×
الإمام في تحريم علم الكلام: قال المُصنِّف - وفقه الله -: «علم الكلام من قواعد المبتدع فيما يدعو إليه من البدع يقعده صاحب الابتداع ليقنع به الأتباع. فمن اقتنع بعلم الكلام ابتدع في الإسلام؛ لأنه باب للدخول إلى رد قول الله والرسول، وبه يفتح المجال لقبول آراء الرجال فلا يبقى سبيل لقبول التنزيل. فلوجود هذه الأخطار كتبت هذه الأسطار».

سلسلة: قواعد المبتدع فيما يدعو إليه من البدع.(1) علم الكلام      

 الإمام في تحريم علم الكلام

 تأليف

محمد بن أحمد العماري

عضو الدعوة والإرشاد بوزارة الشؤون الإسلامية

بالمملكة العربية السعودية

 موقع المؤلف على الإنترنت

http://www.alammary.net

البريد الإ كتروني

[email protected]

الطبعة الأولى

 جميع الحقوق لكل مسلم

حقوق الطبع , والترجمة لكل مسلم .


 مقدمة

الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان.

 والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ومن استن بسنته واهتد بهداه                                                                                    أما بعد

فلما كانت البدعة: تغييراً للدين ,واستبدالاً للوحيين ,وتفريقاً لجماعة المسلمين , واستحلالاً لدماء المؤمنين اجتهدت أن أغلق الأبواب , وأن أكون من الحجاب لئلا يدخل المسلم هنالك , فيقع في المهالك .

يا ليت شعري من أباح ذلك

وأورط الأمة في المهالك

فيا شديد الطول والإنعام

إليك نشكو محنة الإسلام

فالبدعة: أوقعت في الشرك بالرحمن , و قتل عثمان , وحملت السيف على المؤمنين , وفرقت جماعة المسلمين .

وعلم الكلام من قواعد المبتدع فيما يدعو إليه من البدع يقعده صاحب الابتداع ليقنع به الأتباع.

فمن اقتنع بعلم الكلام ابتدع في الإسلام لأنه باب للدخول إلى رد قول الله , والرسول وبه يفتح المجال لقبول أراء الرجال فلا يبقى سبيل لقبول التنزيل.

فلوجود هذه الأخطار كتبت هذه الأسطار مستعيناً بالله طالباً منه رضاه

 وأستعينه على نيل الرضا

وأستمد لطفه فيما قضى

وعلى القاري إذا رأى خطأً أن يصلح أو زللاً أن يصفح

ومن يصادف هفوة فليصلحا

بعد تأمل لها وليصفحا

فقد جمعته على استعجال

مع غربتي عن أهل ذي المجال

وقد جعلته على فصول ليسهل على القاريء الوصول .

ذكرها إجمالاً:

 الفصل الأول: تعريف علم الكلام .

الفصل الثاني: نشأته . 

الفصل الثالث: إستمداده .

الفصل الرابع: سند المتكلمين .  

الفصل الخامس: أسماؤه ؛ المضللة للمسلمين . 

الفصل السادس: حكمه .

الفصل السابع: أقوال علماء الإسلام في تحريم علم الكلام . 

الفصل الثامن: أقوال علماء الكلام في تحريم علم الكلام .

الفصل التاسع: من قال بأن علم الكلام بدعة في الإسلام .

الفصل العاشر: أهل الإسلام لا يحتاجون علم الكلام . 

الفصل الحادي عشر : أهل الكلام .

الفصل الثاني عشر:بعض من تصدى لأهل الكلام من أهل الإسلام .

الفصل الثالث عشر : خطر علم الكلام على أهل الإسلام .

الفصل الرابع عشر: شبه المتكلمين .

ذكرها تفصيلاً:

  الفصل الأول: تعريفه.

قال بن خلدون: في مقدمته هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الإعتقادات عن مذهب السلف , وأهل السنة .

وبن خلدون يمثل المرحلة الأولى: من نشأة علم الكلام ؛قبل اختلاطه بالفلسفة , ويعبر عن رأي الأغلبية ممن يشتغلون بعلم الكلام .

وقفات مع التعريف:

 الوقفة الأولى: غفر الله لعلماء الكلام ما أرادوا إلا نصرة الإسلام , ولكن كم مريد للخير لم يبلغه.

الوقفة الثانية: مع قوله هو علم سيأتي معك في أسماء علم الكلام بأنه ليس بعلم فانتبه له.

الوقفة الثالثة: مع قوله الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية فأقول العقائد الإيمانية أمور غيبية لا تدرك بالأدلة العقليه , وإنما تدرك بالأدلة النقلية .قَالَ تَعَالَى:{قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ} [الأنعام: ٥٠]

والجدال بالعقل فيما لا يدرك إلا بالنقل ضلالة ,وعمى لأنه قول بلا علم ,ولا هدى .

 قَالَ تَعَالَى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ{8} ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الحج: ٨ - ٩]

 الفصل الثاني: نشأة علم الكلام .

لم يكن للبشرية بعلم الكلام علم منذ عرفت العلم فلم يعرفه السابق حتى يعلمه اللاحق ؛ فكان علماً مبتكراً جديدا ظل التاريخ , والواقع عليه شهيدا .

فقد نشأ في الدولة اليونانية ,ودرس في مدارسها البيقوريه ,والرواقية ,والسفسطائية .

وفي الدولة اليونانية بنيت العلوم المنطقية, ووضعت ضوابطها العقلية ,

وقال اليونان بأنه آلة تعصم عن الخطأ الأذهان , ولو عصم منهم الأذهان لقلنا صدق اليونان لكنهم مختلفون في أبسط قواعد ما يعرفون فأرسطاليس الذي رتب علم المنطق , وحرره . رد على أساتذته أفلاطون , وسقراط , وتبرأ منهما .

فلا يعصم عقل الإنسان مهما كان إلا بوحي من الرحمن يكشف له الغيب , ليصل بلا ريب .

 ثم زحف علم الكلام على أمة الإسلام فكان لها مضللا , ولفكرها مشتتا , ولرأيها مفرقا , ولوحدتها ممزقا, وبقي إلى اليوم مشغلاً للقوم الذين تأثروا بالأبحاث الفلسفيه في العقائد الإيمانيه مع أنها توقيفيه .

فيا لمصيبة الإسلام من طريقة أهل الكلام .

 الفصل الثالث: إستمداده.

علم الكلام  مستمد من علم المنطق .

 فالفلاسفة: أهل المنطق , والبرهان المبني على قواعد اليونان .

 وأهل الكلام: هم أهل الرأي ,والنظر المبنيان على قواعد , وأصول اليونان فطلبوا معرفة صحة الإعتقاد على طريقة أهل الإلحاد . قد ضل من كانت العميان تهديه.

وفي ذلك مخالفة للنقل , والعقل , و تخطئة للرسول ﷺ‬ إذ لم يكن على طريقتهم في الوصول.

 فزعموا أنهم أعلم بالله من رسول الله , وكلفوا العوام بالإجتهاد , وأنى لهم الإجتهاد .

 وضللوا جميع الخلق الذين لم يصلوا عن طريقهم للحق مع أنهم لم يصلوا , وعلى أنفسهم شهدوا ( وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا ظالمين) وسيأتي البيان فلا تتلق الركبان.

 الفصل الرابع: سند المتكلمين .

بن سيناء , والفارابي عن أرسطاليس عن أفلاطون عن سقراط عن الشيطان.

  أن الأجساد لا تحشر ,وإنما تحشر الأرواح , وأن النعيم , والعذاب على الروح دون الجسد.

 وأن الله يعلم الكليات , و لا يعلم الجزئيات , وأن العالم قديم أزلي , وأن الله ليس له صفات ) .

 قَالَ تَعَالَى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ{3} كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}[الحج: ٣ - ٤]

 و سند المسلمين : عن النبي محمد بن الله ﷺ‬ عن جبريل عن الله . قَالَ تَعَالَى:{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ{192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ{193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ{194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ}[الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥]

  أن الحشر , والنعيم , والعذاب للأبدان , والأرواح معاً , وأن الله يعلم الكليات , والجزئيات.

 فلا يعزب عنه مثقال ذرة , وأن العالم وهو كل شيء سوى الله مخلوق حادث , وليس بقديم (الله خالق كل شيء) .

وأن لله صفات كما في السنة , والآيات قَالَ تَعَالَى:{ قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ: ٥٠]

  الفصل الخامس: أسماؤه ؛ المضللة .

سمي علم الكلام بغير اسمه لجلب الناس إليه , وإدخالهم فيه.

 أولاً: سموه علم .

 وليس كذلك بل هو جهل لأن العلم ما أفاد اليقين , والكلام لا يفيد إلا الشك , والحيرة .

 سئل أبو عمر الضرير رحمه الله:عن تعلم علم الكلام للرد به على أهل الجهل فقال الكلام كله جهل فلا تتعلم الجهل فإنك كلما كنت بالجهل أعلم كنت بالعلم أجهل([1]) .

وقال أبو يوسف رحمه الله: العلم بالكلام , والخصومة جهل , والجهل بالكلام علم([2]) .

 وقال الإمام مالك رحمه الله: لو كان الكلام علماً لتكلم فيه الصحابة , و التابعون كما تكلموا في الأحكام ,والشرائع , ولكنه باطل يدل على باطل([3]) .

وقال الشافعي رحمه الله الكلام ليس من العلم([4]) .

و قال بن عبد البر رحمه الله أجمع أهل الآثار من جميع الأمصار أن الكلام ليس من العلم .

ثانياً: سموه علم التوحيد .

 وليس كذلك فعلم التوحيد هو ما أخذ من النقل لا من العقل .

 قال العباس بن سر يج رحمه الله توحيد أهل العلم , وجماعة المسلمين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ,وتوحيد أهل الباطل من المسلمين الخوض في الأعراض , والأجسام ,وإنما بعث النبي بإنكارذلك([5]) .

وسئل الإمام مالك: عن التوحيد فقال محال أن يظن بالنبي ﷺ‬ أنه علم أمته الإستنجاء , ولم يعلمهم التوحيد .

 ثم قال والتوحيد ما جاء في حديث بْنِ عُمَرَ(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ‬قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) متفق عليه([6])

 قال: فما عصم به الدم , والمال فهو حقيقة التوحيد([7]) .

وقال أبو الوفاء بن عقيل: وأنا أجزم بأن أبا بكر , وعمر لم يعرفا توحيد الجسم , والعرض , وهما في الجنة([8]) .

وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله: بعد أن تاب من علم الكلام فليت شعري متى نقل عن رسول الله ﷺ‬ أو عن الصحابة رضوان الله عليهم أن قالوا لمن جاء هم مسلماً الدليل على أن العالم حادث أنه لا يخلو عن الأعراض , ومالا يخلو عن الحوادث حادث قال إن ذلك لم يحدث قط , ولم يتواتر عن أحد منهم إن علم الكلام لم يأمر به النبي ﷺ‬ ,ولا تناوله الصحابة من بعده([9])

قلت: والذي كان يطلبه النبي , والصحابة ممن جاء مسلماً , ويحكموا به على إسلامه الشهادتين .

ثالثاً:سموه علم أصول الدين .

 وليس كذلك فلعلم الدين أصلان من الخطأ معصومان , ومنه عاصمان لا ثالث لهما ,وهما الكتاب , و السنة . قَالَ تَعَالَى:{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }[طه: ١٢٣]

 وَعَنْ جَابِرِ tقَالَ سَمِعْتُ: رَسُوْلَ اللهِ ﷺ‬يَقُوْلُ (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ ([10]) .

 وَعَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ‬ قَالَ:( تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ) أخرجه مالك مرسلا والحاكم مسندا وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه ([11]) وحسنه الألباني([12])

رابعاً:سموه عاصم الذهن من الخطأ .

هكذا سماه اليونان فتبعهم أهل القرآن حتى قال عبد الرحمن الأخضري صاحب السلم المنورق .

وبعد فالمنطق للجنان

نسبته كالنحو للسان

فيعصم الأفكار من غي الخطا

وعن دقيق الفهم يكشف الغطا

قلت: ليس كذالك فالعقل ليس معصوماً عن الخطأ , ولا عاصماً منه , وإنما المعصوم من الخطأ ,والعاصم منه هو الكتاب , والسنة .

 فهما معصومان عن الخطأ .

قَالَ تَعَالَى:{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ{41} لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤١ -٤٢ ]

و قَالَ تَعَالَى:{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤]

 وعا صمان لمن اتبعهما من الخطأ . قَالَ تَعَالَى:{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }[طه: ١٢٣]

وَعَنْ جَابِرِ tقَالَ سَمِعْتُ: رَسُوْلَ اللهِ ﷺ‬يَقُوْلُ (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ ([13]) .

 وَعَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ‬ قَالَ:( تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ) أخرجه مالك مرسلا والحاكم مسندا وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه ([14]) وحسنه الألباني([15])

 الفصل السادس: حكمه .

 حكمه: بدعة محدثة.

  لأنه جدال بالعقل فيما لا سبيل لمعرفته إلا بالنقل فهو جدال في المولى بغير علم , و لا هدى.

 قَالَ تَعَالَى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ }[لقمان: ٢٠]

 وجدال بالعقل فيما قد تبين بالنقل . قَالَ تَعَالَى:{ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} [الأنفال: ٦]

وجدال بالعقل لدحض النقل. قَالَ تَعَالَى:{ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ }[غافر: ٥]

وجدال في الرحمن , بوحي من الشيطان . قَالَ تَعَالَى:{ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام ١٢١ ]

فلا يجادل في الرحمن إلا اتباع الشيطان .

 قَالَ تَعَالَى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ{3} كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ }[الحج: ٣ - ٤]

و الجدال في الله بالعقل أضل المسلمين عن النقل .

 قَالَ تَعَالَى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ{8} ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ }[الحج: ٨ - ٩]

وقد أمر الله المسلمين بترك المجادلين,والإعراض عنهم , وعدم القعود معهم .

 قَالَ تَعَالَى:{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[الأعراف: ١٨٠]

و قَالَ تَعَالَى:{ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام:٦٨]

وجعل من قعد معهم في الإثم مثلهم . قَالَ تَعَالَى:{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } [النساء: ١٤٠]

 الفصل السابع: أقوال علماء الإسلام في تحريم علم الكلام .

 سئل أبو حنيفة رحمه الله: عما أحدث الناس من الكلام في الأعراض , والأجسام فقال مقالات الفلاسفة عليك بالأثر ,وطريقة السلف ,وإياك , وكل محدثة فإنها بدعة([16]) .

وقال رحمه الله: لعن الله عمرو بن عبيد إنه فتح للناس الطريق إلي علم الكلام([17])

وقال محمد بن الحسن رحمه الله: كان أبو حنيفة يحثنا على الفقه , وينهانا عن الكلام([18])

وقال أبو يوسف رحمه الله: العلم بالكلام , والخصومة جهل , والجهل بالكلام علم([19])

وقال رحمه الله: من طلب الدين بالكلام تزندق([20])

وقال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: من طلب الكلام فآخر أمره إلي الزندقة([21])

و دخل رجل على مالك بن أنس رحمه الله: فسأله عن القرآن. فقال لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد لعن الله عمراً فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام , و لو كان الكلام علماً لتكلم فيه الصحابة ,و التابعون كما تكلموا في الأحكام , والشرائع , ولكنه باطل يدل على باطل([22])

وسئل رحمه الله عن التوحيد فقال: محال أن يظن بالنبي ﷺ‬ أنه علم أمته الإستنجاء ,ولم يعلمهم التوحيد وقال والتوحيد ما جاء في حديث بن عمر ثم قال فما عصم به الدم , والمال فهو حقيقة التوحيد([23])

وقال رحمه الله: إياكم وأهل البدع فقيل: يا أبا عبد الله , و ما لبدع قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله , وصفاته , وكلامه , وعلمه , وقدرته , ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة , والتابعون لهم بإحسان([24])

وقال الشافعي رحمه الله الكلام ليس من العلم([25])

وقال رحمه الله الكلام يلعن أهل الكلام([26])

وقال رحمه الله لقد اطلعت من أهل الكلام على شيءٍ والله ما توهمته قط ,ولأن يبلى المرء بما نهى الله عنه خلا الشرك بالله خير من أن يبتلى بالكلام([27])

وقال رحمه الله لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ماخلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الهوى([28])

وقال رحمه الله حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد , و يحملوا على الإبل , و يطاف بهم في العشائر , والقبائل , ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب , والسنة , وأخذ الكلام([29])

 وقال الربيع بن سليمان رحمه الله: نزل الشافعي مع الدرج , و قوم في المجلس يتكلمون في الكلام فصاح بهم , وقال إما أن تجاورونا بخير ,وإما أن تقوموا عنا([30])

وسأل رجل القاسم بن سلام :عن علم الكلام فقال: لقد دلك ربك على سبيل الرشد , وطريق الحق .

قَالَ تَعَالَى:{ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: ٥٩] أما لك فيما دلك عليه ربك من كلامه ,وسنة نبيه ما يغنيك عن الرجوع إلي رأيك فتهلك فقد نهاك الله عن الكلام في ذاته , وصفاته إلا ما بينه لك([31])

 وقال الجنيد رحمه الله: أقل ما في علم الكلام سقوط هيبة الرب من القلب , وإذا عري عن هيبة الله فقد عري عن الإيمان([32])

وكان سفيان الثوري رحمه الله : يبغض أهل الأهواء وينهى عن مجالستهم أشد النهي , ويقول عليكم بالأثر , وإياكم والكلام في ذات الله([33])

و قال العباس بن سر يج رحمه الله توحيد أهل العلم ,وجماعة المسلمين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله وتوحيد أهل الباطل من المسلمين الخوض في الأعراض , والأجسام ,وإنما بعث النبي بإنكار ذلك([34])

  الفصل الثامن: أقوال علماء الكلام في تحريم علم الكلام .

قلت: فهذا من درس قواعده , وأركانه يتمنى الجهل مكانه إذ أوصله إلى الشك , و الحيره فلم يعرف غيره فلم يقدر على المسير , ولا الرجوع من الأخير فوقف نادماً حسير

قال الغزالي رحمه الله:وأما ما يظن في علم الكلام من أنه كشف للحقائق ,ومعرفة للأشياء على ما هي عليه فهيهات فليس في الكلام , وفاء بهذا المطلب الشريف بل التخبيط , والتضليل فيه أكثر من الكشف ,والتعريف , ولو سمعت هذا القول من محدث , أو حشوي لقلت أنه جاهل به, ولكن اسمع هذا القول ممن عرف الكلام ثم قلاه بعد معرفته , والتغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلمين , وتحقق أن الطريق إلى معرفة الحقائق من هذا الباب مسدود([35])

ويقول الشهرستاني رحمه الله:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها

وصيرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعاً كف حائر

على ذقنٍ أو قارعاً سن نادم

وقال الإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله:

 و أنا أخبرك عن نفسي ما وقعت فيه بالأمسي فإني في أيام الطلب , وعنفوان الشباب شغلت بهذا العلم الذي سموه.

 تارة علم الكلام .

 وتارة علم التوحيد .

وتارة علم أصول الدين .

وأكببت على مؤلفات الطوائف المختلفة منهم , ورمت الرجوع بفائدة , والعود بعائدة فلم أظفر من ذلك بغير الخيبة , والحيرة فكان ذلك من الأسباب التي حببت إلي مذهب السلف([36])

وقال محمد بن عمر الرازي رحمه الله

نهاية إقدام العقول عقال

وغاية سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا

وأرواحنا في وحشة من جسومنا

وأرواحنا في وحشة من جسومنا

وغاية دنيانا أذاً ووبال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا

سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا                             

قلت:فأرواح الأقوام مستوحشة من الأجسام فنهاية هذا العلم , وحشة بين الروح , والجسم فكيف يريدون سلماً مع بني الإنسان , ولم يحصل السلم بين الأرواح , والأبدان فنعوذ بالله من علم الجهل خير منه .

قال الشوكاني: ( فما رأيك بعلم يقر صاحبه على نفسه بأن الجهل خير منه ويتمنى عند بلوغ غايته والوصول إلى نهايته أن يكون جاهلاً به عاطلاً منه ثم قال ففي هذه عبرة للمعتبر ين وآية للناظرين قال فهلا عملوا على جهل هذه المعارف([37])

 الفصل التاسع: من قال بأن علم الكلام بدعة في الإسلام

أولاً: أبو حنيفة رحمه الله: سئل عما أحدث الناس من الكلام في الأعراض , والأجسام فقال مقالات الفلاسفة عليك بالأثر , وطريقة السلف , وإياك وكل محدثة فإنها بدعة([38])

ثانياً: مالك بن أنس رحمه الله: دخل عليه رجل فسأله عن خلق القرآن فقال لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد لعن الله عمراً فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام ,و لو كان الكلام علماً لتكلم فيه الصحابة , و التابعون كما تكلموا في الأحكام , والشرائع , ولكنه باطل يدل على باطل([39])

ثالثاً: بن خزيمة رحمه الله: سئل عن الكلام في الأسماء , والصفات فقال بدعة ابتدعوها لم يكن أئمة المسلمين من الصحابة , والتابعين , وأئمة الدين , وأرباب المذاهب مثل مالك بن أنس ,وأبي حنيفة ,والشافعي , واحمد , وسفيان الثوري, والأوزاعي ,وأبو يوسف ,ومحمد بن الحسن ,وعبد الله بن المبارك ,واسحاق الحنظلي, ويحي بن يحي , ومحمد بن يحي لم يكونوا يتكلمون في ذلك ,وينهون عن الخوض فيه , ويدلون أصحابهم على الكتاب, والسنة([40])

رابعاً: بن عبد البر رحمه الله قال أجمع أهل الآثار من جميع الأمصار أن الكلام ليس من العلم.

 الفصل العاشر: هل أهل الإسلام يحتاجون علم الكلام للوصول للعقائد الصحيحة .

الجواب: المسلمون لا يحتاجونه أبداً فخذ البيان مؤكداً .

عقيدة المسلمين ثبتت صحتها , وسلامتها بالدليل , والحجة , والبرهان من الإجماع ,و السنة ,والقرآن

 فلا حاجة للكشف عن صحتها بدليل آخر .

من قال أن المسلمين يحتاجونه لزمه أمور.

1- تخطئة النبي صلى ﷺ‬ لأنه لم يأمر أحداً من أهل الإسلام بعلم الكلام , والنظر على طريقة أهل الإلحاد ليصلوا إلى صحة الإعتقاد بل قبل إسلام المسلمين إذا نطقوا الشهادتين كما أمره رب العالمين

عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) متفق عليه([41]) .

فقبل منهم مجرد الإسلام , ولم يطلب منهم ما طلبه علماء الكلام من توحيد العرض , والجوهر ,والجسم .

 2-من قال أن النبي ﷺ‬ كان مخطئاً في ذلك , ومن دعا لعلم الكلام مصيباً هنالك فقد أدعى ديناً ,وشريعة غير الإسلام . وهذا الكفر البواح .

3-من قال أنه لا عقيدة صحيحة إلا لمن نظر في أدلة العقول الصريحة لزمه أيجاب الإجتهاد على جميع العباد , وهذا تكليف بما لا يطاق , ومخالف للإجماع المنعقد بلا نزاع أن العامي لايكلف بالإجتهاد في معرفة الأحكام وإنما يسأل العلماء عما يروون لاعما يرون لأن التقليد في الرواية اتباع ,وفي الرأي ابتداع .

4- من قال أنه لا عقيدة صحيحة إلا لمن نظر في أدلة العقول الصريحة لزمه الحكم بالضلال على جميع الخلق إذ لم ينظروا لمعرفة الحق .

و أهل الكلام قد اعترفوا بأنهم نظروا , ولم يصلوا (وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا ظالمين )

 5- من قال أنه لا عقيدة صحيحة إلا لمن نظر في أدلة العقول الصريحة لزمه الحكم لأهل الكلام بأنهم أعلم بالله من رسول الله ﷺ‬ , وهذا لا يشك في بطلانه العوام فضلاً عن علماء الإسلام .

 الفصل الحادي عشر: أهل الكلام , والعقل , والجدل .

هم المعتزلة , و الجهمية , و الأ شاعرة , والماتريدية ,والشيعة , وكل من خاض بعقله في الغيبيات التي  لايدركها العقل إلابواسطة الوحي .

 قَالَ تَعَالَى:{مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: ٥٨]

و عن أبي هريرة tقال: قال رسول الله ﷺ‬( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا:{مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} رواه الترمذي ,وبن ماجه , وأحمد ,وصححه الألباني

 قال إبراهيم الخواص: ما كانت زندقة , ولا كفر , ولا بدعة إلا من قبل الكلام , والجدل , و المراء([42])

 قَالَ تَعَالَى:{ مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ} [غافر: ٤]

و قَالَ تَعَالَى:{ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً [الكهف: ٥٦]

قال أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله: وأنا أجزم بأن أبا بكر ,وعمر لم يعرفا توحيد الجسم , والعرض , وهما في الجنة([43])

وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله : بعد أن قلى علم الكلام , ولم يطلب رسول الله ﷺ‬ ,ولا الصحابة ممن جاء مسلماً الدليل على أن العالم حادث قال: وذلك لم يحد ث قط([44])قلت: والذي كان يطلبه النبيﷺ‬, والصحابة ممن جاء مسلماً , ويحكموا به على إسلامه الشهادتان.

  الفصل الثاني عشر: بعض من تصدى لأهل الكلام من علماء الإسلام

1- العجلي المتوفى 454( في كتابه أحاديث في ذم الكلام وأهله)

2- بن عبد البر المتوفى سنة 463 ( في كتابه جامع بيان العلم وفضله)

3-عبد الله الأنصاري الهروي المتوفي 481 ( في كتابه ذم الكلام)

4-بن الجوزي المتوفى 596 ( في كتابه تلبيس إبليس)

5-بن قدامة المقدسي المتوفى 620( في كتابه تحريم النظر في كتب أهل الكلام ) رده على بن عقيل

6-السيوطى المتوفى 911 (في كتابه صون المنطق والكلام عن المنطق والكلام) لخص فيه كتاب بن عبد البر والهروي

وغيرهم كالإمام أحمد رحمه الله في كتابه الرد على الجهمية , والزنادقة مع مقدمة في علم الكلام , والمذاهب الهدامة .

  الفصل الثالث عشر: خطر علم الكلام على أمة الإسلام .

 الخطر الأول: أن علم الكلام هو ما يدعو إليه أعداء الإسلام لصرف المسلمين عن الوحيين:

قَالَ تَعَالَى:{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً{73} وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً{74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً} [الإسراء: ٧٣ - ٧٥]

 و قَالَ تَعَالَى:{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }[يونس: ١٥]

  و قَالَ تَعَالَى:{ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ٢٠٣]

  و قَالَ تَعَالَى:{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة:٤٩]

 الخطر الثاني: أن علم الكلام تفريق للدين .

  قَالَ تَعَالَى:{ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ  } [الشورى: ١٣  ]

فأهل الكلام فرقوا دين الإسلام . قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{31} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: ٣٢]

  الخطر الثالث: أن علم الكلام جهل وتجاهل وتجهيل بمصادر الإسلام  

 فلدين الإسلام :مصدران من الخطأ معصومان , ومنه عاصمان .

 المصدر الأول: القرآن معصوم من الخطأ.

 قَالَ تَعَالَى:{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ{41} لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤١ - ٤٢]

 وعاصم لمن اتبعه من الخطأ . قَالَ تَعَالَى:{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: ١٢٣]

المصدر الثاني: السنة معصومة من الخطأ.

 قَالَ تَعَالَى:{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: ٣ -  ٤]

 وعاصمة لمن اتبعها من الخطأ . عن جابر tقال سمعت: رسول الله ﷺ‬يقول ( وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ ) رواه مسلم ([45])

 وَعَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ‬ قَالَ:( تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ) أخرجه مالك مرسلا والحاكم مسندا وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه ([46]) وحسنه الألباني([47])

 الخطرالرابع: أن علم الكلام جدال بالعقل فيما لايدرك إلا بالنقل كالمجادلات في العقائد ,والشرائع, وسائرالغيبيات.

 قَالَ تَعَالَى:{ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ} [الأنعام: ٥٠]

ومن المجادلات في الغيبيات المجادلة في الله, وأسمائه ,وصفاته . قَالَ تَعَالَى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ} [ لقمان: ٢٠]

 الخطر الخامس: أن علم الكلام تفريق لأمة الإسلام . 

 قَالَ تَعَالَى:{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الأنعام: ١٥٩]

 الخطر السادس: أن علم الكلام يرد التنازع لليونان.

قَالَ تَعَالَى:{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً} [النساء: ٦٠]

ولا يرده للسنة والقرآن .

قَالَ تَعَالَى:{ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: ٥٩]

 الخطر السابع: أن علم الكلام يحكم في الخلاف اليونان.

قَالَ تَعَالَى:{ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً} [النساء: ٦٠]

ولا يحكم الرحمن. قَالَ تَعَالَى:{ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى: ١٠]

 الخطر الثامن: أن علم الكلام تمسك بعلم اليونان.

قَالَ تَعَالَى:{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} [المائدة: ١٠٤]

لاتمسكٌ بما أوحاه الرحمن. قَالَ تَعَالَى:{ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{43} وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: ٤٣ -٤٤]

   الخطرالتاسع: أن علم الكلام اتباع لليونان .

قَالَ تَعَالَى:{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} [البقرة: ١٧٠]

لااتباع لما أوحاه الرحمن. قَالَ تَعَالَى:{ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يونس: ١٠٩]

 الفصل الرابع عشر: شبه المتكلمين

 الشبهة الأولى: أن طلب علم الكلام طلب للحجة ,والبرهان .

الرد : كلمة حق أريد بها باطل فإقامة الحجة ,والبرهان مطلوبان ,ولكن علم الكلام ليس حجة ,ولابرهان فخذ البيان

أولاً: الحجة ,والبرهان لاتكون إلا بالعلم ,والكلام ليس بعلم بل هو جهل لأنه لا يفيد اليقين ,وإنما يفيد الشك , والحيرة .

سئل أبو عمر الضرير رحمه الله: عن تعلم علم الكلام للرد به على أهل الجهل فقال الكلام كله جهل فلا تتعلم الجهل فإنك كلما كنت بالجهل أعلم كنت بالعلم أجهل([48])

وقال أبو يوسف رحمه الله: العلم بالكلام والخصومة جهل والجهل بالكلام علم([49])

 وقال الإمام مالك رحمه الله: لو كان الكلام علماً لتكلم فيه الصحابة و التابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع ولكنه باطل يدل على باطل([50])

وقال الشافعي رحمه الله: الكلام ليس من العلم)([51])

و قال بن عبد البر رحمه الله: أجمع أهل الآثار من جميع الأمصار أن الكلام ليس من العلم

ثانياً: أهل الكلام مختلفون فما كان حجة , وبرهان عند بعض المتكلمين فليس بحجة , و لابرهان عند آخرين ,وصدق رب العالمين . قَالَ تَعَالَى:{ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء: ٨٢]

ثالثاً: العقل ليس حجة بنفسه في كل شيء , وإنما هو حجة بنفسه في المعقولات وبغيره في غير المعقولات كالحسيات والغيبيات. راجع الحكم العدل في تقديم العقل لمقيده عفا الله عنه

   وأما العقائد فالحجة فيها النقل وليس العقل فلما أقاموا حجج العقل فيما لا يعرف إلا بالنقل ضلوا. قَالَ تَعَالَى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ{3} كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج: ٣ - ٤]

وعن سبيل النقل صدوا . قَالَ تَعَالَى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ{8} ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: ٨ - ٩ ]

و في أسماء الله ألحدوا . قَالَ تَعَالَى:{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٨٠]

و في آيات الله خاضوا . قَالَ تَعَالَى:{ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}  [الأنعام: ٦٨]

 الشبهة الثانية: أن علم الكلام برهان .

قَالَ تَعَالَى:{ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١]

الرد: الحجة في برهان النقل لافي برهان العقل .

قَالَ تَعَالَى:{ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: ١٥ ]

فلو كان البرهان بمجرد العقل . لعذب وإن لم يبعث الرسل .

  الشبهة الثالثة: أن علم الكلام بينة .

قَالَ تَعَالَى:{ لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: ٤٢]

 الرد: البينة من النقل لامن العقل .

قَالَ تَعَالَى:{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} [محمد: ١٤ ]

 الشبهة الرابعة: أن علم الكلام سلطان .

 قَالَ تَعَالَى:{ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [يونس: ٦٨]

الرد: طلب السلطان من النقل لامن العقل . قَالَ تَعَالَى:{ أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [يونس: ٦٨]

 فالقول في الله ,وأسمائه , وصفاته ,ودينه بالعقل قول بلا علم . قَالَ تَعَالَى:{ قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [يونس: ٦٨]

و قَالَ تَعَالَى:{ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} [الأنعام: ١٤٨]

  الشبهة الخامسة: أن علم الكلام حجة بالغة .

قَالَ تَعَالَى:{ قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٩]

الرد: الحجة البالغة النقل وليست العقل .

قَالَ تَعَالَى:{ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: ١٥]

 فلم يطلب الإيمان ببرهان العقل , وإنما طلب ببرهان النقل فلا يعذب صاحب العقل إلا بعد بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام.

 الشبهة السادسة: أن علم الكلام محاجة لأهل الباطل .

 قَالَ تَعَالَى:{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: ٢٥٨ ]

الرد: من وجوه:

الوجه الأول:علم الكلام باطل , ولا يدمغ الباطل إلا الحق .

 قَالَ تَعَالَى:{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: ١٨]

الوجه الثاني: محاجة إبراهيم للنمرود تعجيزية , وليست عقليه , وعجزه يدل على صدق إبراهيم ,وصدق الأنبياء يعرف بالمعجزات لا بالعقل .

 الشبهة السابعة: أن علم الكلام حجة .

 قَالَ تَعَالَى:{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: ٨٣]

الرد: حجة إبراهيم مستمدة من الرحمن , وحجة أهل الكلام مستمدة من اليونان . فتأمل {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} فالحجة مستمدة من النقل لامن العقل من وحي الرحمن لا من كلام اليونان .

  الشبهة الثامنة: أن علم الكلام جدال .

 وقد جادل الأنبياء عليهم السلام أهل الباطل .

 قَالَ تَعَالَى:{ قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [هود: ٣٢ ]

الرد: جدال الأنبياء لأهل الباطل بعلم مستمد من الرحمن , وجدال أهل الكلام بجهل مستمد من اليونان .

 قَالَ تَعَالَى:{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: ٢٨]

  الشبهة العاشرة: القرآن كله محاجة لأهل الباطل , وعلم الكلام محاجة لأهل الباطل .

الرد: القرآن محاجة بعلم , والكلام محاجة بجهل لأن الكلام في الله, وأسمائه , ودينه يحتاج إلى النقل إذ لا يعرف بالعقل . راجع الحكم العدل في تقديم العقل لمقيده عفا الله عنه

  الشبهة الحادية عشرة: عمدتهم في التوحيد .

 قَالَ تَعَالَى:{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: ٢٢]

 قال أهل الكلام: علم الكلام يقوم على برهان العقل , وهذه الآية تثبت , وحدانية الله بالعقل .

الرد: من وجوه

الوجه الأول: العقل حجة فيما يدركه بنفسه كالمعقولات وليس حجة فيما لايدركه إلا بواسطة  كالمحسوسات والغيبيات. 

قَالَ تَعَالَى:{ هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: ٦٦]

وعيب أهل الكلام أنهم استخدموا العقل بنفسه فيما لا يعرفه إلا بواسطة  , الوحي كالغيب. راجع الحكم العدل في تقديم العقل لمقيده عفا الله عنه

الوجه الثاني: أن النقل هو الذي أعطى الحجة للعقل فمتى كان العقل يعرف التوحيد قبل النقل فالعقل لا يعلم العقائد , والشرائع إلا بالنقل , ولو عرفت بالعقل لما احتاج العقلاء إلى كتب ,وأنبياء

قَالَ تَعَالَى:{ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء: ١٦٥]

الوجه الثالث: العقل في الغيبيات حجة بغيره وليس بنفسه ,والغير هو النقل .

 الشبهة الثانية عشره: عمدتهم في النبوة .

 قَالَ تَعَالَى:{ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ٢٣]

قال أهل الكلام: علم الكلام حجة عقلية , وقد طلب منهم في الآية حجة عقليه

الرد:ليس في الآية حجة عقلية وإنما فيها حجة تعجيزية , و النبوة لا تعرف بالعقل , وإنما تعرف بالمعجزه , والعقل يعلم النبوة بعد المعجزة لا قبلها .

 الشبهة الثالثة عشرة: عمدتهم في البعث .

قَالَ تَعَالَى:{ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: ٧٩]

 قال أهل الكلام: علم الكلام حجة , وبرهان عقلى ,وقد استدل بالعقل على البعث فالذي أنشأ هو الذي يبعث

الرد: من وجوه:

الوجه الأول:العقل حجة فيما يدركه بنفسه كالمعقولات كقدرة المبدى على الإعادة.

  وليس بحجة إذا استخدم العقل نفسه فيما لايعرفه بنفسه وإنما يعرفه بواسطة الوحي كتفاصيل اليوم الآخر.

 قَالَ تَعَالَى:{ هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: ٦٦]

 فالإستدلال على الإحياء بالنشأة يدرك بالنقل ,والعقل , ولكن ما بعده لا يدرك إلا بالنقل .

الوجه الثاني: أن الذي نبه العقل للإستدلال بالبدئة على الإعادة هو النقل ,وعاتب النقل صاحب العقل في عدم استخدام العقل فيما يدركه بنفسه في أكثر من آية .

 الشبهة الرابعة عشرة:مجادلة الرسل لقومهم , وعلم الكلام جدال لأهل الباطل .

الرد: جدال الرسل بعلم مستمد من الرحمن ,وجدال أهل الكلام بجهل مستمد من اليونان .

 قَالَ تَعَالَى:{ وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ} [الأنعام: ٨٠]

و قَالَ تَعَالَى:{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: ٢٨]

 الشبهة الخامسة عشرة: مجادلة الصحابة لأهل البدع , وأول من سنها علي بن أبي طالب مع الخوارج

الرد: مجادلة الصحابة بعلم مستمد من السنة , والقرآن , ومجادلة أهل الكلام بجهل مستمد من اليونان

 الشبهة السادسة عشرة: أمرنا الله بالتدبر , والتفكر , والتعقل.

الرد:

1- أمرنا بتدبر القرآن ,ولم نؤمر بتدبر قواعد اليونان.

 قَالَ تَعَالَى:{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء: ٨٢]

و قَالَ تَعَالَى:{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩]

 2- وأمرنا بالتفكر في آيات الرحمن لا فيما , وضعه اليونان .

 قَالَ تَعَالَى:{ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: ٢٤]

و قَالَ تَعَالَى:{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤]

3-وأمرنا بتعقل آيات الرحمن , ولم نؤمر بتعقل كلام اليونان .

قَالَ تَعَالَى:{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}  [يوسف: ٢]

و قَالَ تَعَالَى:{ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [ البقرة: ٧٣]

و قَالَ تَعَالَى:{ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: ١٥٣]



(1) -  رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص93  

(2)-رواه العجلي في ذم الكلام  ج 1ص96 

(3)-  رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص96-97

(4)- رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص90

(5)-رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ج1ص87

(1) -صحيح البخاري رقم24 (ج 1 / ص 42  ومسلم رقم33ج1ص118

(2)-رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص92

(3)-مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسالة 24  

(4)-فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ص89

(5) - صحيح مسلم رقم 2137 (ج 6 / ص 245  

(1)-موطأ مالك  رقم  1395 (ج 5 / ص 371

(2) -مشكاة المصابيح رقم186 (ج 1 / ص 40)   [ 47 ] ( حسن )

(3) - صحيح مسلم رقم 2137 (ج 6 / ص 245  

(1)-موطأ مالك  رقم  1395 (ج 5 / ص 371

(2) -مشكاة المصابيح رقم186 (ج 1 / ص 40)   [ 47 ] ( حسن )

(1)- رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ج1ص86)

(2)- رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ج1ص88)

(3)- رواه العجلي في ذم الكلام   ج1 ص88)

(4)- رواه العجلي في ذم الكلام ج 1ص96)

(5)-رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص85 

(6)رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص98  

(7)-رواه العجلي في ذم الكلام   ج1ص96-97

(8)-رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص92

(1)- رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص82

(2)-رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص90

(3)-رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص83

(4)-رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص81

(5)-رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ج1 ص78

(6)-رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص98-99

(7)-رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ج1ص84

(8)-رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ج1ص91

(1)-رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ج1ص95

(2)-رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ذم الكلام ج1ص89   

(3)-(رواه العجلي في ذم الكلام وأهله ذم الكلام ذم الكلام وأهله ج1ص87

(4)- قواعد العقائد ج1ص101 

(1)- التحف في مذهب السلف ج1- ص74   

(2)- التحف في مذهب السلف ج1 ص 59 

(3) - أحاديث للعجلي ج1ص86  

(1)- رواه العجلي في ذم الكلام وأهله  ج1ص96-97

(2)- رواه العجلي في أحاديث ذم الكلام وأهله  ج1ص99-100

(3) - أنظر صحيح البخاري رقم 24  (ج 1 / ص 42) ومسلم رقم33ج1ص118

(1)-رواه العجلي في أحاديث ذم الكلام وأهله ج1ص90

(1)-مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسالة 24

(2)-فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ص89

(1):- صحيح مسلم رقم 2137 (ج 6 / ص 245)

(2)-موطأ مالك  رقم  1395 (ج 5 / ص 371)

(3) -مشكاة المصابيح رقم186 (ج 1 / ص 40)   [ 47 ] ( حسن )

(1)- رواه العجلي في أحاديث ذم الكلام ج1ص93

(2)- رواه العجلي في أحاديث ذم الكلام ج 1ص96)

(3)-  رواه العجلي في أحاديث ذم الكلام ج1ص96-97)

(4)-رواه العجلي في أحاديث ذم الكلام ج1ص90)