نهاية العالم
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
- نهاية العالم
نهاية العالم
تأليف
محمد بن أحمد بن محمد العماري
الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية
بالمملكة العربية السعودية
البريد الإلكتروني
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان.
والصلاة ,والسلام على الذي لاينطق عن الهوى إن هوإلا وحي يوحى أما بعد.
فإن نهاية العالم الأول وهو عالم الحياة الدنيا تكون بالنفخة الأولى في الصور.
قَالَ تَعَالَى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ}[الزمر: ٦٨]
و عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَال:َ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُوْلُ:(ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ أَصْغَى وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ فَيَصْعَقُ([1]) وَيَصْعَقُ النَّاسُ ).رواه مسلم([2])
بداية العالم الثاني وهو عالم البرزخ
يبدأ العالم الثاني بعد الموت بإحياء الموتى في قبورهم المسلم والكافر بعد الدفن مباشرة وذلك بإعادة أرواحهم في أجسادهم
وإرسال ملكين بأربعة أسئلة لهم من أجاب عليها في قبره سعد في العالم الثاني والثالث ومن لم يجب عليها شقي فيهما.
السؤال الأول: من ربك .
السؤال الثاني: ما دينك .
السؤال الثالث: من نبيك .
السؤال الرابع: من أين أخذت الإجابة.
.عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t:أَنَّ النَّبِيَّ rذَكَرَ الْعَبْدَ المؤْمِنَ إِذَا دُفِنَ في قَبْرِهِ قَالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ . فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ.
فَيَقُولاَنِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ؟
فَيَقُولُ رَبِّيَ اللهُ "
فَيَقُولاَنِ لَهُ مَادِينُكَ؟
فَيَقُولُ دِينِيَ الْإِسْلَامُ"
فَيَقُولاَنِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ
فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللهِ ﷺ"
فَيَقُولاَنِ لَهُ وَمَا عِلْمُكَ؟
فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ فَآمَنْتُ بِهِ
وَصَدَّقْتُ. رواه أحمد([3])وأبو داود([4])وصححه الألباني([5])
فإذا أجاب على الأسئلة أمر الله بأعلان نتيجة نجاحه وأمر له بست جوائز تسلم له في قبره.
الجائزة الأولى: فراش من الجنة.
الجائزة الثانية: لباس من الجنة.
الجائزة الثالثة: فتح باب من قبره على الجنة يأتيه منه ريح الجنة وطيبها ويرى منه أهله وماله في الجنة.
الجائزة الرابعة:بشارته بالجنة وهو في قبره.
الجائزة الخامسة: توسعة قبره مد بصره.
الجائزة السادسة: إنارة قبره له.
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t:أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
فَيَقُولاَنِ لَهُ وَمَا عِلْمُكَ؟
فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ
فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي
فَافْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ
وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ.
وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا.
وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ .
قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ
فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ
فَيَقُولُ: لَهُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ
فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ.
فَيَقُولُ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ
إِلَى أَهْلِي وَمَالِي )رواه أحمد([6])وأبو داود([7])وصححه الألباني([8])
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t:أَنَّ رَسُولَ اللهِrقَالَ: ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِم أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولاَنِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ: فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ ﷺ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا ) رواه البخاري([9])
وإن لم يجب على الأسئلة أمر الله بأعلان نتيجة رسوبه وأمر له بأربع وما أدراك ما الأربع.
الأولى: لباس من النار.
الثانية: فتح باب من قبره على النار يأتيه منه حرالنار وسمومها.
الثالثة: تضييق قبره عليه
الرابعة: بشارته بالنار وهو في قبره.
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t:أَنَّ النَّبِيَّ rذَكَرَ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا دُفِنَ في قَبْرِهِ قَالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ . فَيَقُولاَ نِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي. فَيَقُولاَنِ لَهُ مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي. فَيَقُولاَنِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ. وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ).رواه أحمد([10]) وأبو داود([11]) وصححه الألباني([12])
بداية العالم الثالث والأخيرو هو عالم الآخرة الذي لاعالم بعده إذ لايفنى
يبدأ العالم الثالث بالنفخة الثانية في الصور.
قَالَ تَعَالَى:{ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: ٦٨]
و عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَال:َ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُوْلُ:( ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ أَصْغَى فَيَصْعَقُ النَّاسُ ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ أَوِ الظِّلُّ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ. وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ).رواه مسلم ([13])
فإذا نفخ في الصور رد الله أرواح الناس في أجسادهم التي كانت في الدنيا ثم أحياهم .
قَالَ تَعَالَى:{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الحج: ٦]
و عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَال:َ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُوْلُ:( ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ أَوِ الظِّلُّ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ).رواه مسلم ([14])
فإذا أحيا الله الناس أمر الأرض أن تنشق عنهم ليخرجوا من قبورهم.
قَالَ تَعَالَى:{ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ}[الروم: ٢٥]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ{41} يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ{42} إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ{43} يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}[ق: ٤١ – ٤٤]
ورسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أول من ينشق عنه القبر فيخرج منه.
عَنْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ».رواه مسلم([15])
فإذا خرج الناس من قبورهم قام كل واحد عند قبره حياً ينتظرالأمر بالتوجه إلى موقف القضاء.
قَالَ تَعَالَى:{ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: ٦٨]
و عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَال:َ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُوْلُ:( ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ أَصْغَى فَيَصْعَقُ النَّاسُ ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ أَوِ الظِّلُّ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ. وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ).رواه مسلم ([16])
فإذا قام كل واحد عند قبره أمر الله بحشرهم وجمعهم في مكان واحد لمحاسبتهم على أعمالهم في الدنيا ومجازاتهم عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
قَالَ تَعَالَى:{ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}[الحجر: ٢٥]
و قَالَ تَعَالَى:{ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}[ق:44]
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قاَلَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ:(يَجْمَعُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمْ الْبَصَرُ وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنْ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ وَمَا لَا يَحْتَمِلُونَ ).رواه مسلم([17])
والحشر هو الجمع.
قال تعالى:{ فَحَشَرَ فَنَادَى}[النازعات: ٢٣]
وَ قَالَ تَعَالَى:{ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ}[الشعراء: ٥٣]
ومكان الحشر والجمع: أرض الشام اليوم . قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ }[الحشر2]
عَنْ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِي: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( تُحْشَرُونَ هَاهُنَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَحْوِ الشَّامِ ).رواه أحمد([18]) وحسنه الألباني([19])
ولكن على أرض غير هذه الأرض , وتحت سماء غير هذه السماء.
قَالَ تَعَالَى:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[إبراهيم:٤٨]
وأرض المحشر:بيضاء ليس فيها أثرللسكنى.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ) صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ لِأَحَدٍ).رواه البخاري([20]) ومسلم([21])
ويحشر الناس من قبورهم إلى موقف القضاء على ثلاثة أصناف. راكبٌ , وماشٍ على قدميه, وماشٍ على وجهه .
عَنْ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِي : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ: ( تُحْشَرُونَ هَاهُنَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَحْوِ الشَّامِ رُكْبَانًا وَمُشَاةً وَعَلَى وُجُوهِكُمْ).رواه أحمد([22])وحسنه الألباني([23])
فالصنف الأول: الركبان. وهم المؤمنون يركبون من قبورهم إلى موقف القضاء .
قَالَ تَعَالَى:{ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً}[مريم: ٨٥ ]
عَنْ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِي: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(تُحْشَرُونَ رُكْبَانًا ).رواه أحمد([24]) وحسنه الألباني([25])
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ )رواه البخاري([26]) ومسلم([27])
والصنف الثاني: المشاة على أقدامهم .
و هم عصاة المسلمين يمشون على أقدامهم من قبورهم إلى موقف القضاء .
قَالَ تَعَالَى:{ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً}[ مريم: ٨٦]
عَنْ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِي: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( تُحْشَرُونَ مُشَاةً ).رواه أحمد([28]) وحسنه الألباني([29])
والصنف الثالث : المشاة على وجوههم.
و هم الكفار يمشون على وجوههم من قبورهم إلى موقف القضاء .
قَالَ تَعَالَى:{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً}[الإسراء:٩٧]
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ:أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري([30]) قَالَ قَتَادَةُ أحد رواة الحديث بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَتحْشُرُ بَقِيَّتَهُمْ النَّارُ تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا).رواه البخاري([31]) ومسلم([32])
الراغبون هم المؤمنون والراهبون هم عصاة المسلمين والذين تحشرهم النار هم الكفار.
ويحشر الناس الراكب والماشي على قدميه والماشي على وجهه حفاة عراة .
عَنْ عَائِشَةَ رَضَيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ:(تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ ﷺ يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ). رواه البخاري([33]) ومسلم([34])
فإذا وصل الناس موقف القضاء أمروا بالقيام والإنتظار في موقف القضاء .
قَالَ تَعَالَى:{ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ{4} لِيَوْمٍ عَظِيمٍ{5} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين: ٤ – ٦ ]
وَ قَالَ تَعَالَى:{ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}[الصافات: ٢٤]
ويظلون قياماً حتى يجيء القاضي وهو الله.
قَالَ تَعَالَى:{ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[النمل: ٧٨]
وَ قَالَ تَعَالَى:{ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[غافر: ٢٠]
ومدة الوقوف والقيام وانتظار الحكم عليهم خمسون ألف سنة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ:( مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ).رواه مسلم([35])
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ (مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَأَظْلَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ). رواه مسلم([36])
أحوال الناس في موقف القضاء
منهم القائم في الشمس والعرق .
عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ:( تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ فَوَ اللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ أَمْ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ قَالَ فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ الله ِﷺ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ).رواه مسلم([37])
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ:أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ).رواه البخاري([38]) ومسلم([39])
ومنهم القائم في الشمس المكوي بالنار.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ:( مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ). رواه مسلم([40])
ومنهم المبطوح على بطنه في أرض المحشرتحت وطء الدواب وعضها ونطحها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ (مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَأَظْلَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ). رواه مسلم([41])
ومنهم من هو في ظل الرحمن.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )رواه البخاري ([42]) ومسلم ([43])
ومنهم من هو في ظل صدقته.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " (كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ قَالَ: يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ) رواه أحمد ([44])
فإذا مضت المدة المحد دة للإنتظار في موقف القضاء.
أذن الله للناس في طلب الشفاعة.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ:أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ ﷺ فَيَأْتُونِي فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِي الْآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ).رواه البخاري([45]) ومسلم([46])
فإذا أذن الله لنبيه محمد صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ في الشفاعة وقبلها منه جاء الله لموقف القضاء. قَالَ تَعَالَى:{ وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر: ٢٢]
وَ قَالَ تَعَالَى:{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ{69} وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ}[الزمر: ٦٩ – ٧٠]
وأطلع الناس على أعمالهم التي عملوها في الدنيا.
قَالَ تَعَالَى:{ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الجاثية: ٢٩]
وَ قَالَ تَعَالَى:{ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً{13} اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء: ١٣ – ١٤]
فإذا رأى الإنسان أعماله عرفها.
قَالَ تَعَالَى:{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[الكهف ٤٩]
فإذا عرفها أنكرها.
قَالَ تَعَالَى:{ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ{12} يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ{13} بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ{14} وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: ١٢ – ١٥]
فإذا أنكرالإنسان أعماله أقام الله عليه البينة وأحضر الشهود.
الشاهد الأول: الجوارح.
قَالَ تَعَالَى:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[يس: ٦٥]
فتشهد العين بمارأت والأذن بما سمعت واليد بما بطشت والرجل بما خطت والفرج بما أقترف والجلد بما لمس.
قَالَ تَعَالَى:{ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[فصلت: ٢٠]
الشاهد الثاني: الملائكة الذين أمرنا بالإيمان بخلقهم ووجودهم ووظائفهم.
الملائكة المسؤلون عن كتابة أقواله.
قَالَ تَعَالَى:{ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ{17} مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٧ – ١٨ ]
و الملائكة المسؤلون عن كتابة أفعاله.
قَالَ تَعَالَىكِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}[الانفطار: ١١ - ١٢ ]
الملائكة المسؤلون عن كتابة صلاواته الخمس.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ (الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ).رواه البخاري([47])
و الملائكة المسؤلون عن كتابة صلاته للجمعة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلَائِكَةُ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ). رواه البخاري([48])
و الملائكة المسؤلون عن حفظه وحمايته.
قَالَ تَعَالَى:{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ}[الرعد:١١ ]
الشاهد الثالث: الأرض.
قَالَ تَعَالَى:{ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا{4} بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}[الزلزلة: ٤ - ٥]
فإذا أثبت الله أعمال الإنسان عن طريق الشهود عليه بدأ بحسابه عليها.
فينصب الموازين لوزن الأعمال .
قَالَ تَعَالَى:{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[الأنبياء:٤٧]
وقال الحافظ الحكمي رحمه الله.
والوزن بالحق فلا ظلم ولا | ||
يؤخذ عبد بسوى ما عملا | ||
فبين ناج راجح ميزانه | ||
و مقر ف أوبقه عدوانه | ||
فمن رجحت حسناته على سيئاته فقد نجح.
قَالَ تَعَالَى:{ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{8} وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ}[الأعراف: ٨ - ٩]
ويعطى شهادة بنجاحه وهي كتاب يسلم له بيمينه ويطلب منه إعلان نجاحه للناس.
قَالَ تَعَالَى:{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ{19} إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ{20} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{21} فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ{22} قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ{23} كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}[الحاقة: ١٩ - ٢٤]
و قَالَ تَعَالَى:{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ{7} فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً{8} وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً}[الانشقاق: ٧ - ٩]
ومن رجحت سيئاته على حسناته فقد رسب وخسر.
قَالَ تَعَالَى:{ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ}[ الأعراف: ٩]
ويعطى شهادة برسوبه وهي كتاب يسلم له بيساره ويطلب منه إعلان رسوبه.
قَالَ تَعَالَى:{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ{25} وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ{26}يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ{27} مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ{29} خُذُوهُ فَغُلُّوهُ{30} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ{31} ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ}[الحاقة: ٢٥ - ٣٢]
وتلوى يساره من وراء ظهره.
قَالَ تَعَالَى:{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ{10} فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً{11} وَيَصْلَى سَعِيراً{12} إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً{13} إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ{14} بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً}[الانشقاق: ١٠ -١٥]
فإذا فرغ الله من القضاء بين العباد وسلمت شهادات النجاح والرسوب وأعلنت النتائج توجه الناس إلى الصراط للعبور عليه إلى الجنة والجنة بعد النار وليس لها طريق يوصل إليها إلاعن طريق الجسر الذي ينصب على وسط النار ليمرعليه الكافر والمسلم.
قَالَ تَعَالَى:{ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً{71} ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}[مريم: ٧١ - ٧٢]
وفي طريقهم إلى الصراط يمرون على حوض النبيrليشربوا منه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ (تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتِي الْحَوْضَ وَأَنَا أَذُودُ النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عَنْ إِبِلِهِ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللهِ أَتَعْرِفُنَا قَالَ نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَلَيُصَدَّنَّ عَنِّي طَائِفَةٌ مِنْكُمْ فَلَا يَصِلُونَ فَأَقُولُ يَا رَبِّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَصْحَابِي فَيُجِيبُنِي مَلَكٌ فَيَقُولُ وَهَلْ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ).رواه مسلم([49])
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ:أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( إِنَّ حَوْضِي أَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ بِاللَّبَنِ وَلَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ وَإِنِّي لَأَصُدُّ النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عَنْ حَوْضِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ). رواه مسلم([50])
والنبي صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يسبق أمته إلى حوضه بعد فراغهم من القضاء ليستقبلهم عليه ويسقيهم منه.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ).رواه البخاري([51]) ومسلم([52])
و للبخاري([53])عَنْ عَبْد الله رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي فيَقُولُ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ).
فإذا وصل الناس إلى الصراط.
قسم النور للعبور في الظلمة التي على الصراط.
قَالَ تَعَالَى:{ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{12} يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ{13} يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ }[ الحديد: ١٢ - ١٤]
و عَنْ عَبْدِ الله ِبْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(فَيُعْطِيهِمْ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورًا مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَمِينِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورًا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَكُونَ رَجُلا يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ يُضِئُ مَرَّةً وَيَفِيءُ مَرَّةً، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَّمَ قَدَمَهُ فَمَشَى، وَإِذَا طُفِئَ قَامَ"، قَالَ:"وَالرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ أَمَامَهُمْ حَتَّى يَمُرَّ فِي النَّارِ فَيَبْقَى أَثَرُهُ كَحَدِّ السَّيْفِ دَحْضُ مَزِلَّةٍ"، قَالَ:"وَيَقُولُ: مُرُّوا، فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ نُورِهِمْ، مِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَطَرْفِ الْعَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالسَّحَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الْكَوْكَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الْفَرَسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّجُلِ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي أُعْطِيَ نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمَيْهِ يَحْبُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ تَخِرُّ رِجْلُ، وَتَعْلَقُ رِجْلٌ، وَيُصِيبُ جَوَانُبَهُ النَّارُ، فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَخْلُصَ، فَإِذَا خَلَصَ وَقَفَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا أَنْ نَجَّانِي مِنْهَا بَعْدَ إِذْ رَأَيْتُهَا"،رواه الطبراني([54]) والحاكم([55])وصححه الألباني([56])
فإذا قسم النور أذن لهم في العبور.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ:أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(يُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ الْمُوثَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ الْمُجَازَى ).رواه البخاري([57])
ويمر المؤمنون على الصراط على ثلاثة أصناف
ناج سالم .
وناج مخدوش .
وهاوٍ في النار.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّمَ).رواه مسلم([58])
وَيُنْصَبُ ذَاكَ الجسرُ مِنْ فَوْقِ مَتْنِهَا | فهاوٍ ومخدوشٌ وناجٍ مسلمُ |
الصنف الأول: الناجي السالم الذي لم تلفحه النار ولم تخدشه الكلاليب لشدة سرعة عمله به.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( ِيَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ وَتُرْسَلُ الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيْ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا قَالَ وَفِي حَافَتَيْ الصِّرَاطِ كَلَالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ ). رواه مسلم([59])
الصنف الثاني: الناجي المخدوش الذي تلفحه النار وتخدشه الكلاليب لإبطاء عمله به.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ».رواه مسلم([60])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:(حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا قَالَ وَفِي حَافَتَيْ الصِّرَاطِ كَلَالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ). رواه مسلم([61])
و عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ: « آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ فَهُوَ يَمْشِى مَرَّةً وَيَكْبُو مَرَّةً وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ تَبَارَكَ الَّذِى نَجَّانِى مِنْكِ لَقَدْ أَعْطَانِىَ اللَّهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ. رواه مسلم([62])
الصنف الثالث: الهاوي في النار الذي ليس له عمل يعبر به وهو المكدوس في النار.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( وَفِي حَافَتَيْ الصِّرَاطِ كَلَالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ ). رواه مسلم([63])
فإذا تجاوز المؤمنون الصراط جمعهم الله في مكان بين الجنة والنار يسمى القنطرة لأخذ الإذن بدخول الجنة.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِﷺ قَالَ:(إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا).رواه البخاري([64])
فإذا أذن لهم بدخول الجنة وجدوا بابها مغلقاً فيطلبون من الأنبياء الشفاعة لهم عند الله أن يفتح لهم باب الجنة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الله ِيَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمْ الْجَنَّةُ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الْجَنَّةَ فَيَقُولُ وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ إِلَّا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ قَالَ فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ إِلَى مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ تَكْلِيمًا فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى كَلِمَةِ اللهِ وَرُوحِهِ فَيَقُولُ عِيسَى لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا ﷺ فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ). رواه مسلم([65])
فإذا فتح باب الجنة دخلوا.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ: (حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا).رواه البخاري([66])
فإذا دخلوا الجنة نادى مناد يبشرهم بحياة لايموتون بعدها وبصحة لايمرضون بعدها وبشباب لايشيبون بعده وبنعيم لايبئسون بعده.
قَالَ تَعَالَى:{ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[الدخان: ٥٦]
و قَالَ تَعَالَى:{ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ{58} إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ{59} إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[الصافات: ٥٨ – ٦٠]
وعَنْ أبي سعيدِ الخدري وأبي هريرةَ رضيَ الله ُ عنهما أنَّ رسولَ الله ِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قالَ:« يُنَادِى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلاَ تَسْقَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلاَ تَمُوتُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلاَ تَهْرَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلاَ تَبْتَئِسُوا أَبَدًا».فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)رواه مسلم([67])
فإذا استقرأهل الجنة في الجنة وجدوا النعيم المقيم.
قَالَ تَعَالَى:{يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ }[التوبة21]
فوجدوا نعمة الأمن الكامل.
قَالَ تَعَالَى:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ}[الدخان: ٥١]
فمن اتقى الله أمنه الله .
قَالَ تَعَالَى:{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}[الأنعام: ٨٢]
فلا أمان إلا في الجنان.
قَالَ تَعَالَى:{ ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ}[الحجر: ٤٦]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}[سبأ: ٣٧]
آمنونَ من الموت والمرض والكبر وكل بؤس.
قَالَ تَعَالَى:{ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[ الدخان: ٥٦]
و قَالَ تَعَالَى:{ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ{58} إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ{59} إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[الصافات: ٥٨ – ٦٠ ]
وعَنْ أبي سعيدِ الخدري وأبي هريرةَ رضيَ الله ُ عنهما أنَّ رسولَ الله ِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قالَ:« يُنَادِى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلاَ تَسْقَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلاَ تَمُوتُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلاَ تَهْرَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلاَ تَبْتَئِسُوا أَبَدًا ». فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)رواه مسلم([68])
فمن دخل الجنان حصل له الأمان من جميع المخاوف فلا يكون خائف فلا موت ولا هم ولا مرض ولا غم ولانصب ولا تعب فالكل قد ذهب .
قَالَ تَعَالَى:{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ{34} الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ }[فاطر: ٣٤ - ٣٥]
ووجدوا الأنهار والبساتين.
قَالَ تَعَالَى:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ }[الذاريات: ١٥]
أي في أنهار ٍ وبساتين .
قَالَ تَعَالَى:{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ }[محمد: ١٥ ]
فأنهارُ الماء لا تتغيرُ بطولِ البقاء فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ وأنهارُاللبنِ لا يتغيرُ طعمُها بحموضةٍ و لا غيرِها.
وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وأنهارُ الخمرةِ في غايةِ اللذةِ فلا صُداعَ و لا سُكر بشربِ ذلكَ الخمر.
قَالَ تَعَالَى:{ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ }[الواقعة: ١٩ ]
وقالَ بنُ القيمِ رحمَهُ اللهُ:
مَعْ خَمْرَةٍ لَذَّ تْ لشارِبِها بِلا | ||
غَوْلٍ و لاَ دَاءٍ ولاَ نُقْصَان ِ | ||
و الخَمْرُ في الدُّنيا فهذا وصْفُها | ||
تَغتالُ عقلَ الشاربِ السكران ِ | ||
وبِها مِنَ الأدْواءِ ما هيَ أَهْلُهُ | ||
ويُخَافُ مِنْ عَدَم ٍ لذي الوجدان ِ | ||
فنفى لنا الرحمنُ أَجْمَعَهَا عَن ِ ال | ||
خَمْر ِ التي في جنَّة ِ الحيوان ِ | ||
ومَنْ شَرِبَ الخمرةَ في الدنيا وماتَ مِنْ غيرِ توبةٍ لمْ يشرَبْها في الأخرى وإنْ دخلَ الجنَّةَ فلَهُ كلُّ نعيم إلا الخمرةَ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( مَنْ شَرِبَ لْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ).رواه البخاري([69])ومسلم([70])
ومَنْ شَرِبَ المُسْكِرَ في الدنيا وماتَ مِنْ غيرِ توبةٍ سُقيَ مِنْ طينةِ الخَبَالِ في الأخرى وهيَ عُصارةُ أهلِ النَّارِ وعَرَقُهُم.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ:النَّبِىَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَال« كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ « عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ ».رواه مسلم([71])
وأنهار أهل الحبور تجري من تحت الغرف والبساتين والقصور .
قَالَ تَعَالَى:{ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ }[الرعد: ٣٥ ]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }[التوبة: ١٠٠]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }[الأعراف: ٤٣]
ووجدوا اللباس.
قَالَ تَعَالَى:{ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى }[طه: ١١٨ ]
فبلباس السند س والحرير جاء إلينا البشير.
قَالَ تَعَالَى:{ يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ }[الدخان: ٥٣]
والسندسُ هو مَا رَقَّ مِنَ الحرير والإستبرقُ هو ما غلُظَ مِنَ الحرير.
قَالَ تَعَالَى:{ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } [الكهف: ٣١ ]
و قَالَ تَعَالَى:{ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ }[ الإنسان: ٢١ ]
وقوله عاليهم أي عليهم لباساً ظاهراً وليس داخلاً
قالَ بنُ القيمِ رحمَهُ الله:
ولِبَاسُهُمْ مِنْ سُنْدُّسٍ خُضْرٍ ومِنْ | ||
إسْتَبْرِقٍ نَوعان ِ مَعْرُوفان ِ | ||
لا تَقْرَب ِ الدَّنَسَ المُقَرِبَ للبِلى | ||
ما للبلى فيهنَّ مِنْ سُلْطان ِ | ||
و قَالَ تَعَالَى:{ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [الحج: ٢٣]
ومَنْ لَبِسَ مِنَ الرِّجال ِ الحريرَ في الدنيا وماتَ مِنْ غيرِ توبةٍ لمْ يلْبسْهُ في الأخرى.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ « مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِى الآخِرَةِ ».رواه البخاري([72]) ومسلم([73])
ووجدوا الحلي .
قَالَ تَعَالَى:{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً }[فاطر: ٣٣ ]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً}[الإنسان: ٢١]
يَلْبَسُهَا الرِّجالُ والنِّساء على حدٍّ سواء .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَسَمِعْتُ خَلِيلِى صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ « تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ ».رواه مسلم([74])
وقالَ بنُ القيم:
والحُلْيُ أَصفى لؤلؤ ٍ و زَ بَرْجَدٍ جَد ٍ | ||
وكذاكَ أَسْوِ رَ ة ٌ مِنَ العِقْيان ِ | ||
ما ذاكَ يَخْتصُّ الإناثَ وإنَّما | ||
هو للإناث ِ كذاكَ للذُّ كْرَان ِ | ||
التارِكِينَ لِبَاسَه ُ في هذِهِ الدُّ | ||
نيا لأجل ِ لِبَاسِهِ بِجِنان ِ | ||
أَوَمَا سمعتَ بأنَّ حِلْيَتَهُمْ إلى | ||
حَيْثُ انْتِهَاءُ وضوئهم بِوزان ِ | ||
ووجدوا السرر والفرش .
قَالَ تَعَالَى:{ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ{15} مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ }[الواقعة: ١٥ - ١٦ ]
و قَالَ تَعَالَى:{ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ }[الرحمن: ٥٤]
وعلى السُرُر ِ المُوضُونَةِ الفُرُشُ مَرْفُوعَة ٌ:
قَالَ تَعَالَى:{ وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ }[الواقعة: ٣٤]
وقالَ بنُ القيم ِ رحمهُ الله:
والفُرْشُ مِنْ إِسْتَبْرَق ٍ قدْ بُطِّنَتْ | ||
مَا ظَنُّكُمْ بِظَهَارَة ٍ لِبِطَان ِ | ||
مَرْفُوعَة فوقَ الأسرة ِ يتكي | ||
هو والحبيبُ بِخَلْوة ٍ وَ أَمَا ن ِ | ||
يَتحَدَّ ثَان ِ على الأرائك ِ مَا تَرَى | ||
حِبَّين ِ في الخَلَوات ِ ينتجيان ِ | ||
غَابَ الرَّقِيب ُوغَابَ كُلُّ مُنَغِصٍ | ||
ٍفَهُمَابثوب ِالوَصْل ِ مُشْتَمِلان ِ | ||
ووجدوا الوسائد والبسط.
قَالَ تَعَالَى:{ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ }[الغاشية: ١٥]
:النمارقُ المصفوفة ُ هيَ السائدُ بعضُها بجانب ِ بعض.
قَالَ تَعَالَى:{ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ }[الغاشية: ١٦]
والزرابي هيَ البسط.
قالَ بنُ القيم ِ رحمهُ الله:
هذا وَكَمْ زَرْبِيَّة ٍ و نَمَارِقٍ | ||
ووسائد ٍ صُفَّتْ بلا حُسْبَان ِ | ||
ووجدوا الخيام.
قَالَ تَعَالَى:{ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ }[ الرحمن: ٧٢]
و الخيمة في الجَنَّةِ مِنْ لؤلؤة ٍ مُجَوَّفَةٍ طولُها ستونَ ميلا ً والميلُ ستة ُ آلافِ ذِراع للمؤمن ِ فيها أهلونَ أي زوجات يَطوفُ عليهم المؤمنُ فلا يرى بعضُهمْ بعضا.
عَنْ أَبِى موسى الأشعري عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ: « إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِى الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُهَا سِتُّونَ مِيلاً لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ فَلاَ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ».رواه مسلم([75])
وفي لفظ لمسلم([76])«طُولُهَا فِى السَّمَاءِ سِتُّونَ مِيلاً فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ لِلْمُؤْمِنِ لاَ يَرَاهُمُ الآخَرُونَ ».
وفي لفظ لمسلم([77])«عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ ». وقالَ بنُ القيم ِ رحمهُ الله:
للعبد ِ فيها خيمةٌ مِنْ لؤلؤ ٍ | ||
قدْ جُوفتْ هيَ صنعة ُ الرحمن ِ | ||
ستونَ مِيلاً طولُها في الجو في | ||
كلِّ الزوايا أجملُ النِّسْوَان ِ | ||
يَغشى الجميعَ فلا يُشاهدُ بعضُهم | ||
بعضَاً وهذا لاتساع ِ مَكَان ِ | ||
ووجدوا سوقاً.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِى وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً. فَيَقُولُونَ وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً ». رواه مسلم([78])
وقالَ بنُ القيم ِ رحمه ُ الله:
يَأْتُونَ سُوقاً لا يُبَاعُ و يُشْتَرَى | ||
فيه ِ فخُذ ْ مِنْه ُ بلا أثْمَان ِ | ||
قدْ أَسْلفَ التُّجَارُ أثمان ِ المبي | ||
ع ِ بعقدِهِمْ في بيعة ِ الرِّضْوَان ِ | ||
لله ِ سُوقٌ قدْ أقامتْه ُ الملا | ||
ئكة ُ الكرام ُ بكل ِّ ما إحسان ِ | ||
فيه الذي والله ِ لا عين ٌ رأتْ | ||
كلا و لمْ تسمع ْ به ِ أذنان ِ | ||
كلا ولمْ يَخطرْ على قلب ِ امرء ٍ | ||
فيكون ُ عنه ُ مُعَبِراً بِلسان ِ | ||
ووجدوا الغرف .
قَالَ تَعَالَى:{ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ }[ سبأ: ٣٧ ]
و قَالَ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }[العنكبوت58 ]
و قَالَ تَعَالَى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ }[الزمر20]
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ)رواه البخاري([79]) ومسلم([80])
بناؤها طوبة ٌ مِنْ ذهبٍ وطوبة ٌ مِنْ فضةٍ وطينُها المسكُ وحصاؤها اللؤلؤ والياقوتُ وترابُها الزعفرانُ مَنْ يدخلُها ينعمُ ولا يبئسُ ويخلُدُ ولا يموتُ لا تبلى ثيابُه ولا يفنى شبابُه. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ الْجَنَّةِ مَا بِنَاؤُهَا قَالَ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ مِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ حَصْبَاؤُهَا الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ وَتُرْبَتُهَا الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مَنْ يَدْخُلُهَا يَخْلُدُ لَا يَمُوتُ وَيَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ لَا يَبْلَى شَبَابُهُمْ وَلَا تُخَرَّقُ ثِيَابُهُمْ) رواه أحمد([81]) وقالَ الحافظ ُ الحكمي رحمه الله:
بناؤها مِنْ فضَّةٍ ومِنْ ذهبْ | ||
ليس بِها مِنْ وصَبٍ ولا صَخَبْ | ||
ترابُها مِنْ زعفران ٍ وبِها | ||
مالا يُعَدُّ قدْرُهُ مِنَ البَهَاء | ||
وقالَ الشاعر:
أرضٌ لها ذهبٌ والطينُ مسكتُها م | ||
والزعفرانُ حشيشٌ نابتٌ فيها | ||
أنهارُها لبنٌ محضٌ ومِنْ عسل ٍ | ||
والخمرُ يجري ريحيقاً في مجاريها | ||
مَنْ يشتري قبةً في العد ن ِ غالية ً | ||
في ظل ِ طوبى رفيعاتٍ مبانيها | ||
دلالُها المصطفى والله ُ بائعُها | ||
وجبرائيلُ ينادي في نواحيها | ||
مَنْ يشتري الدارَ في الفردوس ِ يعمرُها | ||
بركعةٍ في ظلام ِ الليل ِ يخفيها | ||
أوسدِّ جوعةِ مسكين ٍ بشبعتِه ِ | ||
في يوم ِ مسغبةٍ عمَّ الغلا فيها | ||
النَّفسُ تطمعُ في الدنيا وقدْ علمتْ | ||
أنَّ السلامة َ منها تركُ ما فيها | ||
لا دارَ للمرءِ بعدَ الموتِ يسكنُها | ||
إلا التي كانَ قبل ِ الموتِ يبنيها | ||
فإنْ بناها بخير ٍ طابَ مسكنُه ُ | ||
وإنْ بناها بشرٍّ خابَ بانيها | ||
أموالُنا لذوي الميراث ِ نجمعُها | ||
ودورُنا لخرَاب ِ المَوْت ِ نبنيها | ||
ووجدوا تغييراً لأعمارهم وطولهم وعرضهم وألوانهم وشعورهم التي كانت في الدنيا.
فأعمارُهم ثلاثٌ وثلاثون سنة وطولُهم ستونَ ذراعا وعرضُهم سبعة ُأذرع ٍ وألوانُهم بيضٌ وشُعُورُهُمْ مُجَعَدَة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:( يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا مُرْدًا بِيضًا جِعَادًا مُكَحَّلِينَ أَبْنَاءَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى خَلْقِ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي عَرْضِ سَبْعِ أَذْرُعٍ)رواه أحمد([82])
وقالَ بنُ القيم ِ رحمه ُ الله:
هذا وسِنُّهُمُ ثلاثٌ مَعْ ثلاثينَ التي هيَ قوةُ الشُّبَان ِ
والطولُ طولُ أبِيهُمُ ستونَ ل | ||
كنْ عرْضُهُمْ سبْعٌ بلا نقصان ِ | ||
ألوا نُهُمْ بيضٌ وليسَ لهم لِحى | ||
جُعْدُ الشعور ِ مكحلُوا الأجفان ِ | ||
هذا كمالُ الحُسْن ِ في أبشارِهِمْ | ||
وشعورِهِمْ وكذلكَ العينان ِ | ||
ووجدوا الزوجات.
قَالَ تَعَالَى:{ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } [الدخان: ٥٤ ]
والحوراء هيَ المرأةُ البيضاء والعيناء هيَ المرأةُ واسعةُ العين ِ شديدةُ بياضِها شديدة ُ سوادِها فيهنَّ مِنَ الحُسْن ِ والجمال مالا يعلُمه إلا الله .
قَالَ تَعَالَى:{ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ }[الرحمن: ٧٠ ]
وردَ في الأثر ِ خيراتُ الأخلاق ِ حِسَانُ الوجوه
وقالَ بنُ القيم ِ رحمه ُ الله:
فيهنَّ حورٌ قاصراتُ الطرف ِ خيْ | ||
رَاتٌ حِسَانٌ هُنَّ خَيْرُ حِسَان ِ | ||
خَيْرَاتُ أَخْلاق ٍ حِسَانٌ أوجُها | ||
فالحُسْنُ والإحْسَانُ متفقان ِ | ||
والمرأة ُ في الجنَّه كأنَّها في الصفاء والرِّقَه الغشاوة ُ التي تأتي على ظهر ِ البيض ِ مما يلي القشرَ إذا سُلِقَ وكُسِرَ سواءٌ مِنَ الحور ِ قي الأخرى أومِنْ المؤمنات ِ في الدنيا.
قَالَ تَعَالَى:{ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ{48} كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ }[الصافات: ٤٨ - ٤٩ ]
وكأنَّها في الحُسْن ِ والبهاء و الجمال ِ والصفاء الياقوتُ والمرجان سواءٌ مِنَ الحور ِ قي الأخرى أومِنَ المؤمنات ِ في الدنيا.
قَالَ تَعَالَى:{ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ }[الرحمن: ٥٨]
وقالَ بنُ القيم ِ رحمه ُ الله :
الرِّيْحُ مِسْكٌ و الجُسُومُ نَوَاعِمٌ | ||
واللونُ كالياقوت ِ والمَرْجَان ِ | ||
وعَنْ أبي سعيد ٍ الخدري رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ قالَ رسولُ الله ِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ في تفسيرِ قولِهِ ( كأنَّهُنَّ اليَاقُوتُ والمَرْجَان) ينظرُ إلى وجهِهِ في خدِهِا أصفى مِنَ المرآة ِ وإنَّ أدْنَى لؤلؤةٍ عليها لتضيءُ ما بينَ المشرق ِ والمغرب ِ وإنَّهُ ليكونَ عليها سبعونَ حُلَّة ً ينفذُها بصرُهُ حتى يَرَى مُخَّ ساقِهِا مِنْ وراءِ ذلك) الحاكم([83]) وقال صحيح ولم يخرجاه
وقالَ بنُ القيم:
وكلاهُما مِرْآةُ صَاحِبِهِ إذا | ||
ما شَاءَ يبْصِرُ وجْهَهُ يَرَيَان ِ | ||
فيرَى مَحَاسِنَ وجهِهِ في وجهِهِا | ||
وتَرَى مَحَاسِنَهَا بِه ِ بِعِيَان ِ | ||
سبعونَ مِنْ حُلَلٍ عليها لا تَعُوقُ | ||
الطَرْفَ عَنْ مُخ ٍّ و رَا السِيقان ِ | ||
لكنْ يَرَاه ُ مِنْ و رَ ا ذا كلِّه ِ | ||
مِثْلَ الشَّرَاب ِ لَدى زُجَاج ِ أوان ِ | ||
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:« إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّتِى تَلِيهَا عَلَى أَضْوَإِ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ وَمَا فِى الْجَنَّةِ أَعْزَبُ ».رواه البخاري([84]) ومسلم([85])
والمرأة ُ في الأخرى لو خرجتْ إلى الدنيا: لأضأتْ ما بينَ السماءِ والأرض ولملأتْ ما بينَهما ريحاً طيبا ولنصيفُها على رأسِها خيرٌ مِنَ الدنيا وما فيها سواءٌ مِنَ الحُور ِ في الأخرى أو مِنَ المؤمناتِ في الدنيا.
عَنْ أنس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:« لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا يَعْنِي الْخِمَارَ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».رواه البخاري([86])
وقالَ بنُ القيم :
ونَصِيف ُ إحْدَاهُنَّ و هو خمارُها | ||
ليستْ لَهُ الدنيا مِنَ الأثمان ِ | ||
والمرأة ُ في الجنَّةِ: سواءٌ مِنَ الحورِ قي الأخرى أومِنَ المؤمناتِ في الدنيا قدْ طَهُرَتْ مِنَ الحيض ِ والنُّفاس ِوالبول ِ والغائط ِ والبصاق ِ وكلِّ أذىً وقذىً.
قَالَ تَعَالَى:{ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة: ٢٥]
قالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ وبنُ مسعود ٍ رضيَ الله ُ عنهما ( قدْ طهرنَّ منَ الحيضِ والبصاقِ وغيرِ ذالكَ )
وقالَ بنُ القيمِ رحمهُ الله.
لا الحيضُ يغشاها ولا بولٌ | ||
ولاشيءٌ مِنَ الآفاتِ في النِّسْوان ِ | ||
وكلامُ الحوراء سحرٌ بلا مِراء .
وحديثُها السحرُ الحلالُ لو انَّه ُ | ||
لمْ يجن ِ قتلَ المسلم ِ المتحرزي | ||
إنْ طالَ لمْ يُمْلَلْ وإنْ هيَ حدثتْ | ||
ودَّ المُحَدَثُ أنَّها لمْ تُوجِزِ | ||
وقالَ بنُ القيمِ رحمهُ الله:
وكلامُها يسبي العقولَ بنغمة ٍ | ||
زادتْ على الأوتارِ والعيدان ِ | ||
وتتغنى الحوراء للزوجِ بغناء: تطربُ لهُ القلوبُ وتلتذُّ بِهِ الأرواح جعلَهُ اللهُ للمؤمنينَ في الأخرى الذينَ تركوا الغناءَ في الدنيا لأنَّ مَنْ سمعَ الغناءَ في الدنيا وماتَ مِنْ غيرِ توبةٍ لمْ يسمعْهُ في الجنَّةِ وإنْ دخلَها فلَهُ كُلُّ نعيم ٍ إلا الغناء لأنَّهُ تعجلَهُ ومَنْ تعجلَ شيئاَ قبلَ أوانِهِ عُوقِبَ بحرمانِهِ .
معاجلُ المحذور ِ قبلَ آنِهِ | ||
قدْ باءَ بالخسران ِ مَعْ حرمانِهِ | ||
قالَ بنُ القيمِ رَحِمَهُ الله:
قَالَ ابْنُ عَبَّاس ٍ ويُرْسِلُ ربُّنا | ||
رِيْحَاً تَهُزُّ ذَوَائبَ الأغْصَان ِ | ||
فَتثُيرُ أصْوَاتاً تلذُّ لمَسْمَع ِ | ||
الإنْسَان ِ كالنَّغَمَاتِ بالأوزَان ِ | ||
يا لذَّةَ الأسماع ِ لا تتعوض ِ | ||
بلذَاذَة ِ الأوتارِ والعِيدَان ِ | ||
نزّهْ سماعَكَ إنْ أردتَ سماعَ | ||
ذياكَ الغناء عنْ هذِهِ الألحان ِ | ||
لاتُؤْثِرِ الداني على العالي | ||
فتُحْرَمْ ذا وذا يا ذلة َ الحرمان ِ | ||
فهذه نساءُ الأخرى فيا أيها الراغبُون في نساء الدنيا ومعاكستِهنَّ ومغازلتِهنَّ قفوا على بابِ وإنْ كنَّا لخاطئين لتسمعوا قولَ اللهِ لا تثريبَ عليكم اليومَ يغفرِ اللهُ لكمْ وهو أرحمُ الرحمينَ
قالَ بنُ القيم ِ رحمهُ الله:
يا مطلقَ الطَّرْفِ المعذَّبِ في الأولى | ||
جُرِّدْنَ عَنْ حُسْن ٍ وعَنْ إحْسَان ِ | ||
لا تسبينَّكَ صورةٌ مِنْ تحتِهِا الدَ | ||
اءُ الدفينُ تبوءُ بالحرمان ِ | ||
قَبُحَتْ خلائقُها وقُبِّحَ فعلُها | ||
شيطانة ً في صورة ِ الإنسان ِ | ||
تنقادُ للأرذال ِ والأنذال ِ | ||
همْ أكفاؤها منْ دون ِ ذي الإحسان ِ | ||
وجمالُها زورٌ ومصنوع ٌ فإنْ | ||
هيَ تركتْهُ لمْ تطمحْ لَها العينان ِ | ||
طُبِعَتْ على تركِ الحفاظ ِ فمالَها | ||
بوفاءِ حَق ِّ البعل ِ قطُ يدان ِ | ||
فمنْ رَغِبَ في هِنَّ فَلْيُقَدِّمْ اليوم مُهُورهُنَّ
قالَ بنُ القيمِ في الميمية:
ياخاطبَ الحسناءِ إنْ كنتَ راغبا | ||
فهذا زمانُ المهر ِ فهو المقدمُ | ||
وكنْ مبغضاً للخائنات ِ لحبِّها | ||
لتحظى بِها منْ دونَهُنَّ وتنعمُ | ||
وقالَ رحمهُ الله ُ في النونية:
يا خاطبَ الحور ِ الحسان ِ وطالباً | ||
لو صالهنَّ بجنَّةِ الحَيَوَان ِ | ||
لو كنتَ تدري مَنْ خطبتَ ومَنْ طلبتَ | ||
بذلتَ ما تحوي مِنَ الأثمان ِ | ||
أو كنتَ تدري أينَ مسكنُها | ||
جعلتَ السعيَّ منكَ لَها على الأجفان ِ | ||
ومهرُ النِّساءِ في الجنَّات هو الأعمالُ الصالحات .
فاسْمُ بعينيك إلى نسوةٍ | ||
مهورُهنَّ العملُ الصالحُ | ||
وحدِّثِ النَّفْسَ بعشق ِ الأولى | ||
في عشقهنَّ المَتْجَرُ الرابِح ُ | ||
واعملْ على الوصل ِ فقدْ | ||
أمْكَنَتْ أسبابُهُ ووقتُها رائحُ | ||
ووجدوا الطعام والشراب.
قَالَ تَعَالَى:{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } [ص: ٥١]
و قَالَ تَعَالَى:{ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ }[الدخان: ٥٥ ]
آمنينَ منَ انقطاعِها في أي زمن أو طلبِ أي ثمن.
قَالَ تَعَالَى:{ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ{32} لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ }[الواقعة: ٣٢ – ٣٣]
و قَالَ تَعَالَى:{ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ }[الرعد: ٣٥ ]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ}[محمد: ١٥]
و قَالَ تَعَالَى:{كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً }[البقرة: ٢٥]
قالَ بنُ عباس: متشابِهَاً في اللَّوْن ِ مختلفاً في الطعم .
قَالَ تَعَالَى:{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}[الرحمن: ٦٨ ]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ{20} وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ }[ الواقعة: ٢٠ – ٢١]
وقالَ بنُ القيم:
وطعامُهُمْ ما تشتهيهِ نفوسُهُمْ | ||
ولحومُ طير ٍ ناعم ٍ وسمان ِ | ||
وفواكهٌ شتى بحَسْب ِ مُنَاهُمُ | ||
ياشَبْعَة ٌ كَمُلتْ لذي الإيمان ِ | ||
لحْمٌ وخَمْرٌ والنِّسا وفواكهٌ | ||
والطيبُ مَعْ روح ٍ ومَعْ ريحان ِ | ||
وفاكهةُ الجنَّة ِ وثمارُها يتناولُها القائمُ والقاعدُ والمضطجعُ .
قَالَ تَعَالَى:{ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ }[الحاقة: ٢٣ ]
والقطوف هي الثمار.
قَالَ تَعَالَى:{ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}[الرحمن: ٥٤ ] و الجنى الثمر .
وقَالَ تَعَالَى:{ وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً }[ الإنسان: ١٤ ]
والطيرُ الواحدُ في الأخرى كالجمل ِ في الدنيا.
عنْ حذيفة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ( إنَّ في الجنَّة ِ طيراً أمثالَ البخاتي فقال أبو بكر ٍ إنَّها لناعمة ٌ يا رسولَ الله ِ فقالَ أنعمُ منها مَنْ يأكلُها وأنتَ ممنْ يأكلُها يا أبا بكر) رواه الحاكم
والبختُ هيَ الأبْل ُ ذاتُ السنامين.
ومالعَيْشُ إلا ذاكَ لاعَيْشُ عِزَّةٍ | ||
وسُعدى ولا ليلى ولا أمُ سالم ِ | ||
وذلكَ فضلُ الله ِ يؤتيه ِ مَنْ يشأْ | ||
ويُرْجى لعبد ٍ قارع ِ البابَ لازم ِ | ||
يأكلُ أهلُ الجنَّةِ فيها وَيَشْرَبُون:
لايبولونَ ولايمْتخطونَ ولايتغوطونَ ولكنْ طعامُهُمْ ذلكَ جُشَاءٌ كرشحِ المسْكِ يُلْهمُونَ التَسبيحَ كما يُلهَمُونَ النَّفَسَ.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:« يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلَكِنْ طَعَامُهُمْ ذَاكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ ». قَالَ وَفِى حَدِيثِ حَجَّاجٍ « طَعَامُهُمْ ذَلِكَ ». رواه مسلم([87])
وقالَ بنُ القيم:
هذا وتَصْرِيفُ المَآكِل ِ مِنْهُمُ ِ لازم ِ | ||
عَرَقٌ يَسِيلُ لَهُمْ مِنَ الأبْدَان | ||
كَرَوَائح ِ المِسْك ِ الذي ما فيهِ خَلْ | ||
ط ٌ غَيْرُهُ مِنْ سَائر ِ الألوان ِ | ||
فتعودُ هاتيكَ البُطُونُ ضوامِراً | ||
تبغي الطعَامَ على مدى الأزمان ِ | ||
لاغائط ٌ فيها ولابول ٌ ولا | ||
مَخْط ولابَصْق ٌ مِنَ الإنسان ِ | ||
ولَهُمْ جُشَاءٌ رِيحُه ُ مِسْك ٌ يُكو | ||
نُ بِهِ تَمَامُ الهَضْم ِ باِلإحْسَان ِ | ||
آنِيَتُهُمْ:التي فيها يأكلُونَ وبها يشربُونَ آنيةُ الذهبِ والفضةِ في صفاءِ القوارير.
قَالَ تَعَالَى:{ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }[الزخرف: ٧١ ]
قَالَ تَعَالَى:{ وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا{15} قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً }[الإنسان: ١٥ - ١٦]
ومَنْ شَرِبَ في الذَّهبِ والفضةِ وأكلَ في صحافِهما في الدنيا وماتَ مِنْ غيرِ توبةٍ لمْ يشربْ فيهما في الأخرى.
عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:« لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَة رواه ». البخاري([88])
ووجدوا الخدم.
قَالَ تَعَالَى:{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ{17} بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ{18} لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ{19} وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ{20} وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ}[ الواقعة: ١٧ - ٢١ ]
و قَالَ تَعَالَى:{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً}[الإنسان: ١٩ ]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ}[الطور: ٢٤ ]
لاشغل لأهلِ الجَنَّات سوى الطعام والشراب وجماع الزوجات
قَالَ تَعَالَى:{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ{51} وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ{52} هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ{53} إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ}[ص: ٥١ – ٥٤]
وقال بن القيم رحمه الله:
لحمٌ وخمرٌ والنِّسا وفواكهٌ | ||
والطيبُ مَعْ روح ٍ ومَعْ ريحان ِ | ||
و عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ:« يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلَكِنْ طَعَامُهُمْ ذَاكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ ». قَالَ وَفِى حَدِيثِ حَجَّاجٍ « طَعَامُهُمْ ذَلِكَ ».رواه مسلم([89])
و قَالَ تَعَالَى:{ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ{55} هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ{56} لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ}[يس: ٥٥ – ٥٧]
سُئلَ بنُ عباس رَضِيَ الله ُ عَنْهُ عَنْ شُغْل ِ أهل ِ الجَنَّةِ وقدْ رفعَ الله ُ عنهُمُ التكاليفَ فقالَ الطعامُ والشرابُ وفكُ الأبكارِ على شواطىءِ الأنهارِ ([90])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ ِالنَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ َنَّهُ سُئِلَ( هَلْ يَمَسُّ أَهْلُ الْجَنَّةِ أَزْوَاجَهُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بِذَكَرٍ لاَ يَمَلُّ ، وَفَرْجٍ لاَ يُحْفَى ، وَشَهْوَةٍ لاَ تَنْقَطِعُ)رواه أبو نعيم
وقالَ بنُ القيم ِ رحمَهُ الله:
ولقدْ روينا أنَّ شُغْلَهُمُ الذي | ||
قدْ جاءَ في يا سينَ دونَ بيان ِ | ||
شُغْلُ العروس ِ بعُرْسِهِ مِنْ بعدِ ما | ||
لَعِبَتْ بِهِ الأشواقُ طولَ زمان ِ | ||
والشوقُ يُزْعِجُهُ إليهِ ومالَهُ | ||
بوصالِهِ سَبَبٌ مِنَ الإمْكَان ِ | ||
غَابَ الرقيبُ وغَابَ كلُّ مُنَغِص ٍ | ||
فهُمَا بثوب ِ الوَصْل ِ مُشْتمِلان ِ | ||
تنصب لأهل المقام على رياض الجنة الخيام وأنهارها جاريات وفيها الحوريات فيدخلون عليهن فيجامعونهن .
عَنْ أَبِى موسى الأشعري عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ: « إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِى الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُهَا سِتُّونَ مِيلاً لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ فَلاَ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ».رواه مسلم([91])
وقالَ بنُ القيم ِ رحمهُ الله:
وخيامُها منصوبة ٌ برياضِها | ||
و شواطىءُ الأنْهَار ِ بالجَرَيَان ِ | ||
ستونَ مِيلاً طولُها في الجو في | ||
كلِّ الزوايا أجملُ النِّسْوَان ِ | ||
يَغشى الجميعَ فلا يُشاهدُ بعضُهم | ||
بعضَاً وهذا لاتساع ِ مَكَان ِ | ||
لله ِ هاتيكَ الخيامُ فكمْ بِها | ||
للقلْب ِ مِنْ عُلَق ٍ ومِنْ أشْجَان ِ | ||
ووجدوا غاية الحسن والجمال الذي لايقف عند حد:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ: « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِى وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً. فَيَقُولُونَ وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً ». رواه مسلم([92])
ووجدوا تمام النعيم برؤية ربهم الكريم .
قَالَ تَعَالَى:{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ{22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة: ٢٢ - ٢3 ]
وقالَ بنُ القيم ِ رحمَهُ الله:
ويرونَهُ سبحانَهُ مِنْ فوقِهِمْ | ||
نظرَ العَيَان ِ كما يُرَى القمران ِ | ||
وقالَ القحطاني رحمَهُ الله:
والله ُ يومئذٍ نراهُ كما نَرَى | ||
قمراً بدا للستِّ بعدَ ثمان ِ | ||
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا قَالُوا:(يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ« هَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ».قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِى الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ) رواه البخاري([93]) و مسلم([94])
وقالَ الحافظ ُ الحكمي:
وأنَّه ُ يُرَى بلا إنْكَار ِ | ||
في جَنَّة ِ الفردوس ِ بالأبصار ِ | ||
كلٌّ يراه ُ رؤية َ العَيَان ِ | ||
كمَا أتَى في مُحْكَم ِ القُرْآن ِ | ||
وفي حديث ِ سيِّد ِ الأنام ِ | ||
مِنْ غير ِ ماشك ٍ ولاَإِهام ِ و لاولا إيهام ِ | ||
رُؤْيةَ حَقٍ لَيْسَ يمترونها رؤية َ حق ٍ ليسَ يَمترونَها | ||
كالشمس ِ صحواً لا سحابَ دونَها | ||
فمَنْ أرادَ الإقامه فليعملْ لدار ِ المُقامه.
عنْ أسامةَ بن ِ زيد ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أنَّ رسولَ الله ِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قالَ ( ألا مُشَمِّرٌ إلى الجنَّةِ فإنَّ الجنَّة َ لا حظرَ لها هيَ وربِّ الكعبةِ نورٌ يتلألأ ورَيْحَانَة ٌ تَهتزُّ وقَصْرٌ مشِيدٌ وثمرة ٌ نضيجة ٌ وزوجة ٌ حسناءُ جميلة ٌ وحُلَلٌ كثيرة ٌ في دار ٍ سليمةٍ وفاكهةٍ وخَضْرَةٍ وحَبْرَةٍ ونَعْمَةٍ ومَحَلَةٍ عَالِيةٍ بَهِّيةٍ قالوا نعمْ يا رسولَ اللهِ نحنُ المُشَمِّرُون فقالَ قولُوا إنْ شاءَ الله فقالَ القومُ إنْ شاءَ الله) رواهُ البزارُ وبنُ ماجة
و هذا وصْفٌ لبعض ِ النعيم إذْ مِنَ النعيم ِ في الجَنَّه مالمْ يردْ في الكتابِ والسُنَّه.
قَالَ تَعَالَى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: ١٧]
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ }رواه البخاري([95]) ومسلم([96])
و عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ: « مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لاَ يَبْأَسُ لاَ تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ ».رواه مسلم([97])
وقالَ بنُ القيم ِ رحمَهُ الله:
فيها الذي والله ِ لاعينٌ رأتْ | ||
كلا ولمْ تسمعْ بهِ أذنان ِ | ||
كلا ولمْ يخطرْ على قلب ِ امرءٍ | ||
فيكونُ عنهُ مُعبراً بلسان ِ | ||
وقالَ الحافظ ُ الحكمي رحمه الله.
دارٌ بها ما ليسَ عينٌ قدْ رأت ْ | ||
كلا ولا أذنٌ بهِ قدْ سمعتْ | ||
بناؤها مِنْ فضَّةٍ ومِنْ ذهبْ | ||
ليس بِها مِنْ وصَبٍ ولا صَخَبْ | ||
ترابُها مِنْ زعفران ٍ وبِها | ||
مالا يُعَدُّ قدْرُهُ مِنَ البَهَاء | ||
وأما أهل النار فبئس القرار.
قَالَ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً{65} إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}[الفرقان: ٦٥ – ٦٦]
سجنهم في النار . قَالَ تَعَالَى:{ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً}[الإسراء: ٨]
و قَالَ تَعَالَى:{ كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ{4} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ{5} نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ{6} الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ{7} إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ}[الهمزة: ٤ – ٨]
ولباسهم من نار.
قَالَ تَعَالَى:{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ}[الحج:١٩ ]
وفراشهم من نار ولحافهم من نار.
قَالَ تَعَالَى:{ لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأعراف: ٤١]
وطعامهم من نار.
قَالَ تَعَالَى:{ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ{43} طَعَامُ الْأَثِيمِ{44} كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ{45} كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}[الدخان: ٤٣ – ٤٦]
و قَالَ تَعَالَى:{ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ{62} إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ{63} إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ{64} طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ{65} فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}[الصافات: ٦٢ – ٦٦]
وشرابهم ماء حار شديد الحرارة.
قَالَ تَعَالَى:{ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ{66} ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِّنْ حَمِيمٍ}[الصافات: ٦٦ - ٦٧ ]
إذا رفعه أهل النار ليشربوه تسقط جلدة وجوههم .
قَالَ تَعَالَى:{ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف: ٢٩]
فإذا شربوه لشدة عطشهم قطع أمعاءهم.
قَالَ تَعَالَى:{ وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ} [محمد: ١٥]
لا يموت أهل النار و لا يحيون.
قَالَ تَعَالَى:{ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى}[الأعلى:١٣]
ألا ما لنفس لا تموت فينقضي | ||
عناها ولا تحيا حياة لها طعم | ||
دار غضب الله على أهلها فلا يرضى عنهم أبداً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(1) فيصعق أي يموت
(2) صحيح مسلم باب في خروج الدجال
(1)مسند أحمد حديث البراء بن عازب
(2)سنن أبي داود باب في المسألة في القبر
(3)صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم4753 (ج 10 / ص 253)
(1)مسند أحمد حديث البراء بن عازب
(2)سنن أبي داود باب في المسألة في القبر
(3)صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم4753 (ج 10 / ص 253)
(4) صحيح البخاري بَاب مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ
(1)مسند أحمد حديث البراء بن عازب
(2) سنن أبي داود باب في المسألة في القبر
(3)صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم4753 (ج 10 / ص 253)
(1) صحيح مسلم باب في خروج الدجال
(2) صحيح مسلم باب في خروج الدجال
(3) صحيح مسلم باب تفضيل نبينا على جميع الخلائق
(1) صحيح مسلم باب في خروج الدجال
(2)- صحيح مسلم بَاب أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فِيهَا
(4)-صحيح الترغيب والترهيب رقم 3582 (ج 3 / ص 225)
(5)-مسند أحمد رقم 19160 (ج 40 / ص 481)
(6)-صحيح الترغيب والترهيب رقم 3582 (ج 3 / ص 225)
(1)-صحيح البخاري بَاب كَيْفَ الْحَشْرُ
(2)-صحيح مسلم بَاب فَنَاءِ الدُّنْيَا وَبَيَانِ الْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
(3)-مسند أحمد رقم 19160 (ج 40 / ص 481)
([29])-صحيح الترغيب والترهيب رقم 3582 (ج 3 / ص 225)
(5)-صحيح البخاري بَابُ كَيْفَ الْحَشْرُ
(1)-صحيح البخاري بَاب كَيْفَ الْحَشْرُ
(2)-صحيح مسلم بَاب فَنَاءِ الدُّنْيَا وَبَيَانِ الْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
(3)-صحيح البخاري بَاب كَيْفَ الْحَشْرُ
(4)-صحيح مسلم بَاب فَنَاءِ الدُّنْيَا وَبَيَانِ الْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَة .
(1)-صحيح مسلم بَابُ إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ .
(2)-صحيح مسلم بَابُ إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ .
(1)-صحيح مسلم بَاب فِي صِفَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
(2) صحيح البخاري بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى{ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ }
(3)-صحيح مسلم بَاب فِي صِفَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
(4)-صحيح مسلم بَابُ إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ .
(5)-صحيح مسلم بَابُ إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ .
(1) صحيح البخاري باب فضل من جلس في المسجد ينتظرالصلاة
(2) صحيح مسلم باب فضل إخفاء الصدقة
(3) مسند أحمد ط الرسالة رقم17333 (28 / 568)
([45])-صحيح البخاري بَاب كَلَامِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
([46]) -صحيح مسلم بَاب فِي قَوْلِ النَّبِيِّ أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ
(1)-صحيح البخاري بَاب ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ
(1)-صحيح البخاري بَاب ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ
(1)-صحيح مسلم بَاب اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ
(2)- صحيح مسلم بَاب اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ
(3) صحيح البخاري بَاب مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ
(4)- صحيح مسلم بَاب اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ
(1)- صحيح البخاري بَاب مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ أَحَقُّ
(1)- المعجم الكبير للطبراني - (ج 8 / ص 306)
(2)- المستدرك على الصحيحين للحاكم رقم 8903 (ج 20 / ص 164)
(3) -صحيح الترغيب والترهيب رقم3704 (ج 3 / ص 257)
(4)- صحيح البخاري بَاب الصِّرَاطُ جَسْرُ جَهَنَّمَ
(5)صحيح مسلم باب معرفة طريق الرؤية
(1)-صحيح مسلم بَاب أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فِيهَا
(2)صحيح مسلم باب فضل الإجتماع على تلاوة القرآن والذكر
(3)-صحيح مسلم بَاب أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فِيهَا
(4)صحيح مسلم باب آخرأهل النار خروجاً
(1)-صحيح مسلم بَاب أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فِيهَا
(2)-صحيح البخاري بَاب قِصَاصِ الْمَظَالِمِ
(3)-صحيح مسلم بَاب أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فِيهَا
(1)-صحيح البخاري بَاب قِصَاصِ الْمَظَالِمِ
(2)صحيح مسلم باب في دوام أهل الجنة
(1)صحيح مسلم باب في دوام أهل الجنة
(1) صحيح البخاري بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
(2) صحيح مسلم باب عُقُوبَةِ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ إِذَا لَمْ يَتُبْ مِنْهَا
(3)صحيح مسلم باب بَيَانِ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَأَنَّ كُلَّ خَمْرٍ حَرَامٌ.
(1)صحيح البخاري باب لبس الحرير
(2)صحيح مسلم باب تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ إِنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
(1)صحيح مسلم باب تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء
(1) صحيح مسلم باب في صفة خيام أهل الجنة
(2)صحيح مسلم باب في صفة خيام أهل الجنة
(3) صحيح مسلم باب في صفة خيام أهل الجنة
(1) صحيح مسلم باب في سوق الجنة
(1)صحيح البخاري رقم3256(ج 4 / ص 119)
(2)مسلم باب تَرَائِى أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ الْغُرَفِ
(3) مسند أحمد رقم9744 (ج 15 / ص 464)
(1)مسند أحمد رقم7933(ج 13 / ص 315)
(1)مستدرك الحاكم رقم3774 (ج 4 / ص 65)
(1)صحيح البخاري رقم3254 (ج 4 / ص 119)
(2)صحيح مسلم باب أول زمرة يدخلون الجنة
(3)صحيح البخاري باب صفة الجنة النار
(1)صحيح مسلم باب في صفات الجنة
(1)صحيح البخاري بَاب الْأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ
(1)صحيح مسلم باب في صفات الجنة
([90]) المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية - (ج 5 / ص 54)
(1) صحيح مسلم باب في صفة خيام أهل الجنة
(1) صحيح مسلم باب في سوق الجنة
(2) صحيح مسلم البخاري باب قول الله(وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظره
(3)صحيح مسلم باب معرفة طريق الرؤية
(1) صحيح مسلم البخاري باب قَوْلِهِ{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
(2) صحيح مسلم باب الجنة وصفة نعيمها
(3)صحيح مسلم باب في دوام نعيم أهل الجنة