إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ترجمات المادة
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
- إنه رسول الله صلى الله
عليه وسلم
- نسبه ﷺ:
- زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن:
- أولاده ﷺ:
- مولده وبعثته وهجرته ﷺ:
- مسيرة دعوته ﷺ:
- غزواته ﷺ:
- معجزاته ﷺ:
- فضله ﷺ ومكانته:
- شمائله ﷺ
- صفة خلقه وشعره، ومشيته ﷺ:
- صفة لباسه ﷺ:
- صفة عمامته ﷺ:
- صفة خاتمه ﷺ:
- صفة نعله ﷺ:
- صفة عيشه وزهده ﷺ:
- صفة أكله وشربه ﷺ:
- صفة طيبه ﷺ:
- صفة تبسمه وضحكه ﷺ:
- صفة مزاحه ﷺ:
- صفة بكائه ﷺ:
- صفة نومه ﷺ:
- صفة عبادته ﷺ:
- الصفات الجامعة لأخلاقه ﷺ:
إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ,آله وصحبه ومن والاه وبعد.
فهذه وقفات مختصرة من صفحات حياته ﷺ وصفاته وشمائله؛ سائلين الله عز وجل أن يجمعنا به ووالدينا في جنات النعيم:
نسبه ﷺ:
هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
هذا هو المتفق عليه في نسبه الشريف ﷺ، ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام.
وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشية.
أسماؤه الشريفة ﷺ:
وردت عدة أسماء لنبينا محمد ﷺ كما سمي بذلك وبينها بنفسه ﷺ، فعن جبير بن مطعم أن رسول الله ﷺ قال: «إن لي أسماء أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد» [متفق عليه].
وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله ﷺ يسمي لنا نفسه أسماء، فقال: «أنا محمد، وأحمد والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة» [رواه مسلم].
ومعنى المقفي: بمعنى العاقب، وقيل معناه: المتبع للأنبياء قبله [انظر شرح مسلم للنووي].
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6/557: (ومما وقع من أسمائه في القرآن بالاتفاق: الشاهد، المبشر النذير، المبين، الداعي إلى الله، السراج المنير، وفيه أيضًا: المذكر، والرحمة، والنعمة، والهادي، والشهيد، والأمين، والمزمل، والمدثر، ومن أسمائه المشهورة: المختار، المصطفى، الشفيع المشفع، والصادق المصدوق).
زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن:
1- أولاهن خديجة بنت خويلد القرشية الأسدية رضي الله عنها تزوجها قبل النبوة، ولم يتزوج عليها حتى ماتت.
2- ثم تزوج بعد موتها سودة بنت زمعة القرشية رضي الله عنها.
3- ثم تزوج عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما المبرأة من فوق سبع سماوات.
4- ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
5- ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث القيسية رضي الله عنها، من بني هلال بن عامر، وتوفيت بعد زواجها بشهرين.
6- ثم تزوج أم سلمة هند بنت أمية القرشية المخزومية رضي الله عنها.
7- ثم تزوج زينب بنت جحش من بني أسد رضي الله عنها وهي ابنة عمته أميمة.
8- ثم تزوج جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية رضي الله عنها.
9- ثم تزوج أم حبيبة، واسمها رملة بنت أبي سفيان بن حرب القرشية.
10- وتزوج صفية بنت حيي بن أخطب، سيد بني النضير، وكانت من أجمل نساء العالمين رضي الله عنها.
11- ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها، وهي آخر من تزوج بها.
فهؤلاء إحدى عشرة امرأة، ماتت خديجة وزينب بنت خزيمة رضي الله عنهما حال حياته ﷺ، ومات عن تسع زوجات خلفهن بعده، لا يجوز لهن أن يتزوجن بعده لأنهن أمهات المؤمنين، ولهذا سميت زوجات النبي ﷺ بهذا الاسم [انظر زاد المعاد لابن القيم 1/105].
أولاده ﷺ:
1- أولهم القاسم، وبه كان يكنى، مات طفلاً.
2- زينب، رضي الله عنها وهي أكبر بناته، تزوجها أبو العاص بن الربيع، وهو ابن خالتها.
3- رقية، تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنهما.
4- فاطمة تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
5- أم كلثوم، تزوجها عثمان بن عفان بعد موت رقية y.
6- عبد الله، وقيل أنه ولد في الإسلام، فلقب بالطيب والطاهر.
7- إبراهيم، وقد ولد في المدينة وعاش عامين غير شهرين، ومات قبل النبي ﷺ بثلاثة أشهر.
وكل أولاده من خديجة حاشا إبراهيم، فأمه مارية القبطية رضي الله عنها وهي من سرايا النبي ﷺ وليست من زوجاته، قال النووي: فالبنات أربع بلا خلاف، والبنون ثلاثة على الصحيح.
مولده وبعثته وهجرته ﷺ:
ولد ﷺ يوم الاثنين في التاسع أو الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، الموافق 571م، وبعث ﷺ وعمره أربعون سنة، وهاجر من مكة إلى المدينة وذلك في الثاني عشر من ربيع الأول عام أربعة عشر للبعثة النبوية، وعمره ﷺ ثلاث وخمسون سنة، ومكث في المدينة عشر سنوات حتى لحق بالرفيق الأعلى.
مسيرة دعوته ﷺ:
كانت دعوته سرية لمدة ثلاث سنوات حتى أنزل الله عليه: ]فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ[ [الحجر: 94، 95] فقام ﷺ، وجهر بدعوته أمام الملأ، ومكث في مكة كذلك عشر سنوات يدعو قومه ومن حوالي مكة بالترغيب والترهيب، ونار التعذيب تصلي أصحابه الضعفاء من المسلمين، حتى جاء الإذن بالهجرة إلى المدينة.
غزواته ﷺ:
قال ابن إسحاق: وكان جميع ما غزا رسول الله ﷺ بنفسه الكريمة سبعًا وعشرين غزوة، قاتل في تسع: بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، والمصطلق، وخيبر، والفتح، وحنين والطائف، وكانت بعوثه وسراياه ثمانيًا وثلاثين من بين بعث وسرية [سيرة ابن هشام 4/189].
معجزاته ﷺ:
من أعظم معجزات ﷺ: القرآن الكريم، الإسراء والمعراج، انشقاق القمر، نبع الماء من بين أصابعه الشريفة، شهادة الذئب لنبوته، حنين الجذع، تسبيح الحصى بيده الشريفة، وكذا تسبيح الطعام بين يديه وهو يؤكل، تكثير الطعام والشراب بدعائه، تسليم الحجر عليه... وغيرها من المعجزات.
فضله ﷺ ومكانته:
قال تعالى: ]لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[ [التوبة: 128].
وقال تعالى: ]مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ...[ [الفتح: 29].
وقال سبحانه: ]أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ[ [الإنشراح: 1-4].
وقال سبحانه: ]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ[ [الأنبياء: 107].
وأما من السنة فهناك أحاديث كثيرة تبين فضله ﷺ وتفضيله على سائر البشر، وأنه أُعطِى ما لم يعطه نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فعن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول شافع وأول مشفع، ولا فخر» [حديث صحيح رواه أحمد والترمذي وابن ماجه].
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع» [رواه مسلم].
وعن جابر t قال: قال رسول الله ﷺ: «أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد من قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» [متفق عليه].
وعن واثلة t قال: قال رسول الله ﷺ: «أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل» [حديث صحيح رواه الطبراني والبيهقي في شعب الإيمان].
والسبع الطوال أولها البقرة وآخرها براءة مع الأنفال.
والمئين هي كل سورة زادت على المائة وقاربتها، والمثاني هي كل سورة أقل من مائة آية تطلق على الفاتحة وعلى القرآن كله، والمفصل وأوله من سورة الحجرات إلى آخر القرآن.
وعن حذيفة t قال: قال رسول الله ﷺ: «أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، ولم يعطهن نبي قبلي» [حديث صحيح رواه أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب، كذا في صحيح الجامع].
وعن ابن عباس t قال: قال رسول الله ﷺ: «كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد» [حديث صحيح رواه ابن حبان في صحيح كذا في صحيح الجامع].
شمائله ﷺ
صفة خلقه وشعره، ومشيته ﷺ:
عن أنس بن مالك t قال: كان رسول الله ﷺ (ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط، ولا بالسبط..) [متفق عليه].
ومعنى الأمهق: الشديد البياض، والآدم: الأسمر، والقطط: أي لم يكن شعره شديد الجعودة، والسبط: أي المسترسل، (وكان شعره بين أذنيه وعاتقه) [متفق عليه]. عن أنس t.
وفيهما عنه أيضًا، (وتوفي رسول الله ﷺ وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء، وعن البراء t قال: (كان رسول الله ﷺ أحسن الناس وجهًا، وأحسنه خلقًا...) [متفق عليه].
وسئل أبو الطفيل t كيف رأيت رسول الله ﷺ؟ قال: (كان أبيض مليحًا مقصدًا) [رواه مسلم].
ومعنى مقصدًا: أي ليس بجسيم ولا نحيف ولا طويل ولا قصير، ووصف جابر بن سمرة وجهه فقال: (كان مثل الشمس والقمر وكان مستديرًا، ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده) [رواه مسلم].
وعن علي t قال: (لم يكن النبي بالطويل ولا بالقصير، شثن الكفين والقدمين ضخم الرأس، ضخم الكراديس، طويل المسربة إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب، لم أر قبله ولا بعده مثله ﷺ) [حديث صحيح أخرجه أحمد والترمذي في السنن وفي الشمائل والحاكم]، ومعنى شثن: أي غليظ الأصابع والراحة، والكراديس: رؤوس العظام، والمسربة: الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي بالسرة، والصبب: ما انحدر من الأرض.
صفة لباسه ﷺ:
عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله ﷺ: «البسوا البياض، فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم» [حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه].
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كان أحب الثياب إلى رسول الله ﷺ يلبسه القميص) [حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي].
وكان ﷺ إذا استجد ثوبًا – يعني لبس ثوبًا جديدًا – قال: «اللهم لك الحمد كما كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بالله من شره وشر ما صنع له» [صحيح رواه أصحاب السنن عن أبي سعيد الخدري].
صفة إزاره ﷺ:
وكان إزاره ﷺ إلى نصف ساقيه كما جاء في الحديث الصحيح، وكان ينهى عن الإسبال، ويقول: «ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار» [رواه البخاري من حديث أبي هريرة]، وقال أيضًا: «من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة» [متفق عليه من حديث ابن عمر].
صفة عمامته ﷺ:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي ﷺ إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه) [حديث صحيح رواه الترمذي].
وعن جابر t قال: (دخل النبي ﷺ مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء) [رواه مسلم].
صفة خاتمه ﷺ:
وكان خاتمه ﷺ من فضة، وكان نقشه (محمد) سطر، و (رسول) سطر، و (الله) سطر، وكان فصه مما يلي كفه (هكذا في الصحيحين)... وفيهما أيضًا قال ابن عمر فلبس الخاتم بعد النبي ﷺ أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان y حتى وقع من عثمان في بئر أريس، وكان يلبس خاتمه في خنصر يده اليمني وثبت كذلك في اليسرى (كلاهما في صحيح مسلم من حديث أنس)، وفيه أيضًا: (النهي عن التختم في الوسطى والتي تليها) من حديث علي، وفي غير مسلم أنهما الوسطى والسبابة (ذكره النووي في شرح مسلم).
صفة نعله ﷺ:
عن أنس t: (أن نعل النبي ﷺ كان به قبالان) [رواه البخاري]). والقبال: هو السير الذي فيه الشسع الذي يكون بين أصبعي الرجل، وعن ابن عمر t قال: (رأيت رسول الله ﷺ يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها) [متفق عليه].
وعن عائشة رضي الله عنها: (كان النبي يحب التيمن في طهوره وتنعله ترجله وتنقله) [متفق عليه].
وفيهما أيضا: عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال...»، ونهى عن المشي في نعل واحدة فقال: «لا يمشين أحدكم في نعل واحدة، ولينعلهما جميعًا أو ليحفهما جميعًا» [متفق عليه من حديث أبي هريرة].
وسئل أنس بن مالك t: (أكان النبي ﷺ يصلي في نعليه؟ قال: نعم) [متفق عليه].
صفة عيشه وزهده ﷺ:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما شبع آل محمد ﷺ منذ قدم المدينة ثلاثة أيام تباعًا من خبز بر حتى قبض) [متفق عليه]، وعنها أيضًا: (إن كنا ننظر إلى الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله ﷺ نار، إنما هو الأسودان: التمر والماء، إلا أنه كان حولنا أهل دور من الأنصار يبعثون إلى رسول الله ﷺ بلبن منائحهم فيشرب، ويسقينا من ذلك اللبن) [متفق عليه]، وكان يقول: «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا» [متفق عليه]. ومعنى قوتًا: أي ما يسد الرمق.
وعن أبي موسى الأشعري t قال: أخرجت لنا عائشة رضي الله عنها كساءً وإزارًا غليظًا قالت: قبض رسول الله ﷺ في هذين) [متفق عليه]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان فراش رسول الله ﷺ من أدم حشوه ليف) [رواه البخاري] ومعنى: أدم: أي جلد، وفيه أيضًا قالت: توفى رسول الله ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعًا من شعير).
صفة أكله وشربه ﷺ:
عن وهب بن عبد الله t قال: قال رسول الله ﷺ (لا آكل متكئًا) [رواه البخاري].
وعن أبي هريرة t قال: (ما عاب رسول الله ﷺ طعامًا قط إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه) [متفق عليه].
وعن أنس t أن رسول الله ﷺ قال: «كان إذا أكل طعامًا لعق أصابعه الثلاث» وقال ﷺ: «إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان» وأمرنا أن نسلت القصعة قال: «فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة» [رواه مسلم] ومعنى نسلت: أي نلعق، والقصعة: الإناء.
وكان يحث أصحابه على آداب الطعام فقال مرة لغلام كانت تطيش يده في الصحفة: «يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك» [متفق عليه].
وعن أنس قال: (رأيت رسول الله ﷺ يتتبع الدباء من حوالي الصحفة) قال أنس: (فلم أزل أحب الدباء منذ يومئذ) [متفق عليه].
قال النووي في شرح مسلم: (فيه فوائد منها... وفضيلة أكل الدباء وأنه يستحب أن يحب الدباء وكذلك كل شيء كان رسول الله ﷺ يحبه).
وعن أنس t قال: (كان رسول الله ﷺ إذا شرب تنفس ثلاثًا ويقول: «هو أهنأ وأمر وأبرأ» [متفق عليه]. وفي حديث آخر: (كان يشرب ثلاثة أنفاس يسمي الله في أوله ويحمد الله في آخره) [حديث صحيح رواه ابن السني في صحيح الجامع]، وكان ﷺ إذا رفع مائدته قال: «الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مكفي ولا مستغني عنه ربنا» [رواه البخاري]، وقال ﷺ من أكل طعامًا فقال: «الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه» [حديث حسن، رواه أبو داود والترمذي عن معاذ بن أنس y].
صفة طيبه ﷺ:
عن أنس بن مالك t قال: (كان لرسول الله ﷺ سكة يتطيب منها) [أخرجه أبو داود والترمذي في الشمائل وإسناده على شرط مسلم].
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك t: (أن النبي ﷺ كان لا يرد الطيب) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «ثلاث لا ترد: الوسائد، والدهن، واللبن» [حديث حسن رواه الترمذي في السنن وفي الشمائل]، ويقول ﷺ: «حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة» [حديث حسن أخرجه أحمد والنسائي والحاكم عن أنس بن مالك t].
صفة كلامه ﷺ:
عن أنس t: (عن النبي ﷺ أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه) [رواه البخاري].
وعن عائشة رضي الله عنها: (ما كان رسول الله ﷺ يسرد كسردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل، يحفظه من جلس إليه) [صحيح أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما].
صفة تبسمه وضحكه ﷺ:
عن عبد الله بن الحارث t قال: (ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله ﷺ) [حديث حسن أخرجه الترمذي]. ومن طريق أخرى قال: (ما كان ضحك رسول الله ﷺ إلا تبسمًا)، وربما ضحك أحيانًا حتى تبدو نواجذه كما وردت بذلك عدة روايات صحيحة.
صفة مزاحه ﷺ:
عن أنس t أن النبي ﷺ قال له: «يا ذا الأذنين» يعني يمازحه [حديث صحيح أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي] وعنه أيضًا: أن رجلاً استحمل رسول الله ﷺ فقال: «إني حاملك على ولد الناقة!» فقال: يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة؟ فقال ﷺ: «وهل تلد الإبل إلا النوق» [صحيح أخرجه أبو داود والترمذي].
وجاءت عجوز إلى النبي ﷺ فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة فقال ﷺ: «يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز» قال: فولت تبكي فقال ﷺ أخبروها أنه لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: ]إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا[ [الواقعة: 37] [حديث حسن وله شاهد وأخرجه الترمذي في الشمائل]، وعن أبي هريرة t قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: «نعم غير أني لا أقول إلا حقًا» [حديث صحيح أخرجه الترمذي].
صفة بكائه ﷺ:
عن عبد الله بن الشخير قال: (أتيت رسول الله ﷺ وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء) [حديث صحيح أخرجه أبو داود والترمذي في الشمائل]، ومعنى كأزيز المرجل أي: غليان كغليان القدر، وعن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله ﷺ قبل عثمان بن مظعون t وهو ميت وهو يبكي ﷺ) [حديث صحيح أخرجه أبو داود والترمذي].
ولما مات ولده إبراهيم u دمعت عيناه فقال له عبد الرحمن بن عوف t: وأنت يا رسول الله؟ يعني استنكر بكاءه فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة» ثم قال: «إن العين تدمع والقلب يحزن ولا تقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون» الحديث في الصحيحين.
صفة نومه ﷺ:
عن البراء بن عازب t: أن النبي ﷺ كان إذا أخذ مضجعه وضع كفه اليمنى تحت خده الأيمن وقال: «رب قني عذابك يوم تبعث عبادك» [حديث صحيح أخرجه الترمذي].
وفي حديث أنس كان يقول: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافئ له ولا مؤوي» وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله ﷺ إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهما، وقرأ فيهما (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس)، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يصنع ذلك ثلاث مرات) فهذه كلها أدعيته ﷺ إذا أوى إلى فراشه للنوم، وقبلها يستحب أن يتوضأ وضوءه للصلاة كما جاء في الصحيحين، وإذا استيقظ من نومه ﷺ كان يقول: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور» [رواه البخاري عن حذيفة].
صفة عبادته ﷺ:
أما عبادته ﷺ فقد كان أخشى الناس وأتقاهم لربه سبحانه وتعالى وكان يقوم حتى تتفطر قدماه ﷺ وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومع ذلك يقول: «أفلا أكون عبدًا شكورًا» هكذا في الصحيحين وغيرهما، وهناك كثير من الروايات التي تبين فيها كثرة عباداته وخوفه وخشيته ﷺ فليس المقام مقام بسط هنا، وقد أفردت مؤلفات خاصة لذلك.
الصفات الجامعة لأخلاقه ﷺ:
قال تعالى: ]وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[ [القلم: 10] فقد كان ﷺ خلقه القرآن، وكان أحسن الناس خلقًا وخُلقًا، وأهداهم إلى الحق طرقًا، وكان يعفو ويصفح ما لم تنتهك حرمات الله تعالى وكان ﷺ أجود الناس وأشجعهم، وكان يقبل الهدية ويجازي عليها، وكان ﷺ يحلم على جهل الجاهلين عليه، وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان أصدقهم لهجة وأكثرهم تواضعًا، وأفصحهم لسانًا، وألينهم عريكة، وأرحمهم قلبًا، وكان ﷺ يحب اللين، ويطعم المسكين، ويعطف على اليتيم، وكان يدعى قبل البعثة بالصادق الأمين، وكان ﷺ يصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويكسب المعدوم ويعين على نوائب الحق، ولم يكن ﷺ بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ولم يكن سبابًا ولا لعانًا ولا فاحشًا ولا بذيئًا؛ حاشاه أن يكون كذلك ﷺ.
فهذه جملة يسيرة من أخلاقه ﷺ وإلا فهو منبع الأخلاق ومعدن الصفات الفاضلة ومصباح الهدى.
كتبه الشيخ/ عارف بن أنور بن محمد