×
هذا الكتيب يتحدث عن الصلاة وما يدور حولها من شروط، وأركان، وواجبات، وأذكار، وهيئات، وكيفيات.

 أرحنا بها يا بلال .. الصلاة الصلاة

القسم العلمي بدار ابن خزيمة


 المقدمة

الحمد لله الذي شرع لنا الصلاة وجعل فيها الراحة، والصلاة والسلام على النبي المبعوث رحمة للعالمين القائل: «أرحنا بها يا بلال».

ففي الصلاة راحة النفس وهدوء البال وسكينة الخاطر وانجماع القلب على الرَّب وخشوع الجوارح، فهي عماد الدين وركنه العظيم وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، وهي الفارقة بين الإسلام و الكفر والتقوى والزندقة.

ويسر القسم العلمي بدار ابن خزيمة أن يقدم لقرائه الأفاضل هذه الوريقات في الصلاة وما يدور حولها من شروط وأركان وواجبات وأذكار وهيئات وكيفيات، عسى أن نكون ممن قام بأمر الله فأدى ما عليه من واجب البلاغ.

آمين أن يحقق الله رغبتنا من وراء هذا العمل

الناشر


 شروط الصلاة

الشرط الأول: الإسلام وضدّه الكفر، والكافر عمله مردود، ولو عمل أيَّ عمل.

والدليل قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ [التوبة: 17].

 شروط وأركان وواجبات الصلاة

الشرط الثاني: العقل وضده الجنون، والمجنون مرفوع عنه القلم حتى يفيق.

والدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ»([1]).

الشرط الثالث: التمييز، وضده الصغر، وحدُّه سبع سنين ثم يؤمر بالصلاة.

والدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع»([2]).

الشرط الرابع: رفع الحدث، وهو الوضوء المعروف وموجبه الحدث.

والدليل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6].

الشرط الخامس: إزالة النجاسة من ثلاث: من البدن، والثوب، والبقعة.

والدليل قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4].

الشرط السادس: ستر العورة، وحدّ عورة الرجل من السرَّة إلى الركبة، والمرأة كلُّها عورة إلا وجهها.

الشرط السابع: دخول الوقت.

والدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103] أي: مفروضًا في الأوقات. ودليل الأوقات قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78].

الشرط الثامن: استقبال القبلة:

والدليل قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78].

الشرط الثامن: استقبال القبلة.

والدليل قوله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144].

الشرط التاسع: النية ومحلها القلب، والتلفُظ بها بدعة.

والدليل الحديث: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».

 أركان الصلاة

أركان الصلاة أربعة عشر:

القيام مع القدرة وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والرفع منه السجود على الأعضاء السبع، والاعتدال منه، والجلسة بين السجدتين، والطمأنينة في جمع الأركان، والترتيب والتشهد الأخير والجلوس به، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتسليمتان.

 واجبات الصلاة

والواجبات ثمانية:

جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام. وقول: «سبحان ربي العظيم في الركوع» وقول «سمع الله لمن حمده» للإمام والمنفرد وقول: «ربنا ولك الحمد» للكل، وقول «سبحان ربي الأعلى» في السجود وقول «رب اغفر لي» بين السجدتين، والتشهد الأول والجلوس له.

 أهمية الصلاة وعظم شأنها

الصلاة رأس الإسلام وعموده، وهي الصلاة بين العبد العارف لعبوديته، الناصح لنفس وبين ربِّه الذي يربيه، ويربي جميع العالمين بنعمه، ورأس العبادة وأهمها «الصلاة» فمن ضيَّع الصلاة فهو لغيرها أضيع، وانقطعت كلُّ صلةٍ له بالله كما قال خليفة رسول الله، أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيما كتب لعماله: «واعلموا أنَّ أهمَّ أمركم عندي الصلاة، فمن ضيعها فهو لغيرها أضيع. واعلموا أنَّ لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وعملا بالنهار لا يقبله بالليل»..

فمن ضيع الصلاة فلن يكون عابدًا لله، بل يكون مستكبرًا على الله، فهدم «لا إله إلا الله» ونقضها.

ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فكلُّ مستخفٍّ بالصلاة مستهينٌ بها فهو مستخفٌّ بالإسلام مستهينٌ به، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة فاعرف نفسك يا عبد الله أن تلقي الله ولا قدر للإسلام عندك، فإنَّ قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك.

وجاء في الحديث: «إنَّ أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته» فإن قُبِلت صلاته قُبِلَ منه سائر عمله، وإن رُدَّت عليه صلاته ردَّ عليه سائر عمله. فصلاتنا هي آخر ديننا وهي أول ما نسأل عنه من أعمالنا يوم القيامة.

وآخر ما عهد إليكم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - من بين عهوده إليكم الصلاة؛ إذ يقول في آخر رمق من حياته: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» فاحرص أخي المسلم كلَّ الحرص على صلاتك، فهي العهد الذي بيننا وبين كلِّ من خالف دين الإسلام كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريدة رضي الله عنه في السنن: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر».

 مزايا الصلاة على سائر العبادات

منها أنَّ الله سبحانه وتعالى تولَّى فرضيتها على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بمخاطبته له ليلة المعراج.

ومنها أنَّ الصلاة أكثر الفرائض ذكرًا في القرآن، فتارة يخصها بالذكر، وتارة يقرنها بالزكاة، وتارة يقرنها بالنُسك، وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختمها بها.

ومنها أنَّ الصلاة أول ما أوجب الله على عبادة من العبادات فإن وجوبها قبل وجوب الزكاة والصيام والحج.

ومنها أنها أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة، وآخر ما يفقده من دينه.

ومنها أنها قوام الدين وعماده فلا يستقيم دين إلا بها، كما في الحديث: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد» متى سقط العمود ذهب الدين.

 فضل الصلوات الخمس

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إنَّ الله تعالى يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه»([3]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أرأيتم لو أنَّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كلَّ يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟.» قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا»([4]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»([5]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يُكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلة مائة آية كُتب من القانتين»([6]).

 وجوب المحافظة على الصلاة

قال الله تعالى ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238].

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾ [الحج: 77].

وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البينة: 5].

وقال تعالى: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ﴾ [الحج: 78].

عن ابن مسعود رضي الله قال سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة على وقتها» قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين» قلت ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»([7]).

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت وصوم رمضان»([8]).

وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاَّ بحقِّ الإسلام، وحسابهم على الله»([9]).

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني جبريل من عند الله تبارك وتعالى فقال: يا محمد، إن الله عز وجل يقول: إني قد فرضت على أمتك خمس صلوات، فمن وافى بهن على وضوئهنَّ ومواقيتهنَّ وركوعهنَّ وسجودهنَّ كان له عندي بهن عهدٌ أن أُدخِله بهنَّ الجنة، ومن لقيني قد انتقص من ذلك شيئًا فليس له عندي عهد، إن شئت عذبته وإن شئت رحمته»([10]).

فاعلم أخي المسلم أنَّ من ترك فرض صلاة عمدًا برئت منه ذمَّة الله تعالى وذمَّة رسوله عليه الصلاة والسلام.

 أشياء مكروهة في الصلاة

1- يكره في الصلاة الالتفات بالرأس أو بالبصر. فأما رفع البصر إلى السماء فحرام.

2- ويكره في الصلاة العبث والحركة لغير حاجة.

3- ويكره في الصلاة استصحاب ما يشغل كالشيء الثقيل والملون بما يلفت النظر.

4- ويكره في الصلاة التخصر، وهو وضع اليد على الخاصرة.

 أشياء مبطلة للصلاة

1- تبطل الصلاة بالكلام عمدًا وإن كان يسيرًا.

2- وتبطل الصلاة بالانحراف عن القبلة بجميع البدن.

3- وتبطل الصلاة بخروج الريح من دبره وبجميع ما يوجب الوضوء أو الغسل.

4- وتبطل الصلاة بالحركات الكثيرة المتوالية لغير ضرورة.

5- وتبطل الصلاة بالضحك وإن كان يسيرًا.

6- وتبطل الصلاة إذا زاد فيها ركوعًا أو سجودًا أو قيامًا أو قعودًا متعمدًا ذلك.

7- وتبطل الصلاة بمسابقة الإمام عمدًا، فاعلم أخي المسلم أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت سئل عما بعدها من زكاة وصوم وحج، وإن ردت لم يسأل عن شيء من الخير بعدها.

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله»([11]).

 أوقات منهي الصلاة فيها

وأوقات النهي خمسة

بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها حتى تزول، وبعد صلاة العصر حتى تدنو من الغروب، وبعد ذلك حتى تغرب، ويجوز قضاء الفرائض فيها، وفعل المنذورات وركعتي الطواف، وإعادة جماعة إذا أقيمت وهو في المسجد، وتفعل صلاة الجنازة في الوقتين الطويلين.

 كيفية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -

1- يسبغ الوضوء: وهو أن يتوضَّأ كما أمره الله عملاً بقوله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقبل صلاة بغير طهور».

2- يتوجَّه المصلِّي إلى القبلة وهي الكعبة، أينما كان، بجميع بدنه قاصدًا بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة. ولا ينطق بلسانه بالنية، لأن النطق باللسان غير مشروع، لكون النبي ص لم ينطق بالنية، ويُسَن له أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إمامًا أو منفردًا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

3- يكبر تكبيرة الإحرام فيقول: «الله أكبر» ناظرًا ببصره إلى محلِّ سجوده.

4- يرفع يديه عند التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى حيال أذُنيه.

5- يضع يديه على صدره اليمنى على كفّه اليسرى.

6- يُسَن أن يُقرأ دعاء الاستفتاح: ثم يقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: بسم الله الرحمن الرحيم» ويقرأ سورة الفاتحة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، ويقول بعدها «آمين» جهرًا في الصلاة الجهرية، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن.

7- يركع مكبرًا رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذُنيه جاعلاً رأسه حيال ظهره، واضعًا يديه على ركبتيه، مُفرِّقًا أصابعهن ويطمئن في ركوعه، ويقول: «سبحان ربي العظيم».

8- يرفع رأسه من الركوع رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً: «سمع الله لمن حمده» إن كان إمامًا أو منفردًا ويقول حال قيامه «ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد».

9- يسجد مكبِّرًا واضعًا ركبتيه قبل يديه إذا تيسَّر ذلك، فإنَّ شقَّ عليه قدم يديه قبل ركبتيه مستقبلاً بأصابع رجليه ويديه القبلة، ضامًا أصابع يديه، ويكون على أعضائه السبعة، الجبهة مع الأنف واليدين والركبتين، وبطون أصابع الرجلين ويقول: «سبحان ربي الأعلى» ويُكرِّر ذلك ثلاثًا أو أكثر.

10- يرفع رأسه مكبرًا ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها وينصب رجله اليمنى ويضع يديه على فخذيه وركبتيه، ويطمئنُّ في هذا الجلوس حتى يرجع كلُّ فقارٍ إلى مكانه كاعتداله بعد الركوع، لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين

11- يسجد السجدة الثانية مكبِّرًا ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى.

12- يرفع رأسه كبرًا ويجلس جلسةً خفيفةً مثل جلوسه بين السجدتين، وتُسمَّى «جلسة الاستراحة»، وإن تركها فلا حرج لأنها مستحبَّة وليس فيها ذكر، ثم ينهض قائمًا إلى الركعة الثانية معتمدًا على ركبتيه إن تيسَّر ذلك، وإن شقَّ عليه اعتمد على الأرض، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسَّر له من القرآن بعد الفاتحة، ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى.

13- إذا كانت الصلاة ثنائية، أي ركعتين كصلاة الفجر والجمعة والعيد، جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصبًا رجله اليمنى، مفترشًا رجله اليسرى، واضعًا يده اليمنى على فخذه اليمنى، قابضًا أصابعه كلّها إلاَّ السبابة، فيشير بها إلى التوحيد، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلق إبهامها مع الوسطى وأشار بالسبابة فحسن، لثبوت الصفتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس، وهو «التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله».

ثم يقول: «اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد».

ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلاً: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

14- إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء، قرأ التشهد مع الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ينهض قائمًا أو رافعًا إلى حذو منكبيه قائلاً: «الله أكبر» ويضعهما أي يديه على صدره، كما تقدَّم ويقرأ الفاتحة.

وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة على الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس، لثبوت ما يدلُّ على ذلك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم يتشهَّد بعد الثالثة من المغرب، وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ويكون في هذا الجلوس متورِّكًا واضعًا رجله اليسرى تحت رجله اليمنى، ومقعدته على الأرض ناصبًا رجله اليمنى.. ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلاً: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

 الدعاء بين يدي الصلاة

الدعاء عند الاستعداد للصلاة:

وممَّا جاء في فضل الوضوء للصلاة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الطهور شطر الإيمان»، و«الإيمان» فُسَِّر هنا بأنه الصلاة، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ أي صلاتكم، فمعنى الحديث أنَّ الوضوء نصف الصلاة كما رجَّح ذلك النووي وغيره.

وفي صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من امرئٍ مسلمٍ تحضره صلاةٌ مكتوبةٌ فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلاَّ كانت كفَّارة لِما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله».

 الدعاء قبل الوضوء

روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء - أي مكان قضاء الحاجة - قال «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث».

 الدعاء عند الوضوء

أمَّا عند الوضوء فتشرع التسمية:

وقد رجَّح جمع من أهل العلم أنها واجبةٌ مع الذكر، وتسقط بالنسيان، ومتى ذُكر وهو في أثناء الوضوء سُمِّي الله تعالى. لِما رَوَى ابن ماجة وغيره عن أبي سعيد رضي الله عنه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه».

 الدعاء بعد الوضوء

إذا فرغ من الوضوء شُرع له أن يدعو بما ثبت في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما منكم من أحدٍ يتوضَّأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء»([12]).

وزاد: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين».

وروى النسائي بسندٍ جيدٍ دعاءً آخر بعد الفراغ من الوضوء، كما يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألاَّ إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك».

 الدعاء عند سماع الأذان والإقامة

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أنَّ لا إله إلا الله، قال: أشهد أنَّ لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسول الله قال: أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، ثم قال: حيَّ على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حيَّ على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: الله أكبر الله أكبر. قال: الله أكبر الله أكبر. ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة».

وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الوسيلة حلت له الشفاعة».

وفي صحيح البخاري، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي و عدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة».

 الدعاء عند الخروج من البيت للصلاة وغيرها

يُشرع للمسلم أن يدعو إذا خرج من بيته في أيِّ وقت، ولأيِّ غرض، بما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما عن أم سلمة رضي الله عنها أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من بيته قال: «باسم الله، توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظلم أو أُظلم، أو أَجهل أو يُجهل علي».

وفيما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة مبيتة عند خالته ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنها وذكره لتهجد النبي ص قال: فأذن المؤذن يعني الصبح فخرج إلى الصلاة، وهو يقول: «اللهم اجعلي في قلبي نورًا وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا واجعل فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا اللهم أعطني نورًا».

 الدعاء عند دخول المسجد وقبل الصلاة

يقول: «أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم».

«بسم الله والصلاة و السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم افتح لي أبواب رحمتك».

وعلى الإنسان أن يجتهد في الدعاء بين الأذان والإقامة، فإن هذا الوقت من أوقات إجابة الدعاء، لقوله ص: «سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة».


 الدعاء في الصلاة

الصلاة كلها دعاء، وتضرع ومناجاة، وخضوع لله تبارك وتعالى، ولذلك فهي أحسن حالات العبد، وأكمل هيئاته ودليل الإيمان وعلامة التوفيق والهداية وسبب رفعة العبد درجات عند الله تعالى.

كما يبين ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد».

وقوله: «إنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة».

وقوله: «إن أحدكم إذا صلى يُناجي ربه».

وقوله: «إن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته».

 دعاء الاستفتاح

إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستفتح صلاته بقوله «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك».

وما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه ص كان يستفتح صلاته بقوله: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد».

وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل الكلام ما اصطفى الله لملائكته: سبحان الله وبحمده» فهذه الكلمة هي أول ما في ذلك الاستفتاح وهي أفضل الكلام.

 دعاء الركوع

كان - صلى الله عليه وسلم - يقول في الركوع أنواعًا من الأذكار والأدعية فمن ذلك قوله: «سبحان ربي العظيم» ثلاث مرات.

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» يتأوَّل القرآن: أي يعمل بما أمر به فيه.

وفي صحيح مسلم عنها رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه: «سُبوح قُدُّوسٌ رب الملائكة والروح».

وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في صلاة الليل: «سبحان ذي الجبروت والملكوت، والكبرياء والعظمة»

 دعاء الرفع من الركوع

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع من الركوع قائلاً: «سمع الله لمن حمده» ويُقيم صلبه إذا رفع من الركوع، وبين السجدتين. ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود».

ويقول وهو قائم: «ربنا ولك الحمد».

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه».

وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع من ركوعه: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد».

 دعاء السجود

السجود هو أجمل هيئات التعبد، وأكمل حالات خضوعه وذلَّة بين يدي ربه، ولذا كان العبد حال سجوده أقرب ما يكون من ربه، وأرجى أن يستجاب دعاؤه.

فلذا ينبغي الإكثار منه على وفق ما جاء به الشرع كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك خطيئة»([13]).

فكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى» ثلاث مرَّات، وأحيانًا يكرِّرها أكثر من ذلك، وأحيانًا يقول: «سبحان ربي الأعلى» ثلاث مرات، وأحيانًا يكرِّرها أكثر من ذلك، وأحيانًا يقول: «سبحان ربي الأعلى وبحمده» كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي».

وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في سجوده: «سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت» كما ثب ذلك في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها.

وفيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: وإذا سجد يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره، وشقَّ سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين».

وروى مسلم أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله وأوله وآخره، وعلانيته وسره».

 الدعاء بين السجدتين

روى الترمذي والحاكم، ووافقه الذهبي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين: «اللهم اغفر لي وارحمني، واجبرني واهدي وارزقني».

 الدعاء بين التشهد الأخير والتسليم

يشرع أن يدعو الإنسان فيه بعد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بما شاء من الدعوات، فيسأل من خيري الدنيا والآخرة، والاقتصار على المأثور من الدعوات من الكتاب والسنة أفضل.

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال».

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة: «اللهم إن أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من المأثم والمغرم» فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المأثم والمغرم! فقال: «إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف».

وقال - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: «إني لأحبك فلا تدعنَّ في دُبر كلِّ صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذِكرك وشُكرك وحُسن عبادتك».

قال النووي: ومما يسحب الدعاء به في كل موطن: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى».

 الدعاء بعد السلام

قال النووي: أجمع العلماء على استحباب الذكر بعد الصلاة، وجاءت فيه أحاديث صحيحة.

روى الترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات».

ودبر الصلاة يطلق على ما بعد السلام، كما يطلق على ما قبله، إذا أن الغالب إطلاقه على ما قبله، فإنَّ دبر الشيء هو طرفه المتصل به، ولكن ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذكار ودعوات كان يقولها بعد الصلاة فمن ذلك:

«أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله».

«اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام».

«لا إله إلاَّ الله و حده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شيءٍ قدير، لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، لا إله إلا الله الله، ولا نعبد إلاَّ إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون».

«لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطيًا لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد».

«سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين لا إله إلا الله و حده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.

بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾

ثم يقرأ آية الكرسي ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾.

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات بعد صلاة المغرب والصبح.

«اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملاً متقبلاً بعد السلام من صلاة الفجر».

 فضل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

قال - صلى الله عليه وسلم - من قال: «سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر»([14]).

وقال ص: «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرار، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل»([15]).

وقال ص: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم»([16]).

قال - صلى الله عليه وسلم -: «لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحبُّ إليَّ ممَّا طلعت عليه الشمس»([17]).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أيعجز أحدكم أن يكسب كلَّ يوم ألف حسنة؟» فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: «يُسبح مائة تسبيحة فيُكتَب له ألف حسنة أو يحطّ عنه ألف خطيئة»([18]).

من قال: «سبحان الله العظيم وبحمده غُرس له نخلة في الجنة»([19]).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد الله بن قيس ألا أدلُّك على كنز من كنوز الجنة؟» فقلت: بلى يا رسول الله قال: «قل لا حول ولا قوة إلا بالله».

قال - صلى الله عليه وسلم -: «أحبُّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرُّك بأيِّهنَّ بدأت»([20]).

جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال علِّمني كلامًا أقوله: قال «قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله ربِّ العالمين، لا حول ولا قوة إلاَّ بالله العزيز الحكيم» قال فهؤلاء لربي فما لي؟ قال: «قل: اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني وارزقني»([21]).

«إنَّ أفضل الدعاء الحمد لله، وأفضل الذكر لا إله إلا الله».

«الباقيات الصالحات: سبحان الله، و الحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله».

 الاستغفار والتوبة

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرَّة»([22]).

وقال ص: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة»([23]).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قال استغفر الله العظيم لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه غفر الله له وإن كان فر من الزحف»([24]).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إنه ليُغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة».


 حكم تارك الصلاة

س: ما حكم من مات وهو لا يُصلي مع العلم أنَّ آباءه مسلمون، وكيف تكون معاملته من ناحية التغسيل والتكفين والصلاة والدفن والدعاء والترحم عليه؟

ج: مَن مات مِن المكلَّفين وهو لا يصلِّي، ومثله يعلم الحكم الشرعي؛ فهو كافر لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، ولا يرثه أقاربه المسلمون، بل ماله لبيت مال المسلمين في أصحِّ قولي العلماء.. لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة»([25]). ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح من حديث بريدة رضي الله عنه وقال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل يرحمه الله: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئًا تركه كفر إلا الصلاة».

والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة، وهذا فيمن تركها كسلاً ولم يجحدها وجوبها، أما من جحد وجوبها فهو كافرٌ مُرتد عن الإسلام عند جميع أهل العلم.

نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، ويسلك بهم صراطه المستقيم. إنه سميع مجيب ([26]).

س: ما حكم الصلاة في الثياب الرقيقة؟

ج: إذا كان الثوب لا يستر البشرة لكونه شفافًا أو رقيقًا فإنه لا تصحُّ الصلاة فيه من الرجل إلا أن تكون تحته سراويل أو إزار يستر ما بين السرة والركبة.. وأما المرأة فلا تصح صلاتها في مثل هذا إلا أن يكون تحته ما يستر بدنها كله.. أما السراويل القصيرة تحت الثوب المذكور فلا تكفي.. وينبغي للرجل إذا صلى في مثل هذا الثوب أن تكون عليه "فنيلة" أو شيء آخر يستر المنكبين أو أحدهما لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلِّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه شيء» ([27]).

 بم تُدرك صلاة الجماعة؟

س: هل إذا لحق المصلي صلاة الجماعة في التشهد الأخير يحسب له أجر صلاة الجماعة أم لا؟

ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أدرك ركعة في الصلاة فقد أدرك الصلاة» ولكن من تأخَّر لعُذر فله أجر الجماعة كالمرض ونحوه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مرض الرجل أو سافر كتب الله له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم»([28]).

 خروج الدم من أنف المصلي

س: ما الحكم إذا خرج الدم من أنف الإنسان وهو يصلي؟

ج: إذا كان قليلاً عفي عنه وأزاله بمنديل ونحوه.. وإن كان كثيرًا قطع الصلاة وتنظف منه وشرع له إعادة الوضوء خروجًا من خلاف العلماء، ثم يستأنف الصلاة من أولها، كما لو أحدث حدثًا مجمعًا عليه في أثناء الصلاة: كخروج الريح والبول، فإنه يقطع الصلاة، ثم يتوضأ ويعيد الصلاة، والله ولي التوفيق ([29]).

 تأخير الصلاة بسبب النوم

س: أنا فتاة كثيرًا ما تفوتني صلاة المغرب بسبب النوم ثم أقضيها في الصباح أو في وقتٍ متأخِّر فما الحكم في ذلك؟

ج: الحكم أنه لا يجوز لأحدٍ أن يتهاون في الصلاة حتى يخرج وقتها، وإذا كان الإنسان نائمًا فإنه بإمكانه أن يوكِّل من يوقظه حتى يصلِّي، ولا بدَّ من ذلك، ولا يمكن أن تؤخَّر صلاة المغرب ولا العشاء إلى الفجر، بل الواجب أن تصلَّى الصلاة في وقتها. فعلى هذه الفتاة أن تحرض أهلها على أن يوقظوها، ولو فرض أن طرأت حاجة أو عارض من العوارض وكان فيها نوم عظيم وصلت المغرب وخافت إن لم تصل العشاء فسيغلبها النوم حتى لا تقوم إلا مع الفجر فإنه لا حرج عليها في هذه الحال أن تجمع العشاء مع المغرب لئلاَّ تفوت صلاة العشاء عن وقتها، وهذا لا يكون إلا عند العوارض كما لو كانت سهرت لليالٍ متعددة، أو كانت عقب مرض أو نحوه [الشيخ ابن عثيمين].

 حكم صلاة من شكَّ في قراءة الفاتحة

س: أثناء صلاتي أنسى أنني قرأت فاتحة الكتاب فهل أسجد سجود السهو؟ وما قرأ في سجود السهو؟

ج: إذا شك المصلي المنفرد أو الإمام في قراءة الفاتحة فإنه يعيد قراءتها قبل أن يركع وليس عليه سجود سهو. أما إن كان الشك بعد فراغه من الصلاة فإنه لا يلتفت إليه وصلاته صحيحة. أما سجود السهو فيشرع فيه ما يشرع في سجود الصلاة من الدعاء وقول «سبحان ربي الأعلى» وغير ذلك.

سماحة الشيخ ابن باز

 حُكم سجود التلاوة

س: إذا قرأت آية فيها سجدة فهل يجب عليَّ السجود أم لا؟

ج: سجود التلاوة سُنة مؤكدة لا ينبغي تركها، فإذا مر الإنسان بآية سجدة فليسجد، سواء كان يقرأ في المصحف أو عن ظهر قلب أو في الصلاة أو في خارج الصلاة. وأما الوجوب فلا يجب ولا يأثم الإنسان بتركه، لأنه ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ السجدة في سورة النحل على المنبر فنزل وسجد، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فلم يسجد، ثم قال: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء وذلك بحضور الصحابة رضي الله عنهم.

ولأنه ثبت أنَّ زيد بن ثابت قرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدة في سورة النجم فلم يسجد، ولو كان واجبًا لأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسجد فهو سُنة مؤكدة، والأفضل عدم تركها حتى لو كان في وقت النهي بعد الفجر مثلاً أو بعد العصر، لأنَّ هذا السجود له سبب، وكل صلاة لها سبب فإنها تفعل ولو في وقت النهي، كسجود التلاوة وتحية المسجد وما أشبه ذلك

الشيخ ابن عثيمين

 ما السنة في تحريك السبابة عند التشهد؟

س: ألاحظ أنه أثناء قراءة التشهد يقوم بعض المصلِّين بتحريك السبابة يمينًا ويسارًا وبعضهم إلى أعلى وأسفل، وذلك بحركات سريعة متتالية أو بطيئة والبعض الآخر يرفع أصبعه ولا يحركها وآخرون لا يرفعون أصبعهم هذه بالمرة؟

ج: السنة للمصلي حال التشهد أن يقبض أصابعه كلها، أعني أصابع اليمنى ويشير بالسبابة، ويحركها عند ذكر الله والدعاء تحريكًا خفيفًا إشارة للتوحيد. وإن شاء قبض الخنصر والبنصر وحلق الإبهام مع الوسطى وأشار بالسبابة كلتا الصفتين صحتا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أما يده اليسرى فيضعها على فخذه اليسرى مبسوطة ممدودة أصابعها إلى القبلة، وإن شاء وضعها على ركبته، كلتا الصفتين صحتا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

سماحة الشيخ ابن باز

 وضع اليدين أثناء الصلاة

س: أين توضع اليدان في الصلاة قبل الركوع وبعده؟

ج: الضم سنةٌ حال القيام في الصلاة قبل الركوع وبعده، فقد ثبت في الحديث الصحيح عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قائمًا في الصلاة يضع يده اليمنى على ظهر كفِّه اليسرى والرسغ والساعد».

رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.

وكذلك روى الإمام أحمد بإسناد جيد «أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضع يمينه على شماله على صدره حال وقوفه في الصلاة»..

وهكذا روى البخاري في الصحيح عن سهل بن سعد من طريق أبي حازم قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا يدلُّ على أنَّ القائم في الصلاة يضع يمينه على شماله، وهذا يعم القيام قبل الركوع وبعده»

سماحة الشيخ ابن باز



([1]) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

([2]) رواه أحمد، وأبو داود.

([3]) رواه أحمد وابن ماجة.

([4]) متفق عليه.

([5]) رواه مسلم.

([6]) رواه مسلم.

([7]) متفق عليه.

([8]) متفق عليه.

([9]) متفق عليه.

([10]) رواه الطيالسي والطبراني بإسناد صحيح.

([11]) رواه الطبراني.

([12]) رواه مسلم، والترمذي بسند جيد.

([13]) رواه مسلم.

([14]) البخاري (7/168) ومسلم (4/2071).

([15]) البخاري (7/67) ومسلم بلفظه (4/2071).

([16]) البخاري (7/168) ومسلم (4/2072).

([17]) مسلم (4/2072).

([18]) مسلم (4/2073).

([19]) أخرجه الترمذي والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.

([20]) مسلم (3/1685).

([21]) مسلم (4/2072).

([22]) البخاري مع الفتح (11/101).

([23]) مسلم (4/2076).

([24]) أخرجه أبو داود، والترمذي والحاكم.

([25]) مسلم (4/2075) وليغان: أي يغطى ويغشى. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

([26]) سماحة الشيخ ابن باز.

([27]) متفق على سماحة الشيخ ابن باز.

([28]) سماحة الشيخ ابن باز.

([29]) سماحة الشيخ ابن باز.