إن الشريعة مرغبة في إشاعة الفرح والحرص على إدخاله على النفوس، ومرغبة في جبر خواطر النفوس الكسيرة، والعمل على رفع أسباب الشقاء والتعاسة، وجاء الوعد بالثواب الجزيل على هذه الأعمال، والإنسان في نفسه ينبغي أن يكون طلق المحيا، لطيفًا رحيمًا، بمعنى  أن يلقى الناس بالبشاشة واللطف والانبساط.

ومن جملة المناسبات التي تتعلق بها النفوس: العيد؛ وذلك لما يجد فيه الناس من الاجتماع والراحة واللذة والسرور ما هو معلوم، فيتحصل لهم بذلك من المقاصد الدينية والدنيوية شيء كبير، حتى بات معظمًا لدى عموم الناس على اختلاف مللهم؛ لتعلق تلك الأغراض به.

وللوفاء بهذا الغرض جاءت شريعة الإسلام بمشروعية عيدي الفطر والأضحى، وشرع الله فيهما من التوسعة إظهار السرور ما تحتاجه النفوس، خاصة وأنهما عيدان مشروعان مباركان يحبهما سبحانه، ومما يدل على هذا: ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؟! فأقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «دعهما»، فلما غفل غمزتهما فخرجتا. [رواه البخاري ومسلم]. وجاء في رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا».

وفي رواية في «المسند» أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة».

كما شرع للناس عيدًا أسبوعيًّا وذلك يوم الجمعة، فقد ضل عنه اليهود والنصارى واختاروا بدله السبت والأحد، وصاروا تبعًا للمسلمين، وجعل الله للجمعة من الخصائص والفضائل ما هو معلوم، وكان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - تعظيم يوم الجمعة وتشريفه، وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة المحمدية وتكميل دينها لها.

ومن نافلة القول أن يتأكد المسلم أن أكمل الهدي وأفضل الشرع هو ما جاء به خاتم الأنبياء والرسل محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال الله سبحانه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3].

 أعياد الكفار: كثيرة، وغريبة، ومبتدعة

إذا تأملنا فيما عند الأمم الأخرى من الأعياد؛ فسنجد أن عندهم من الأعياد الشيء الكثير، فلكل مناسبة قومية عيد، ولكل فصل من فصول العام عيد، وللأم عيد، وللعمال عيد، وللزراعات عيد، وللزهور عيد، وهكذا، حتى يوشك ألا يوجد شهر إلا وفيه عيد خاص، وأدخلوا فيها من الاعتقادات والأعمال المنكرة الشيء الكثير، وكل ذلك من ابتداعاتهم ووضعهم وصنع أنفسهم، قال الله تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [الحديد: 27]، ولهذا فإن مواعيدها تغيرت على مر السنين بحسب الأهواء السياسية والاجتماعية، ويقترن بها من الطقوس والعادات وأنواع اللهو ما يطول سرده، كما تذكر ذلك عنهم بالتفصيل الكتب المتخصصة.

ومن غرائب الأعياد في العالم اليوم: أعياد الوثنيين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، والتي تنسب إلى آلهتهم وأحبارهم ورهبانهم، كعيد القديس (برثلوميو)، وعيد القديس (ميكائيل)، وعيد القديس (اندراوس)، وعيد القديس (فالنتاين) وهكذا.

ويصاحب أعيادهم هذه مظاهر عديدة كتزيين البيوت، وإيقاد الشموع، والذهاب للكنيسة، وصناعة الحلوى الخاصة، والأغاني المخصصة للعيد بترانيم محددة، وصناعة الأكاليل المضاءة، وغير ذلك مما يكون من منكرات الأفعال.

ومن عادات الأمم الأخرى من غير المسلمين أيضًا: أن يقيموا عيدًا سنويًا لكل شخص يوافق يوم مولده، وهو عيد الميلاد، بحيث يدعى الأصدقاء، ويصنع الطعام الخاص، وتضاء شموع بعدد سني الشخص المحتفل به، إلى آخر ما هنالك، وقد قلدهم بعض المسلمين في هذه المبتدعات!

ولهذا ينبغي أن يعلم أن جميع ما لدى الأمم الأخرى من تلك الأعياد بدعة وضلالة، فوق ما عندهم من الكفر بالله، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سورة آل عمران، الآية: 85].


 ربنا سبحانه نهانا عن موافقة الكفار في أعيادهم

لأهمية هذه المسألة وضرورة العناية بها – أعني ما تسرب إلى المسلمين من أعياد الكفار ومناسباتهم التي ينسبونها لدينهم – فقد كانت عناية الشرع بهذا الأمر بليغة ومؤكدة، فإن الله وصف عباده المؤمنين بمجانبة الكفار في أعيادهم وذلك قوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان: 72]، فالمراد بالزور – الذي لا يشهده عباد الله المؤمنين – في هذه الآية هو: أعياد الكفار.

وروي البيهقي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: «من بنى ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك؛ حشر معهم يوم القيامة».

والله جل شأنه قد شرع لعباده المؤمنين من الأعياد ما يستغنون به عن تقليد غيرهم، كما تقدم، وقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن أنس - رضي الله عنه - قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما: يوم الفطر والأضحى».

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «واستنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم».

عيد الحب (عيد فالنتاين) القصة.. والحقيقة!!

ولنا أن نتوقف في الأسطر التالية مع عيد أخذه بعض المسلمين عن الكفار وقلدوهم فيه: ألا وهو ما يسمى (عيد الحب)، هكذا يسميه بعض المسلمين والكفار.

وأما اسمه الأصلي: فهو يوم أو عيد القديس «فالنتاين» (Valentine's Day) وقد حدده النصارى في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير من العام الإفرنجي، لعقيدة محددة ذكروها  في تاريخ أعيادهم سأشير إليها بعد أسطر.

وما كان لنا أن نقف أو نلتفت لهذا العيد، فهو من جملة عشرات الأعياد عندهم، ولكن لوجود من تأثر به من المسلمين والمسلمات؛ فقد وجب أن يعرف إخواننا وأخواتنا ممن يحاول المشاركة فيه بقيامهم ببعض الطقوس الخاصة به، وهم لا يدرون أن هذا العيد وهو ما يسمى (عيد الحب) عيد ديني له ارتباط وثيق بعقيدة النصارى وبوثنية الرومان، وهم – أعني النصارى – متخبطون في نسبته وبدايته، هل هو من إرثهم، أو من إرث الرومان الذين كان لهم من الآلهة ما يشتهون، فجعلوا للحب إلهًا، على طريقتهم في الاعتداد بآلهة أخرى، كما لهم من الآلهة المزعومة للنور وللظلماء وللنبات وللأمطار وللبحار وللأنهار، وهكذا.

أما ما يرويه النصارى في سبب ابتداعهم لهذا العيد (عيد الحب)، ولماذا جعلوه محددًا بيوم 14 فبراير من كل عام؛ فقد تعددت أساطيرهم في ذلك، ولنتبصر فيما يحكونه عن ذلك ([1]).

* فمن أساطيرهم: أنه ومنذ (1700) سنة عندما كانت الوثنية هي السائدة عند الرومان قام أحد «قديسيهم» وهو المدعو (فالنتاين) بالتحول عن الوثنية إلى النصرانية، فما كان من دولة الرومان إلا أن أعدمته، ولما دار الزمان واعتنق الرومان النصرانية جعلوا يوم إعدامه مناسبة للاحتفال بذلك تخليدًا لذكراه.

* أسطورة ثانية: كان يوم (14) فبراير يوم مقدس لإحدى (الإلاهات) (!) التي يعتقد فيها الرومان، وهي الإلهة المدعوة (يونو) ملكة الآلهة الرومانية، والتي اختصوها عندهم النساء والزواج، فناسب أن يكون يوم احتفال يتعلق بالزواج والحب!

* أسطورة أخرى: كان عند الرومان إحدى (الآلهة) المقدسة تدعى (ليسيوس) وهي ذئبة (انثى الذئب) وسبب تقديسهم لها: أنها – بزعمهم – أرضعت مؤسسي مدينة روما في طفولتهما، وهما (روميولوس) و (ريموس)، وجعلوا يوم (15) فبراير عيدًا يحتفلون فيه، وحددوا مكانًا للاحتفال وهو معبد (إل ليسوم) أي: معبد الحب، وسموه بهذا الاسم؛ لأن الذئبة (ليسيوس) رحمت الطفلين المذكورين وأحبتهما!!

* أسطورة أخرى: عندما وجد الإمبراطور الروماني (كلاوديوس) صعوبة في تجنيد جميع رجال روما للحرب وتبين له أن سبب عدم التجنيد هو عدم رغبة الرجال المتزوجين في الخروج وترك أهاليهم، ما كان منه إلا أن منع الزواج وضيقه، فجاء القس المدعو (فالنتاين) ليخالف أمر الإمبراطور، فكان يزوج الناس في الكنيسة سرًا، فاعتقله الإمبراطور وقتله في 14/فبراير/ 269م.

الكنيسة تتراجع..!

تراجعت الكنيسة عن ربط عيد الحب بأسطورة الذئبة (ليسيوس) – ولعله تزامنًا مع النهضة الصناعية – وجعلت العيد مرتبطًا بذكرى القديس (فالنتاين)، ولتأثر النصارى بهذا العيد فقد نحتوا تمثالاً يمثله، ونصبوه في أنحاء متفرقة من دول أوروبا!.

ثم تراجعت الكنيسة مرة أخرى عن عيد (فالنتاين) وترك الاحتفال به رسميًا عام (1969م).

* لماذا تراجعوا؟

قالوا: لأن تلك الاحتفالات تعتبر خرافات.. لا تليق بالدين والأخلاق.

لكن الناس استمروا في الاحتقال به إلى يومنا هذا، في أمريكا وأوروبا وآسيا وأفريقيا واستراليا... بل وحتى في الدول الإسلامية [لعل من يحتفل به من المسلمين والمسلمات ما سمعوا بقصة الذئبة ليسيوس] وأصبح لهذا العيد اهتمام واسع بالتغطية الإعلامية الواسعة له، وما يصاحبها من اهتمامات اجتماعية وتجارية، لينساق أهل الأرض في الاحتفال بهذا اليوم، سواءً كان منسوبًا للذئبة المذكورة أو (للفالنتاين) المذكور أو لغيرهما!!.

بعض المسلمين والمسلمات يصطفون في (طابور فالنتاين)... أزمة حب أم أزمة ثقافة!

بالنظر إلى ما تيسر في العالم اليوم من وسائل الاتصال والتواصل السريع فقد امتدت الحمة (الفالنتانية) إلى أقطار الأرض شتى، ومنها بلاد المسلمين، فتتابع عدد من الذكور والإناث منهم على الاصطفاف في (طابور فالنتاين) وتتابعوا على الاحتقال بـ (14) فبراير، والمحتلفون يرددون (My Valentine Be)  وصار التفاعل مع هذا اليوم على مستويات شتى الشباب والفتيات، بل وحتى الكهول و (الكهلات) ووسائل الإعلام والتجار والمنتجات الاستهلاكية... إلى آخر القائمة.

ولكن: يا ترى هل هؤلاء يعانون من أزمة حب فوجدوها فرصة سانحة لإطلاق محبوسات مشاعرهم ومكنونات أحاسيسهم؟ أم أن القضية – كما هو الواقع – لا تعدو أن تكون واحدة من الدلالات الواضحة على ما تعاني منه الأمة اليوم من تضييعها لهويتها، وسيرها الخانع في ركب (حظائر) العالم المادي.

إني أوجهها دعوة قلبية ملؤها المحبة لإخواننا وأخواتنا الذين يشاركون في مظاهر هذا العيد (الفالنتاني) لأن يراجعوا أنفسهم، فالحقيقة أن (عيد فالنتاين) بالنسبة لمن يحتفلون به من أهل الإسلام ما هو إلا علامة ودلالة على عدد من الأمور:

* ضعف الانتماء للإسلام.

* ضحالة الثقافة وقلة البصيرة.

* ضيف الأفق وضعف التصور والبعد عن فهم الحياة وواقع الأمور ومساراتها.

* الهزيمة النفسية التي يحس بها من انساقوا في ذلك التيار.

* الأحاسيس المكدودة والمشاعر المستثارة جرَّاء كثرة الطرق عليها عبر وسائل الإعلام المتنوعة.

* البعد عن المقاصد السامية والأهداف الفاضلة، بما فيه انتفاع الشخص نفسه، ونفع مجتمعه ووطنه وأمته.

فهل يرضى أي عاقل أو عاقلة برغم كل هذا أن يكون (فالنتانيا)؟؟؟!!. أتمنى وأدعو أن تقول، وأن تقولي: لا، ثم لا. قولاً وفعلاً.

 مظاهر الاحتفال بعيد الحب والدلالات العقلية

من المظاهر والأمور التي يتعاطاها الكفار في الاحتفال بالعيد المذكور – عيد الحب – وكذلك من يشاركهم من المسلمين والمسلمات:

* تأثرهم في لباسهم وما يتهادونه في ذلك اليوم من بطاقات، وطاقات زهور، وورود باللون الأحمر، الذي يرمز عندهم إلى مسلك منحرف محدد، له صلته بالفحش.

* وهكذا الشأن في الحلوى والكعك؛ وما يوضع عليها من مواد غذائية، كل ذلك باللون الأحمر.

* ومن المظاهر الاحتفالية لديهم الكتابة على البطاقات بعبارات الغرام والهيام بين الشباب والفتيات.

* وكذا شراء تمثال أو دمية حمراء تمثل حيوان (الدب) وقد رسم عليه ما يمثل القلب، وكلمات الحب، ثم يباع بأسعار باهظة ليقدم كهدية ترمز للحب! سبحان الله! (حُبٌّ) و (دُبٌّ) أي علاقة بين حيوان كريه وبين كلمة تفيض بالنبل وتتوهج بمشاعر القرب؟! ربما أن المحتفلين ربطوا بين ما في الكلمتين من حرف (الباء)!.

* وضع ما يزعمون أنه (إله الحب) (كيوبيد: Cupid) وهو عبارة عن صورة طفل له جناح ومعه قوس يسدد منه سهمًا! لقد شاهدت هذه الدمية، وأظن أن الطفلة الصغيرة لن ترضى بها (عروسة) لها لتلعب بها، بالنظر لصغرها، فكيف يرمز بها المحتفلون والمحتفلات (الكبار) لما رمزوا بها إليه!.. سبحان الله وتعالى عما يقولون ويزعمون.

* بعض الطالبات في المدارس والكليات يتفقن مع بعضهن في ذلك اليوم على لباس أحمر، الجاكيتات أو البلايز أو غيرها.

* أن بعض الأزواج من الذكور والإناث يحاول أن يقوم بعمل ما فيه تعبير عن حبه للآخر، كأن يذهب للعشاء خارج المنزل في مطعم ما، أو أن يشتري هدية معينة يقدمها في تلك الليلة تحديدًا، أو بغير ذلك، ويصنع هذا بعض الناس مع خطيبته.

* وبعض الشباب يخدع بعض الفتيات بأنه محب لها مريد للزواج بها، ويتقمص جلد الحمل الوديع، وخصوصًا في مثل هذه المناسبة، ولهذا لم يزل هذا التأريخ وهذه المناسبة تمثل ذكرى أليمة لعدد من الفتيات وللأسف الشديد.

وواضح ما تنطوي عليه هذه المظاهر من خلل في العقيدة يخالف الفطرة ويصادم التوحيد وكذلك ما تتضمنه تلك المظاهر من ضعف التفكير وسفاهة العقل، والتي قاد إليه ضعف العلم والتخلف الثقافي، علاوة على الفراغ العاطفي المدفوع بتهييج الغرائز.

وقفات مراجعة!

في ضوء ما تقدم: فإننا نقف مع إخواننا وأخواتنا أهل الإسلام ممن يشارك في شيء من مظاهر الاحتفال الآنفة الذكر وقفات مراجعة فنقول:

* شبابنا وفتياتنا.. ماذا دهاكم؟

إنكم اليوم يا من تحتفلون بهذا اليوم – عيد الحب وما شابهه – لحاجة في نفوسكم أعلمها وتعلمونها، ولكن الذي أظنه بكم بما عندكم من فطرة توحيدكم لله تعالى، أنكم لو علمتم الخلفية الدينية لهذا الاحتفال وما فيه من رموز الابتداع أو الشرك بالله، والتظاهر بأن معه إلهًا آخر – تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا – لأدركتم فداحة خطئكم وشناعة توجهكم وتأثركم، فظني بكم وبما عندكم من الفطرة أن الإخلال بالعقيدة أمر لا مساومة فيه عندكم، وإن وقع منكم ما يقع منَّا جميعًا من لمم وزلل ومعاصٍ.

* فكيف تقبلون تلك الهرطقات والمزاعم الساقطة بدعوة آلهة غير الله سبحانه؟.

* أين عقيدة التوحيد التي نشأتم عليها؟

* أين فطرتكم التي تأبى دعوة غير الله؟

* أين غيرتكم على دين الله؟

* أين حبكم لمن خلقكم وأوجدكم، ومن كل خير منحكم: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ﴾ [سورة البقرة، الآية: 165].

* أين...؟ أين...؟؟!.

* ثم كيف راجت عليكم تلك التصورات السخيفة؟! ذئبة ترضع طفلين! أو دب أو دجاجة أو غير ذلك! أين عقولكم؟! أين ثقافتكم؟! أين احترامكم لذواتكم؟!

 هدايا (عيد الحب)

مما قرره أهل العلم: أنه لا يجوز للمسلم أن يقبل أي إهداء أو طعام صنع لمناسبة عيد من أعياد الكفار، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته، خصوصًا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم.

ولهذا فإن من المتعين على الآباء والأمهات أن يلاحظوا هذا الأمر على أولادهم، وخاصة إذا رأوا من بناتهم تخصيص اللباس الأحمر في ذلك اليوم البلايز والجاكت والجوارب والأحذية، وهكذا لو طلبوا منهم شراء الورود والبطاقات الخاصة بذلك اليوم، فيبينوا لهم حقيقة الأمر بأسلوب شرعي تربوي مقنع، وكذلك المدرسات ينبغي أن يفتحن باب الحوار مع الطالبات حول هذه القضية، وأن يبين لهن حقيقة هذا العيد وما فيه من خرافات، وأن يسمعن منهن ما يدور بأنفسهم حتى يمكن تعديل هذه التصورات الآفلة.

 التهنئة بعيد الحب

مما يؤسف له أن من المسلمين والمسلمات من ينساق في تيار هذا العيد الوثني، ويتبادلون التهنئة! وهذا أمر له خطورته على دينهم، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم؛ فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر؛ فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثمًا عند الله وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه.

 الفتيات وعيد الحب

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وكثير من مشابهات أهل الكتاب في أعيادهم وغيرها إنما يدعو إليها النساء».

هكذا قال شيخ الإسلام عن النساء، وهذا هو الواقع فعلاً، وخصوصًا من الفتيات، فلماذا؟ وهل من خلاص؟

فالمرأة وخاصة إذا كانت في مقتبل عمرها يكون عندها من رقة المشاعر ولطف الأحاسيس وشفافية النفس ما قد يجعل الأمور تختلط عليها، فلا تفرق حينئذ بين التزين والفرح المشروع والممنوع، وقد يختل توازنها فتغتر بما قد يلامس سمعها من عبارات الإطراء والرغبة في الاقتران بها مما قد يبتليها به بعض مرضى القلوب.

و(عيد الحب) كلمة رنانة قد تستفز مشاعر الأنوثة الرقيقة؛ فتحملها على أن تتعاطى ما فيه المشاركة في هذا العيد المبتدع بغية تحقيق مراد النفس وهواها.

ثم إن المرأة وخاصة الفتاة ميَّالة بطبعها إلى التأنق والتجمل، وتحب – تبعًا لذلك – كل مناسبة تمكنها من صنع هذه الرغبة النفسية الجامحة، وهنا لابد من جعل كل شيء في نطاقه ومجاله ونصابه الصحيح.

فالمرأة والفتيات لا مانع من تزينهن بما أحل الله لهن، ويبدين هذه الزينة لمن أباح الله لهن، وهذا لا مؤاخذة عليهن فيه، بل هو من جبلتها، كما يشير إليه قول الله العليم الخبير: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [سورة الزخرف، الآية: 18].

قال العلماء: المقصود بذلك النساء، فإن الواحدة منهن تتربى على تكميل نفسها بالحلي والزينة منذ طفولتها، فتنشأ على ذلك وتتربى، قالوا: والآية أصل في إباحة الزينة للمرأة بما أحل الله. فلما أن تتزين حينئذ أمام بنات جنسها، أو لزوجها، أو أن تبدي زينتها لنسائها أو محارمها.

ولكن الممنوع هو أن تنتقل بهذه الزينة عما أباح الله إلى ما حرمه، أو أن تظهر تلك الزينة لمن لا يحل من الرجال الأجانب عنها.

 الشباب وعيد الحب

في (14) فبراير يكثر تأنق عدد من الشباب، ويكثر أن تلاحظ بريق الهندام والحذاء والسيارة النظيفة جدًا، حتى يخيل إليك أن هذا الشاب إنما هو في ليلة زواجه، ولا يخلف هذا الظن إلا رؤيتك لذلك الشاب لا يبرح شوارع محددة وأسواق معينة!، فهو (يفترُّ) فيها و (يمتِّرها) طولاً وعرضًا، أو إذا اكتشفت ما في (مخباتيه) من البطاقات (الفالنتاينية) والتي اجتهد في أن يسطر عليها ما قد يستعيره من عبارات السجع والغرام.. لماذا؟

يؤمل صيدًا غِرًا.. يسهل سقوطه في شباكه... فتاة مخدوعة تغتر بفتوته، وتصدق وعوده ومعسول كلامه.

عند هذا القدر أتوقف في وصف حال بعض الشباب في ذلك التاريخ، وليدرك هذا أخواتنا الكريمات اللاتي ربما خدعن فانخدعن.

أما الشاب فله أقول: لست أول من يجد في نفسه الميل للأنثى، فهذه فطرة البشر، ولكن اعلم أن هذا الميل قد جعلت له الشريعة سبيلاً طاهرًا عفيفًا، يكون معه السعادة والزكاء، تقول: وأنى لي ذلك وأنا لا أستطيع، أقول: إن هذا ليس بمبرر لك – كما تعلم – في اصطياد أعراض الناس، وتفصيل هذا لا يتسع له المقام، لكني أقول لك: هل ترضى أن يتعامل شاب غيرك مع إحدى محارمك بمثل ما تتعامل به أنت مع حرمات غيرك؟

دعنا نتأمل سويًّا في هذه الواقعة التي كانت لأحد الشباب بين يدي سيد البشر - صلى الله عليه وسلم -، فهذا فتى شاب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزِّنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه، مه. فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ادنه»، فدنا منه قريبًا، فجلس، قال - صلى الله عليه وسلم -: «أتحبُّه لأمك»؟ قال: لا – والله – جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم». قال - صلى الله عليه وسلم -: «أفتحبه لابنتك»؟ قال: لا – والله – يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم» قال: «أفتحبه لأختك»؟ قال: لا – والله – جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم». قال: «أفتحبه لعمتك»؟ قال: لا – والله – جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم» قال: «أفتحبه لخالتك»؟ قال: لا – والله – جعلني الله فداءك. قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم» قال أبو أمامة – الراوي -: فوضع - صلى الله عليه وسلم - يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه». فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. [رواه أحمد في «المسند»].


 تجار عيد الحب.. أما لكم غنية في الحلال

كما أننا نعتب عتبًا كبيرًا على من يتاجر من المسلمين برموز الاحتفالات بأعياد الكفار باستيرادها أو تصنيعها، كالذين يتاجرون بالزهور وتوفيرها في ذلك اليوم على صفة مخصوصة، أو أصحاب محلات الألعاب وتغليف الهدايا، فإن متجارتهم تلك ببيعهم ما يساعد على الاحتفال بأعياد الكفار، ويتخذ ذريعة إليها، لا ريب أنه من التعاون على الإثم والعدوان والمشاركة في نشر عقائد الكفار.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولا يبيع المسلم ما يستعين المسلمون به على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر.

وبحمد الله فإن للتجار سعةً وفسحة في غير ما يتخذ للاحتفال بأعياد الكفار لو أرادوا ذلك، فأبواب التجارة واسعة ومسالك الرزق والبركة أعظم وأوسع.

 (عيد الحب) وأهل الإعلام

مما زاد في انتشار مظاهر الاحتفال بعيد الحب وفشوها في عدد من بلاد الإسلام: ما تقوم به كثير من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وخاصة الفضائيات، من الدعاية لهذا المسلك بأساليب متعددة، حتى انطلى الأمر على البسطاء من الناس، ممن لا يملكون من الوعي الثقافي ما يحصنهم ضد هذه المسالك العوجاء، وخاصة الطلاب والطالبات في التعليم العام والعالي.

ولا يخفي ما يتوجب على حملة الفكر وأهل الإعلام من المسلمين من قيامهم برسالتهم في حماية حياض الإسلام الفكرية من أن يعبث بها نظراؤهم ممن يكيد للإسلام وأهله.

إنه لمن المؤسف حقًّا أن تتابع معظم وسائل الإعلام في بلاد الإسلام والعاملين فيها في القيام بدور (الببغاء) بترديد ما تبثه وكالات الأنباء العالمية دون تمييز بين ما يتناسب مع عقيدتنا وأخلاقنا وبين ما هو ضدها، خصوصًا في خضم طوفان العولمة، والذي يراد من ورائه تعميم النموذج الغربي في شتى مناحي الحياة.

 فتوى

ولتختم هذه الأسطر بفتوى شرعية للعلامة الجليل والفقيه الكبير الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله حيث سئل عن الاحتفال بما يسمى (عيد الحب) والمشاركة فيه، فأجاب رحمه الله:

الاحتفال بعيد الحب لا يجوز؛ لوجوه:

الأول: أنه عيدٌ بدعيٌّ لا أساس له في الشريعة.

الثاني: أنه يدعو إلى العشق والغرام.

الثالث: أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح y.

فلا يحل أن يحدث في مثل هذا اليوم شيء من شعائر العيد، سواء كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك.

وعلى المسلم أن يكون عزيزًا بدينه، وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق.

أسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه. انتهى كلام الشيخ محررًا بيده في 5/11/1420هـ.

 لمن (عيد الحب)؟

من خلال ما تقدم أحسب أنه: يُعلم (لمن عيد الحب؟).

ذلك أن (عيد الحب) ليس من سُنَّة الإسلام ولا هديه، ولكنه حصيلة ارتكاسات اجتماعية وتربوية لدى الكفار، وأن من شارك في الاحتفال به من المسلمين فلهوى في نفسه، وبسبب الهزيمة النفسية وانتكاس الوعي الثقافي وضعف التحصين الشرعي لدى من أغرته نفسه بتقليد الكفار والتشبه بهم في تفاهاتهم وانحرافاتهم.

وصدق سيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم» قال الصحابة: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن»؟! رواه البخاري ومسلم.

يعني: لست أعني إلا إياهم.

قال أهل العلم: إنما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - جحر الضب؛ لشدة ضيقه ورداءته، ومع ذلك فإن المقلدين لليهود وللنصارى لشدة انبهارهم وعظم اقتفائهم لعادات اليهود والنصارى وطرائقهم لو رأوهم يهمون بدخول ذلك الجحر... الضيق الرديء... المعوج.. لتبعوهم، وهم مع هذه الحال البئيسة المتخلفة يعدون أنفسهم في علياء التطور والتمدن!.

ولأجل ذلك فقد حذَّر الله تعالى من التأثر بالكفار ومن متابعتهم وموالاتهم فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [سورة المائدة، الآية: 57].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في «تفسيره»: هذا تنفير من موالاة أعداء الإسلام وأهله، من الكتابيين والمشركين الذين يتخذون أفضل ما يعمله العاملون من شرائع الإسلام المطهرة المحكمة المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي، يتخذونها هزوًا ولعبًا.

وثبت في «المسند» و «سنن أبي داود» أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تشبه بقوم فهو منهم».

قال العلماء رحمهم الله في معنى هذا الحديث: «من تشبه بقوم»: أي تزيَّا بزيهم في ظاهره محبة وإعجابًا، وسار على هديهم وتخلق بأخلاقهم وعمل أعمالهم، فهو منهم حكمًا بحسب ما أخذ عنهم، فإن بين الظاهر والباطن مناسبة وارتباطًا، وقد بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بشرعة ومنهاج فيهما من الأقوال والأفعال والمظاهر ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين وينفصل عنهم، بما يوجب على كل مسلم ومسلمة أن يحذر مزلق التشبه والتأثر بعادات الكفار.

 خاتمة

وبعد: فمهما يكن من أمر فإن التشبه بالكفار ومن ضمنه مشاركتهم في الاحتفال بأعيادهم؛ قد مهد الطريق لنقل موروثات الكفار وثقافتهم وفكرهم للمجتمعات الإسلامية، وهذا يمهد لهم سبل الهيمنة على أمة الإسلام لفترات من الزمن الله أعلم بها.

وهذا يبين أن من أهم سبل انتشال الأمة من وهدتها: هو تخلصها من ربقة التقليد الأعمى للكفار والمحاكاة المقيتة لأعدائها، مع وجوب عودة الأمة إلى مناهلها الثرية ومشاربها الصافية في ضوء نصوص الوحيين من كتاب الله تعالى وسنة نبيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.

ومن وسائل ذلك التحذير من التشبه بالكفار ومن الاندماج في عاداتهم وأعيادهم، مع بيان خطر ذلك وسوء عاقبته في الدنيا والآخرة.

ثم إن من الواجب على أهل الإسلام أن يتقوا الله ويحذروا من مجاراة الكفار في باطلهم وأن لا تغرهم الحياة وزخرفها، وأن يثبتوا على دينهم الكامل بعد أن من الله عليهم بمعرفته والاهتداء إليه، وأن يحذروا من أن تزيغ قلوبهم فلا تهتدي أبدًا، وقد قال سبحانه: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [سورة النور: الآية: 63].

ففي هذه الآية تحذير وتهديد لمن خالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشريعته أن تصيبه الفتنة، وهي الكفر أو النفاق، أو أن يصيبه عذاب أليم في الدنيا أو الآخرة، أو فيهما معًا.

والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يوفق ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه رضاه وأن يعينهم على إعزاز أمتهم ونفعها.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.



([1]) المعلومات في هذه الفقرة والتي تليها مستفادة من الكتاب الذي أصدرته كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى في بيان حقيقة (عيد الحب) وما ترجمته عن عدد من المراجع الأجنبية: (دائرة المعارف الكاثوليكية) و (دائرة المعارف كولومبيا) و (الأعياد الأمريكية لجورج وفرجينا شون) و (الأعياد في كل العالم لمارجريت إيكيس) و (قصص الأعياد العالمية لهمفري) و (قصة فالنتاين لبارث).