صفات الطالب المثالي
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
صفات الطالب المثالي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
إلى كل طالب: يريد طاعة ربه والفوز بجنته.
إلى كل طالب: يريد إرضاء والديه.
إلى كل طالب: يريد كسب احترام الآخرين.
إلى كل طالب: يريد استثمار وقته.
إلى كل طالب: يبحث عن الطريقة الصحيحة للمذاكرة.
إلى كل طالب: يريد التخلق بأخلاق الطالب المثالي.
إلى كل طالب: يريد اجتناب صفات الطالب المتأخر دراسيًا.
إلى كل طالب وطالبة: نقدم هذا الإصدار
الناشر
لماذا تدرس؟
هل سألت نفسك أخي الطالب هذا السؤال؟ لماذا تدرس؟ وما هي أهدافك وطموحاتك من الدراسة؟
لقد سُئل كثير من الطلاب هذا السؤال فكانت إجابتهم مختلفة. فالذين ضعُفت هممهم وفَترت عزائمهم دارت إجابتهم حول ما يلي:
أدرس لأكسب المال.
أدرس حتى لا يكون أحد أفضل مني.
لا أدري.
أدرس لأن معظم الذين هم في سني يدرسون.
أدرس لأصبح رجلاً مشهورًا.
أدرس لأضيع وقتي.
أدرس لأن والدي يريدان ذلك.
أما من سَمَت أهدافهم وعلت هممهم وأنار الله بصائرهم فإن إجاباتهم دارت حول الآتي:
أدرس: لأنفع نفسي وأسرتي ومجتمعي وأمتي.
أدرس: طاعة لله عز وجل؛ لأن الله تعالى أمر بالعلم والتعلم .
أدرس: لأعبد الله عز وجل على علم وبصيرة، لا على جهل وهوى.
أدرس: إرضاء لربي وطاعة لوالدي ولأكتسب فضائل التعليم.
أرأيت: أخي الطالب الفرق بين هؤلاء وهؤلاء..
الأول: يريد المال.. يريد الشهرة.. يريد ضياع الأوقات.. وقد لا يدري ما يريد.
والثاني: يريد طاعة ربه ورضاه.. يريد بر والديه.. يريد نفع نفسه ومجتمعه وأمته، يريد الأجر والمثوبة من الله.
ومن نوى بعلمه ودراسته هذه الأمور: فإن الله عز وجل يعطيه المال، ويعطيه الشهرة ويعطيه الذكر الحسن وعلو المنزلة في الدنيا والآخرة.
أخي الطالب: لا تجعل الدنيا أكبر همك، ولا تجعل هدفك من الدراسة والعلم تحصيلها، بل اصرف همك إلى طلب العلم والتفوق فيه، وسوف تأتي إليك الدنيا ذليلة منقادة.
فضل العلم
لا يعرف قدر العلم إلا من عرف فضله: وفضائل العلم كثيرة لا يمكن استقصاؤها في هذا البحث الصغير، ولكن نشير إلى بعض هذه الفضائل في الكتاب والسنة.
قال تعالى: }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ{ [المجادلة: 11] وقال تعالى: }إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ{ [فاطر: 28] وقال تعالى: }هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{ [الزمر: 9] وأمر الله نبيه e أن يدعوه بزيادة العلم فقال: }وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا{ [طه: 114].
وقال النبي e: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة»([1]) .
وقال ﷺ: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»([2]) .
وقال ﷺ: «من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع»([3]).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل بن زيادة النخعي «العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على الإنفاق، والمال تنقصه النفقة، العلم حاكم والمال محكوم عليه، ومحبة العلم دين يدان بها، العلم يكسب العالم الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، وصنيعة المال تزول بزواله».
مات خُزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة.
صفات الطالب المثالي
هناك صفات كثيرة للطالب المثالي: منها ما هو واجب عليه، ومنه ما هو مندوب في حقه ومن ذلك.
1- الإخلاص:
والإخلاص: لا بد منه في كل أمر من الأمور، وهو في طلب العلم متأكد، إذ لو عُدم الإخلاص لأصبح العلم حُجة على صاحبه ووبالاً عليه، قال النبي e: «من تعلم علمًا مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عوضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة»([4]) .
وقال e: «من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله جهنم»([5]) .
فعليك أخي الطالب: أن تُصلح نبيك وتتعاهد سريرتك، وتنظف باطنك فقد قال e: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن أنت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»([6]) .
واعلم أخي الطالب أن الإخلاص لن يفقدك شيئًا من الأمور المادية، بل على العكس من ذلك، فإنه يجعلك تؤدي عملك وتذاكر دروسك بإتقان ومراقبة لله عز وجل، مما يعينك بعد ذلك على التفوق الدراسي الذي يؤهلك إلى المناصب الدنيوية العُليا، والمراكز القيادية الرفيعة.
2- التقوى:
والتقوى: أساس الفلاح، ودُعامة التفوق والنجاح، وهي خير زاد يتزوده الطالب إلى مدرسه، فمن اتقى الله عز وجل فَتَح له أبواب العلم كما قال سبحانه }وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ{ [البقرة: 282].
ومن اتقى الله عز وجل يسر له كل عسير، وذلل له كل الصعاب التي تواجهه قال تعالى: }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا{ [الطلاق: 4].
ومن اتقى الله: عز وجل جعله من الناجحين الفائزين في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: }وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{ [النور: 52].
والتقوى: كما قال طلق بن حبيب رضي الله عنه: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله تخاف عقاب الله.
2- ترك السخرية والاستهزاء:
الطالب المثالي: متواضع لزملائه وأساتذته لا يستهزئ بأحد، ولا يسخر من أحد قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ{ [الحجرات: 11].
والطامة الكبرى: أن يستهزئ الطالب بالإسلام أو بشيء من أحكامه، أو بالقرآن، أو بشيء من سُنن المصطفى e فإن ذلك يخرجه من الإسلام إن كان مكلفًا بالأحكام، قال تعالى: }قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ{ [التوبة: 65، 66].
والسخرية والاستهزاء من علامات الغرور والكبر والغرور والكبر يؤديان إلى حرمان الطالب من الفوائد المتنوعة التي هو في أمس الحاجة إليها.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الاستهزاء بالإسلام أو بشيء منه كفر أكبر، ومن يستهزئ بأهل الدين والمحافظين على الصلوات من أجل دينهم ومحافظتهم عليه يعتبر مستهزئًا بالدين، فلا يجوز مجالسته، ولا مصاحبته، بل يجب الإنكار عليه والتحذير منه ومن صحبته.
4- الاستعانة بالله عز وجل:
إن الطالب المثالي: لا يعتمد على فهمه وذكائه، لأن من اعتمد على فهمه وذكائه قاده ذلك إلى الغرور والتكبر الذي يَحرم الطالب الاستفادة وقد يفهم الأشياء على غير وجهها ولذلك فإن الطالب المثالي يلجأ إلى الله عز وجل في كل الأمور، ويطلب منه العون على الفهم والإدراك، وسرعة التحصيل والحفظ والزيادة الدائمة في العلم والمعرفة.
قال الشاعر:
إذا لم يمكن عونٌ من الله للفتى | فأكثر ما يجني عليه اجتهاده |
5- المحافظة على الصلاة:
فالصلاة: لها شأن عظيم في حياة الطالب المثالي، فهو يحافظ عليها، ويستعد لها، ويحافظ على أركانها وواجباتها وسننها ويجتهد في الخشوع فيها وفهم معانيها، ويؤديها في مواقيتها، ويحافظ على أدائها في المساجد مع جماعة المسلمين.
والصلاة خير معين للطالب في مسيرته التعليمية ولذلك أَمر الله تعالى بالاستعانة بها فقال: }وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ{ [البقرة: 45].
والصلاة تنهي عن الفواحش ومنكرات الأخلاق التي يبتعد عنها الطالب المثالي. قال تعالى: }إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ{ [العنكبوت: 45].
والطالب المثالي: يحب أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم: «شاب نشأ في عبادة الله» و «رجل قلبه معلق بالمساجد»([7]) .
ومن محافظة الطالب المثالي على الصلاة: أنه يصلي صلاة الظهر في مدرسته قبل أن يذهب إلى البيت ولا يؤجلها ليصليها في بيته؛ لأنه يعلم فضل صلاة الجماعة، ويحرص عليها.
وقفة مع صلاة الفجر
كثير من الطلاب: يضيعون صلاة الفجر بحجة أنهم يستيقظون مبكرًا وهذا محرم لا يجوز فالصلوات التي فرضها الله عز وجل على عباده خمس صلوات لا أربعة، وصلاة الفجر من أعظم الصلوات الخمس قال تعالى: }وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا{ [الإسراء: 78] وقال e: «من صلى البردين دخل الجنة»([8]) . والبردان: الفجر والعصر.
وقال e: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يتبعنكم الله بشيء من ذمته»([9]) .
فكيف: تضيع أخي الطالب هذه الصلاة العظيمة وتفضل عليها أمرًا من أمور الدنيا؟ ولو أنك أخي الطالب أخذت بالأسباب المعينة على صلاة الفجر لأحرزت دينك ودنياك معًا، ومن هذه الأسباب:
1- استحضار النية الصادقة: والعزيمة القوية على القيام للصلاة.
2- النوم مبكرًا: وعدم السهر.
3- عدم ارتكاب المعاصي بالنهار: فإن ذلك مما يقسي القلب ويحول بينه وبين أسباب الرحمة.
4- عدم إتعاب البدن بالنهار بما لا يفيد.
5- ألا يكثر الأكل والشرب فيغلبه النوم.
6- الاستعانة بالقيلولة.
7- ضبط الساعة المنبهة على موعد الصلاة أو الاستعانة بأحد الأشخاص يقوم بإيقاظه.
8- أن يعرف فضل الصلاة عمومًا: وصلاة الفجر خاصة، وحكم تركها أو التهاون بها.
6- الحذر من الشهوات:
الطالب المثالي: يحذر أشد الحذر من الشهوات المحرمة؛ لأنها تقطعه عن طلب العلم، وتعرضه للعقوبات الدنيوية والأخروية قال تعالى: }فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا{[مريم: 59]
وهو يبتعد عن أي طريق يؤدي إلى ارتكاب الفواحش، ومن هذه الطرق:
أ- طريق البصر: فهو يغض بصره عن محارم الله عملاً بقوله تعالى: }قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ{ [النور: 30] .
ب- طريق اللسان: فهو لا يتكلم بالكلام الفاحش الذي يستدعي الشهوات ويهيج الغرائز قال النبي e: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء»([10]) .
ومن الكلام الفاحش الذي يبتعد عنه الطالب المثالي ذلك الكلام الذي يدور أثاء المعاكسات الهاتفية، ولذلك فهو يبتعد عن تلك المعاكسات ويكرهها وينفر منها.
ج- طريق السمع: فالطالب المثالي يحفظ سمعه عن الكلام المحرم، والعبارات الفاحشة التي تُذكره بالغرائز والشهوات. ولذلك فإنه يبعد عن سماع الغناء؛ لأن الغناء يدعو إلى الباطل ويزين الشهوات.
د- طريق اللمس: فالطالب المثالي يحفظ يده من أن تمتد إلى حرام.
هـ - طريق المشي وهو أيضًا لا يسعى إلى ولا يذهب إلى الأسواق والشوارع بقصد المعاكسات والمضايقات.
و- الطالب المثالي: لا يقرأ روايات الحب والغرام.
ز- الطالب المثالي: لا يشتري المجلات الخليعة.
ح- الطالب المثالي: لا يهدم دينه وشبابه بمطالعة القنوات الفضائية التي تعرض للعهر والرذيلة.
ط- الطالب المثالي: يكبح جماح شهوته بالطرق الشرعية مثل الزواج، والصيام، وممارسة الرياضة، والقراءة وغير ذلك.
ي- الطالب المثالي: يراقب ربه، ويسدُ كل الأبواب التي تدعوه إلى ارتكاب المحرمات.
العادة السرية
إن العادة السرية: من أشد المشكلات التي يعاني منها الطلاب، وقد زاد من شدتها كثرة المغريات والوسائل التي تدعو إلى الفاحشة، من مجلة خليعة وقناة ماجنة، وقصة خبيثة، وتبرج مثير، فيلجأ الطالب إلى الاستمناء ليخفف حدة الشهوة بزعمه، وهو بذلك كمن يستغيث من الرمضاء بالنار، فإن الاستمناء لا يزيده إلا شبقًا وضعفًا وسقوطًا في مستنقع الغرائز والشهوات.
أما العلاج الحقيقي: فيكون بالابتعاد عن المثيرات التي تؤجج الشهوة.
فعلى الطالب: أن ينتشل نفسه من القنوات الخبيثة، وأن يبتعد عن الصور الماجنة، وأن يتجنب الأماكن المختلطة التي يكثر فيها التبرج وإظهار المفاتن والعورات.
وعليه كذلك: أن يعلم حكم الله عز وجل في الاستمناء وأنه محرم في شريعة الله عز وجل يدل على ذلك قوله تعالى: }وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{ [المؤمنون: 5-7].
قال الشافعي رحمه الله: «فلا يحل العمل بالذكر إلا في الزوجة، أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء والله أعلم».
ومما يعين على ترك هذه العادة القبيحة: أن يعلم فاعلها أنها تُذهب قوة البدن لمن أدمنها، وتُذهب بهاء الوجه ونوره، وتورث الذل والانقياد للشهوة، وتدعو إلى ما هو أكبر منها من الزنا واللواط، وتتنزل العبد من درجة علو الهمة إلى درجة دناءة الهمة وخساستها.
لا للشهوة
واعلم: أخي الطالب أن الصبر على الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة فإنها.
إما أن توجب ألمًا وعقوبة.
وإما أن تقطع لذة أكمل منها.
وإما أن تضيع وقتًا إضاعته حسرة وندامة.
وإما أن تثلم عرضًا سلامته أفضل للعبد من ثلمه.
وإما أن تذهب مالا بقاؤه خير له من ذهابه.
وإما أن تضع قدرًا أو جاهًا قيامه خير من وضعه.
وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ من قضاء الشهوة.
وإما أن تمهد لوضيع إليك طريقًا لم يكن يجدها قبل ذلك.
وإما أن تجلب همًا وغمًا وحزنًا وخوفًا لا يقارب لذة الشهوة.
وإما أن تنسي علمًا ذكره ألذ من نيل الشهوة.
وإما أن تشمت عدوًا وتحزن وليًا.
وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة.
وإما أن تحدث عيبًا يبقى صفة لا تزول.
فيا أخي الطالب!
إياك أن تستسلم لهذا العادة القبيحة!
إياك أن تمكنها من قيادك والسيطرة عليك!
إياك أن تصبح عبدًا لها!
إياك أن تضيع فيها زهرة شبابك وخلاصة قوتك!
قد هيؤوك لأمر لو فَطنت له | فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ |
7- الصبر والمصابرة:
فالصبر على التحصيل: من أهم صفات الطالب المثالي، وكثير من الطلاب يتمتعون بذكاء كبير، إلا أن عدم صبرهم ومصابرتهم يؤخرهم عن مرتبة الطلاب المتميزين إلى مرتبة الطلاب العاديين، بل ربما إلى مرتبة الطلاب المهملين المفرطين، فإن العلم لا يُنال براحة الجسد، بل بالصبر والتحمل وبذل نفيس الأوقات في تحصيله واكتسابه، فإن لذة العلم تزيد على كل لذة.
قال ابن الجوزي: «تأملت عجبًا وهو أن كل شيء نفيس خطير يطول طريقه ويكثر التعب في تحصيله. فإن العلم لما كان أشرف الأشياء لم يحصل إلا بالتعب والسهر، والتكرار وهجر اللذات والراحة حتى قال بعض الفقهاء: بقيت سنين أشتهي الهريسة لا أقدر؛ لأن وقت بيعها وقت سماع الدرس!!»
لولا المشقة ساد الناس كلهم | الجود يفقر والإقدام قتال |
فالموفق: من تلمح قصر الموسم المعمول فيه وامتداد زمان الجزاء الذي لا آخر له، انتهب حتى اللحظة وزاحم كل فضيلة، فإنها إذا فاتت فلا وجه لاستدراكها.
وقال ابن الجوزي أيضًا: في صبره ومصابرته على تحصيل العلم: «ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل، لأجل ما أطلب و أرجو».
كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة، فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم.
وأنت أيها الأخ الحبيب: لا تطالب بجوع أو عطش.. ولا تطالب بالسفر والرحلة الطويلة لطلب حديث أو حديثين.. فالحمد لله حديث رسول الله e مجموع.. وشريعة الإسلام محفوظة والعلماء متوافرون في بلادك.. وما عليك إلا الإقبال على العلم، والصبر في تحصيله وبذل الأوقات في اكتسابه وتقييده.
فأين أهل الجد والاجتهاد؟
وأين المشمرون الأمجاد؟
وأين المتزودون ليوم المعاد؟
8- حسن الخلق:
ومن صفات الطالب المثالي: حُسن الخلق وقد كان رسول الله e أحسن الناس خُلقًا ووصفه الله عز وجل بذلك في قوله: }وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{ [القلم: 4].
وقال النبي e: «ما من شيء في الميزان أثقل من حُسن الخُلق»([11]) وقال e: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا»([12]) .
وحسن الخلق: يقتضي التواضع للزملاء والتعاون معهم ورحمتهم، وقبول معاذيرهم والعفو عن زلاتهم، ويقتضي كذلك التأدب مع المعلمين واحترامهم وتوقيرهم وطاعتهم في غير معصية، وحبذا لوقرن ذلك بالدعاء لهم والثناء عليهم.
وجماع حسن الخلق أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.
احذر السب واللعن
يقع كثير من الطلاب في معصية السب واللعن، ولا يدرون خطورة هذه المعصية، فقد قال النبي e: «سباب المسلم فسوق»([13]) .
وقال e: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء»([14]) .
فاحذر أخي الطالب من السب واللعن فإنهما دليل على سوء الخُلق وضعف التربية وخفة التدين.
9- النظافة وحسن الهندام:
الطالب المثالي: يهتم بنظافة ثيابه وبدنه، فإن الإسلام دين النظافة، وقد جعل الصلاة التي هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين متوقفة على الوضوء وهو غسل بعض الأعضاء وتنظيفها واشتراط لصحة الصلاة طهارة البدن والثياب والمكان. وجعل الغسل وهو تنظيف جمع البدن مذهبًا للجنابة، وأمر الحائض والنفساء بالغسل إذا انتهت فترة الحيض والنفاس.
وحث على الغسل: الأسبوعي يوم الجمعة وقال e: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء (الاستنجاء)»([15]) . قال راوي الحديث مصعب ابن شيبة: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
والطالب المثالي: لا يُسبل ثيابه.
والطالب المثالي: لا يتشبه بالكفار في ملابسهم.
والطالب المثالي: لا يقص شعره على مثال القصات الغربية؛ لأن ذلك من التشبه المحرم وقد قال النبي e: «من تشبه بقوم فهو منهم»([16]) .
والطالب المثالي: لا يلبس ملابس الشهرة، ولا يختال في ثيابه تكبرًا.
والطالب المثالي: لا يتشبه بالنساء في ملابسهن وليونتهن.
10- مساعدة الزملاء:
الطالب المثالي: لا يحتكر الخير لنفسه، ولا يبخل بالعلم على زملائه، بل يجود عليهم بعلمه، ويوجههم إلى الخير، وقد بين النبي e فضل مساعدة الإخوان فقال e: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة»([17]) .
والطلب المثالي: يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فكما يحبُّ لنفسه أن يكون مجتهدًا متفوقًا حائزًا على الدرجات العُليا فكذلك ينبغي أن يحب ذلك لزملائه، ولا يمنع من ذلك أن ينافس الطالب أقرانه منافسة شريفة بغية تقدمهم والتفوق عليهم.
11- التحلي بالصدق:
فالطالب المثالي: صادق الحديث نقي السريرة، حلو المنطق، حسن الكلام، لا يكذب إذا حدث، ولا يخلف إذا وعد، ولا يخون إذا ائتمن فباطنه مثل ظاهره وهذه حقيقة الصدق، قال تعالى: }وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ{ [الزمر: 33].
وقال النبي e: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا»([18]) .
فيا أخي الطالب! كن صادقًا مع زملائك ومعلميك، واعلم أنك إذا كذب على معلمك يومًا فسوف يكشف أمرك في نهاية المطاف وعندها لن يصدقك أحد بعد ذلك، فاصدق تنجو فإن الصدق نجاة.
12- التحلي بالمروءة:
والمروءة: سجية جُبلَت عليها النفوس الزكية وشيمة طُبعت عليها الهمم العلية، وضعفت عنها الطباع الدنية، فلم تُطقْ حَمْلَ أشراطها السنية والمروءة دالة على كرام الأعراق، وباعثة على مكارم الأخلاق، قيل لسفيان بن عيينة: قد استنبطت من القرآن كل شيء، فأين المروءة فيه؟ قال: في قوله تعالى: }خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ{ [الأعراف: 199] ففيه المروءة وحسن الآداب ومكارم الأخلاق.
وقال بهرام بن بهرام: المروءة اسم جامع للمحاسن كلها.
13- التحلي بالعفة والحياء وشرف النفس:
فالطالب المثالي: بعيد عن الدنايا، قريب من العفاف وشرف النفس، لا يسمح بانثلام عرضه ولو شيئًا يسيرًا ولا يقبل أن تحوم نفسه حول الدنايا والأوساخ، كهذا الرجل الذي وصفه الشاعر بقوله:
أمرته نفس بالدناءة والخنا | ونهته عن سبل العلى فأطاعها! | |
فإذا أصاب من المحارم خلة | يبني الكريمُ بها المكارمَ باعها! |
وهو كذلك: حيّ كريم بعيد عن الصفاقة والقحة والحياء من الصفات الجبلية التي تبعث على فعل كل جميل وترك كل قبيح.
قال النبي e: «والحياء شعبة من الإيمان»([19]) . وقال e «الحياء لا يأتي إلا بخير»([20]) .
14- علو الهمة:
الطالب المثالي: يسعى دائمًا إلى الازدياد من العلم والمعرفة، ولا تقف همته عند خطوط حمراء لا تتجاوزها، بل هو يطلب العلم النافع من كل طريق، ويطرق أبواب المعرفة جميعها لا يحركه في ذلك دنيا زائلة، ولا شهوات فانية وإنما يحدوه إلى ذلك هدف نبيل وغاية سامية هي إخراج نفسه وغيره من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة، وكفى بذلك نُبلاً وسموًا ورفعة.
والطالب عالي الهمة: لا يكتفي بما هو مقرر عليه في عامة الدراسي، فإذا كان زملاؤه يحفظون جزءًا أو اثنين من القرآن، فإنه قد تعدى نصف القرآن حفظًا وتجويدًا.
وإذا كان زملاؤه يتعتعون في الأصول الثلاثة فإنه قد حفظ الطحاوية والواسطية عن ظهر قلب، وعلى مثل ذلك فقس.
والطالب عالي الهمة لا ينظر إلى من دونه في أمور الدين والعلم وسائر الفضائل، بل ينظر إلى من هو أعلى منه وأرفع قدرًا.
فهو دائمًا يطلب الكمال وينشد المعالي وينفر من توافه الأمور ويكره سفاسفها.
15- صحبة الأخيار:
الصاحب له تأثير كبير في صاحبه، فإن الطبع يسرق من خصال المخالطين، فمن صاحب طلاب العلم والمعرفة حذا حذوهم وطلب العلم مثلهم، ومَنْ صاحب البطالين الذين امتلأت مجالسهم بالكذب والغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء بالآخرين، أوشك على أن يكون مثلهم، فإن النفس تميل إلى ما يشاكلها، وقل أن يسلم من مجالسة هؤلاء أحد، ولذلك قال النبي e: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك إما أن يُحْذيك أي يعطي وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة»([21]) .
وقال e: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم مَنْ يخالل» ([22]) .
واعلم أخي الطالب: أن رفقة الفارغين المهملين تتسبب في تراجع مستواك الدراسي، ونفور زملائك الصالحين منك، وغضب أساتذتك عليك، بالإضافة إلى غضب والديك، وهذا بلا شك يدخل في عقوق الوالدين وهو من كبائر الذنوب المحرمة.
16- ذكر الله وقراءة القرآن
فذكر الله عز وجل يرقق القلوب، ويجلب الخشوع، ويطرد الشيطان، ويرضي الرحمن ويزيل الهم والغم، ويجلب الفرح والسرور والبسط، ويقوي القلب والبدن، وينور القلب و الوجه، ويجلب الرزق ويدفع الفقر، ويكسو صاحبه المهابة والقرب والمعرفة، ويحط الخطايا ويذهبها، ويزيل الوحشة بين العبد وربه وهو سبب تيسير الأمور واكتساب المعارف والعلوم قال تعالى: }أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{ [الرعد: 28] وقال تعالى في فضل الاستغفار }فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا{ [نوح: 10-12].
وفي الحديث القدسي: يقول الله تعالى: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم»([23]) .
أما حفظ القرآن الكريم: وتلاوته وتدبره وفهمه حق فهمه، فهو شغل الطالب المثالي الشاغل، فلا يمر يوم دون أن ينظر في كتاب الله عز وجل حافظًا وقارئًا ومتدبرًا فهو متأدب بآداب القرآن متخلق بأخلاقه، عامل بمحكمه مؤمن بمتشابهه يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويهتدي بهديه ويستن بسنته فالقرآن هو العلم، وهو المعرفة وهو الشفاء، وهو الرحمة، وهو الهُدى والنور. قال تعالى: }وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا{ [الإسراء: 82] وقال سبحانه: }ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ{ [البقرة: 2].
وقال e: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»([24]) .
وقال e: «من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول }الم{ حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»([25]) .
فاحرص أخي الطالب على تلاوة كتاب الله عز وجل.
وسارع بالانضمام إلى حلقات تحفيظ القرآن
واجعل لك وردًا يوميًا للقراءة والحفظ.
ولا تهمل المراجعة فإن القرآن سريع التفلت.
وإذا كنت لا تحسن القراءة فلا تتركها لأجل ذلك، فقد قال e: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران»([26]) . والذي يدمن تلاوة كتاب الله عز وجل لا بد أن يُحسنها.
17- التميز بالحس الدعوي:
والطالب المثالي: متميز بالحس الدعوي؛ لأنه يعلم فضل الدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهو لا يهمل الأساليب الدعوية التي ذكرت في القرآن والسنة قال تعالى: }ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ{ [النحل: 125] .
وقال النبي e: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نُزع من شيء إلا شانه»([27]) .
فيا أخي الطالب: إذا رأيت من زملائك شيئًا منكرًا فحاول نصيحتهم على ذلك، وارفق بهم في ذلك، فإن «الدين النصيحة» كما قال المعصوم e
ومن الآداب التي ينبغي عليك التحلي بها في ذلك:
1- عدم البحث عن الأخطاء وتلمس العثرات.
2- عدم الغلظة والشدة في النصيحة.
3- عدم تعبير المنصوح والتكبر عليه.
4- إشعار المنصوح بحبك له وخوفك عليه.
5- الإسرار بالنصيحة وتجنبها على الملأ.
قال الشافعي رحمه الله:
تَغمدني بنُصحك في انفرادي | وجنبني النصيحة في الجماعة | |
فإن النصح بين الناس نوع | من التوبيخ لا أرضى استماعه |
18- الاهتمام بصحته وبدنه:
ولأن البدن أمانة، ونعمة من الله عز وجل، فإن الطالب المثالي يهتم بأمر صحته وبدنه، ولا يستخدم جوارحه التي هي نعمة من الله تعالى عليه فيما يضره بل إنه يحافظ على هذه النعمة، ويشكر ربه عليها، قال e: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»([28]) .
ومن صور اهتمام الطالب المثالي بصحته وبدنه:
(أ) ترك التدخين: فالتدخين من الخبائث والمحرمات التي يبتعد عنها الطالب المثالي، وهو كذلك متنوع الأضرار من صحية ومادية واجتماعية ودينية ونفسية ومن تعود على التدخين وأسرف فيه كان عُرْضَة للهلاك المحتم في أي لحظة، وأخبث من الدخان: المخدرات والمسكرات فإنها تدمر الإنسان وتقتل فيه كل صور الإبداع والطموح والمعالي.
(ب) ترك السهر: والسهر كما أنه يضر بالصحة، فإنه يفوت على الطالب مصالح عديدة أعظمها أنه يحرمه من صلاة الفجر وقيام الليل، ويشوش عليه ذهنه ويجعل مزاجه سيئًا.
(ج) ممارسة الرياضة: فإن ممارسة الرياضة تعمل على بناء البدن وسلامته من الآفات وتشغل الإنسان بما هو مفيد.. ومن أنواع الرياضة المفيدة: السباحة والجري، وسباق الدراجات والقيام بالتمرينات الرياضية اليومية.
(د) ترك كثرة الطعام: فإن الإنسان إذا امتلأ بطنه بالطعام أورثه ذلك كسلاً وخمولاً وعدم دقة في التفكير والاستنساخ.
(هـ) ترك كثرة النوم: فإن الزمان من أشرف الأشياء، وإضاعتها في النوم خسارة وسوء تدبير، وأعدل الأمور أن ينام الطالب كل يوم ثمان ساعات لا يزيد عليها.
(و) عدم استخدام المنشطات: لأن هذه المنشطات تضر بالبدن، وتذهب بالصحة، وتفقده النشاط والحيوية الطبيعية، وهي نوع من أنواع الإدمان الذي من تعود عليه قاده إلى الهلاك والدمار.
19- الاعتدال في المزاح والضحك:
وهذا أيضًا من صفات الطالب المثالي: فإنه لا يكثر الضحك ولا يغرق في المزاح بل يضحك إذا كان ثمة سبب لذلك، ويمزح أحيانًا ولكن لا يقول إلا الصدق والحق، ولا يستخدم تلك النكات البذيئة الخبيثة ليستجلب بها ضحك الزملاء، فقد قال النبي e: «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويلٌ له، ويلٌ له»([29]) .
وقال النبي e: «لا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب»([30]) .
ومن تعود على المزاح والضحك استخف به، وفسد طبعه، وضعفت همته، وحام حوله سفساف الأمور ومحقرات الأعمال، ونسي الأمور الهامة التي خُلق لأجلها، ومن كان هذا حاله فهو شبيه بالبهلوان لا بطالب العلم!
20- بر الوالدين:
الطالب المثالي: بار بوالديه مطيع لهما، باحث عن رضاهما لا يطيق إغضابهما ومخالفتهما ولا يمل من خدمتهما والإحسان إليهما. قال تعالى: }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{ وقرن سبحانه طاعة الوالدين والإحسان إليهما بعبادته وحده لا شريك له فقال: }وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{.
وقال e: «رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما»([31]).
فيا أخي الطالب الله الله في والديك لا تغضبهما ولا تسؤهما ولا تنهمرهما ولا تعصهما ولكن برهما. أفرحهما أسعدهما أقر أعينهما بنجاحك وفلاحك وفوزك في الدنيا والآخرة، اسألهما الدعاء بالنجاح والتوفيق فإن دعوة الوالد لولده مستجابة.
كان أبو هريرة رضي الله عنه في بيته مع أمه، فإذا أراد أن يخرج وقف على بابها وقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول رحمك الله كما ربيتني صغيرًا فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيرًا، ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك!! فأين أنت أخي الطالب من ذلك؟!
21- الاستفادة من الأوقات:
إن الطالب المثالي: لا يسمح بضياع أوقاته فيما لا يفيد فضلاً عما يضر، فهو يعلم أن العمر أنفاس معدودة وأنه جوهرة ثمينة يجب رعايتها واستثمارها في معالي الأمور وكرائم الخصال، وأفضل ما تستثمر فيه الأوقات: طاعة الله عز وجل، واكتساب مرضاته، ولذلك قال e: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وصحتك قبل سقمك، وحياتك قبل موتك»([32]) .
والطالب المثالي: يعلم أن أفضل الأزمان لاكتساب المعارف والعلوم هو زمان الصغر والشباب فقد قيل: العلم في الصغر كالنقش على الحجر، ولذلك فهو يستغل سني صباه في التحصيل وطلب العلم واقتناص الفوائد ومزاحمة العلماء بالركب.
22- تنظيم الأوقات والبدء بالأهم فالمهم:
الطالب المثالي: يعلم أن العمر قصير، وأن الواجبات أكثر من الأوقات، وأن المعارف والعلوم بحر لا ساحل له، لذلك فهو يعمل على تنظيم وقته وترتيب أموره ويبدأ بالأهم فالمهم حتى يستغل هذا الوقت أتم استغلال، فهو يبدأ أولاً بمذاكرة دروسه وإنجاز واجباته اليومية المطلوبة منه، وكذلك فهو لا يؤجل واجبات اليوم إلى الغد حتى لا تتراكم عليه ويصبح غير قادر على إنجازها.
وهو إذا فعل: ذلك يوميًا فسيكون لديه أوقات كثيرة يمكن استغلالها في القراءات الأخرى وحفظ القرآن وحفظ حديث النبي e.
وهو كذلك: لا يهمل واجباته الدينية التي كلفه الله تعالى بها كالصلوات الخمس في مواقيتها بل يقدم هذه الواجبات على كل أموره.
والطالب المثالي: يستخدم الطريقة الصحيحة في المذاكرة حتى لا يضيع عليه زمان كثير في استفادة قليلة ومن خطوات هذه الطريقة:
1- يبدأ بالمواد التي تحتاج إلى تركيز أكبر.
2- يقرأ الدرس قراءة عابرة ليعرف عليه ثم يقرأه قراءة متأنية.
3- يلخص الدرس إلى أفكار رئيسية.
4- يمكن أن يضع عنوانًا لكل فكرة.
5- يردد على نفسه خلاصة الدرس وما فهمه منه.
6- يسجل جميع النقاط التي لا يفهمها ويعرضها علي أستاذه.
7- يحدد لكل مادة وقتًا معينًا لا يتجاوزه إلا عند الضرورة.
8- يحدد وقتًا يوميًا لمراجعة ما سبق.
9- يستخدم الطريقة السليمة للحفظ في المواد التي تحتاج إلى حفظ، وأول ذلك فهم ما يُراد حفظه ثم تقسيمه إلى مقاطع، ثم ترددي كل مقطع على حدة، ثم ضم كل مقطع إلى الآخر، وترديد عدة مقاطع معًا حتى ينتهي إلى حفظ النص كاملاً وترديده.
23- عدم الغش:
الطالب المثالي لا يغش ولا يخدع، فإن الغش في الاختبارات وغيرها دليل على تدني النفس، وسفول الهمة، وانعدام المروءة قال e: «من غش فليس منا»([33]) .
والغش في الاختبارات لا يقتصر ضرره على العملية التعليمية فحسب، وإنما ينعكس على سلوكيات الطلاب الأخرى في جميع مناحي حياتهم، فالغش معناه الخداع والخيانة، وذلك نابع من غياب الصدق والأمانة والإخلاص والثقة بالنفس وضعف التدين، وهو يدل على الأنانية وحب الذات وعدم المبالاة بظلم الآخرين.
ولو قدرنا أن هذا الطالب نجح في جميع مراحل دراسته بالغش والخداع فما سيكون الحال فيما بعد. وإذا أصبح طبيبًا فسوف يغش المرضى ويخدعهم وقد يقتلهم بدلاً من أن يصف لهم الدواء؛ لأنه بكل بساطة لا يفقه شيئًا في الطب، وإذا أصبح هذا الغاش مهندسًا فسوف يزاول الغش في مهنته وقد يتسبب في كوارث يروح ضحيتها عشرات الأبرياء، وإذا أصبح هذا الغاش موظفًا في إحدى المصالح الحكومية فسوف يقبل الرشوة ويزور الوثائق ويضر بأمن الناس والمجتمع.
هذه ثمار الغش وهذه نتائجه: فهل تقبل أخي الطالب أن تنجح بهذه الوسيلة الحقيرة المحرمة؟
علاج ظاهرة الغش
يمكن علاج ظاهرة الغش بالوسائل التالية
1- التبصير بأضرار الغش في العاجل والآجل على الغاش نفسه ثم على المجتمع والأمة بأسرها.
2- تربية الطلاب: التربية الأخلاقية الإسلامية التي تنفرهم من هذا الخُلق الذميم.
3- تكوين الوازع الديني القومي: وتنمية أخلاق المراقبة والخوف من الله عز وجل.
4- تبصير الطلاب: بتحريم الغش وقبحه.
5- فرض عقوبة صارمة على الغاش: وذلك مثل طرده من المدرسة.
6- فرض عقوبات رادعة على المراقبين الذين يسمحون بالغش ويشجعون عليه.
7- تقليل عدد الطلاب في قاعة الاختبارات الواحدة حتى لا يتمكن الغاش من النظر في إجابات زميله الذي يجلس بجانبه.
سمات الطالب المتفوق دراسيًا
1- صاحب طموحات وأهداف عالية.
2- صاحب عزيمة وهمة عالية في الدراسة.
3- واثق من نفسه غير شاعر بالعجز.
4- قوي الإرادة والشخصية لا يخضع لأهواء الآخرين ورغباتهم.
5- قادر على ضبط النفس وتنظيم أعماله.
6- صبور جَلد متحمل للصعوبات ومواجهة العقبات الدراسية.
7- ناجح في علاقاته مع المحيطين به.
8- فعال نشيط لا يعرف الكسل والخمول.
9- محب للعلم والمعرفة والمطالعة.
10- يجيد استثمار الأوقات للمذاكرة.
11- حريص على المذاكرة بالطرق العلمية و تطبيق معايير المذاكرة الناجحة.
12- حريص على التفوق في العلوم والمعارف.
13- جاد ويعاشر الجادين في الدراسة.
14- مستقيم ومتزن الشخصية.
15- صاحب قدرات عقلية ومواهب عالية.
16- موفق في اختيار تخصص مناسب لقدراته.
17- واهب نفسه للمذاكرة ولمزيد من التحصيل العلمي.
18- يذاكر ويراجع الدروس السابقة بانتظام.
19- ينتظم في حضوره ويؤدي واجباته أولاً بأول.
20- منتبه لأساتذته، وتسجيل عناصر الدرس والملاحظات.
21- يستجيب لنصائح أساتذته وتوجيهاتهم.
22- يستفسر عن كل ما غمض عليه ولا يستحي.
23- يهتم بالموضوعات العامة إلى جانب الاهتمام بالدراسة.
24- ينظم حياته العلمية ويحدد أوقات المذاكرة وأوقات الراحة بدقة.
25- يلتزم بالعوامل المساعدة على المذاكرة الجيدة مثل الغذاء الجيد والنوم المبكر.
26- صادق مع نفسه وغيره، لا يفكر في الغش أو النجاح بالمحاباة أو الواسطة.
27- يستعد للامتحانات استعدادًا جيدًا عن طريق الآتي.
أ- التأكد من موعد الاختبار ووقته.
ب- التأكد من مكان الاختبار.
ج- التأكد من ساعاته وذلك لضبط الوقت.
د- التأكد من ورقة الأسئلة.
هـ- التأكد من كتابة اسمه على ورقة الإجابة.
و- القراءة الجيدة قبل الإجابة ومن ثم فهم السؤال.
ز- مراجعة ما كتبه في الإجابة قبل تسليمه انظر فيما سبق "سبل النهوض بالطلاب"
كيف تراجع دروسك؟
1- تصفح العناوين الكبيرة ثم العناوين الصغيرة مع محاولة تذكر أهم نقاط الدرس.
2- حاول استرجاع وتسميع ما سبق حفظه مع التركيز على النقاط المهمة.
3- حاول كتابة النقاط الهامة في الدرس، فإن لم تتذكرها فارجع إلى الدرس مرة أخرى
4- راجع مادتين أو أكثر في كل أسبوع بحيث تستكمل مراجعة المواد التي درسها مرة في الشهر.
5- انتهز فرص الفراغ أثناء اليوم الدراسي لمراجعة بعض أجزاء المواد الدراسية.
6- خصص يوم الأجازة الأسبوعي للمراجعة.
7- عليك بالتلخيص فإنه أسهل طريقة للمراجعة.
8- أجب عن بعض الأسئلة الشاملة، وخاصة أسئلة الامتحانات السابقة.
9- لا بأس أن تراجع أحيانًا مع زملائك في منافسة شريفة.
10- ركز على النقاط الأساسية لموضوعات المادة وحاول استرجاعها ([34]) .
رسالة إلى طالب ممتحن
أيها الطالب الممتحن:
يا من تستعد لدخول قاعة الاختبارات.
يا من تعقد العزم والتصميم على تحقيق النجاح..السلام عليك ورحمة الله وبركاته وبعد:
أيها الممتحن: لعلك تتفق معي أن الطلبة الفاشلين هم الذين يعيشون أجواء الرعب وأيام التوتر، ويخافون من شبح الامتحانات، أكثر من غيرهم لأنهم مهملون في التحصيل منذ بداية العام الدراسي، ومقصرون في بذل أسباب الجد والاجتهاد، التي قال فيها الشاعر:
أخي لن تنال العلم إلا بستة | سأنبيك عن تفصيلها ببيان | |
ذكاءٌ وحرص واجتهاد وبلغة | وإرشاد أستاذ وطول زمان |
إياك أن تكون: من أولئك الطلاب الذين يعمدون في أيام الامتحانات إلى مواصلة النهار بالليل في المذاكرة، فلا ينامون ولا يرتاحون فإنما يطيلون السهر بتناول الحبوب المنشطة أو الإكثار من شرب المنبهات ونحوها، في محاولة منهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. ناسين أو متناسين أن في ذلك التصرف من الإرهاق الذهني والإجهاد البدني ما لا تحمد عقباه.
لا تحاول المذاكرة واسترجاع المعلومات قبيل الدخول إلى قاعة الامتحان، فإن ذلك أسلوب خاطئ يؤدي إلى نتائج سيئة.
إياك والوقوف عند سؤال قد يصعب عليك فهمه أو استيعابه وعليك أن تتجاوزه إلى غيره ثم تعود إليه مرة أخرى، حتى لا يكون سببًا في ضياع وقت الامتحان وتعطيل الإجابة على بقية الأسئلة.
ولا تنس: أن من الحكمة للطالب أن يوزع زمن الامتحان على عدد الأسئلة ومراعاة ترك بعض الوقت للتفكير والمراجعة.
تذكر أن محاولة الغش مهما كان نوعها دليل على عدم الثقة بالنفس والخوف من الفشل.
احرص على كتابة الإجابات بخط واضح ومقروء، وعليك أن تهتم بنظافة ورقة الإجابة وتنسيقها قدر الإمكان.
كما أن عليك: أن تقرأ الأسئلة جيدًا حتى تتمكن من كتابة الإجابة المطلوبة دونما إطالة مملة، أو إيجاز مخل بالمعنى.
وعليك أخي الطالب التأكد قبل دخول قاعة الامتحان من وجود كل ما قد تحتاج إليه في أداء الامتحان كالأقلام والأوراق وغيرها من الأدوات اللازمة. .
وختامًا: عليك بالتوكل على الله وحده أولاً وآخرًا، والالتجاء إليه سبحانه بكثرة الدعاء حتى يذكرك ما نسيت، ويعلمك ما جهلت، ويكتب لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد .
أسأل الله: تعالى أن يوفقك أخي الطالب ويسدد خطاك وأن يجعلك وجميع أبناء المسلمين من الناجحين الفائزين، وأن يبصرنا جميعًا بعيوب أنفسنا حتى نتلافاها، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
([1]) رواه مسلم.
([2]) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
([3]) رواه الترمذي وحسنه.
([4]) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
([5]) أخرجه البيهقي وصححه الألباني.
([6]) متفق عليه.
([7]) متفق عليه.
([8]) رواه مسلم.
([9]) رواه الترمذي و صححه الألباني.
([10]) رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
([11]) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
([12]) رواه الترمذي و قال: حسن صحيح.
([13]) متفق عليه.
([14]) رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
([15]) رواه مسلم.
([16]) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
([17]) متفق عليه.
([18]) متفق عليه.
([19]) متفق عليه.
([20]) متفق عليه.
([21]) متفق عليه.
([22]) رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.
([23]) متفق عليه.
([24]) رواه البخاري.
([25]) رواه الترمذي وصححه الألباني.
([26]) متفق عليه.
([27]) رواه مسلم.
([28]) رواه البخاري.
([29]) رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.
([30]) رواه البيهقي وصححه الألباني.
([31]) أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
([32]) رواه الحاكم وصححه الألباني.
([33]) رواه مسلم.
([34]) أسرار التفوق الدراسي.