×
زيف دعاوى الشيعة للتقريب : هذا الكتاب بين فيه المؤلف الدخن المصاحب لبعض دعوات التقارب؛ لأن المرددين لها من ذوي الأغراض والأهواء؛ لتحقيق مآربهم، إذ لم يكن ترديدهم لتلك الصيحات نابعًا من ألمهم على أمة الإسلام وحالها الممزق، وإنما رددوها من أجل نشر أفكارهم، وكسب أكبر عدد من المسلمين إلى الاعتقاد بمذهبهم.

 زيف دعاوى الشيعة للتقريب [ مرجعهم وعلامتهم جعفر السبحاني أُنْموذجا ]

رسائل تُراثيةٌ وعلميةٌ (8)

ملحق بوثائق مهمّة

عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي

غفر الله له

مكتبة البخاري للنشر والتوزيع

حُقُوقُ الطّبع محفوظة

الطبعةُ الأُولى:  2009م – 1431هـ

رقم الإيداع بدار الكتب المصريّة

3300/2009م

ISBN

4-008-481-977-978

مكتبة الإمام البخاري  للنشر والتوزيع

القاهرة:3 درب الأتراك – خلف الجامع الأزهر

ت: 25144073 – جوال: 3676797/012  6186114/010

 [مُقَدِّمة]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن مما تقر به عيون دعاة المسلمين ومفكريهم هو أن يوجد في هذه الأمة من يسعى إلى لمِّ شملها وجمع شتاتها لتنهض من جديد لقيادة الإنسانية وفق منهج الله –سبحانه- والعدل الربّاني المتمثل بالإسلام والذي عاشت بظل عدالته كل الديانات باحترام وأمان، ولذا فإن الذي يدعو لذلك يكون محطّ أنظار المسلمين واحترامهم؛ لأنه يسعى لإعادة مجد أمة الإسلام وعزتها، فتنعقد عليه الآمال لتوحيد المسلمين على اختلاف مذاهبهم ونبذ الخلافات فيما بينهم وجمعهم على الأخوة الإسلامية؛ ليقفوا صفّاً واحداً متماسكاً بوجه أعدائهم الذين أذاقوهم ألوان الذل والاضطهاد، ومن أجل ذلك ظهرت الصيحات من هنا وهناك بوجوب التقارب بين المذاهب الإسلامية ونبذ الخلافات كحلٍ عملي لتلافي ضعف الأمة وتمزقها، وهو أمر يسعى إليه كل مسلم غيور على دينه يؤلمه حال أمته ويمزق قلبه.

وكان من أبزر صيحات التقريب والوحدة الإسلامية في هذا العصر هي التي نادت بالتقريب والوحدة بين أهل السنة والشيعة الإمامية الاثني عشرية، فقد أخذت مساحة واسعة من الكتابات والخطب والمحاضرات عبر المساجد والإذاعات، ولا تزال مستمرة منذ عشرات السنين.

وكان من أبرز دعاة التقريب في الفترة الراهنة ورموزها هو مرجع الشيعة وعلامتهم ومحققهم جعفر السبحاني، الذي قلما يخلو كتاب من كتبه العقائدية والفقهية من الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والتقريب بين السنة والشيعة ونبذ الاختلاف والتفرق والتمزق.

ولكن على الرغم من كون دعوات التقارب فيها تجدد الأمل بلمِّ الشمل ونبذ التفرق، إلا أني وجدت في بعضها دخناً؛ لأن المرددين لها دُخَلاء كانوا من ذوي الأغراض والأهواء لتحقيق مآربهم، إذ لم يكن ترديدهم لتلك الصيحات نابعاً من ألمهم على أمة الإسلام وحالها الممزق، وإنما رددوها من أجل نشر أفكارهم وكسب أكبر عدد من المسلمين إلى الاعتقاد بمذاهبهم، مستغلين احترام المسلمين وإقبالهم –بقلوبهم وأبدانهم- على من ينادي بالتقريب، حتى إذا ما أقبل الناس عليهم بدأوا يعرضون أفكارهم ومعتقداتهم بتدرج وخفاء خطوةً خطوةً، لاسيما والغالبية العظمى من المسلمين ليس عندهم تصور وإحاطة بالمذاهب وتقويمها من حيث الاستقامة والاعوجاج، فكانت النتيجة أن تحولت صيحة التقريب عند هؤلاء إلى وسيلة- بعد أن كانت غاية بل وأمنية يحلم بها كل مسلم صادق في دينه- لاستدراج أتباع المذاهب الأخرى إلى مذهبهم.

وخير شاهدٍ على ما أقول هو ما قام به علماء الأمامية من اتخاذهم من دعوة التقريب وسيلة لنشر معتقدهم بين صفوف أهل السنة واصطيادهم بحبائله.

ومع أن الأمثلة على ذلك كثيرة جدّاً([1]) إلا أني سأكتفي في هذه الرسالة الموجزة بأنموذج واحد فقط وهو علامتهم ومحققهم جعفر السبحاني، والذي يُعَدُّ من أبرز الشخصيات العلمية في الساحة الإمامية، ومن أبرز دعاة التقريب ورموزها في الفترة الراهنة، إذ قلما يخلو كتاب من كتبه العقائدية والفقهية من الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والتقريب بين السنة والشيعة ونبذ الاختلاف والتفرق والتمزق، حيث ردّد صيحة التقريب كثيراً في مؤلفاته، ولكنه نقض غزله وفضح نفسه حين سلك مسلكاً يجعله من رؤوس الفتنة والداعين للفرقة حيث وجدته يطعن ضمناً بكبار صحابة نبينا e، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان –رضي الله عنهم-، عسى أن يستفيق أهل السنة ولا ينخدعوا بتلك الصيحات التي يرددها الدُّخلاء المخادعون من ذوي الأغراض المذهبية وكأنهم المعنيون بقوله تعالى: ]هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ[ [آل عمران119].

وختاماً: أسأل الله –تعالى- أن يفتح بهذه الرسالة آذاناً صمَّاً وأعيناً عُمْياً، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي

تحريراً في غرة صفر 1430هـ.

 [المطلب الأول] مقتطفات من دعوته للتقريب ونبذ التفرق والتناحر بين المسلمين

1ـ كتب السبحاني للعلامة الشيخ يوسف القرضاوي- حفظه الله تعالى- رسالة يطالبه فيها بتجنب كل الطروحات التي تثير الفتن بين المسلمين والتي يعمل الغرب على إثارتها، فقال [سماحة الشيخ: إن لكل مقام مقالاً كما يقول الحكماء، فهل يا ترى كان من المناسب في تلك الظروف العصيبة التي تمر بها أمتنا الإسلامية والتي تتكالب فيها قوى الاستكبار العالمي على العالم الإسلامي بأسره، أن يصدر من عالم ومفكّر إسلامي ما يثير النائرة ويشعل نار الحقد والصراع في أوساط المسلمين ممّا قد يؤدي إلى الصراع الداخلي لا سمح الله؟!... نحن نريد أن نجمّع كل قوى الأمة وندعو إلى مصالحة حتى بين الحكام والعلماء، وبين الحكّام والجماعات الإسلامية، لا داعي الآن أن نفرّق بين الأمة، الأمة يجب أن تكون صفّاً واحداً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً في ساعة الشدائد لا مجال للاختلاف ولا مجال للمعارك الجانبية، يجب أن يقف الجميع صفّاً واحداً]([2]).

2ـ قال في كتابه (الإيمان والكفر) ، (ص3): [قاربوا الخطى أيها المسلمون الوحدة الإسلامية وجمع شمل المسلمين  ورَصّ صفوفهم وجع طاقاتهم على اتجاه واحد مما يتبناه كل مسلم واع له إلمام بما يجري على المسلمين في أراضيهم وعقر دارهم. ولكن الساحة الإسلامية تشاهد اليوم بعض أصحاب القلم، والصدارة قد جعلوا على عاتقهم تفريق الكلمة، وتكفير بعضهم بعضاً، وتجزئة الأمة، بدل توحيدها، وتماسك صفوفها، فلم نزل نشاهد فتوى بعد فتوى في تكفير فرقة دون فرقة وتفسيق طائفة أخرى].   

3ـ قال في كتابه (في ظل أصول الإسلام) (ص29،28): [إنّ وظيفتنا في العصر الحاضر... أن نعمل على توحيد الصف الإسلامي وذلك بأن نرجع إلى الكتاب والسنّة، وأن يحترم جميع المسلمين، المنضوين تحت لوائهما، ويُترك خلافُ كل فرقة إلى نفسها، ولا يُعدُّ ذلك فارقاً، وفاصلاً بينها وبين الفرق الأخرى].

4ـ قال في كتابه (الاعتصام بالكتاب والسنة) (ص7،6): [وإني أتقدم بكتابي هذا إلى حملة لواء التقريب بين المسلمين ودعاته في جميع أصقاع العالم الإسلامي وبهذه الأبيات الرائعة التي تفجرت من روح موارة تسعى لصالح تقريب المسلمين ولا تهدأ حتى تتحقق تلك الأمنية بأحسن ما يمكن –إن شاء الله تعالى- .

فيمَ التفرقُ والكتابُ المرجعُ

قلباً إلى قلب يُضَمُّ ويُجْمَعُ  التفرقُ والنبيُّ

فيمَ التفرقُ والنبيُّ محمدٌ

ينهَى عن الصفِّ الشتيتِ ويردعُ ُ

الوحدةُ البيضاءُ نهجُ نبيِّنا

فعلام نهجُ نبيِّنا لا  يُتبعُ

الوحدةُ البيضاءُ صخرةُ عزّنا

فعلام صخرةُ عزِّنا تتصدَّعُ

إنَّ الخلافَ طريقُ كلِّ مضلِّل

مهما يُزَيِّنُ قبحَه ويُرقّعُ

الدينُ دينُ اللهِ لا دينَ الهوى

فتوَحَّدُوا بطريقه وتسرَّعُوا

يا من تُفَرِّقُنا وتنقُضُ صفَّنا

هبطتْ عليك مصيبةٌ لا تُرْفَعُ

ونحن وجميع المؤلفين الإسلاميين كما يصفهم شاعر الأهرام، محمد حسن عبد الغني المصري:

إنا لتجمعُنا العقيدةُ أمةً  

ويضمُّنا دينُ الهدى أتباعا

ويؤلفُ الإٍسلامُ بين قلوبنا

مهما ذهبْنا في الهوى أشياعا

***

تأملْ معي كيف يُظْهِر السبحاني نفسه بتلك الصورة المشرقة، حتى أن الذي يقرأ كلامه يشعر بأنه لن يهنأ بطعام وشراب ولا يتلذذ بنوم حتى يرى الوحدة الإسلامية متحققة بين أهل السنة والشيعة، وكم هي جميلة لو كانت نابعة من قلب صادق، ولكنه أبى إلا أن يجعلها وسيلة ماكرة وغاية خسيسة لنشر مذهبه في أوساط أهل السنة، وهذا ما سينجلي في المطالب القادمة فترقب.

 [المطلب الثاني] الوقوف على مضمون كتاب تم طبعه في إيران

وهو كتاب (اللآلئ العبقرية في شرح العينية الحميرية) والذي هو عبارة عن قصيدة نظمها الشاعر الحميري وهو إماميُّ المعتقد وقام بشرحها علامتهم ومحققهم الأصفهاني الهندي.

وقد اطلعت على الكتاب بعجالة فوقفت على أبيات تطعن بكبار صحابة نبينا e والتي أكد مدلولها شارح القصيدة من خلال تصريحه بكونهم المرادين بتلك الأبيات النابعة من الحقد والطعن بهم، وحتى يتكون لدى القارئ تصور عام عن محتوي القصيدة سأنقل بعض الأبيات الطاعنة بهم، وكما يلي:

يقولُ والأملاكُ من حَوْله

واللهُ فيهِمْ شاهِدٌ يسْمَعُ

مَنْ كُنْتُ مَولاهُ فهذا لَهُ

مَوْلى فَلَم يَرضُوا وَلَمْ يَقْنَعُوا

فاتّهمُوُه وخَبَتْ فيهِمُ

على خلافِ الصّادق الأضلُعُ

وظلّ قومٌ غاظَهُمْ فِعلُهُ

كأنّما آنافُهُم تُجْدَعُ  

حَتّى إذا واروهُ في قَبْرِهِ

وانْصرفُوا عَنْ دَفْنِهِ ضَيّعوا

ما قالَ بالأمسِ وأوصى بهِ

واشتَرَوا الضرَّ بما ينفعُ

وقطَّعوا أرحامَهُ بَعدَهُ

فسوفُ يُجزَون بَما قَطَّعوا

وأزمَعُوا غدراً بمولاهُمُ

تَبّاً لما كان بِه أزمَعُوا

لا هُمْ عَلَيْهِ يَرِدُوا حَوضَهُ

غداً ولا هُو فِيهم يشفعُ

إذا دَنَوا منه لِكَيْ يَشْرَبُوا

قيلَ لَهُمْ تَبّاً لَكُمْ فَارْجِعُوا

دُونَكُمْ فالْتَمِسُوا مَنْهلا

يرويكُم أو مَطْعَما يُشبعُ

هذا لمَنْ والى بني أحمدٍٍ

وَلَمْ يَكُنْ غَيْرَهُم يُتْبَعُ

فالفوزُ للشّاربِ من حوضِهِ

وَالويلُ والذلُّ لِمَنْ يُمْنَعُ

والناسُ يومَ الحشرِ راياتُهم

خمسٌ فمنها هالِكٌ أربَعُ

فرايَةُ العِجْل وفِرعَونُها

وسامِريُّ الأُمّةِ المُشنَعُ

ورايةٌ يَقدِمُها أدلَمُ

عَبدٌ لِئيمٌ لُكَعٌ أكوَعُ

ورايةٌ يقدِمُها حبتَرٌ

للزُّورِ والبُهتانِ قدْ أبدعُوا

ورايةٌ يَقْدِمُها نَعْثَلٌ

لا بَرَّدَ اللهُ لَهُ مَضْجَعُ

أربعةٌ في سَقَر أُودِِعُوا

ليسَ لَهُمْ مِنْ قعرِها مَطْلَعُ

ورايةٌ يَقْدِمُها حَيدَرٌ

وَوَجْهُهُ كالشَّمس إذ تَطْلَعُ

فتأمل كيف سوَّل له الحقد الأسود الذي ملأ قلبه تجاه صحابة نبينا e -أولئك الذين أقاموا صرح الإسلام بدمائهم وتضحياتهم- حتى صورهم بعصابة متكالبة على الدنيا، نهجها التآمر  والمكر بنبينا e وعلي –رضي الله عنه-، ثم يختم حقده بالحكم عليهم بدخول جهنم دار الكفرة الأشقياء والعتاة المجرمين كأمثال فرعون وهامان وأبي جهلّ]أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ[ [الأنعام:31].

ثم يأتي شارحها ليعلن بلسان الحال أن الحقد على صحابة النبيe وتكفيرهم ليس عقيدة اختص بها المتقدمون من علماء الشيعة، بل لا يزالون يتوارثونها جيلاً بعد جيل حتى قيام الساعة، وذلك حين بيَّن بكل وقاحة وحقد وقلة أدب أن المقصودين بتلك المطاعن هم صحابة نبينا e وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان –رضي الله عنهم-، وإليك بعض تصريحاته:

1ـ قال (ص497): [ودعاهم إلى اتباع العجل أي أبو بكر...].

2ـ كرَّر نفسَ الطعن حين صرَّح بأن المراد بالعجل هو الخليفة الأول، فقال (ص495): [والمراد بالعجل: الأول لأنه كما وصى موسى –صلوات الله على نبينا وآله وعليه- قومه باتباع أخيه هارون واستخلفه على قومه فلم يقبلوا وصيته ورفضوا اتباع وصيه وخليفته وعبدوا العجل، كذلك أمة نبينا- صلوات الله عليه وآله- رفضوا اتباع أخيه ووصيه وخليفته عليهم واتبعوا أبا بكر، وقد مضى الدلالة عليه في خبر غدير خم فتذكر].

3ـ اعترف بأن المراد بفرعون هو أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- ، فقال (ص497): [والمراد بالفرعون هنا كما هو الظاهر أبو بكر أيضاً لعتوه وتغلبه على الوصي وادعائه منصبه لنفسه كما ادعى فرعون موسى لنفسه الإلهية].  

4ـ وصف فاروق الإسلام عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- بأن السامري الذي أضل أمة موسى – عليه السلام - فدعاهم لعبادة العجل، فقال (ص497) :["السامري": رجل منافق كان في بني إسرائيل أغواهم بعبادة العجل كما حكيت قصته في التنـزيل والأخبار والآثار ... والمراد به هنا عمر بن الخطاب على ما نطق به الخبر الماضي؛ لأنه أغوى أمة نبينا –صلوات الله عليه وآله – ودعاهم إلى اتباع العجل أي أبو بكر...].

5ـ قال (ص498) [ويجوز أن يكون أبو موسى سامريَّ الذين كانوا في عهد أمير المؤمنين- صلوات الله عليه- وأبو بكر، أو عمر سامريّاً لجميع الأمُة].

6ـ قال (ص503،502):["النعثل" الذّكَر من الضباع، والشيخ الأحمق... والمراد به في البيت عثمان بن عفّان؛ لأنّه كان يقال له ذلك... والمشهور في سببه أنّه كان يشبّه بالرجل المصري أو الأصبهاني لطول لحيته. وأمّا الناظم وأضرابه رحمهمُ الله فيجوز أن يريدوا بذلك كونه أحمق، وأن يريدوا تشبيهه بالضبعان لحمقه أو لعظم بطنه؛ لأّنه كان لا يشبع من حُطام الدنيا وأسحاتها].

7ـ قال (ص512): [وراية منها أو أصحاب راية يتقدّمها أو يتقدّمهم عثمان الذي هو كالنعثل أو كنعثل لا برّدَ الله ضجعاً أو له ضجعة].

(ص526،525): [فقال أبو ذر –رحمة الله عليه- ... ألستم تشهدون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حدّثنا أنّ شرّ الأوّلين والآخرين اثنا عشر: ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين.

ثم سمّى من الأوّلين: ابن آدم النبيّ، الذي قتل أخاه، وفرعون وهامان، وقارون، والسامري، والدجّال اسمه في الأوّلين ويخرج في الآخرين. وسمّى من الآخرين ستّة: العجل وهو عثمان، وفرعون وهو معاوية، وهامان وهو زياد بن أبي سفيان، وقارون وهو سعد بن أبي وقاص، والسامري وهو عبد الله بن قيس أبو موسى].

هذه مقتطفات يسيرة وقفت عليها على عجالة مما ورد في ذاك الكتاب الدال على امتلاء قلب صاحبه الشيعي الإمامي بالحقد واللعن لكبار صحابة نبينا e.

 [المطلب الثالث] نقض السبحاني لعرى الوحدة والتقارب بين المسلمين بتبنيه لطباعة الكتاب والتقديم له

بعد أن أتقن دور الحريص على وحدة الأمة الإسلامية حتى صار من رموز دعاة التقريب، نكص على عقبيه وضرب بتلك التصريحات عرض الجدار معلناً بلسان الحال أنّها لغرض تسويق المذهب ونشره بين صفوف أهل السنة ولم تكن نابعة من ألمه على حال الأمة الممزّق ولا حرصه على التقريب والوحدة بين المسلمين، وذلك من خلال تقديمه للكتاب الممتلئ بالحقد والطعن بصحابة نبينا e وثنائه على كل من ناظم القصيدة وشارحها، وإليك بعض المواضع التي وقفتُ عليها في هذه العجالة:

1ـ ثناؤه على الحميري ناظم القصيدة:

أـ قال (ص11): [ومن هذه الطليعة الشاعر المفلق المكْثر لثناء أهل البيت السيد الحِمْيَرِيُّ الذي نحن بصدد التقديم له].

ب ـ قال (ص39): [شرحها غير واحد من المحقّقين والأُدباء، كما اعتنى بها أئمّة أهل البيت- عليهم السَّلام- بالسماع، ودعوة الآخرين إلى سماعها وحفظها كما سيوافيك].

ج ـ قال (ص40): [قد كان لقصيدته العينية التي نحن بصدد التقديم لها دويّ واسع في المجتمع الإسلامي، وهذا هو الإمام الصادق – عليه السّلام- يُشيد بهذه القصيدة ويضرب ستراً لتسمعها النساء].

د ـ قال (ص43): [ إلى هنا تم ما كنّا نرمي إليه من ترجمة سيد الشعراء السيد إسماعيل الحميري، وما يرجع إلى قصيدته العينيّة].

2ـ ثناؤه على الأصفهاني الهندي شارح القصيدة:

أ ـ قال (ص43): [قام بشرح القصيدة العينية نابغة عصره وفريد دهره أبو الفضل بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني المشهور بالفاضل الهندي (1062-1137هـ) مؤلف الموسوعة الفقهية الضخمة المسماة بـ "كشف اللثام عن قواعد الأحكام" إلى غير ذلك من الآثار العلمية].

ب ـ قال (ص46): [ إلى أن وصلت النوبة إلى الشارح تاج المحقّقين والفقهاء فخر المدققين والعلماء الفاضل الهندي، وبكتابه هذا حفظ التراث الفقهي الاجتهادي].

ج قال [ص46،45): [هذا ولكن الذي يدل على نبوغ مؤلفنا الشارح هي الآثار العلمية التي تركها للأجيال الآتية، فإنّ كتابه "كشف اللثام" آية نبوغه في الفقه وبراعته في الاستنباط. ويكفي في قيمة هذا الكتاب ما نقله المحدّث القمي، عن أُستاذه المحدث النوري، عن شيخه الشيخ عبد الحسين أنّ صاحب الجواهر كان يعتمد على كتاب "كشف اللثام" على نحو لا يكتب شيئاً من موسوعته إلاّ بعد الرجوع إلى ذلك الكتاب].

 3ـ إظهار سروره بطباعة الكتاب وإخراجه للمسلمين:

أـ توجه إلى الله –تعالى- بالحمد ليس على إنجاز مشروع طباعته فحسب، بل ونشره في الأوساط الإسلامية، قال (ص52) [نحمده سبحانه على إنجاز هذا المشروع ونشره في الأوساط الإسلامية].

وهذا العبارة بحد ذاتها كافية في فضحه وبيان خبث سريرته تجاه الصحابة؛ لأنه حمد الله –تعالى- على طبعه ونشره في الأوساط الإسلامية، ويعلم كل عقلاء المسلمين أن نشر مثل هذا الكتاب يقضي على أمل الوحدة إلى يوم القيامة ويشعل فتيل الفتنة الطائفية، لم حواه من مطاعن بحق خيرة رجالات الأمة الإسلامية ورمز فخرها وعزَّها.

ب ـ قال (ص11 في معرض التعريف بالكتاب): [وهذا هو الذي يزقّه الطبع إلى القرّاء الكرام].

هكذا يعلنها بكل جرأة ووقاحة واستهانة بمشاعر المسلمين حتى صوَّر الأمر كأنه بشرى يزفها للقراء بنشره مثل هذا الكتاب الممتلئ بالطعن على أصحاب رسول الله e وتكفيرهم.

فهل بقي للتقريب معنى غير الخداع والضحك على الذقون؟!

 [المطلب الرابع] إلزامه ببعض تصريحاته التي هاجم فيها مخالفيه

أـ اعترف بأن التقديم للكتاب متضمن لتبني المُقدِّم لأفكار الكتاب، حيث قال في كتابه (حوار مع الشيخ صالح بن عبد الله الدوريش) (ص8): [والرسالة وإن لم تكن بقلم الشيخ بحسب الظاهر، ولكن التقديم لها حاكٍ عن تأييده الضمني للأفكار والمضامين المطروحة فيها، فكأن الشيخ نطق بها بلسان الحال لا بلسان المقال، ولأجل ذلك اتخذناه طرفاً للحوار].

وهذا ينطبق عليه تماماً، فحاله كمن ذبح نفسه بيديه، فيشمله هذا الحكم بتأييده الضمني لكل ما ورد من طعن وتكفير لصحابة النبي e ، وعليه يمكن القول أن جعفر السبحاني طعن بالصحابة الكرام والخلفاء الراشدين، وإليك بعض مطاعنه بحقهم.

1ـ قال عن أبي بكر بأنه عجل هذه الأمة وفرعونها.

2ـ قال عن عمر بأنه سامريُّ أمة محمد e، تشبيهاً له بالسامريّ الذي أضل أمة موسى –عليه السلام- بعبادة العجل.

3ـ قال عن عثمان بأنه عجل أمة محمد e، تشبيهاً له بالعجل الذي عبدته أمة موسى –عليه السلام- وظلت به.

4ـ وصف عثمان ذي النورين بأنه النعثل، ومراده أن عثمان - وحاشاه- الشيخ الأحمق.

5ـ دعى على عثمان بما يفضح الأضغان التي تكنها صدورهم لأصحاب نبينا e، فقال: [لا بَرَّد الله ضجعاً له أو له ضجعة].

6ـ تخرص بكون مصيرهم هو سقر دار الأشقياء، حيث قال بحقهم في القصيدة: [أربعةٌ في سقر أُودعوا].

7ـ زعم أن الشر الناس على وجه الأرض في تاريخ البشرية هم اثنا عشر، ستة من الأولين وستة من الآخرين، ومن الآخرين كل من عثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وأبو موسى الأشعري.

فكل هذه المطاعن تفوه بها –بلسان الحال- داعيةُ الشيعة للتقريب (!) ليكشف لنا عن تبنيه تلك العقيدة التكفيرية لأصحاب رسول الله e، ويفضح نفسه بزيف دعاوى التقريب التي طالما رددها.

(ب) عندما طُبع كتاب في مصر فيه رد على السبحاني، راح يستنكر كيف يقدم له شيخ أزهري حيث قال: [وأخيراً نشر كتاب في موطنكم مصر العزيزة في نقد رأيي الفقهي حول مسألة" الصلاة خير من النوم" امتلأ الكتاب بالسب والشتم والكلام القاذع والافتراء و... ومن العجب أن يقدّم لهذا الكتاب أستاذ من الأزهر هو الدكتور محمد عبد المنعم البري وهو عميد مركز الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، ورئيس جبهة علماء الأزهر] ([3]).

ونحن بدورنا نقول: ومن العجب أن يقدم لهذا الكتاب جعفر السبحاني الذي يُعَدُّ من كبار مراجعهم وأبرز رموزهم في دعوة التقريب؟!..

ج ـ استنكر على من يطبع وينشر الكتب التي تطعن بالمسلمين وتشق عصا الوحدة، حيث قال في كتابه (حوار مع الشيخ صالح بن عبد الله الدرويش) (ص58): [كيف يطيب لكم إخراج هذه الكتب وطبعها ونشرها وقراءتها].

فإن كان الاستنكار يتوجه لمن طبع تلك الكتب ونشرها، فكيف بمن زاد على طباعتها ونشرها إظهاره الفرح والسرور، فتراه يزفٌّ خبر طباعته ونشره! بل وراح يحمد الله- تعالى- لتوفيقه له على نشره في الأوساط الإسلامية! حيث قال: [وهذا هو الذي يزفّه الطبع إلى القرّاء الكرام... نحمده سبحانه على إنجاز هذا المشروع ونشره في الأوساط الإسلامية]، فلا شك أنه يستحق ما هو أشد من الاستنكار من توبيخ وتسفيه وتحقير.

 [المطلب الخامس] الوقوف على بعض ما ورد في كتاب "كشف اللثام" الذي اثنى عليه

إن كتاب (كشف اللثام عن قواعد الأحكام) يعتبر من أهم الكتب الفقهية المعتمدة في مذهب الإمامية، ورغم كونه كتاباً فقهياً إلا أني وقفت فيه على مواضع جسدت الحقد والتكفير لكل من عداهم من المسلمين، وهو برهان جلي ودليل قطعي على تجذر الحقد والتكفير لباقي المسلمين؛ لأنه لم يُذكر في كتاب روايات كي يخضعوا مروياته للجرح والتعديل، بل هو في كتاب أثبت فيه الأحكام التي يعتقدها ويراه حجة بينه وبين الله –تعالى- يتعبده بها ومن ثم يتبعه الشيعة في التعبد بها، وقبل أن أستعرض بعض المواضع التي وقفت عليها، رأيت من الضروري بيان مصطلح "المخالف" الذي شمله بتلك الأحكام التكفيرية الأثيمة، ومن خلال استعراض نصوص العلماء لبيان معناه تبين أن المراد به جميع المسلمين ما عدا الشيعة الإمامية.

وممن صرح بذلك:

1ـ يقول محمد كلانتر محقق كتاب اللمعة الدمشقية: [المخالف وهو غير الاثني عشري من فرق المسلمين] ([4]). 

2ـ صرح آيتهم العظمى المعاصر محمد سعيد الحكيم- الذي يقطن النجف الآن –بمعنى مصطلحي- "العامة" و"المخالفين" بأنهم الذين يتولَّون الشيخين أبا بكر وعمر –رضي الله عنهما- ويعتقدون بشرعية خلافتهما، بمعنى آخر أن المخالفين والعامة هم أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم، فقال ما نصه: [الظاهر أن المراد بالعامة المخالفون الذين يتولون الشيخين ويرون شرعية خلافتهما على اختلاف فرقهم؛ لأن ذلك هو المنصرف إليه العناوين المذكورة في النصوص] ([5]).

3ـ قال آيتهم العظمى وزعيم حوزتهم العلمية محمد رضا الكلبايكاني جواباً على سؤالٍ ما نصه: [من هو المخالف، هل هو من خالف معتقد الشيعة في الإمامة أو من خالف بعض الأئمة ووقف على بعضهم، فيدخل في ذلك الزيدية وغيرهم، وهل حكم المخالف حكم "الخارج والناصب والغالي" أم لا ؟.

باسمه تعالى: [المخالف في لساننا يطلق على منكر خلافة أمير المؤمنين- عليه السلام- بلا فصل([6])، وأما الواقف على بعض الأئمة –عليهم السلام- فهو وإن كان معدوداً من فرق الشيعة إلا أن أحكام الاثني عشرية لا تجري في حقه]([7]).

وبعد الوقوف على مرادهم من معنى المخالف- وهو جميع المسلمين، ما عدا الشيعة الإمامية- آن لنا أن نستعرض بعض المواضع التي صرح فيها بعقيدته التكفيرية لجميع المسلمين وهي كما يلي:

1ـ بيّن عدم اعتدادهم بأذان غير الإمامي من باقي المسلمين؛ لأنّه – في عقيدتهم التكفيرية- غير أُمناء ولا أخيار، فقال: [قلت: ويشترط الإيمان، فلا عبرة بأذان غير الاثني عشري وإن وافق أذانهم؛ لأنهم ليس أميناً، ولا من الخيار]([8]).

2ـ بيّن كيفية صلاتهم على جنازة كل من الإمامي- عبَّر عنه بالمؤمن([9])- وغيره من المسلمين بالدعاء له إن كان شيعيّاً إماميّاً ولعنه إن كان منافقاً، ثم بين بأن المقصود من المنافق هم مخالفوهم من سائر المسلمين، فقال: [ثم الدعاء للميت إذا كان مؤمناً (ولعنه إن كان منافقاً) أي مخالفاً، كما في المنتهي والسرائر والكافي والجامع، وبمعناه في الغنية والإشارة من الدعاء على المخالف]([10]).

هكذا يكشف عن معتقده التكفيري الأسود بلعنه لأموات المسلمين في صلاة الجنازة.

3ـ بحث تغسيل أموات المخالفين مستخدماً أقبح العبارات وأشنعها بحقهم، وإليك بيانها([11]) في عدة فقرات.

أ ـ ذكر خلافهم حول وجوب تغسيل المخالف وعدمه، ثم رجَّح القول بالحرمة إذا كان المقصود إكرامه، فقال: [ويجب تغسيل كل مظهر للشهادتين وإن كان مخالفاً) للحق (عدا الخوارج والغلاة) كذا في التحرير والإرشاد أيضاً، ولم أر موافقاً له في التنصيص على وجوب تغسيل المخالف. ونص المفيد على الحرمة لغير تقية، وهو الوجه عندي إذا قصد إكرامه لنحلته أو لإسلامه، وحينئذٍ لا استثناء لتقية أو غيرها) أي أنه يرى حرمة غسل المخالف إذا كان بقصد إكرامه، فماذا أبقى لهم بالله عليكم من حقوق الأخوة؟!.

ب ـ بَيَّن أهم الأسباب التي تبيح غسلهم –بعد أن صرح بحرمته- وهو عند حضور المخالفين حتى لا يعرفوا بأن الإمامية لا يغسلون أمواتهم فينفروا عنهم، فقال: [ومن التقية هنا حضور أحد من أهل نحلته، فإن الغسل كرامة للميت، ولا يصلح لها غير المؤمن، وإنما يجب إذا حضر أحد من أهل نحلته لئلا يشيع عندهم أنا لا نغسل موتاهم فيدعو ذلك إلى تعسر تغسيلنا موتانا أو تعذره].

ج ـ ذكر المقاصد التي يكون بها التغسيل مباحاً أو مكروها أو حراماً، فقال: [وبالجملة فجسد المخالف كالجماد لا حرمة له عندنا، فإن غُسِّل كغسل الجمادات من غير إرادة إكرام لم يكن به بأس([12])، وعسى أن يكون مكروهاً لتشبيهه بالمؤمن، وكذا إن أريد إكرامه لرحم أو صداقة ومحبة، وإن أريد إكرامه لكونه أهلاً له لخصوص نحلته أو لأنها لا تخرجه عن الإسلام والناجين حقيقة فهو حرام، وإن أريد إكرامه لإقراره بالشهادتين احتمل الجواز].

فتأمل- وفقك الله- كيف نطق بكل هذا الحقد والضلال بحق أموات أهل السنة حتى صارت أجسادهم- في ضوء عقيدته التكفيرية- كالجماد لا حرمة لها عنده فلا يجوز أن يُغسَّلوا بنية إكرامهم، وإنما يجوز إذا نوى تغسيلهم كما يغسِّل الجمادات كالبيت أو السيارة !!.

فهل بقي هناك أمل للتقارب والتآخي وهم لا يرون حرمة لأجسادنا؟!.

4ـ صرَّحَ ببشاعة معتقدهم التكفيري لسائر المسلمين بكل جلاء ووضوح ليُخرس الألسنة الكاذبة المخادعة التي تنفي عن الشيعة تكفيرهم لباقي المسلمين، وذلك في عدة عبارات، إليك نصُّها:

أ ـ أكّد أن كفر باقي المسلمين قد ثبت عندهم بأدلة العقل والنقل، حيث قال: [ودلالة عقلاً ونقلاً على أن غير الإمامية الاثني عشرية كفار لكن أجري عليهم أحكام المسلمين تفضلاً علينا كالمنافقين]([13]).

ب ـ نقل رواية معلقاً عليها بكون طهارة سائر المسلمين هي من باب التخفيف عن الشيعة لكونهم كفاراً في الحقيقة، فقال: [سألوا الباقر –عليه السلام- عن شراء اللحم من الأسواق ولا يدرون ما صنع القصابون؟ فقال: كُلْ إذا كان في سوق المسلمين ولا تسأل عنه. مع أن عامة أهل الأسواق في تلك الأزمان كانوا من العامة... ويمكن أن يكون الإباحة من السوق تخفيفاً من الشارع وامتنانا على المؤمنين، كما حكم بطهارة العامة مع كونهم من المنافقين الذين هم أشد الكفار كفراً لذلك] ([14]).

ج ـ كرَّر بيان تكفيرهم لسائر المسلمين وأن وجه تعاملهم معهم كتعاملهم مع المنافقين الذين كفروا بالله ورسوله، فقال: [(والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب) لعموم الأدلة والاشتراك في الإقرار بالشهادتين الموجب للمعاملة معهم كما يعامل مع المسلمين وإن كانوا منافقين] ([15]).

وبعد هذه الجولة السريعة في هذا الكتاب([16])، الطافح بالحقد والتكفير لجميع المسلمين.

تعال معي -أخي القارئ الكريم- لنعيد النظر بثناء جعفر السبحاني- الممثل لدور داعية التقريب- على كل من المؤلف والكتاب، وكما يلي:

1ـ قال (ص43): [قام بشرح القصيدة العينية نابغة عصره وفريد دهره أبو الفضل بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني المشهور بالفاضل الهندي (1062-1137هـ)، مؤلف الموسوعة الفقهية الضخمة المسماة بـ "كشف اللثام عن قواعد الأحكام" إلى غير ذلك من الآثار العلمية].

2ـ قال (ص46): [إلى أن وصلت النوبة إلى الشارح تاج المحقّقين والفقهاء فخر المدققين والعلماء الفاضل الهندي، وبكتابه هذا حفظ التراث الفقهي الاجتهادي].

3ـ قال (ص47): [وقبل أن ننوه بهذا الشرح ومميزاته أود أن أُشير إلى بعض الكلمات التي قيلت في حقّه من قبل العلماء: (يقول المحقق الشيخ أسد الله التستري (المتوفّى عام 1237هـ) ومنهم الأصفهاني المحقّق المدقق، التحرير الفقيه، الحكيم المتكلم، المولى بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني الشهير بالفاضل الهندي... وكان مولده سنة 62 بعد الألف ونشؤه في بدو حاله وصغره في بلاد الهند ولذا نُسب إليها وجرت له فيها مع المخالفين مناظرة في الإمامة معروفة على الألسنة].

4ـ قال (ص46): [إنّ الآثار الجلائل التي تركها شيخنا المؤلف تعرب عن تضلعه في أكثر العلوم الإسلامية، لاسيما في الفقه والأُصول والأدب العربي.

5 ـ قال (ص46،45): [هذا ولكن الذي يدل على نبوغ مؤلفنا الشارح هي الآثار العلمية التي تركها للأجيال الآتية، فإنّ كتابه "كشف اللثام" آية نبوغه في الفقه وبراعته في الاستنباط، ويكفي في قيمة هذا الكتاب ما نقله المحدّث القمي، عن أُستاذه المحدث النوري، عن شيخه الشيخ عبد الحسين أنّ صاحب الجواهر كان يعتمد على كتاب "كشف اللثام" على نحو لا يكتب شيئاً من موسوعته إلا بعد الرجوع إلى ذلك الكتاب].

وهكذا إلى تجلى لنا زيف دعاوي الشيعة للتقريب بسقوط القناع الذي أخفى تحته الطعن والحقد والتكفير لكبار صحابة نبينا e وخيرة رموز أمتنا الإسلامية وهم أبو بكر وعمر وعثمان وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، والذي تفوه به –بلسان الحال- لنستحضر معاً قول ربنا –جل وعلا: ] أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ [ [محمد 29].  

 [الخاتمة]

إن الغرض من هذه الجولة السريعة هو الوقوف على مدى مصداقية دعاوي التقريب التي ينادي بها الشيعة ليلاً ونهاراً عن طريق استعراض تصريحات علامتهم جعفر السبحاني بجعله أنموذجاً واقعيّاً([17] والتي كشفت لنا عن حقيقتين في غاية الخطورة والأهمية وهما:

الحقيقة الأولى:

زيف دعاوي التقريب التي يرددونها، بعد تفوُّهِهم بكل هذا الحقد في كتاب يفرحون بنشره في أوساط المسلمين، وقد طرق ذهني خاطرٌ حرِيُّ بنا أن نقف عنده، وهو إن كان هذا الحقد والطعن والتكفير لصحابة رسول الله e هو المُعلَن عنه فقط، فما بالك ببشاعة ما أخفوه عنا، والذي عبَّر عنه ربنا –جل وعلا- حين قال: ]قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[ [آل عمران:118].

الحقيقة الثانية:

إصرارُهم على تبنِّي عقيدة التكفير وعدم استعدادهم لرفع اليد عنها، فلا يتوَهَّم بسطاءُ المسلمين أنها كانت عقيدة يتبناها المتقدمون ثم تبرأ –منها المتأخرون، بل هي عقيدة متوارثة جيلا بعد جيل،يُسلِّمُها المتقدم للمتأخر سوداء كالحة- رافضين وبضرِس قاطع التقارب والتآخي مع باقي المسلمين- بدليل أن ناظم القصيدة من جيل المتقدمين، ثم يأتي شارحها وهو من القرن الثاني عشر الهجري ليُعلن تنبيه لتلك العقيدة، ثم يأتي المُقدِّم وهو معاصرٌ لا يزال على قيد الحياة وله مكانة كبيرة عندهم([18])، مع إقامته في إيران الدولة الداعية للتقريب متخذة منها وسيلة لنشر معتقدها، وليس غاية لجمع الكلمة ونبذة التفرق – ليؤكد وراثته لتلك العقيدة عن طريق تقديمه للكتاب وتأييده الضمني له ونطقه به –بلسان الحال- وإظهاره الفرح والسرور بنشر مثل هذا الكتاب في الأوساط الإسلامية حتى وصف طباعته بالبشرى التي راح يزفّها للمسلمين.

هذا أهم ما أردت تسليط الضوء عليه في هذه الرسالة العاجلة، لعل الله -تعالى- يبصِّر بها المخدوعين بها فيميزوا بين الصادقين والدُّخلاء من ذوي الأغراض المشبوهة في ترديدهم لدعوة التقريب بين المسلمين.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

  [رسائلٌ تُراثيةٌ وعلميةٌ]

صدر منها حتى الآن:

1ـ سعادة الدارين بشرح حديث الثقلين. تأليف: عبد العزيز ولي الله الدهلوي، ت: 1239هـ. ترجمه وعلق عليه: محمود شكري الآلوسي. تحقيق: عبد الرحمن صالح المحمود الشافعي.

2ـ الأجوبة البندينجية على الأسئلة اللاهورية. تأليف: أبي الهدى عيسى البندنيجي البغدادي، ت: 1283هـ. تحقيق:      عبد الرحمن صالح المحمود الشافعي.

3ـ عودة الصفويين. تأليف: عبد العزيز صالح المحمود الشافعي.

4ـ الرد على الرافضة، أو القضاب المشتهر على رقاب ابن المطهر. رسالة في الرد على علامة الشيعة في وقته ابن مطهر الحلي. تأليف: العلامة اللغوي مجد الدين الفيروز آبادي، ت:817هـ. تحقيق: عبد الرحمن صالح المحمود الشافعي.

5ـ النكت الشنيعة في الخلاف بين الله والشيعة. تأليف: العلامة صبغة الله الحيدري. تحقيق: عبد الرحمن صالح المحمود الشافعي.

6ـ جزء فيه حديث الموالاة: (من كنت مولاه فعليٌ مولاه) المعروف بحديث الغدير. تأليف: عبد الفتاح محمود سرور.

7ـ طهارة المسلمين عند الشيعة بين إشراقة الظاهرة وبشاعة الباطن(ملحق بوثائق مهمة) تأليف: عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي.

8ـ زيف دعاوي الشيعة للتقريب: مرجعهم وعلامتهم جعفر السبحاني أنموذجاً. تأليف: عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي.



([1]) فها هو فيلسوفهم وشهيدهم مرتضى مطهري يؤكد أن هدفهم الأساسي من مشروع التقريب والوحدة الإسلامية هو نشر أفكارهم ومعتقداتهم بين صفوف أهل السنة، فقال في كتاب "الإمامة" (ص29،28): [إن ما ننتظره على خط الوحدة الإسلامية أن ينبثق محيط صالح للتفاهم المشترك لكي نعرض ما لدينا من أصول وفروع، تضمّ ما نحمله من فقه وحديث وكلام وفلسفة وتفسير وأدبيات، بحيث يسمح لنا ذلك الجو أن نعرض بضاعتنا بعنوان كونها أفضل بضاعة، حتى لا يبقى الشيعة في العزلة أكثر، وتنفتح أمامهم المواقع المهمة في العالم الإسلامي، ثم لا تبقى الأبواب مغلقة أمام المعارف الإسلامية الشيعية النفيسة].

ثم أكّد مطهري أن الهدف من التقريب- وهو نشر معتقدهم بين أهل السنة- هو الذي كان يسعى لتحقيقه آيتهم العظمى البروجردي، واعترف بأنه قد حققه بنجاح، فقال (ص30): [ما كان يُفكّر به المرحوم آية الله العظمى البروجردي على الخصوص، هو إيجاد الأرضية المناسبة لبثّ معارف أهل البيت ونشرها بين الإخوة من أهل السنة، وكان يعتقد أن هذا العمل لا يكون إلا بإيجاد أرضية التفاهم المشترك، والنجاح الذي أحرزه المرحوم البروجردي –جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء- في طبع بعض كتب الفقه الشيعي في مصر من قبل المصريين أنفسهم، إنما كان على إثر هذا التفاهم الذي انبثق، وكان ذلك أهمّ نجاح حققه علماء الشيعة].

وها هو كاتبهم جعفر الشاخوري البحراني يدعو كُتّاب الإمامية إلى ترك الهجوم المباشر على أهل السنة وخصوصاً الخلفاء في كتاباتهم؛ لأنها تُنفِّرهم، ويدعوهم إلى اتباع الأسلوب الهادي المغلف بشعارات الوحدة والأخوة الإسلامية ودعاوى التقريب، وذلك لنجاح هذا الأسلوب في اختراق أهل السنة وتحويل الكثير منهم إلى معتقد الشيعة الإمامية، ثم أخذ يشيد بالنجاح الذي حققه عبد الحسين شرف الدين صاحب المراجعات في هذا الاختراق حين اتبع هذا الأسلوب فيقول في كتابه "مرجعية المرحلة وغبار التغيير" (ص228): [ومن الجدير ذكره هنا، أن مثل هذه المؤلفات التي تركز كل جهودها على إبراز مساوئ رموز السنة حتى الأمور الخلقية والأمور العادية التي لا ربط لها بالتاريخ، تتسبب في نفور الناس من التشيع، على العكس من الكتابات المتوازنة ككتاب المراجعات (للسيد شرف الدين) ومعالم المدرستين (للسيد مرتضى العسكري) حيث إنها تسببت في انتشار الفكر الشيعي بشكل واسع؛ لأن القارئ السني عندما يجد فيها الموضوعية واللغة الهادئة، فسوف تنفتح شهيته على قراءتها ودراستها].

نعم والله لقد نجحوا في نشر مذهبهم بين صفوف أهل السنة وتمرير مخططهم تحت شعار التقريب ورفع لافتة الوحدة الإسلامية، إذ يخرج علينا بين فترة وأخرى كتاب مليء بالطعن والتشويه للإسلام ورجالاته يدّعي فيه كاتبه بأنه اعتنق مذهب الإمامية بعد أن كان من أهل السنة على التسليم بصحة دعواه. 

([2]) مجلة مجمع الفقه الإسلامي: الدورة (14) العدد (14)، (ج4/ص 402) جعفر السبحاني، قم المقدسة – إيران (24) رمضان المبارك 1429هـ.  

([3]) مقتطفات من الرسالة التي كتبها للشيخ القرضاوي، ينظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي: الدورة (14) العدد (14) (ج4/ص402).   

([4]) اللمعة الدمشقية، لشهيدهم الثاني (1/248).   

([5]) المحكم في أصول الفقه، لآيتهم العظمى محمد سعيد الحكيم (6/194).    

([6]) ومراده بهذا القيد "بلا فصل" في تعريفه للمخالف هو أن الإمامي يعتقد أن عليّاً رضي الله عنه الخليفة بعد النبي e مباشرةً بلا فصل، أي أنه الخليفة الأول بعد النبي e، وهو متضمنٌ النفي لخلافة أبي بكر التي نالها بعد النبي e مباشرةً، وأما أهل السنة (المخالفون) فيعتقدون أن علياً رضي الله عنه خليفةٌ للنبي e، ولكنه الرابع بعد الخلفاء الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم) وليس الأول.

([7]) إرشاد السائل، لآيتهم العظمى محمد رضا ال لا ي اني، ص(199) رقم السؤال (742).

([8]) كشف اللثام (ط.ج) الفاضل الهندي (3/364).

([9]) من أراد الوقوف على حقيقة مرادهم من تلك المصطلحات (المؤمن، المخالف، الإيمان الولاية، الكفر المقابل للإيمان) من خلال تصريحات علمائهم، فليرجع إلى كتابي (موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين)، ,ذلك في الفصل الأول من الباب الثاني.

([10]) كشف اللثام (ط.ج) الفاضل الهندي (2/353).  

([11]) المصدر السابق (2/225-226).    

([12]) وعليه فَلْيَعلم أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها بأن فاضلهم الهندي وحزبه لا يغسلون موتانا، بل يتعاملون مع أجسادنا كما يتعاملون مع الجمادات فلا يرْون لها أية حرمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.    

([13]) نفس المصدر (5/150)

([14]) نفس المصدر (9/238-239).  

([15]) نفس المصدر (9/357)

([16]) وأرى أن علامتهم الهندي كان مصيباً حينما أسماه، بـ (كشف اللثام) لأنه أزال به اللثام عن وجههم التكفيري البشع.  

([17]) بما أن الأمثلة على زيف دعاوي التقريب التي يرددها علماء الشيعة كثيرة، نذكر القراء بأنموذج آخر مارس تلك الخدعة القذرة وهو السابق في هذا المضمار، ألا وهو علامتهم وآيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين الموسوي صاحب كتاب المراجعات، الذي ردد دعاوي التقريب وجمع الكلمة ثم عاد فنقض غزله معلناً زيفها بنفس الكتاب الداعي فيه لذلك، وتعال معي نقف سريعاً مع كتابه (الفصول المهمة في تأليف الأمة) وهو من عنوانه يكشف غرض مؤلفه من سرد الفصول والأصول الجامعة التي تهدف لتجميع الأمة ونبذ التفرق والتمزق والتناحر، وإليك بيان ذلك باختصار شديد:

أولاً: بعض دعاويه لجمع الكلمة وذم التفرق والتمزق والتناحر:

1ـ قال (ص16): [الفصل الثالث في نبذة مما صح عند أهل السنة والجماعة من الأحاديث الدالة على أن من قال: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" محترم دمه وماله وعرضه. أوردنا لينتبه الغافل ويقنع الجاهل، وليعلما أن أمر المسلمين ليس كما يزعمه إخوان العصبية، وأبناء الهمجية، وحلفاء الحمية، حمية الجاهلية، الذين شقوا عصا المسلمين وأضرموا نار الفتن بينهم، حتى كانوا أوزاعاً وشيعاً، يكفر بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض، من غير أمر يوجب ذلك، إلا ما نفخته الشياطين، أو نفثته أبالسة الإنس الذين هم أنكى للإسلام من نسل آكلة الأكباد].

2ـ قال (ص25): [الفصل الخامس: في طائفة مما صح عند أهل السنة من الأحاديث الحاكمة بنجاة مطلق الموحدين، أوردناها ليعلم حكمها بالجنة على كل من الشيعة والسنة، والغرض بعث المسلمين على الاجتماع والتنديد بهم على هذا النـزاع والتنبيه لهم على أن هذا التدابر بينهم عبث محض وسفه صرف بل فساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل، ضرورة أنه متى كان الدين حاكماً على كل منهما بالإيمان معلناً بفوزهما في أعلى الجنان لا يبقى لنـزاعهما غرض تقصده الحكماء أو أمر يليق بألباب العقلاء، لكن مُني المسلمون بجماعة ذهلوا عن صلاحهم وغفلوا عن حديث صحاحهم].

3ـ قال (ص31) [وهذه الأخبار أجلى من الشمس في رائعة النهار وصحتها أشهر من نار على علم، فيها من البشائر ما ربما هون على المسلم موبقات الكبائر، فدونك أبوابها في كتب أهل السنة لتعلم حكمها عليك وعليهم بالجنة، وكل ما ذكرناه شذر من بذر، ونقطة من لجج بحر، اكتفينا منها بما ذكره البخاري في كتابه وكرره بالأسانيد المتعددة في كثير من أبوابه، ولم نتعرض لما في باقي الصحاح، إذ انشق بما ذكرناه عمود الفجر واندلع لسان الصباح].

ثانياً: تصريحه بمعتقدهم التكفيري لجميع المسلمين الذين لا يؤمنون بإمامتهم والاعتراف بهلاكهم:

والعجيب أنه صرح بذلك في نفس الكتاب الذي كان غرضه منه تجميع الأمة ونبذ التمزق والتكفير فيما بينهم، وذلك بعد أن استعرض أحاديث أهل السنة بنجاة مطلق الموحدين يوم القيامة، حيث قال (ص31): [فدونك أبوابها في كتب أهل السنة لتعلم حكمها عليك وعليهم بالجنة، وكل ما ذكرناه شذر من بذر، ونقطة من لجج بحر، اكتفينا منها بما ذكره البخاري في كتابه وكرره بالأسانيد المتعددة في كثير من أبوابه، ولم نتعرض لما في باقي الصحاح، إذ انشق بما ذكرناه عمود الفجر واندلع لسان الصباح].

وبعد إقراره بما ورد من كتب أهل السنة بنجاة جميع الموحدين، انتقل لنقل تلك الحقيقة من أصح كتب الشيعة ألا وهو الكافي للكليني، ولكنه وجدها طافحة بتكفير جميع الموحدين من أهل القبلة أن كانوا لا يؤمنون بإمامة الاثني عشر، فقرر تلك الحقيقة التي تقضي على أمل التقارب وتشعل نار الفتنة بين المسلمين بعدما حكموا على جميعهم بالخلود في نار جهنم، حالهم كحال سائر الكفرة من المجوس والوثنيين والملحدين، فقال (ص32،31): [وإن عندنا صحاحاً أخر فزنا بها من طريق أئمتنا الاثني عشر: روتها هداة قولهم وحديثهم روى جدنا عن جبرئيل عن الباري فهي السنة التالية للكتاب، وهي الجنة الواقية من العذاب، وإليكها في أصول الكافي وغيره، تعلن بالبشائر لأهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، لكنها تخصص ما سمعته من تلك العمومات المتكاثرة بولاية آل رسول الله وعترته الطاهرة... ولا غرو فإن ولايتهم من أصول الدين].

فتأمل دعوته للتقريب وجمع الكلمة ثم أتبعه في نفس الكتاب (!) ببيان معتقدهم التكفيري بحصره النجاة فقط في الشيعة الإمامية وهلاك باقي المسلمين من أهل التوحيد، لتستيقن من زيف دعاوي التقريب التي ما زال يرددها علماء الشيعة على طريقة آيتهم العظمى عبد الحسين، والتي سار عليها علامتهم جعفر السبحاني!!.  

([18]) لم يكن علامتهم جعفر السبحاني النموذج الأوحد الذي جسّد تبني المعاصرين لعقيدة التكفير، بل سبقه بذلك إمامهم في المذهب ومؤسس دولة إيران الشيعية الخميني، إذ كشف عن معتقده التكفيري الذي ورثه من أسلافه حين حكم على كبار صحابة رسول الله e طلحة والزبير وعلى أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنهم أجمعين- بكونهم أخبث من الكلاب والخنازير! وأن عذابهم يوم القيامة أشد من عذاب الكفار! وإليك نص كلامه النتن، حيث قال في كتابه (الطهارة) (3/337): [وأما سائر الطوائف من النصاب بل الخوارج فلا دليل على نجاستهم وإن كانوا أشد عذاباً من الكفار، فلو خرج سلطان على أمير المؤمنين –عليه السلام- لا بعنوان التدين بل للمعارضة في الملك أو غرض آخر كعائشة وزبير وطلحة ومعاوية وأشباههم أو نصب أحد عداوة له أو لأحد من الأئمة –عليهم السلام- لا بعنوان التدين بل لعداوة قريش أو بني هاشم أو العرب أو لأجل كونه قاتل ولده أو أبيه أو غير ذلك لا يوجب ظاهراً شيء منها نجاسة ظاهرية. وإن كانوا أخبث من الكلاب والخنازير] ، وللعلم قد أرفقت صورة هذا النص وغلاف الكتاب في  آخر هذا الكتاب لمن شاء أن يقف عليه بنفسه.