خير متاع الدنيا
التصنيفات
- فقه >> الأسرة >> حكم النكاح وفضله
- فقه >> الأسرة >> شؤون النساء >> فقه المرأة المسلمة
المصادر
الوصف المفصل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مجيب الداع، جعل المرأة الصالحة خير متاع، وكلفها من الطاعة بالمستطاع، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل كلا منا راع، فإما استماع وانصياع، وإما تول وضياع. وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله خير داع، كان إلى الخير ساع، صلى الله وسلم عليه كلما حرص المسلم على الزوجة الصالحة وحذر من الزوجة العاصية، وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقه إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الأحبة: اتقوا الله }الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{ [النساء: 1]، }وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ{ [لقمان: 33].
واعلموا أن الحياة الدنيا متاع قليل، وظل زائل، يتمتع بها الإنسان مدة يسيرة، ثم تزول وتنتقل إلى غيره، وما كأنها إلا دار لها بابان دخل الإنسان من أحدهما وخرج من الباب الآخر، حلالها حساب وحرامها عقاب، هي دار المتاب والازدياد من الثواب، سماها الله }مَتَاعُ الْغُرُورِ{ فقال: }فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ{ [آل عمران: 185].
وما سماها متاعًا إلا للتحذير من الركون إليها وعدم الاغترار بها، وعدم الاطمئنان لزخرفها؛ فإن خضرتها ستصفر، وإن اصفرارها سييبس، وإن يبوستها ستتكسر، وإن تكسرها سيتفرق فتكون أثرًا بعد حين. قال تعالى: }أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ{ [الزمر: 21].
ولهوان الدنيا على ربها لعنها رسول الله ﷺ فقال: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالمًا ومتعلمًا»، والدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، يقول ﷺ: «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء». وحذر ﷺ منها فقال: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء». وقد جعلها الله سجنًا للمؤمن الذي نهى نفسه عن الهوى ولازم التقوى، وجعلها جنة الكافر الذي أراد حرث الدنيا فآتاه الله منها، وما له في الآخرة من نصيب. يقول ﷺ: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر»، ولتأكيد قصر الدنيا وسرعة زوالها وعدم استقرارها ووجوب اغتنامها قرن الله بينها وبين المتاع في ثلاث عشرة آية.
واعلموا عباد الله أن خير متاع الدنيا هو المرأة الصالحة. يقول ﷺ: «الدنيا خير متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة»، ويقول: «إنما الدنيا متاع، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة».
خــير المتــاع
فالمرأة الصالحة متاع خير وليست بمتاع شر، متاع ينفع وليست بمتاع يضر، متاع يدوم وليست بمتاع ينقطع، والمرأة الصالحة قرة عين لزوجها، يغض بها بصره فيجد نوراً في قلبه يبصر به ما لا تراه عينه، ويجد لذة في إيمانه لا يعادلها لذة، ويفر الشيطان من ظله، وتحصن فرجه، فيقفل أبواب الشر ويفتح أبواب الخير، يقفل أبواب الحرام ويفتح أبواب الحلال، ويترك الوزر ويكسب الأجر، يقول تعالى عن عباد الرحمن: }وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{ [الفرقان: 74].
والمرأة الصالحة سعادة لزوجها في الدنيا تدعوه إلى الخير وتحذره من الشر وترغبه في الطاعة، وترهبه من المعصية، وهكذا كانت أم سليم رضي الله عنها عندما خطبها أبو طلحة فقالت: والله ما مثلك يرد يا أبا طلحة، لكنك رجل كافر وأنا مؤمنة، فأسلم ولا أطالبك بمهر إلا الإسلام. فأسلم على يديها وحسن إسلامه، وكان صوته في الجيش خير من ألف رجل، ودعَتْه إلى البذل فتصدق بحديقته بيرحاء وهي أحسن أمواله، ودعته إلى الصبر؛ إذ قالت له لما مات ابنه أبو عمير: يا أبا طلحة لو أن أناسًا أعاروا عارية لآخرين، هل يردونها عليهم؟ قال: نعم. قال: فإن الله قبض ابنك فاحتسبه.
والمرأة الصالحة سعادة لزوجها في الآخرة. يقول تعالى: }رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{ [غافر: 8].
ومما يدل على أنها سعادة لزوجها قوله ﷺ: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق».
والمرأة الصالحة حسنة الدنيا، يقول تعالى: }وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{ [البقرة: 201]. قال محمد بن كعب القرظي: حسنة الدنيا هي المرأة الصالحة؛ لأنها حسنة؛ أحسن الله بها لزوجها، وحسنة في البيت ليكون حسنًا، وحسنة لأولادها ليكونوا محسنين، وهي سبب حسن الكلام، وحسن الأفعال، وحسن التعامل؛ بل هي سبب حسنات النهار لزوجها؛ إذ تذكره بالله تعالى؛ ليكون ذاكرًا، وتحثه على الصلاة في المسجد جماعة؛ ليكون مصليًا، وتحثه على الصدقة؛ ليكون متصدقًا، وتحثه على الصيام وتوقظه في الليل؛ ليكون متهجدًا؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء.
والمرأة الصالحة خير مال يتخذ؛ فعن ثوبان قال: لما نزل في الذهب والفضة: }وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{ [التوبة: 34]، قالوا: فأيُّ مال نتخذ؟ قال عمر: فأنا أعلم لكم ذلك، فأوضح على بعيره، فأدرك النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، أي المال نتخذ؟ فقال: «ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة».
والمرأة الصالحة سكَنٌ لزوجها ومودة ورحمة. يقول تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{[الروم: 31]. وإذا أردنا أن نعرف المرأة الصالحة، فهي ذات الدين التي استسلمت لربها وانقادت له وخالفت النفس الأمارة بالسوء وخالفت الهوى والشهوة وسمعت أمر الله ونهيه وخبره وحكمه فقالت: }سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ{، ودانت بالإسلام وأطاعت رسولها ﷺ، واقتدت بالصالحات اللواتي لا خوف عليهن ولا حزن، وسارت على طريقهن لتحشر معهن، وسلمت من تقليد أعداء الله في العادات والتقاليد والألبسة والقصات والصبغات والعدسات والاختلاط بالرجال والمجون والخلاعة؛ لعلمها أن من تشبه بقوم فهو منهم.
وفي طلب الصالحات ذوات الدين يقول ﷺ: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك». وفي هذا تقديمٌ لذات الدين على ذات الجمال؛ لأن جمال الباطن أولى من جمال الظاهر. يقول ﷺ: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». وقدم ذات الدين على ذات المال؛ لأن المال فتنة؛ ولأن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب، وقدم ذات الدين على ذات النسب؛ لأن الموازين بالإيمان وليست بالأنساب. يقول تعالى: }إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ{ [الحجرات: 13].
والمرأة الصالحة هي التي إذا نظر إليها زوجها سرته؛ فلا ينظر إلى سواها، وهي سروره الذي يخفف آلامه وهمومه وغمومه ويزيل أحزانه؛ إذ تدخل السرور عليه، وتذهب الهموم، فإذا غلب الرجاء عليه ذكرته بالخوف، وإذا غلب الخوف عليه ذكرته بالرجاء حتى لا يأمن ولا يقنط، وهكذا كانت خديجة بنت خويلد مع رسول الله ﷺ، كان يأتيها مهمومًا مغمومًا فيقول لها: «دثروني زملوني». فتقول له: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك تحمل الكَلَّ وتقري الضيف وتنصر المظلوم، وتُكسي المعدوم، فكوفِئَتْ على هذا الرد بسرور أعظم؛ إذ سلم الله عليها وسلم عليها جبريل وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب؛ لأنها كانت ربة بيت وليست ربة سوق ولا لعب ولا لهو، ولم تصخب ولم تتعب من الدعوة ومن صاحبها.
والملاحظ من معظم النساء اليوم أن جمالها للسوق وللمدرسة وللأعراس، فلا تتجمل لزوجها بشيء ولا تهتم بسروره؛ بل كثيرة الهم والغم كثيرة اليأس والقنوط؛ فهي في عذاب وزوجها في عذاب؛ لذا لما زار إبراهيم u ابنه إسماعيل سأل زوجته: كيف حالكم؟ قالت: نحن بشَرِّ حال. قال لها: أقرئي زوجك السلام، وقولي له: غيِّر عتبة بابك. فلما جاء إسماعيل أخبرته زوجته بمقالة إبراهيم، قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أطلقك، ثم تزوج أخرى، وزارهم إبراهيم مرة أخرى، وسأله عن حالهم، فقالت: نحن بأحسن حال. فقال: أقرئي زوجك السلام، وقولي له يثبت عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل أخبرته الخبر قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أمسكك.
فإبراهيم أمر ابنه أن يمسك صاحبة السرور وأن يطلق صاحبة الشرور.
والمرأة الصالحة هي التي إذا أمرها زوجها أطاعته؛ لأن القوامة له عليها. يقول تعالى: }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ{ [النساء: 34]، ولأن له عليها درجة. يقول تعالى: }وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ{ [البقرة: 228]، ولأنه سيد لها، وهي كالمملوك له. قال تعالى: }وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ{ [يوسف: 25]؛ أي زوجها فسمى الله الزوج سيدًا. وفي الحديث: «فإنهم عوان عندكم»؛ أي مملوكات عندكم. لأن حق الزوج على الزوجة عظيم. يقول ﷺ: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها»، وطاعة المرأة لزوجها موجب للجنة. يقول ﷺ: «إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت الجنة من أي أبواب الجنة شاءت».
والمرأة الصالحة هي التي إذا غاب عنها زوجها حفظته في نفسها، فلا تنظر إلى الرجال الأجانب؛ لأن الله أمرها بغضِّ بصرها. فقال: }وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ{ [النور: 31]، ولأن غض البصر وسيلة لحفظ الفرج وعدم غضِّه وسيلة لضياع الأعراض، والنظرة المحرمة سهم مسموم من سهام إبليس؛ إذ تحدث في القلب خاطرة فموعداً فلقاء.
وقد مدح الله الحور العين بغض أبصارهن على أزواجهن، قال تعالى: }وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ{ [الصافات: 48]، وقال: }وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ{ [ص: 52]. ولا تخضع بالقول مع الرجال الأجانب؛ لا بالهاتف ولا بالمشافهة في الأسواق والمنتزهات؛ حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض، ولا تقول إلا قولاً معروفًا، وإذا كانت المرأة في الصلاة تصفق حتى لا يخرج صوتها فتفتن المصلي، فكيف إذا خرج صوتها لزرع الأمراض في القلوب.
والمرأة الصالحة هي التي لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه؛ لأنها تعلم أن وظيفتها في بيتها ومسئوليتها في بيتها؛ لقوله تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى{ [الأحزاب: 33]، ويقول ﷺ: «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها»، ولما قالت له أم حميد الساعدية: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك في مسجدك. قال لها: «قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي».
وعذرها الإسلام عن صلاة الجماعة، وعن صلاة الجمعة، وعن الجهاد؛ لتبتعد عن الرجال الأجانب ولتأمن الفتنة، والمرأة عورة؛ فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان وقادها إلى المهالك، وخير للمرأة مقر دارها. وقد ورد عن أم المؤمنين سودة بنت زعمة رضي الله عنها أن الناس قالوا لها: حجي مع الناس ليستفيدوا من علمك. قالت: لقد حججت مع النبي ﷺ وإن الله أمرني أن أقر في بيتي. فقال: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ{ وأمرني رسول الله ﷺ أن أقر في بيتي، فقال: «هذه – أي حجة الوداع – والزمن الحصر». قالوا: فلم تخرج إلى جنازتها عند موتها.
وأين نساء اليوم الولاجات الخَرِجَات اللواتي يخرجن كل يوم إلى السوق, أو إلى المنتزهات, أو إلى المستشفيات؛ لا لطلب العلاج ولكن للفتنة، إن الله لهن بالمرصاد، وعليهن إثم الفتنة وإثم إضلال الرجال وانحرافهم، وهن داعيات للشيطان وداعيات إلى أبواب جهنم.
والمرأة الصالحة هي التي تحفظ زوجها في ماله؛ فلا تبذر بماله؛ لأنها تعلم }إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا{ [الإسراف: 27]، ولا تسرف فيه، لأنها تعلم أن ربها نهى عن الإسراف، وأنه لا يحب المسرفين؛ إذ يقول: }وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ{ [الأعراف: 31]، وتعلم أن الإنسان سيُسأل يوم القيامة عن المال فيم أنفقه، ولا تطالبه بكثرة الحُلي؛ لأنها لا تؤدي حقه, وقد تُسوَّر به إسورة من نار، وقد تكون ممن يكنزه }وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ{ [التوبة: 34، 35].
ويقول ﷺ: «خير النساء من تسرك إذا نظرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك».
والمرأة الصالحة هي الودود التي تتودد لزوجها، وتلين له في الكلام، وتخفض له الجناح، وتجتنب ما يبغضه، وتسعى لما يرضيه؛ فهي ألين من الزبد وأحلى من العسل.
قال شُريح القاضي: لم أر ما يغضب من أهلي منذ عشرين سنة. قال الشعبي: كيف؟ قال: صليت بها أول ليلة ركعتين، فقالت لي: أنا امرأة غريبة، وأنت غريب، أخبرني ما الذي تريد مني فآتيه، وما الذي تكرهه فأتركه. قال: فقلت: إن رأيتِ حسنة فانشريها، وإن رأيت سيئة فاستريها. وقد مدح الله الحور العين بالتودد لأزواجهن، قال تعالى: }عُرُبًا أَتْرَابًا{ [الواقعة: 37].
والمرأة الصالحة هي الولود التي تكثر الإنجاب؛ لتكثير الأُمَّة؛ طلبًا للأجر وسعيًا للإصلاح الولد ورغبة في دوام الثواب به؛ إذ لا ينقطع العمل بوجود الولد الصالح الذي يدعو لوالده. وقد قال ﷺ: «تزوجوا الودود الولود».
والمرأة الصالحة هي التي إذا غضب زوجها عادت إليه، وتضع يدها في يده وتقول: لا أذوق غمضًا حتى ترضى؛ لأن رضا الزوج مطلب شرعي وثواب إلهي وإقامة للأسرة، ولأنها تعلم أن الحورية التي أعدت له تقول إذا آذته زوجته في الدنيا: لا تؤذه قاتلكِ الله؛ فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا. يقول ﷺ: «نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود إلى زوجها، التي إذا غضبت جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول: لا أذوق غمصًا حتى ترضى».
فاحرص يا عبد الله على المرأة الصالحة؛ فإنها حسنة الدنيا قبل حسنة الآخرة، واسأل الله أن يؤتيك في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وأن يقيك عذاب النار، واظفر بذات الدين تربت يداك، وإياك وخضراء الدمن؛ وهي المرأة الحسناء في منبت السوء.
اسأل الله أن يرزقنا الصالحات من الأعمال، والصالحات من الأخلاق، والصالحات من النساء، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.