×
إن من خير ما تُصرف فيه الجهود، وتُبذل فيه الطاقات هو نشر هذا الدين، وبيانه للناس بأسلوب مُيسَّر يفهمه العامة والخاصة. وإن من وسائل نشر هذا الدين: الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. وأصل مادة هذا البحث: محاضرة تحت عنوان: (من وسائل الدعوة إلى الله)، ونظرًا لأهمية الدعوة ووسائلها في حياة الأمة الإسلامية، فقد قام المُصنِّف بطباعته مع تخريج الآيات وبعض الأحاديث الواردة فيه، وبعض الإضافات المهمة للدعوة.

 الدعوة إلى الله .. أهميتها ووسائلها

فهد بن حمود العصيمي

بسم الله الرحمن الرحيم

 مقـدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله أما بعد:

إن من خير ما تصرف فيه الجهود، وتبذل فيه الطاقات هو نشر هذا الدين وبيانه للناس بأسلوب ميسر يفهمه العامة والخاصة.

وإن من وسائل نشر هذا الدين الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

فمعاً – أيها القارئ – نتجول ونتصفح وريقات هذا البحث الذي يسرني أن أضعه بين يديك، وأصل مادة هذا البحث محاضرة تحت عنوان ( من وسائل الدعوة إلى الله ).

ونظراً لأهمية الدعوة ووسائلها في حياة الأمة الإسلامية. فقد قمت بطباعته مع تخريج الآيات وبعض الأحاديث الواردة فيه. وبعض الإضافات المهمة للدعوة.

نسأل الله أن ينفع به إنه ولى ذلك والقادر عليه.

وصلى الله على رسولنا محمد.

د. فهد بن حمود العصيمي


 الدعوة إلى الله

 أولاً: تعريف الدعوة

الدعوة في اللغة: يقول في مختار الصحاح: دعاه بمعنى ناداه، ودعا الدعوة للطعام بمعنى قدم له نداء أن يأتي للوليمة أو نحو ذلك.

وفى أساس البلاغة للزمخشري يقول دعوت فلاناً بمعنى صحت به أي بمعنى ناديته بصوت مرتفع أو نحو ذلك.

أما في الاصطلاح فتعنى ما يأتي:

* نداء الحق أي الله سبحانه وتعالى: للخلق ليوحدوا الله سبحانه وتعالى: ويعبدوه.

* جلاء محاسن الإسلام وتجيب الإيمان للنفوس.

* الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

* تعريف وتبصير وتذكير وإنذار وتبشير لما يريده سبحانه وتعالى: للناس.

* النصيحة والتصحيح – وبيان العقيدة الصحيحة.

* بلاغ الرسل وأمانة العلماء – علم وعمل.

* جهاد في سبيل الله وإعداد المسلمين للانتصار على أنفسهم وعلى أعدائهم.

* كلمة طيبة في قول رشيد، ورأى سديد وتوجيه صحيح، وعلم نافع وكتاب مفيد

وإذاعة طيبة، وكتاب مبارك مستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم

كل ذلك يدخل في قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ ] فاطر: 10 [.

 ثانياً: حكم الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى:

 حكم الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: - والله أعلم – أنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفى سقط الإثم عن الباقين.

 إذاً هي واجبة ولكن هذا الوجوب يثقل على إنسان ويخف على آخر. بقدر ما يكون عند الإنسان من العلم.

 بقدر ما يكون يتحمل الأمانة بقدر ما يكون عنده من المسئولية بقدر ما تثقل عليه الدعوة. ... وهكذا. ..

 فإذاً نستطيع أن نقول أنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفـى سقط الإثم عن الباقين، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾] آل عمران: 104 [الآية، فهذه من الأدلة التي تبين أنه لا بد أن يوجد من أفراد الأمة الإسلامية من يتصـدى للدعــوة إلى الله سبحانه وتعالى: سواء كانفي صفوف المسلمين بتذكيرهم ووعظهم وإرشادهم وإعادتهم إلى الطريق المستقيم، أوفي صفوف الكفار بدعوتهم وإخراجهم من ظلمات الكفر إلى حيّز التوحيد والإسلام، وقد تكون فرض عين على فئة من الناس لمبررات زمانية أو مكانية.

 ثالثاً: الأدلة من الكتاب والسنة على أهمية الدعوة إلى الله تعالى:

أولاً: الأدلة من كتاب الله عز وجل:

يقول الله تعالى﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ ] آل عمران: 104 [.

وكذلك قول الله تعالى ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ 0 ] آل عمران: 110 [

فخيرتنا – نحن أمة الإسلام – ليس بسبب أننا عرب أو أن عندنا خيرات أو شيء من هذا القبيل إنما خيريتنا أن المفروض فينا أننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، أن ننطلق مـن توجيهـات رب العالمين في الدعـوة إلى الله وضـرورة تبليغهـا جميع الناس قوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾.

] آل عمران: 19 [ فما دام أن الدين عند الله الإسلام فلا بد أن يقوم به المسلمون ويطبقونه عملياً ويدعون الآخرين إليه.

وكذلك قوله تعالى ويطبقونه عملياً ويدعون الآخرين إليه وكذلك قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ ] النحل: 125 [ الآية، كذلك من الأدلة التي تبين فضل الدعوة وأهميتها وضرورة الدعوة على مر العصور والأزمان قوله تعالى على مر العصور والأزمان قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾فصلت: [ 33] فهذا دليل واضح وصريح على أن الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى هم أحس قولاً لأنهم يدعون إلى دين الله تبارك وتعالى: ويدعون إلى قال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.

كذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ] يوسف: 108 [ طبعاً معروف من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم هم صحابته الأطهار ومن سار على طريقتهم إلى قيام الساعة من أبناء الأمة الإسلامية.

هذه كلها أدلة تبين فضل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وأنه لا بد للأمة الإسلامية أن تتحمل هذه الدعوة وأن تقنع نفسها بهذا الإسلام وأن تحمل هذا الإسلام إلى غيرها بشتى الطرق وبشتى الوسائل المتعددة.

ثانياً: أدلة الدعوة من السنة:

الأدلة من السنة كثيرة جداً نقتصر على بعض منها:

منها قوله صلى الله عليه « بلغوا عنى ولو آية فرب مبلغ أوعى من سامع »([1]) هذا فيه دليل على ضرورة التبليغ – أي تبليغ – الدعوة لسائر الناس فمن علم آية وفهم معناها عليه أن يبلغ هذه الآية غيره من لا يعلمها، ومن فهم حديثاً وفهم معناه أو شيء من هذا القبيل فعليه أن يبلغ هذا الحديثِ لغيره ممن لم يعلم، سواءاً كان من أسرته أو من أقاربه أو من زملائه أو من سائر الناس في مشارق الأرض ومغاربها، فالدعوة لا يحدها زمان ولا مكان، كذلك من الأدلة التي تبين فضل الدعوة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم قوله: « ومن دلًَ على خير فله مثل أجر فاعله »([2]) فهذا فيه دليل على فضل الدعوة إلى الله وعلى تبليغ كلام الله سبحانه وتعالى: وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

 وإنك عندما تبلغ هذه الدعوة إلى الآخرين فلك الأجر والثواب على هذا العمل الذي قمت به، وستجد ذلك عندما تعرض أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.

وكذلك قولـه صلى الله عليه وسلم لعلـي بن أبـى طالـب عندمـا أرسلــه إلى اليمن: « فوالله لإن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيراً لك من حمر النعم »([3]) فهذا فيه دليل على عدم احتقار المسلم لنفسه وهو يقوم بعملية الدعوة سواء بدعوة المسلم إلى أن يهتدي ويمشى على الطريق المستقيم أو بدعوة غير المسلم لكي يدخل بهذا الإسلام، فإن اهتدى على يديك رجل من المسلمين وترك طريق الغواية إلى طريق الحق فهذه نعمة كبيرة، وكذلك لئن اهتدى رجل كافر ودخل في الإسلام فهذا فضل عظيم بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم من واقع هذا الحديث، كذلك من الأدلة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً »([4]).

ومن الأدلة كذلك «الدين النصيحة، قلنا لمن ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»([5]) فالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: من النصيحة التي دعانا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ممارستها فيما بيننا. ويكفى الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى فخراً وعزاً وتاجاً على رؤوسهم أنهم يحملون ميراث النبوة روى عنه صلى الله عليه وسلم « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما ورثناه صدقة وإنما ورثنا العلم فمن أخذه بخط وافر »([6]) فإذن الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى على مر العصور والأزمان هم الذين يحملون هذا التاج الرفيع وهذا السلم العظيم ألا وهو حمل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في مشارق الأرض ومغاربها.

العهد والميثاق لتبليغ دعوة الله

قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ ]آل عمران: 187[. وقال تعالى مهدداً الذين يكتمون العلم ولا يبلغونه ولا يدعون الناس إليه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ ]البقرة: 159[. وقال تعالى: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ]البقرة: 42[ وتبليغ الدعوة وعدم الكتمان من واقع الأدلة يشمل الرجل والمرأة فالمرأة لها دور عظيم إذا أخلصت وتعلمت ودعت بنات جنسها إلى دين الله تعالى، ومن ينكر دور السيدة عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين في الدعوة والتبليغ.

* * *


 فوائد الدعوة

إن فوائد الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: كثيرة جداً لا تعد ولا تحصى لنأخذ بعضاً من هذه الفوائد التي تنعكس على الفرد والجماعة على المدى القريب والبعيد.

 من هذه الفوائد:

1- القيام بالواجب وهو واجب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وكما مر من قبل أنها فرض كفاية.

2- إقامة الحجة أمام الله سبحانه وتعالى على المدعوين، والله سبحانه وتعالى: يقول للرسل: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ ]النساء: 165[ فإذا دعوت الناس وبينت لهم الحق وشرحت لهم دين الله سبحانه وتعالى سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين فإنك تقيم الحجة عليهم أمام الله تبارك وتعالى.

3- الخروج من العهدة وإبراء الذمة والمعذرة يقول الله سبحانه وتعالى ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ ]الأعراف: 164[ فإقامة الحجة وإبراء الذمة والخروج من العهدة والمعذرة إلى الله أمر طالبنا الله به من واقع هذه الآية.

4- سبب لنجاة الدعاة ومن تعاون معهم عند حلول النقمة وغضب الله سبحانه وتعالى: على الناس فقد تكون الدعوة سبب من أسباب نجاة الدعاة ومن قام معهم عند اشتداد الفتن ونحو ذلك. وإليك الدليل من القرآن على ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ ]الأعراف: 165[ فهذا فيه دليل على أن الدعوة قد تكون سبباً من أسباب نجاة الدعاة ومن ساعدهم عند حلول النقم والمصائب والفتن.

5- تبليـغ رسالــة الإســلام إلى النـاس لما ورد عنـه صلـى الله عليه وسلم « بلغوا عنى ولو آية » ([7]).

6- أن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: تكون سبباً من أسباب إخراج الناس من الظلمات إلى النور فرسالة الإسلام جاءت وأرسل محمد صلى الله عليه وسلم من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور.

7- أن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: سبب من أسباب تكوين المجتمع المسلم المتعاون المتكاتف الآمن على عرضه وماله ونفسه وولده وعقله ونحو ذلك، فالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى إذا كثفت وكثر أتباعها ومؤيدوها؛ تكون سبباً مباركاً في تكوين المجتمع المسلم المتكاتف المتآخي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الآمن على نفسه وماله وعرضه وعقله ونحو ذلك.

8- أن الدعوة إلى الله سبب من أسباب إخماد الشرك، فالشرك أمره عظيم خطير يقول الله سبحانه وتعالى في شأنه: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾]لقمان: 13[ ويقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾]النساء: 48[ فالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: سبب من أسباب إخماد الشرك أو على الأقل تقليله في مجتمعات المسلمين وغير المسلمين ودحر الشيطان وجنده ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى: لا يقبل من الناس إلا دين الإسلام وهو الدين الكامل الشامل ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ]المائدة: 3[.

9- أن الدعوة إلى الله سبب من أسباب تعليم الناس أمور دينهم وعقيدتهم وشريعتهم. فالناس قد يمر عليهم حالات الجهل في دينهم وفى عقيدتهم.

 فالدعاة إلى الله تبارك وتعالى مهمتهم أن يجلو ذلك الصدأ الموجود على قلوب الناس وعلى أفكارهم، أو بسبب حروب أو فتن أو مصائب حلت بهم فالدعاة إلى الله سبحانه وتعالى مهمتهم أن يجلو هذه الفطرة لكي تستجيب إلى خالقها ورازقها ومحييها ومميتها ألا وهو الله سبحانه وتعالى.

10- تبيين الحلال والحرام للناس فالدعاة إلى الله سبحانه وتعالى: قد يكون فيهم من يبين للناس الحلال والحرام والحق من الباطل خاصةً الأحكام الفقهية، وليس كل الدعاة فقهاء؛ إنما قد يكون بعض من الدعاة يفقهه الناس في أمور دينهم في الحلال والحرام، وهذا مطلب شرعي لأن الله سبحانه وتعالى طالبنا جميعاً أن نتعلم دينه في آيات كثيرة ورسولنا صلى الله عليه وسلم حثنا على العلم الشرعي المفيد النافع في قوله صلى الله عليه وسلم: « من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله طريقاً إلى الجنة »([8]) « خيركم من تعلم القرآن وعلمه »([9]) وغيرها من الأدلة التي تبين للناس أنه لا بد أن يتعلموا دينهم وعقيدتهم وإسلامهم ويعرفوا الحلال من الحرام، ولا يمكن أن يعرفوا الحلال من الحرام إلا إذا وجد من يدعوهم ويشرح لهم ويبين لهم ذلك، وكما أنه لا يقبل عمل الإنسان إلا بشرطين: الشرط الأول: النية الصادقة التي ينوى بها وجه الله سبحانه وتعالى: لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»([10]).

 الشرط الثاني: أن يكون العمل الذي يقوم به هذا الإنسان موافقاً لمراد الله سبحانه وتعالى: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» إذاً لكي يقبل عملك لا بد أن تتفقه في دينك وتعرف عقيدتك وأن تعرف الحلال من الحرام حتى تنجو من عذاب الله في الدنيا والآخرة.

11 – أن الدعوة إلى الله سبب من أسباب تعليم الناس أمور دينهم فالدعاة إلى الله سبحانه وتعالى مهمتهم أن يجلوا هذه الفطرة وهذه العقول؛ لكي تستجيب إلى خالقها ورازقها ومحييها ومميتها إلا وهو الله سبحانه وتعالى.

12- الأجر والثواب الذي يحصل عليه الداعية من الله سبحانه وتعالى: فالداعية إذا أخلص النية وجدَّ واجتهد فإنه يحصل على أجــــر عظيم عند الله تبارك وتعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ ]المجادلة: 11[.

13- أنها سبب من أسباب إشاعة الأمن والطمأنينة في المجتمع المسلم، ومن أسباب مكافحة الجريمة.

14- أنها سبب من أسباب التعاون على البر والتقوى والتناهي عن الإثم والعدوان بين آحاد المسلمين.

15- أن الدعوة إلى الله سبب من أسباب التناصح بين المسلمين.

16- أنه من أسباب تكوين الأخوة الإسلامية التي طالبنا الله بها بقوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ ]الحجرات: 10[.

17- أنها من أسباب تكوين الوحدة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية وتعميق مفهوم التضامن الإسلامي.

18 – أنها من أسبا رضا الله تعالى عن المسلمين وبالتالي تحقيق السعادتين الدنيوية والأخروية.


 صفات الداعية

الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الداعية إلى الله سبحانه وتعالى كثيرة جداً ومتعددة ولكن نستطيع أن نجملها فيما يأتي:

1- الالتزام بمنهج الله سبحانه وتعالى أي الالتزام بدين الله تبارك وتعالى وبعبارة أدق القدوة الحسنة أمام الناس، أن يكون الداعية قدوة طيبة في كلامه وفى تعامله وفى حركاته ويكون قدوة لغيره.

 فالقدوة أمرها عظيم وأمرها خطير جداً لهذا نجد أن الله تعالى يقول: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ ]الأحزاب: 21[ ولما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: « كان خلقه القرآن »([11]) فالداعية لا بد أن يلتزم بتوجيهات القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكون لدعوته تأثير ويكون لدعوته قبول، ولهذا نكرر ونقول أنه لا يقبل عمل الإنسان إلا إذا صدقت نيته وكان عمله موافقاً لمراد الله سبحانه وتعالى، ولهذا نجد أن الإسلام انتشر في جنوب أفريقيا وفى الفلبين وفى أندونيسيا وبعض المناطق الأخرى عن طريق القدوة الحسنة.

والمعاملة الطيبة التي كان يتعامل بها الدعاة والتجار في تلك الأزمنة فكان الناس يتسآلون عن هذه الأخلاق الطيبة فيقول لهم أنا مسلم ثم يسألون عن الإسلام ثم يدخلون في دين الله سبحانه وتعالى بسبب الأخلاق الفاضلة.

2- كذلك من صفات الداعية وما ينبغي أن يتحلى به صفات أوردها القرآن الكريم هي قوله تعالى: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ]التوبة: 112[. فالتوبة أمرها ضروري للناس جميعاً وللدعاة خصوصاً وقوله تعالى: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ ]غافر: 3[ فليس الداعية مَلَك لا يخطئ ولا يحصل منه اجتهاد لا يوفق فيه إلى الصواب وإنما المبادرة إلى التوبة والإنابة والعودة إلى الطريق الصحيح هي من صفات المسلمين عموماً، والعودة إلى الطريق الصحيح هي من صفات المسلمين عموماً والدعاة إلى الله سبحانه وتعالى خصوصاً.

ومن صفاتهم العابدون نحن نعلم أن الله لم يخلقنا إلا لعبادته ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ]الذاريات: 56[ ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ]الأنعام: 162، 163[.

فالعبادة مطلوبة من الجميع على وجه العموم ومن الدعاة على وجه الخصوص ينبغي عليهم أن يحافظوا على الصلوات محافظة قوية وعلى أداء الواجبات بكاملها، وأن يكونوا قدوة في ذلك، كذلك الحامدون يحمدون الله سبحانه وتعالى في السراء والضراء لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم « عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا المؤمن »([12]) ولهذا فالدعاة يجب أن يكون إيمانهم بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان يجب أن يتحلى به كل مسلم، ولكن الدعاة يجب أن يكون تمسكهم به وحمدهم وشكرهم لله أكثر وأشد من سائر الناس.

كذلك السائحون وهو عبارة عن سياحة النظر والفكر من حيث العلم والتعلم في الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح والسياحة في الأرض من أجل الدعوة.. الراكعون الساجدون ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ ]النور: 37[.

الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر هذه من صفات الداعية إلى الله سبحانه وتعالى أنهم يحبون ويفعلون الأسباب في سبيل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في مجتمعات المسلمين؛ لأنهم يعلمون أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر صمام أمان يحمى الأمة الإسلامية من الفتن ويحميها من انفلات الأمن، ويحميها من مصائب ومشاكل لا تعد ولا تحصى، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ ]آل عمران: 104[.

3- كذلك من صفات الداعية قوة الإيمان لما يدعو إليه قوة الإيمان بالإسلام وبالعقيدة الإسلامية. فقوة إيمانهم بهذا المبدأ يجعلهم يبذلون النفس والنفيس والغالي والرخيص في سبيل دعوتهم.

4- من صفاتهم أيضاً أن يحرصوا على العلم الشرعي والتفقه في دين الله ما أمكنهم إلى ذلك سبيلاً فهذا القرآن يطالبنا بالعلم في قوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ ]طه: 114[ وفى قوله تعالى﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ]الإسراء: 85[. وفى قوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ ]محمد: 19[ وغيرها من الأدلة التي تبين أهمية العلم الشرعي للناس جميعاً وللدعاة إلى الله سبحانه وتعالى خصوصاً لأن الداعية معرض للأسئلة ومعرض لأن يستفتى في مسائل فقهية وشرعية ونحو ذلك. ونحن نعلم أنه « من كتم علماً ألجم بلجام من النار يوم القيامة »([13]).

 والعلم بالنسبة للداعية شيء جميل يزينه ويرفع من قيمته ومن قدره في الدنيا وفى الآخرة. والرسول صلى الله عليه وسلم حث على العلم ودعا إليه «من سلط طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة»([14]) ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ووجد جماعتين جماعة تعبد الله وجماعة تتعلم فجلس مع الجماعة التي تتعلم وقال: «إنما بعثت معلماً»([15]) فتعلم شريعة الله وتعلم الحلال من الحرام أمر ضروري للناس جميعاً وللدعاة إلى الله خصوصاً. ولهذا نجد مثلاً – على بن أبى طالب رضي الله عنه رأى رجلاً يعظ الناس فقال له: هل تعرف الناسخ من المنسوخ قال الداعية لا، فرد عليه رضي الله عنه فقال: هلكت وأهلكت.

وكلام الإمام على رضي الله عنه وأرضاه في مكانه لأن الداعية إذا لم يتفقه في دين الله ولم يفهم الحلال من الحرام خاصة – إذا كان عنده جرأة في الفتوى فقد يُضل الناس ولهذا ورد «أن أجرأكم في الفتوى أجرأكم على النار». لهذا الداعية إذا سئل عن مسألة ولم يكن عنده علم يقول الله أعلم.

وليس الداعية بأفضل من الإمام مالك رحمة الله عليه عندما سئل عن أربعين مسألة أجاب في اثنتين وقال في البقية لا أعلم. فليس هذا عيباً في الإمام مالك ولا طعنا ًفي إمامته ولا بفضله ولكنه يخشى من النار.

فالفتوى بغير علم أمرها عظيم عند الله سبحانه وتعالى لهذا فالداعية إلى الله تعالى الذي يرقق قلوب الناس ويحذرهم من المعاصي والذنوب إن سئل في مسائل فقهية وكان عنده دليل واضح فما عليه إلا أن يجيب استناداً لما عنده، وإن جهل الأمر أو نسى الحكم الشرعي أو أشكل عليه أقوال العلماء أو نحو ذلك فعليه أن يقول الله أعلم، أو اعطني فرصة لأبحث لك المسألة بحثاً دقيقاً من بطون الكتب وأرد عليك رداً علمياً مقنعاً. فهذه نقطة أرجو أن ينتبه إليها الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى.

5- كذلك من صفات الدعاة إلى الله الوعي التام بمتطلبات العصر ووسائله فكل عصر له آلته ووسائله، وكل زمان ومكان له طرقه في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

فلهذا الداعية ينبغي عليه أن يتصف بصفة الوعي التام وأن يتابع الأحداث وأن يعرف ماذا يدور في الساحة حتى يحدِّث الناس عن وعى وعن علم وعن معرفة.

6- ومما يحتاجه الداعية الثقافة الإسلامية العامة والثقافة التاريخية كالسيرة النبوية وسيرة السلف الصالح وكذلك الثقافة الأدبية واللغوية بقدر المستطاع.

 فإليك أخي القارئ – هذه القصة التي تبين أهمية اللغة والأدب والنحو

 والبلاغة بالنسبة للداعية بقدر الإمكان.

 جاء أعرابي في عهد عمر رضي الله عنه وسمع من رجل يتلو هذه الآية: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ ]التوبة: 3[ فالقارئ قرأ ورسوله بالجر فلمـا سمع الأعرابي هذه القراءة قال وأنا أبرأ مما برأ الله منه أي من الرسول لأن الله سبحانه وتعالى بريء منه في الآية فاستعظم الناس كلامه قالوا له كيف تقول هذا الكلام، فذهبوا به إلى عمر رضي الله عنه وقالوا له إن الرجل يقول كذا وكذا. فقال عمر كيف سمعت الآية ؟ قال: سمعته يقرأ ويقول: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ فرد عليه عمر رضي الله عنه وقال القراءة الصحيحة ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ بالضم فقال أبرأ مما برأ الله ورسوله منه لمّا صحّحّت له القراءة صحح كلامه. فهذا يدل على أن الداعية أحياناً قد يغلط في جر أو ضم أو رفع فتغير معنى الآية، فلهذه الدراسة الأدبية واللغوية والنحوية وما يتعلق بها من الضروري للداعية أياً كان زمانه وأياً كان مكانه ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ]البقرة: 286 [([16]).

7- كذلك الثقافة العلمية والواقعية أي الواقعية بالعصر والبدء بالتدرج شيئاً فشيئاً.

«أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فقال له: إنك تأتى قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله فإن هم أطاعوك؛ فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن هم أطاعوك، فأعلمهم بأن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنياءهم وترد على فقرائهم واتق دعوة المظلم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»([17]) فهذا دليل على أن الداعية عندما يدعو الناس عليه أن يبدأ درجة درجة ومرحلة مرحلة ولا يشدد على الناس أو يبدأهم بالأثقل.

فإذا كان الداعية حكيماً حليماً استطاع فعلاً أن يبدأ الناس خاصة الذين يجهلون دين الله جهلاً تاماً أن يبدأ معهم من الكليات، ثم ينتقل بعد ذلك للجزئيات في يوم من الأيام.

فيبدأ بكليات العقيدة، ثم يتدرج وهكذا الفقه وسائر العلوم، وقد طبق ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دعوته.

8- كذلك من الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الداعية إلى الله سبحانه وتعالى: الحلم. والحلم ضد الغضب فكلما كان الداعية حليماً كاظماً لغيظه صابراً محتسباً كلما ارتفع ميزانه عند الله سبحانه وتعالى، وعند الناس ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ ]آل عمران: 134[ فالحلم طيب وجميل ومطلوب من جميع المسلمين على وجه العموم ومن الدعاة على وجه الخصوص. ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأشد عبد القيس «إن فيك خصلتين يحبهما الله الحب والأناة»([18]).

في حل الأمور مطلب عام للمسلمين والدعاة منهم على وجه الخصوص.

9- أيضاً من الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الدعاة التواضع ولين الجانب وعدم الكبر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من تواضع لله رفعه»([19]) ويقول عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة من كانفي قلبه مثقال ذرة من كبر»([20]).

10-      ومن صفات الداعية أيضاً المحافظة على الوقت وتنظيمه. فبعض الدعاة لا ينظم وقته وفوضوي وهذا حرى أن ينعكس على دعوته، كذلك فالداعية من صفاته أن يحافظ على وقته وأن ينظمه وأن يجعل لأهله – مثلاً – وقتاً ويجعل للناس جزءاً ويجعل للقراءة وتثقيف نفسه وقتاً ويجعل لعبادته وقتاً.

11-      كذلك من صفات الداعية عدم اليأس مهما أعرض الناس عن قبول الحق. فلو رأيت الناس يصدون صدوداً عظيماً ويعرضون إعراضاً شديداً عن الدعوة على الله سبحانه وتعالى فلا تيئس منهم بأي حال من الأحوال. فاليأس لا ينبغي في الإسلام.

 واليأس يكاد يصل إلى درجة الكفر في الإسلام ﴿إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ ]يوسف: 87[.

فالمسلم لا ييأس من قبول الناس للحق فإن عرض عليهم اليوم ورفضوا منه فليعرض عليهم غداً لكن بأسلوب آخر وبطريقة أخرى قد تكون سبباً في قبول دعوته. فمثلاً قد يذهب داعية إلى أناس ربما يلبس هنداماً غير هندامهم فلا يقبلوا منه الدعوة، فعليه أن يتكيف مع هؤلاء القوم ويحاول أن يلبس مثل هندامهـم مادام أنه لا يعارض كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حتى يكون ذلك أدعى لقبول الدعوة مثلاً.

12-      كذلك من صفات الداعية عدم مقابلة السيئة بالسيئة فأحياناً قد يعترضك في دعوتك منافق، أو يعترضك جاهل، أو نحو ذلك فيحصل منه أذى إما بالكلام أو أحياناً باليد أو شيء من هذا القبيل.

والحقيقة من صفات الداعية الذي يسير وفق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقابل السيئة بالحسنة ما أمكنه إلى ذلك سبيلاً، وعليه أن يتصف بصفات الصفح والمسامحة يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ ]فصلت: 34[.

13-      من صفات الداعية أيضاً البدء بالأهم فالأهم والأسهل فالأسهل وكذلك الأسلوب الحسن في النقاش والبعد عن الجدل والخصام والبعد عن الانتصار للنفس، ويتمثل ذلك في تلك القاعدة التي ينبغي أن ينتبه لها الدعاة.

هذه القاعدة الجليلة هي ما تمثله السلف الصالح والفقهاء والعلماء – رحمة الله على الجميع – عندما يختلفون فيما بينهم في بعض المسائل فكل منهم يحترم رأى الآخر وكل منه يقول: " رأيي صواب لكنه يحتمل الخطأ ورأيك خطأ لكنه يحتمل الصواب " هذه قاعدة جليلة وعظيمة بين الدعاة وطلاب العلم يجب أن يتحلوا بها ما أمكنهم إلى ذلك سبيلاً. أما الشخص الذي يقول رأى صواب لا يحتمل الخطأ ورأيك خطأ لا يحتمل الصواب؛ فهذا يخشى عليه مادام أنه يعرف من الطرفين النية الصادقة والحرص على دين الله سبحانه وتعالى. فينبغي أن يلتمس كل منهما لصاحبه عذراً.

14-      كذلك الحرص على جلساء الخير والبعد عن جلساء السوء إلا من أجل دعوتهم. فوقت الداعية ينبغي أن لا يضيع هدراً إلا فيما ينفعه ويعود عليه بالنفع العاجل والآجل «مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك ومثل جليس السوء كمثل نافخ الكير»([21]) كما وردفي الحديث.

15-      كذلك من صفات الداعية استعمال الحكمة والموعظة الحسنة في دعوته فمادام الأسلوب الطيب واللين سيفيد وينفع لا داعي أن تنتقل لما هو أشد وأغلظ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ ]النحل: 125[.

16-      كذلك من صفات الداعية أن يحرص على الاستزادة من العلم والثقافة، وأن يحرص على متابعة كل الجديد من الكتب الإسلامية المفيدة النافعة والاشتراك في المجلات الإسلامية المفيدة، مثل مجلة المجتمع ومجلة الإصلاح ومجلة الدعوة ومجلة البحوث وغيرها من المجلات الإسلامية التي تصدر في هذا البلد وخارج هذا البلد. فالمجلة الإسلامية والشريط الإسلامي والكتاب الإسلامي ينبغي على الداعية أن يحرص على متابعته ما أمكنه إلى ذلك سبيلاً، وأن لا يبخل على نفسه في شراء هذه الأشياء؛ لأن فيها دعم لإخوانه الدعاة الذين يسجلون هذه الأشرطة أو الذين يطبعون هذه الكتب.

 وفى نفس الوقت تشجيع ومساعدة له على تفهم الواقع وما يدور في العالم. هذه مجمل وملخص لأهم الصفات التي ينبغي على الداعية أن يتحلى بها وهو يقوم بعملية الدعوة.

17-      كذلك الحركة الدائمة وعدم السكون: وإن الداعية إلى الله يمتاز بنية خالصة وعلو همة وعزيمة، فهو في حركة دائبة لصالح الإسلام والمسلمين، مقتدياً بالرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الدعوة والإنذار ﴿يأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ ]المدثر: 1، 2[. ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ ]الحجر: 94[.

فالصدع بالحق لا يأتي إلا بعد نية صادقة، وحركة دائبة وأهل الحق ودين الله أولى بالحركة وعدم السكون من أهل الباطل حيث يسير أهل الباطل قديماً وحديثاً لنشر باطلهم وظلمهم وانحرافاتهم الفكرية والجنسية، ويبذلون المال والنفس والنفيس والروح في سبيل باطلهم.

قال تعالى مشيراً إليهم ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ ]البقرة: 205[.

ومعلوم جلد قريش وصبرهم في الذب عن باطلهم تجاه محمد صلى الله عليه وسلم، ومن جاء بعدهم من الظلمة والفجرة والمنافقين وأصحاب الملل والنحل المنحرفة فأهل دين الإسلام الحق أهل السنة والجماعة أولى بالصبر والجَلَد في الدعوة إلى الله، فأهل السنة على حق ومن عداهم على باطل، وأهل السنة للجنة سائرون ومن عداهم للنار سائرون، وأن أهل الباطل يألمون كما نألم ولكننا نرجوا ما لا يرجون، قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ ]النساء: 104[.

* * *


 مصادر الدعوة

أولاً: مصادر الدعوة إلى الله

1-    القرآن الكريم.

2-     السنة.

3-    الاستفادة من سيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم.

4-    الاستفادة من استنباطات الفقهاء والعلماء الذين خدموا دين الله سبحانه وتعالى.

5-    التجارب وهى ما يسمى بالمصالح المرسلة والاستفادة منها على حسب الظروف الزمانية والمكانية.

ثانياً: طرق وأساليب الدعوة إلى الله التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم.

تتعــدد وسائــل الدعوة على حسب الظروف الزمانية والمكانية وتأخذ – أحياناً – طرقاً متعددة فمثلاً تكون جماعية وأحياناً فردية، ولها عدة صيغ وطرق تختلف على حسب الظروف الزمانية والمكانية.

لنأخذ بعض الطرق والوسائل التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله.

رسول الله صلى الله عليه وسلم استخدم بعض الطرق والوسائل في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: من ذلك:

استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم الإنذار عندما قال الله له ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ ]الشعراء: 214[ ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ ]الحجر: 94[.

وفعلاً صدع الرسول صلى الله عليه وسلم وتكلم بأعلى صوته منادياً قريش للإيمان وللإسلام.

كذلك الرسول صلى الله عليه وسلم استخدم العلاقات العامة وحاول أن يستغلها في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

كذلك استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم النسب وأكثر من الزوجات وذلك من أجل الدعوة إلى الله.

كذلك استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الدروس الخاصة والوعظ والإرشاد بالمسجد والخطب والندوات ونحو ذلك.

كذلك استخدم الاتصالات الفردية عندما اتصل بفلان وفلان يقنعهم بهذه الدعوة وهى دعوة لا إله إلا الله محمد رسول الله.

كذلك الاتصالات الجماعية وعرض الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل من أجل أن يقبلوا هذه الدعوة.

كذلك بعث الرسول صلى الله عليه وسلم الرسائل والسرايا إلى الملوك وإلى الأمراء ومن يتتبع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد هذا الشيء.

كذلك استخدام الشعر. فالرسول صلى الله عليه وسلم أقرَّ الشعراء الذين ناصحوا وكافحوا عن الإسلام والدعوة الإسلامية أقرهم على ذلك كما أقر حسان بن ثابت وغيره من الشعراء.

كذلك المجادلة والمناقشة بالتي هي أحسن فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يدخر وسعاً في سبيل ذلك.

وعلى العموم لم يترك الرسول صلى الله عليه وسلم أي وسيلة شريفة إلا استخدمها مع الكبار والصغار والذكور والإناث في سبيل إقناعهم بلا إله إلا الله محمد رسول الله.

وفى الحقيقة مادام أن هذه الوسائل استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم فلا مانع أن نتعرض لبعض منها بالتفصيل والأدلة ما أمكننا إلى ذلك سبيلاً.

ثالثاً: وسائل تبليغ الدعوة المعاصرة:

إذن نستطيع أن نقول أن من وسائل تبليغ الدعوة المعاصرة مثلاً – التبليغ بالقول والخطبة والدرس والندوة والمناقشة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والكلمة الوعظية والإرشاد والنصيحة الأخوية والدعوة الفردية والفتوى الشرعية والكتابة بأنواعها من رسالة ومقال وبحث وشريط والمجلة الإسلامية.

وهذه كلها تختلف حسب الظروف الزمانية والمكانية في وقتنا المعاصر فمن يرد أن يفعل خيراً فما عليه إلا أن يستغل مثل هذه الأشياء لتبليغ كلمة الله سبحانه وتعالى: ولتبليغ دين الله سبحانه وتعالى إلى سائر الناس.

وكذلك الدعوة بالعمل أي مباشرة الدعوة عملياً وذلك بممارسة – مثلاً الوعظ والإرشاد عملياً، أو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عملياً، أو نحو ذلك.

كذلك تأليف الكتب المفيدة، وطباعتها، والكتابة للصحف والجرائد والمجلات.

كذلك ممارسة الخطب والمحاضرات والندوات والحوارات الهادفة التي تبين للناس الحق وتبعدهم عن الباطل.

الاهتمام بدروس العلم والحلقات في المساجد والمنازل ونحو ذلك من هذه الوسائل التي ينبغي على الدعاة وطلاب العلم أن يستغلوها.

كذلك الزيارات التي يقوم بها الداعية منفرداً أو مع دعاة آخرين للأفراد أو الجماعات أو السفر للقرى المجاورة ةالأرياف النائية.

وهذه فرصة لمن أراد أن يتعلم إذا كان مبتدأ فالدعاة إلى الله خاصة الشباب جميل وطيب أن يغادروا المدن الكبيرة، ويذهبوا للقرى المجاورة والأرياف ليبينوا للناس الحق وليبلغوهم ولو آية من كتاب الله أو حديثاً من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى نفس الوقت يتدربوا على الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، خاصة في الأجازات الصيفية كي يتأهبوا للذهاب إلى بعض المناطق النائية حيث يوجد في بعض المناطق من لا يجيد – أحياناً – الصلاة وبعضهم لا يجيد الوضوء ويعضهم توجد عندهم بدع وخرافات و شركيات وخزعبلات والسحر والكهانات وغير ذلك من المشاكل والبلايا التي لا ينفع فيها إلا الدعاة بعد الله سبحانه وتعالى.

كذلك من وسائل الدعوة المعاصرة. الاهتمام بالشباب وأنشطتهم والاهتمام بنوعيتهم الإسلامية في المدارس و مكتبات المساجد والأندية الرياضية واختلاط الدعاة بهم في تلك الأماكن. 

فالدعاة إلى الله سبحانه وتعالى وطلاب العلم ينبغي عليهم أن يحتكوا بشباب الإسلام في المدارس والمساجد والأندية والسجون؛ ليبلغوهم دعوة الله ولينقذوهم من الظلمات ومن المعاصي التي قد يكون بعض منهم منهمكا بها0

كذلك استخدام أسلوب المراسلة من أجل الدعوة ولها طرق متعددة على سبيل المثال أخذ عناوين أسماء موجودة في المجلات زاوية التعارف وتزويدهم بما يفيد وينفع في الدين0

كذلك وضع بعض الكتيبات والمطويات والمجلات الإسلامية في أماكن الانتظار العامة والخاصة0

كذلك مساعدة الغير في تكوين مكتبة منزلية تحوى الكتاب المفيد والمجلة النافعة0

كذلك كتابة المسابقات الثقافية النافعة ورصد الجوائز لها وهكذا0

كذلك من الرسائل التي قد تفيد ويشغلها الدعاة وطلاب العلم التعاون مع مكاتب الدعوة و الإرشاد وتوعية الجاليات0

فمن المعلوم أنة يوجد-مثلا-في المملكة مكاتب للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: وهى توعية الجاليات أي دعوة غير المسلمين0فهذه في الحقيقة فرصة لطلاب لعلم والدعاة ولأرباب الأموال وفرصة لكل من يريد الخير أن يساعد الجاليات لأن في ذلك مصلحة وفائدة كبيرة، وهم بأمس الحاجة إلى التعاون من قبل الدعاة والتعاون المالي، وقلما يُخدم هذا الجانب المفيد النافع، وكما تعملون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لأن يهدى الله بك رجلا خير لك من حمر النعم»([22]).

وقد سمعنا في مكاتب توعية الجاليات ما يثلج الصدور حتى أن بعض المكاتب بلغ الذين دخلوا في الإسلام إلى أربعة ألاف شخص من أهل الملل والنحل أي من غير المسلمين0

فإذا كان هذا مكتب واحد وصل به العدد إلى هذا الأمر فكيف ببقية المكاتب لو جمعتها في سائر أنحاء البلاد.

وكذلك التعاون من الهيئات الإسلامية الخيرية المتعددة.

فهذه – والله – نعمة كبيرة جداً ينبغي جميعاً أن نستغلها وأن نبذل الأسباب التي فيها إنقاذ لهؤلاء الذين لم يسلموا؛ لعل الله يهديهم للإسلام وفى نفس الوقت زيادة أجر وحسنات لنا، إذ المفروض أن نذهب إليهم في بلدانهم لدعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى. فكيف وقد جاءوا إلينا في بلادنا. فالحجة علينا أشد والمسئولية أعظم والأمانة أكبر – وهى لفتة نظر أود أن أبلغكم إياها أن نتعاون مع تلك المكاتب في سبيل أداء رسالتها في الدعوة إلى الله.

كذلك لا ينس الداعية أن يبدأ بالأقرب فالأقرب في دعوته إلى الله سبحانه وتعالى، فليبدأ بأسرته وأقاربه وذويه وأصدقاءه وزملاءه وإخوته ونحو ذلك.

كذلك من الوسائل التي ينبغي على الداعية أن يمارسها أن يختلط بالناس، وبعض الدعاة عنده علم ودعوة؛ لكنه بفضل العزلة وهذا مدخل من مداخل الشيطان.

فالرسول صلى الله عليه وسلم روى عنه: «الذي يختلط بالناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يختلط بالناس ولا يصبر على أذاهم»([23]).

كذلك لا ننس الاستعانة بالغير مثل استعانة الداعية بالمتخصص في فن من الفنون يساعده في أداء الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. فهذا موسى عليه السـلام يقول: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ ]طه: 29-31[ فالداعية لا حرج عليه أن يستعين بإخوته في سائر التخصصات الأخرى كالمهندس أو الطبيب أو نحو ذلك.


رابعاً: الأعمال الإغاثية وأهميتها في الدعوة

كذلك من الوسائل التي ينبغي أن تستغل للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى الأعمال الإغاثية بأنواعها المتعددة وذلك مثل بناء المساجد في أي مكان من أرض الله الواسعة.

فبناء المسجد يعتبر وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. وتعلمون أنه ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه قال « من بنى مسجد ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة»([24]).

فمن المساجد يتخرج الدعاة إلى الله ومنها يخرج الجهاد في سبيل الله وفيها يتعلم الناس أمور دينهم وفيها يتعلم الأولاد القرآن كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفيها يؤدى الناس عبادة الله كالصلاة.

كذلك من الأعمال الإغاثية بناء المستشفيات وحفر أماكن الماء للناس – خاصة المحتاجين في أرض الله الواسعة وبناء دور الرعاية الاجتماعية. انظر إلى النصارى كيف يتسابقون إلى هذه الأعمال الإغاثية وهم على باطل من أجل التنصير والتبشير.

وإني بهذه المناسبة لأشيد بدور – هيئة الإغاثة الإسلامية – والندوة العالمية للشباب الإسلامي – ولجنة مسلمي أفريقيا ومؤسسة الحرمين وغيرها من اللجان والهيئات الإسلامية التي تقوم بهذا الجانب المهم لصالح الإسلام والمسلمين.

كذلك طباعة الكتب وسحب الأشرطة وطباعة المجلات الإسلامية ونحو ذلك هذا إذا قصد بها وجه الله فهو من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

خامساً: المال وأهميته في الدعوة

ولهذا نستطيع أن نقول بأن المال يعتبر عنصراً مهماً من عناصر الدعوة إلى الله. فقد يكون الإنسان ليس عنده علم ولكن عنده مال يستطيع بواسطة هذا المال أن يكون سبباً من أسباب نشر الإسلام في أي مكان.

فتصوَّر إخوانك المسلمين في كشمير، أو في البوسنة والهرسك، أو إخوانك المسلمين في الفلبين، أو إخوانك المسلمين في كردستان، أوفي الهند أو تايلند أو طاجكستان أو غيرها من البلاد؛ التي يضطهد فيها المسلمون أو يسامون الخسف والجهل والهوان أو – مثلاً – يجهلون في دينهم ثم تكون سبباً في مالك من أسباب إيصالهم الخير إما انتصارًا على أعداءهم أو نفعهم أكلاً أو شرباً أو ماءً أو كتاباً أو مسجداً يبنى لهم أو بئراً يخفر لهم فلا شك – أيها المسلم – أن هذا يعتبر من وسائل الدعوة التي ينبغي ألا تغيب عن بالنا لحظة من اللحظات. قال صلى الله عليه وسلم «ما نقصت صدقة من مال»([25]).

سادساً: صنائع المعروف:

كذلك لا ننس صنائع المعروف وتقديم الهدايا وحل المشاكل الأسرية وتحسس المحتاجين والاهتمام بهم فهذه وسيلة من وسائل الدعوة إذا أحسن المسلم النية وجعل عمله لوجه الله سبحانه وتعالى.

فحل مشكلة أسرة أو مساعدة فقير أو محتاج أو معسر ربما يكون ذلك سبباً من أسباب انفتاح قلبه للا إله إلا الله محمد رسول الله وانفتاح قلبه للإسلام وتكون هذه الهدية أو هذه الصدقة أو هذه الشفقة سبباً من أسباب انضمامه إلى صف الدعوة وأهل الخير والإحسان.

ولا تحقرن من المعروف شيئاً ولو قليلاً حتى ولو أن تبتسم في وجه أخيك المسلم، قال صلى الله عليه وسلم «لا تحقرن من المعروف شيئاً»([26]). وقال صلى الله عليه وسلم: «والكلمة الطيبة صدقة»([27]).

وقال صلى الله عليه وسلم: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة»([28]).

سابعاً: الوسائل المعاصرة من الأجهزة العلمية وتحويلها إلى منافذ للدعوة إلى الله تعالى:

ومن ذلك مثلاً، استغلال الإذاعة، المرئي، في أي مكان لنشر وتبليغ الدعوة ومن ذلك، جهاز التسجيل والأشرطة، وضرورة استغلالها للدعوة من قبل الدعاة ومن ذلك، جهاز الفيديو، واستغلاله للدعوة وذلك بعرض الندوات والمحاضرات ونحو ذلك مما يفيد الدعوة من هذا الطريق.

ومن ذلك، جهاز الكمبيوتر – الحاسب الآلي، فقد انتشر في كل مكان ومن نعم الله أن قيض لدينا من استغل هذا الجهاز لتسجيل المادة الشرعية العلمية الدعوية. فعلى سبيل المثال سجلت إحدى المؤسسات أقراصاً في السيرة النبوية وفي علم المواريث، وفي القرآن وعلومه، وفي علم الحديث، الكتب التسعة، والموسوعة الذهبية، وسلسلة فتاوى العلماء، ومكتبة الحديث، والفتاوى الاقتصادية المعاصرة وفقه المعاملات، والغزوات الكبرى، وموسوعة سفير للتاريخ الإسلامي وغيرها ولا يزال المد مستمراً فهذه فرصة عظيمة ينبغي على الدعاة استغلالها والاستفادة منها والمسارعة إلى تعلمها وتعليمها للناس فالدال على الخير كفاعله. لأن ذلك وسيلة إلى الدعوة إلى الله عن طريق ما يسمى (بالانترنت). الذي تستطيع بواسطته أن تخاطب جميع العالم لتبليغ دعوة الله تعالى: وأنت جالس في مكتبك أو في منزلك.

ثامناً: من أعظم وسائل الدعوة وما يعين الدعاة لتبليغ دعوتهم لجوؤهم إلى الله بالتضرع والدعاء.

قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ ]غافر: 60[. وقال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ ]الأعراف: 55[.

وقال تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ ]غافر: 14 [. وقال صلـى الله عليــه وسلم: «لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر»([29]).

وجــاء عنه صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أكرم على الله سبحانه من الدعاء»([30]).

ومن هنا يقال أن الدعاء سلاح المؤمن وهو للدعاة أمر ضروري يعينهم ويسدد خطاهم.


 كلمة ختامية

نستطيع بأن نختم حديثنا بأن أمر الدعوة عظيم وينبغي علينا استغلال جميع الفرص والدقائق والثواني لسحب أكبر كمية من غير المسلمين إلى حظيرة الإسلام والالتزام ومحاربة المباديء والأفكار الهدامة التي غزت بعض بلاد المسلمين وغزت بعض أفكار المسلمين ولا يمكن أن تزال هذه الأفكار الهدامة إلا بالفكر المستنير المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يقوم بها إلا الدعاة المخلصون الصادقون الذين وهبوا أنفسهم لله سبحانه وتعالى ويريدون الأجر والثواب من رب العالمين.

فأعداء الإسلام يشككون في دين الله ويشككون في عقيدة الإسلام ويحاولون بشتى الوسائل والطرق أن يبعدوا الناس عن دينهم وذلك بالمغريات والملهيات. وما تلك المصائب والبلايا التي وجدت في صفوف المسلمين من نحو – مثلاً – انتشار المخدرات وانتشار المجلات الخليعة والدشوش في بيوتهم والأفلام الساقطة وما ترك أعداء الإسلام وسيلة إلا وحاولوا أن يفعلوها من أجل إبعاد هؤلاء الناس عن عقيدتهم وعن إسلامهم وتجهيلهم حتى يكون أعداء الإسلام لهم السيطرة على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

وعلى العموم إذا أرادت الأمة الإسلامية أن تزيل هذه الكوابيس وتزيل هذه المحن ما عليها إلا أن تعود عودة صادقة إلى منهج الله، وأن تتعاون على البر والتقوى، وأن تتواصى على الخير وأن تكثف الدعوة والدعاة، وأن يبذل الناس من أموالهم ومن جهودهم ومن أوقاتهم في سبيل رفعة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها وفى أي مكان وفى أي زمان ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ]المنافقون: 8 [.

ونعلم علم اليقين أن العاقبة للتقوى وأن الصراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر مستمر منذ خلق آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولكن قد يتغلب الباطل لحظة من اللحظات أو وقت من الأوقات لكنه في النهاية يصرع ولما سئل الحق قيل له: أين أنت في صولة الباطل قال كنت في جذوره من أجل أن اجتثَّه. الخير هو الأصل وأما الباطل فهو طارئ فعلينا جميعاً أن نتكاتف، وأن نتعاون وأن لا يصيبنا اليأس مهما رأينا من الفتن ورأينا من الانحراف ومن المصائب، ومهما رأينا من قتل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ومن انتهاك الأعراض في صفوف المسلمين ومن أمور كثيرة جداً يجب ألا يصيبنا اليأس، وإنما إذا رأينا هذه المصائب يجب أن يزداد إيماننا ورجوعنا إلى الله.

ويزداد تكاتفنا وتعاوننا وتآخينا وتحاببنا وتآلفنا لأن ذلك هو الطريق الصحيح وهو الطريق المستقيم، وهو الطريق الذي إن سلكناه وسرنا عليه فإن النجاة ستكون بإذن الله هي نهايتنا كذلك لا ننس أن هناك مبشرات من رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا فلا تضيع عنّا هذه الأحاديث –في زحمة الفتن والمصائب –التي بشرنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الغلبة ستكون للأمة الإسلامية في نهاية الأمر. فهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: «ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، وما من بيت مدر ولا وبر إلا سيدخله الله بهذا الدين، عزاً يعز به الإسلام وذلاً يذل به الكفر»([31]) كذلك ما روى عنه صلى الله عليه وسلم عندما سئل أي المدينتين تفتح أولاً مدينة هرقل أم رومية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مدينة هرقل تفتح أولاً»([32]) فهذا فيه دليل على أن الأمة الإسلامية ستفتح مدينة هرقل وهى القسطنطينية، ثم بعد ذلك رومية وهى روما عاصمة إيطاليا وقد تسألون لماذا روما دون غيرها من المدن الأخرى فنقول لك والله أعلم؛ لأن رومية أي روما عاصمة إيطاليا فيها العقل المنظم وفيها معقل التنصير وفيها مقر البابوية وفيها مجلس الكنائس العالمي وفيها غير ذلك من الأمور التي تخطط ضد الأمة الإسلامية.

فهذا التنصير هو من روما لهذا بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسقاط هذا الرأس فإذا سقط هذا الرأس فستسقط الأعضاء بإذن الله تبارك وتعالى.

كذلك ما روى عنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود وتقتلونهم حتى يقول الشجر والحجر، يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا شجر الغرقد فإنه من شجر اليهود»([33]).

كذلك ما روى عنه صلى الله عليه وسلم: « تقاتلكم يهود فتسلطون عليهم» ([34]). فهذه أدلة تبين أن المسلمين سينتصرون على اليهود.

والدليل الأول – فيه دليل على أن المسلمين سينتصرون على الصليبيين إذاً: الجولة القادمة ستكون بيننا – أمة الإسلام – وبين الصليبيين وبين اليهود وسينصرنا الله سبحانه وتعالى عليهم أخذاً من وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين.

فما على المسلمين عموماً و الدعاة خصوصاً إلاَّ أن يتوكلوا على الله سبحانه وتعالى و يفعلوا الأسباب ويستنهضوا همة الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها قال تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ ]محمد: 7 [.

وقال تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ ]البقرة: 249 [.

والله أكبر والعزة للإسلام والمسلمين، وصلى الله على محمد وآله أجمعين.


 بعض الأسئلة المتعلقة بالدعوة والرد عليها

 س: هل تتعارض الدعوة مع طلب العلم ؟

جـ: الحقيقة لا يوجد تعارض بين الدعوة وطلب العلم بأي حال من الأحوال لأن الداعية إلى الله سبحانه وتعالى: يستطيع – مثلاً – أن يتعلم عن طريق حضور بعض حلقات العلم لا أقول الكل إنما أقول البعض يستطيع أن يستحصل على الأشرطة الفقهية لكثير من علمائنا وهى موجودة وتباع في كثير من المكتبات فيمكن أن يأخذ هذه الأشرطة العلمية الفقهية ويبدأ بسماعها سواء في البيت أوفي السيارة أوفي أي مكان وأي زمان، فلا شك أن هذه تعينه وتساعده على تفهم أصول الشريعة الإسلامية بحيث إذا دعا أو تكلم يكون معه بعض هذه الأشياء التي تفيده وتنفعه فليس هناك تعارض أبداً بأي حال من الأحوال.

 س: ما هو دور المسلم في مجتمعه تجاه أقاربه وجيرانه؟ وماذا يجب عليه نحوهم ؟ نرجو التوضيح ؟

جـ: الحقيقة المسلم مطلوب منه مع جيرانه وأقاربه ونحو ذلك أن يبلغهم الدعوة – خاصة – إذا لاحظ أن فلاناً منهم لا يصلى ولاحظ أن فلاناً يشرب الدخان وفلاناً يعرف أنه يشرب الخمر وفلاناً – مثلاً – يغازل نساء المسلمين فكل قضية لها علاج فيحاول هذا الداعية أن يجمع الكتيبات والأشرطة وفتاوى العلماء التي لها صلة بهذه المشكلة التي عند زيد من الناس. ويذهب يهديها له فلربما يسمع ويقرأ وتزول عنه الغشاوة. وإذا كان عنده القدرة والعلم وأسلوب الدعوة، وبعد النظر فيذهب بنفسه ويتكلم وإن كان الوقت لا يسعفه أو الظرف الزماني أو المكاني لا يساعده فما عليه إلا أن يستعين بغيره ليقوم بهذه المهمة.

إلا أن الحجة قائمة على العامي وعلى الصغير وعلى الأنثى وعلى الكبير لماذا الحجة قائمة ؟ الحمد لله لأن كلام العلماء مسجل في الأشرطة. والأشرطة موجودة.

وفتاوى العلماء موجودة، والكتب الإسلامية موجودة وكل شيء موجود. فالإنسان ما عاد له عذر يقول أنا جاهل ما أستطيع أن أبلغ دعوة الله فنقول له إنك تستطيع أن تبلغ دعوة الله عن طريق المال، وعن طريق الجهد، وعن طريق الوقت وعن طريق الاستعانة بطلاب العلم المجاورين لك. فالحجة على الجميع لكنها تختلف من شخص إلى شخص.

 س: نرجو إعطائنا فكرة عن أحوال الدعوة في العالم ؟

جـ: الحقيقة أن الدعوة الإسلامية تسير من حسن إلى أحسن وأنتم تسمعون عن ما يسمى بالصحوة الإسلامية.

فالصحوة الإسلامية في عالمنا الإسلامي من أقصاه إلى أدناه وفى أوروبا وأمريكا وروسيا وفى كل مكان.

هذه الصحوة الإسلامية هل نبتت من نبات من الأرض أم أنها ما جاءت إلا بجهود وتعب وبسبب أناس بذلوا أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم وجهودهم وأشياء لا يصدق بها عقل، إليك بعض القصص عن إخواننا في طاجكستان كيف كانوا يعلمون أبناءهم الدين الإسلامي إبَّان الحكم الشرعي.

هل تصدقون أنهم كانوا يحفرون جامعات وكليات بأكملها تحت الأرض ولا يعلم عنها الشيوعيون وكانوا يدخلون أبنائهم سراً بالليل الأظلم ليعلموهم القرآن ويحفظونهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم([35]). فعلى العموم أبشركم أن الدعوة إلى الله في جميع أنحاء العالم الإسلامي من أقصاه إلى أدناه تبشر بالخير وأنها من حسن إلى أحسن وأن الناس يعودون عودة صادقة وحميدة إلى الله إلى الله سبحانه وتعالى: بدأوا يستجيبون لدين الله لأنهم جربوا الأنظمة والأيدلوجيات والعقائد والأفكار الهدامة فما جرّت عليهم إلا الوبال والفتن وما جرّت عليهم إلا غضب الله تعالى.

فالناس الآن عندهم قناعة تامة بأنه لا مخرج لهم ولا حل لمشاكلهم الدنيوية والأخروية إلا بالإسلام، بلا إله إلا الله محمد رسول الله لكن نسأل الله أن يزيد في ذلك وأن يقمع المجرمين والمنافقين وأعداء الإسلام الذين لا يريدون لهذا الدين أن ينتشر.

 س: يقول السائل هل هناك فرق بين دعوة المسلمين وغير المسلمين ؟

جـ: نعم فيه فرق – يعنى – غير المسلم لا بد أنك تبدأ فيه بالعقيدة الإسلامية وتبدأ فيه بلا إله إلا الله وإقناعه بمعنى لا إله إلا الله ومع أن محمد رسول الله وتقنعه بأصول الإسلام وقواعد الإسلام بخلاف المسلم العاصي – لو تأتى إليه وتقول له: أنت تشهد أن لا إله إلا الله قال: نعم أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهل تؤدى الصلاة قال نعم أؤدي الصلاة. إذاً لماذا هذا العمل ؟

لماذا تزني ؟ لماذا تشرب الخمر ؟ لماذا تعمل كذا ؟ لماذا تعمل كذا ؟

فدعوة المسلم تختلف عن دعوة الكافر كما أن دعوة المسلم تختلف من فرد إلى آخر فأحياناً قد تدعو مسلماً ملتزماً إلى أن يزداد في الدعوة هو مسلم داعية لكن تدعوه وتطلب منه أن يزداد في الدعوة وأن ينوع أساليب الدعوة، بخلاف لمَّا تذهب إلى الإنسان العاصي. يشرب الخمر فأنت تدعوه إلى الله لأن يترك الخمر أو شخص يتعامل بالربا تدعوه إلى أن يترك الربا، إذاً الدعوة تختلف من فرد إلى فرد ومن زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان والداعية الحكيم هو الذي يفهم هذه الافتراضات ولهذا يقول على بن أبى طالب رضي الله عنه ( خاطبوا الناس على قدر عقولهم ).

س: من أساليب الدعوة إنزال الناس منازلهم بعبارة أدق إعطاء كل إنسان حقه في الكرامة وإعطاءه حقه من الاحترام والتقدير بحسب ما عنده من الدين والأخلاق والعلم والمسؤولية ونحو ذلك.

 س: يقول السائل هل الدعوة إلى الله عز وجل جهاد في سبيل الله و أيما أوجب جهاد الكفار أم الدعوة إلى الله في هذا الوقت أفيدونا أفادكم الله ؟

جـ: أما أن الدعوة إلى الله جهاد في سبيل الله فلا شك أنها نوع من الجهاد في سبيل الله فلا شك أنها نوع من الجهاد في سبيل الله – فعلاً هذا فلان – لا يصلى كنت سبباً من أسباب صلاته. هذا يشرب الخمر كنت سبباً من أسباب تركه الخمر. هذا يتهاون عن صلاة الجماعة. كنت سبباً من أسباب سحبه إلى بيت الله سبحانه وتعالى.

إذاً هذه جهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى: لكن أعلى درجات الجهاد هو أن تقدم رقبتك رخيصة في سبيل الله سبحانه وتعالى في الجهاد الأكبر الذي هو قتال الكفار.

ولهذا قتال الكفار فيه موت فلما كان فيه موت فالله جلَّ جلاله عوَّضك بالجنة إن حسنت نيتك وكان خروجك من أجل الله سبحانه وتعالى لأنه «من قاتل لتكون كلمة الله العليا فهو في سبيل الله»([36]).

فمن خرج ليقاتل الكفار من أجل نصرة لا إله إلا الله محمد رسول الله وقتل فهو نحسبه والله حسيبه من الشهداء الذين ضمن الله لهم الجنة وضمن ذلك لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الآيات والأحاديث الكثيرة.

أما أن الدعوة إلى الله نوع من أنواع الجهاد فنعم هي نوع من أنواع الجهاد لأن فيها مشقة وتعب وإحراجات وقد تتعرض لأذى ولأشياء كثيرة جداً وتكون الدعوة أحياناً على حساب مصالحك الشخصية وعلى حسب مصالح أسرتك ولكن أنت لا تريد من هذا الشيء إلا وجه الله سبحانه وتعالى. فلذلك تعتبر الدعوة نوع وضرب من أضراب الجهاد كما أن تعليم الناس نون من أنواع الجهاد ودفع المال للجهاد في سبيل الله والعلم والدعوة نوع من أنواع الجهاد وفضل الله واسع ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم علينا فضله. وصلى الله على رسولنا محمد.


 بعض الكتب والأشرطة التي لها صلة بموضوع الدعوة ووسائلها

ـــــــــــــ

من هذه الكتب:

1-   الحكمة في الدعوة إلى الله ( الشيخ سعيد بن على القحطانى ).

2-   أصول الدعوة ( عبد الكريم زيدان ).

3-   هداية المرشدين إلى الوعظ والخطابة ( الشيخ على محبوب ).

4-   أسس الدعوة وآداب الدعاة ( حمد السيد الوكيل ).

5-   الدعوة الفردية أهميتها ( صالح سواط ).

6-   الدعوة والدعاة ( الشيخ الهلالي ).

7-   الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة ( الشيخ عبد العزيز بن باز ).

8-   الدعوة الفردية ( مصطفى مشهور ).

9-   الاستيعاب في حياة الدعوة ( فتح يكن ).

10-    زاد الداعية إلى الله ( الشيخ محمد العثيمين ).

11-    عقبات في طريق الدعوة ( الشيخ غائض القرني ).

12-    الدعوة إلى الله ( الشيخ محمد إبراهيم التويجرى ).

13-    أخلاق الدعاة ( الشيخ عبد العزيز بن باز ).

من الأشرطة التي ينبغي الرجوع إليها والاستفادة منها في مجال الدعوة

1-   مجالات جديدة للدعوة ( الشيخ البريك ).

2-   وصايا الدعاة ( الشيخ محمد المختار الشنقيطى ).

3-   وصايا للدعاة ( عبد الله بن قعود ).

4-   92 وسيلة الدعوة ( إبراهيم الفارسي ).


 الخاتمة

وفى النهاية – أسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين وأن يذل الشرك والمشركين وأن يدمر أعداء الدين، وأن يوحد كلمة المسلمين وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه ونسأله أن يبين لنا الحق ويرزقنا اتباعه وأن يبين لنا الباطل وأن يرزقنا اجتنابه ونسأله سبحانه وتعالى: أن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



([1]) رواه مسلم /في كتاب الإمارة / ج 9. 35 ، وفى الترمذي / كتاب العلم /

ج 2595 .  

([2]) رواه مسلم والترمذي وأبى داود والإمام أحمد .  

([3]) البخاري كتاب الإيمان ص 42  .  

([4]) النسائي زكاة ( 67 ) أحمد بن حنبل (4) (404 ) .   

([5]) صحيح البخاري كتاب الجهاد الباب الجهاد ( 2942 ) .    

([6]) صحيح البخاري كتاب الصلاة الباب (88) ( 481 ، ص 565 ) .  

([7]) صحيح البخاري كتاب الأنبياء الباب ( 50 ) حديث ( 4361 ص496 ) .   

([8]) صحيح البخاري كتاب العلم الباب ( 10 ) ( 67ص159 ) .  

([9])  صحيح البخاري في فضائل القرآن الباب (21) .  

([10]) صحيح البخاري كتاب بدء الوحي الباب ( الحدي 1ص9) .  

([11]) رواه مسلم . أحمد بن حنبل ج6 ص188  .

([12]) رواه مسلم والداري والإمام أحمد .  

([13]) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .  

([14]) رواه البخاري علم 10 : رواه الترمذي علم 2 قرآن 10 رواه ابن ماجة مقدمة 17 : رواه أحمد بن حنبل ج2 ص 252 رواه ابن داود على 1  .   

([15]) رواه ابن ماجة كتاب مقدمة 17 .  

([16]) حبذا لو يطلع على كتاب التطبيق النحوي ، عيسى عبده ، فهو جيد في هذا الموضوع .   

([17]) صحيح البخاري كتاب الزكاة الباب (63) كتاب المظالم (9) صحيح مسلم كتاب الإيمان الباب (29) .   

([18]) رواه أحمد بن حنبل ج3 ص23 : رواه مسلــم إيمان 25 : الترمذي كتاب البر 66 : ابن ماجه كتاب زهد 18 : ابن داود أدب 149 .    

([19]) رواه أحمد بن حنبل ج2 ص316 : رواه الترمذي كتاب البر 82 رواه الدارمي زكاة 34 مسلم بر 69 .  

([20]) صحيح مسلم كتاب الإيمان الباب (147) .   

([21]) رواه البخاري ذبائح 31 بيوع 38 : أحمد بن حنبل ج4 ص404 : ابن داود أدب 16 .  

([22]) سبق الإرشاد إليه .  

([23]) رواه ابن ماجة كتاب فتن 23 : أحمد بن حنبل ج2 ص43 .  

([24]) رواه البخاري صلاة 65 : الترمذي صلاة 120 ابن ماجة إقامة 100: 185 : النسائي مساجد 1 قيام الليل 66 : أحمد بن حنبل ج1 : ص20 .  

([25]) الترمذي برقم 82 : الموطأ 12 : مسلم برقم 69 : أحمد بن حنبل ج2 : ص235.  

([26]) رواه الترمذي أطعمة 30 : احمد بن حنبل ج3 ص483 : ابن داود كتاب لباس 24 : المسلم كتاب بر 144 .  

([27]) رواه البخاري جهاد 28 أدب 34 : مسلم زكاة 56 : أحمد بن حنبل ج2 ص316 ص374  .  

([28]) رواه الترمذي كتاب البر ص 36 .  

([29]) رواه الترمذي في القدر ، ح 2065 قال عنه الترمذي : أنه حسن غريب .  

([30]) رواه ابن ماجة في كتاب الدعاء 3819 ، وفي الترمذي / الدعوات ح3292   .  

([31]) رواه أحمد في مسند الشاميين / م 16344  .  

([32])رواه أحمد في مسند الشاميين / م 16344  .   

([33]) رواه البخاري والترمذي وابن ماجه .  

([34]) رواه البخاري .  

([35]) حبذا لو يراجع كتاب : مأساة إخواننا في طاجكستان ، د . العصيمي .  

([36]) صحيح البخارى كتاب العلم الباب (45) ( 123ص222 ) .