من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وآياته التي تدل على أنه رسول الله حقا
التصنيفات
الوصف المفصل
من معجزات النبي ﷺ وآياته التي تدل على أنه رسول الله حقاً
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد، فإن ما حصل من بعض الخوارج الذين يطلق عليهم الدواعش في هذ الزمن، من قتلهم لإخوانهم، وآبائهم، وأعمامهم، وأبناء أعمامهم، وأبناء أخوالهم، وأقربائهم، من معجزات النبي ﷺ التي تدل على أنه رسول الله حقاً؛ لأنه أخبر بأمور غيبية، أوحى الله إليه بها، فوقعت كما أخبر ﷺ؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فقد أخبر ﷺ: أن الرجل يقتل جاره، وأخاه، وأباه، وابن عمه، وذا قرابته، فعن أبي موسى t قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يقتُلَ الرَّجُلُ جَارَه، وأخاه، وأباه»([1])، فوقع ذلك كما أخبر ♥، فدل ذلك على أنه رسول الله حقاً، وأخبرنا ♥ أن هؤلاء الخوارج حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، وأنهم يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، فوقع ذلك كما أخبر ♥.
وعن أَبي مُوسَى t أيضاً قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَهَرْجًا» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ، الْقَتْلُ» فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِن الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ» فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ»، ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: وَايْمُ اللَّهِ، إِنِّي لَأَظُنُّهَا مُدْرِكَتِي وَإِيَّاكُمْ، وَايْمُ اللَّهِ، مَا لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجٌ، إِنْ أَدْرَكَتْنَا فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا ﷺ، إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ منها كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا([2]).
وعن أبي موسى t أيضاً: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ»، قُلْنَا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ الْقَتْلُ، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَابْنَ عَمِّهِ، وَأَبَاهُ»، قال : فرأينا من قتل أباه زمان الأزارقة([3])([4]).
وهذه الأحاديث، والأحاديث الآتية، تدل على أمور منها:
الأمر الأول: صدق النبي ﷺ، وأنه رسول الله حقاً؛ لأنه أخبر بهذه الأمور الغيبية، من قتل بعض هؤلاء الخوارج لآبائهم، وإخوانهم، وأعمامهم، وأبناء أعمامهم، وجيرانهم، وذوي قرابتهم، وأخبر ♥ أنهم سفهاء الأحلام، أي: صغار العقول، حدثاء الأسنان، أي: صغار الأسنان، وأنهم يقتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان، فوقع جميع هذه الأمور كما أخبر ♥، فدل ذلك كله على أن اللَّه أرسل محمداً ﷺ بالحق، وأنه رسول اللَّه بلا شك ولا ريب.
الأمر الثاني: فساد مذهب الخوارج، واستحقاق من عمل هذه الأعمال لسخط الله تعالى وغضبه، ولعنته، والعياذ بالله تعالى.
فيا ويح هؤلاء الخوارج، ويا ويلهم من قول اللَّه تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾([5])، ومن قوله ♥ في حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ب: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» ([6]).
الأمر الثالث: قطيعتهم لأرحامهم، ومعصيتهم ربهم ﷻ؛ لقوله تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: 22- 23]، وقال النبي ﷺ: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ»([7])، وقال ﷺ أيضاً: «إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ([8]) مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ»([9])، وقال عليه الصلاة والسلام: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ»([10]) يعني: قاطع رحم([11])، ولفظ أبي داود في سننه: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ»([12])، ولقوله ﷺ: «ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمُ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْعَاقُّ، وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخُبْثَ»([13])، وقال ♥: «ثَلَاثةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ ﷻ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ([14])، وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ على الْخَمْر، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى»([15])، وقال النبي ﷺ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» ([16]).
الأمر الرابع: أن من قتل أباه، أو أخاه، أو جاره، أو ابن عمه، أو ذا قرابته لا عقل له، بل ينزع عقله، ويكون كالغبار، ويكون من أراذل الناس، والعياذ باللَّه تعالى، وقد أشار إلى هذا المعنى الإمام السندي :([17]) في شرح قوله ﷺ في الحديث الذي سبق ذكره «تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ»، وهذا من الفتن التي حذر منها النبي ﷺ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»([18]). قال الإمام النووي :: «مَعْنَى الْحَدِيثِ: الْحَثُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ تَعَذُّرِهَا، وَالِاشْتِغَالِ عَنْهَا بِمَا يَحْدُثُ مِنَ الْفِتَنِ الشَّاغِلَةِ الْمُتَكَاثِرَةِ الْمُتَرَاكِمَةِ كَتَرَاكُمِ ظَلَامِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، لَا الْمُقْمِرِ، وَوَصَفَ ﷺ نَوْعًا مِنْ شَدَائِدِ تِلْكَ الْفِتَنِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُمْسِي مُؤْمِنًا، ثُمَّ يُصْبِحُ كَافِرًا، أَوْ عَكْسُهُ، شَكَّ الرَّاوِي، وَهَذَا لِعِظَمِ الْفِتَنِ، يَنْقَلِبُ الْإِنْسَانُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ هَذَا الِانْقِلَابَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ»([19]).
ومن أعظم الفتن التي فرقت بين المسلمين، وشوهت صورة الإسلام، ما يعمله الخوارج، الذين يقال لهم (الدواعش) في هذا الزمان، فقد شوَّهوا الإسلام، وقد أخبرنا عنهم النبي ﷺ بأنهم سفهاء الأحلام، أحداث الأسنان، فعن علي t قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا، لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»([20])، قال الإمام النووي :: «قَوْلُهُ ﷺ: «أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ: مَعْنَاهُ: صِغَارُ الْأَسْنَانِ، صِغَارُ الْعُقُولِ»([21]).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ t، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرؤُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ...»([22]) الحديث.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ t قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ t، إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِذُهَيْبَةٍ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ: الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ المُجَاشِعِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ العَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلاَبٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ، قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ، وَيَدَعُنَا، قَالَ: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ». فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ [وفي لفظ لمسلم: «فمن يطع اللَّه إن عصيته»] أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلاَ تَأْمَنُونِي» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ، - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»([23]).
قال الإمام النووي : في معنى قوله: «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ: أَيْ: قَتْلًا عَامًّا، مُسْتَأْصِلًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية﴾ ([24]).
فينبغي لكل مسلم أن يخاف على نفسه من هذه الفتن، ويجب عليه أن يبتعد عنها، ولا يقرب من أهلها، فقد بيَّن ذلك النبي ﷺ: كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً، أَوْ مَعَاذًا، فَلْيَعُذْ بِهِ»([25])، وأمرنا النبي ﷺ أن نستعيذ باللَّه من الفتن ما ظهر منها، وما بطن، كما في حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ t قَالَ النَّبِيُّ ﷺ : «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ». قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»([26]).
ويجب على المسلم أن يقتدي بالنبي ﷺ، فقد كان يخاف على نفسه، وهو رسول اللَّه حقاً، فيقول كما في حديث أَنَسٍ t قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» ([27])، ومن حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ب، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اللهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ»([28]).
فأرجو ممن اطلع على هذه الأحاديث أن يعمل بها، ويتأملها، ويتدبر معانيها.
واللَّه أسأل أن يعيذنا جميعاً من الفتن، ما ظهر منها، وما بطن، ومن شرور أنفسنا، ومن نزغات الشيطان، وأن يحفظ بلاد الحرمين الشريفين من كيد الكائدين، ومن عبث العابثين، ومن كل سوء، وأن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، ويصرف عنهم كل شر، وأن يصلح بطانتهم، وأن يعينهم لنصرة الإسلام والمسلمين، وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابه، وسنة رسوله ﷺ. وصلى اللَّه وسلم وبارك على نبينا محمد ﷺ، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر في يوم الأحد 11/ 6/ 1437هـ.
([1]) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، برقم 118، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد، 69، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 3185.
([2]) أخرجه ابن ماجه، برقم 3959، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 3/ 298، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 1682، وصحح إسناده أيضاً شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه، حديث رقم 3959.
([3]) الأزارقة فرقة من فرق الخوارج.
([4]) أخرجه أبو يعلى، 13/ 165، برقم 7234، قال محققه حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
([5]) سورة النساء، الآية: 93.
([6]) سنن ابن ماجه، برقم 2619، واللفظ له، والترمذي، 1395، والنسائي، برقم 3987، وصححه لغيره الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 315.
([7])صحيح مسلم، برقم 2555.
([8]) شجنة: شِجْنَةٌ: أَصْلُ الشِّجْنَةِ عُرُوقُ الشَّجَرِ الْمُشْتَبِكَةُ: أي: أَنَّهَا أَثَرٌ مِنْ أَثَارِ الرَّحْمَةِ مُشْتَبِكَةٌ بِهَا فَالْقَاطِعُ لَهَا مُنْقَطِعٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه. انظر: فتح الباري لابن حجر، 10/ 418.
([9])صحيح البخاري، برقم 5988.
([10]) البخاري، برقم 5984، ومسلم، برقم 2556.
([11]) من رواية مسلم المتقدمة برقم 2556.
([12]) سنن أبي داود، برقم 1696.
([13])مسند أحمد، 10/ 269، برقم 6113، وصححه محققو المسند برقم 6180، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترغيب 2/ 662": «حسن لغيره».
([14]) المترجلة: يَعْنِي المرأة التِي تَتَشَبَّه بِالرِّجَالِ فِي زِيِّهم، وهيأتهِم. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 203، مادة (رجل).
([15]) النسائي، برقم 2562، واللفظ له، وأحمد في المسند، برقم 6180، وحسنه محققو المسند، وقال الألباني في صحيح الرغيب والترهيب، 2/ 662، وفي صحيح النسائي، 2/ 216: «حسن صحيح».
([16]) سنن أبي داود، برقم 4902، والترمذي، برقم 2511، والأدب المفرد، برقم 67، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 917، و976، وفي صحيح الأدب المفرد، ص 53.
([17]) انظر: سنن ابن ماجه، بشرح الإمام أبي الحسن الحنفي، المعروف بالسندي، 4/ 335، توزيع دار المؤيد، بتحقيق الشيخ خليل مأمون شيحا.
([18]) صحيح مسلم، برقم 118.
([19]) شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 133.
([20]) متفق عليه، صحيح البخاري، برقم 3611، وصحيح مسلم، برقم 1066، واللفظ لمسلم.
([21]) شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 169.
([22]) صحيح البخاري، برقم 5058، ومسلم، برقم 1064.
([23]) صحيح البخاري، برقم 3344، ومسلم، برقم 1064.
([24]) شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 162.
([25]) صحيح البخاري، برقم 3601، ومسلم، برقم 2886.
([26]) صحيح مسلم، برقم 2867.
([27]) مسند أحمد، 19/ 160، رقم 12107، والترمذي، برقم 2140، بلفظه ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2140، وجاء من حديث أم سلمة عند الترمذي، برقم 3522، وعائشة عند أحمد، برقم 24604.
([28]) صحيح مسلم، برقم 2654.