المزاح في السنة
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
المزاح في السنة
محمد عبد الله ولد كريم
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد:
فهذا بحث متواضع في مزاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، جمعت فيه الأحاديث المرفوعة الواردة في الموضوع، وقد قمت بترتيبها ودراستها وتخريجها.
وجعلت عنوانه "المزاح في السنة" وقسمته إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث هي:
المبحث الأول: الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أهله.
المبحث الثاني: الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أبنائه ومع غيرهم من الصغار.
المبحث الثالث: الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه من الرجال.
وقد جمعت مادة هذا البحث من كتب السنة مع تخريجها والحكم عليها بناء على منهج المحدثين؛ فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما فإني أكتفي بالعزو إلى من أخرجه.
فإن لم يكن في الصحيحين أو أحدهما فإني أجتهد في تخريجه من الكتب الأخرى وأحكم عليه.
وقد رتبت الأحاديث في كل مبحث حسب درجتها بدءا بالصحيح ثم الحسن، ثم ما كان من الضعيف الذي ينجبر.
- أنقل أقوال أهل العلم في الحكم على الحديث إن وجدت، وإن لم توجد فإني أجتهد في الحكم عليه من خلال الإسناد.
- ترجمت للرواة الذين تدعو الحاجة إلى الترجمة لهم؛ كمن يدور الحكم في الحديث عليه من كتب الرجال باختصار.
- أبين الغريب الذي يحتاج إلى بيان من كتب الغريب واللغة.
- أبين ما في الحديث من فوائد من كتب شروح الحديث.
- عملت ثبتا للمصادر والمراجع، وفهرسا للموضوعات.
وأخيرا فإني حاولت حسب جهدي وطاقتي إخراج هذا البحث على الوجه اللائق؛ فما كان من صواب فهو من توفيق الله عز وجل وأحمده على ذلك، وما كان فيه غير ذلك فأسأل الله أن يعفو عني فيه ويتجاوز، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - .
الاصطلاحات الواردة في البحث في الهوامش
ت: لتقريب التهذيب، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
ت ت: لتهذيب التهذيب، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
الكاشف: الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
السير: سير أعلام النبلاء، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
العبر: العبر في خبر من غبر، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
الميزان: ميزان الاعتدال في نقد الرجال، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
اللسان: لسان الميزان، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
الفتح: فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
المجمع: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي.
* * *
تمهـــيد
وفيه تعريف المزاح لغة واصطلاحا وبيان أحكامه.
لقد عرفه أهل اللغة بأنه الدعابة ونقيض الجد.
قال ابن منظور ([1]): المزح الدعابة، وفي المحكم: المزح نقيض الجد، مزح يمزح مزحا، ومزاحا ومزاحة وقد مازحه ممازحة ومزاحا، والاسم المزاح بالضم والمزاحة أيضا... والمِزاح - بالكسر: مصدر مازحه، وهما يتمازحان... والمُزح من الرجال الخارجون عن طبع الثقلاء، المتميزون من طبع البغضاء ([2]).
وأما في عرف الشرع فقد عرَّفه الزبيدي ([3]) بقوله: هو المباسطة إلى الغير على جهة التلطف والاستعطاف دون أذية. حتى يُخْرِج الاستهزاء والسخرية، وقد قال الأئمة: الإكثار منه، والخروج عن الجد مخل بالمروءة والوقار، والتنزه عنه بالمرة والتقبض مخل بالسنة والسيرة النبوية المأمور باتباعها والاقتداء، وخير الأمور أوسطها ([4]).
وأما حكمه:
فإن المزاح الخالي من الموانع التي تعكر صفو الخواطر مندوب إليه، وهو خلق كريم حَثَّ عليه الشارع الحكيم.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدَكم مِنِّي مجلسًا يوم القيامة الثَّرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون»([5]).
إن المسلم الذي يجمع إلى الجد الذي يسعى إليه روح الدعابة ومفاكهة الحديث وعذوبة المنطق، وطرافة الحكمة يملك القلوب بجاذبية حديثه، ويأسر النفوس بلطيف معشره وكريم مداعبته؛ ولكن هل للمسلم أن ينطلق في المزح والدعابة كما يشاء وحيث أراد، أم أنه يتقيد بالضوابط الشرعية؟
والحقيقة أنه لابد من التقيد بالشرع في كل ذلك لمعرفة المكروه من المزاح والمندوب إليه منه.
فالمكروه منه ما كان فيه إفراط بحيث يخرج المسلم عن مهمته الأساسية التي خلق من أجلها والتي هي عبادة خالقه جل وعلا: قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].
والمقصود بالعبادة معناها الشامل؛ فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ([6]).
أما إذا لم يكن فيه إفراط ولا شغل عن الله فهذا سنة، وقد فعله صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين تربوا في مدرسة النبوة؛ فقد كانوا يتمازحون فيما بينهم، ولكن إذا جد الجد كانوا هم الرجال.
روى البخاري ([7]) في الأدب المفرد بسنده إلى بكر ([8]) بن عبد الله؛ قال: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبادحون بالبطيخ ([9])، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال»([10]).
إن المزاح المنهي عنه هو ما فيه إفراط؛ لأنه يسبب قسوة القلب ويشغل عن ذكر الله والفكر في مهمات الدين، ويؤول في الكثير من الأوقات إلى الإيذاء، والحقد، وسقوط المهابة والوقار ([11]).
ويقول الشيخ بدر الدين الغزي ([12]): "قد ورد في ذم المزح ومدحه أخبار، فحملنا ما ورد في ذمه على ما إذا وصل إلى حد المثابرة والإكثار؛ فإنه إزاحة عن الحقوق، ومخرج إلى القطيعة والعقوق، يصيم المازح ويضيم الممازح، فوصمُه المازح أن يذهب عنه الهيبة والبهاء، ويجرئ عليه الغوغاء والسفهاء، ويورث الغل في قلوب الأكابر والنبهاء.
وأما إضامة الممازح فلأنه إذا قوبل بفعل ممض أو قول مستكره، وسكت عليه أحزن قلبه وأشغل فكره، أو قابل عليه - جانب مع صاحبه حشمة وأدبا، وربما كان للعداوة والتباغض سببا؛ فإن الشر إذا فُتح لا يستد، وسهم الأذى إذا أُرسل لا يرتد، وقد يعرِّض العرض للهتك، والدماء للسفك؛ فحق العاقل (أن) ([13]) يتقيه وينزه نفسه عن وصمة مساويه"([14]) وعلى هذا يُحمل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده موعدة فتُخْلِفه»([15]).
وكما قرر الشيخ بدر الدين رحمه الله أن المزاح في أصله طريق إلى السرور والفرح؛ فإن الفرح نوعان كما أن المزاح نوعان؛ ففي الفرح خير وشر، كما أن في المزاح خيرا وشرا.
ولهذا فإن نظير هذا التفصيل وإن كان من قبيل آخر مع اجتماعه مع هذا الموضوع بجامع السرور الموجود في المزاح الطيب والسرور المحذور في المزاح السيئ - أقول: نظيره ما جاء من التوجيه الرباني الذي يأمر الله تعالى فيه بالفرح حينما يحصل الإنسان على النعم، وينظر إلى ما بين يديه مما تفضل الله تعالى عليه به من النعم الجزيلة التي تسره وتجعله يتوجه بها إلى استعمالها فيما يرضي الله عز وجل ليؤدي بعمله هذا واجب الشكر.
يقول الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58].
هكذا جاء الأمر في الآية بصيغة الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر، وجاء النهي في كتاب الله تعالى عن الفرح المؤدي إلى الأشر والبطر والطغيان؛ حيث يستعمل الإنسان نعم الله تعالى فيما يسخطه، فيكون بذلك جاحدا لفضله عليه سبحانه وتعالى، وهذا ما ذكره الله تعالى على لسان الناصحين لقارون حينما بطر نعم الله عليه وتفاخر وتعالى فقالوا له: ﴿لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي...﴾ [القصص: 76 - 78].
وأما المزاح المندوب إليه فهو ما يجري بين الأهل والأقارب، والإخوان والأصدقاء؛ بشرط أن لا يكون فيه أذية لأحد، أو استخفاف به، وأن يكون قصد به تطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله على ندرة لمصلحة تطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهو سنة مستحبة ([16]).
قال الماوردي ([17]): "العاقل يتوخَّى بمزاحه حالين لا ثالث لهما:
- أحدهما: إيناس المصاحبين، والتودد إلى المخاطبين، وهذا يكون مما أنس من جميل القول وبسط من مستحسن الفعل.
- والثاني: أن ينفي بالمزاح ما طرأ عليه وحدث به من هم، وقد قيل لابد من المصدور أن ينفث" ([18]).
وقد أوصى أحد السلف ([19]) ابنه بوصية بليغة ينبغي لكل مازح استحضارها لئلا تزل قدمه، فقال: "لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا تمازح الدنيء فتهون عليه" ([20]).
ولم يكن مزح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخرج عن الحالين السابقين.
فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : «إني لأمزح ولا أقول إلا حقا»([21]).
قال المناوي ([22]) رحمه الله: قوله: «ولا أقول إلا حقا»: لعصمتي من الزلل في القول والعمل... وإنما كان يمزح لأن الناس مأمورون بالتأسي به والاقتداء بهديه؛ فلو ترك اللطافة والبشاشة ولزم العبوس والقطوب، لأخذ الناس من أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء؛ فمزح ليمزحوا ([23]).
قلت: وهذا رحمة من الله بهذه الأمة؛ فحياة المسلم لو كانت كلها على سمت واحد لما رأيت أحد يأنس بأخيه، لهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحث أصحابه على بث روح المحبة والألفة بينهم - رضي الله عنه -م أجمعين؛ فعن أبي ذر الغفاري([24]) - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»([25]).
وفي حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أمثلة على مزاحه ستأتي إن شاء الله تعالى.
ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كثير المزاح، وإذا مازح فعل ذلك لأهداف تربوية سامية تفضي إلى حياة القلوب بالتعلق بالله سبحانه وتعالى؛ كما أن فيها التودُّدَ إلى أفراد المجتمع صغيره وكبيره، وإبراز محاسن هذا الدين.
* * *
المبحث الأول
مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أهل بيته
في هذا المبحث بعض ملاطفاته ومزاحه المليء بالتربية، وهذا نتيجة حتمية لما عرف عنه - صلى الله عليه وسلم - من الخيرية لأهله ولأمته عامة.
فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»([26]).
ومن الخيرية بعد أداء الواجبات الصفح والألفة وحسن المعاشرة وطلاقة الوجه؛ وهذا بعض تلك الأخلاق.
1- الحديث الأول:
روى البخاري ومسلم ([27]) بسنديهما إلى عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما: «يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته»([28]).
قال النووي: "فيه - أي في هذا الحديث - من الفوائد فضيلة ظاهرة لعائشة - رضي الله عنها -، وفيه دليل لجواز الترخيم"([29]).
وقال الحافظ: "في هذا الحديث منقبة عظيمة لعائشة" ([30]).
قلت: فترخيمُه - صلى الله عليه وسلم - لاسم عائشة من باب المزاح والملاطفة للأهل ([31]).
2- الحديث الثاني:
ومن طيب معاشرته - صلى الله عليه وسلم - لأهله والمبالغة في حسنها وطيبها قوله لعائشة: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع»([32]). وهذا جزء من حديث طويل اقتصرنا على محل الشاهد منه.
قال النووي: "قال العلماء: هو تطييب لنفسها، وإيضاح لحسن معاشرته إياها، ومعناه: أنا لك كأبي زرع... وقال: قال العلماء: في حديث أم زرع هذا فوائد، منها: استحباب حسن المعاشرة للأهل، وجواز الإخبار عن الأمم الخالية، وأن المشبه بالشيء لا يلزم كونه مثله في كل شيء.
ومنها: أن كنايات الطلاق لا يقع بها طلاق إلا بالنية؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع». ومن جملة أفعال أبي زرع أنه طلق امرأته أم زرع، ولم يقع على النبي - صلى الله عليه وسلم - طلاق بتشبيهه؛ لكونه لم ينو الطلاق"([33]).
وقال الحافظ: في هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم حسن عشرة المرء أهله بالتأنيس والمحادثة بالأمور المباحة؛ ما لم يفض ذلك إلى ما يمنع.
وفيه المزح أحيانا وبسط النفس به، ومداعبة الرجل أهله، وإعلامه بمحبته لها؛ ما لم يؤد ذلك إلى مفسدة تترتب على ذلك من تجنيها عليه وإعراضها عنه... وجواز الانبساط بذكر طرف الأخبار ومستطابات النوادر تنشيطا للنفوس ([34]).
3- الحديث الثالث:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأهله حتى ولو كان ذلك في حالة الشكوى والمرض ما رواه الإمام أحمد ([35]) بن حنبل في المسند من طريق محمد بن إسحاق ([36]) بسنده إلى عائشة - رضي الله عنها - قالت: رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول: وارأساه. فقال: «بل أنا يا عائشة، وارأساه» ثم قال: «ما ضركِ لو مت قبلي فغسَّلتُك، وكفَّنتُك، ثم صليتُ عليك، ودفنتُك». قلت: لكأني بك، والله لو فعلت ذلك؛ لقد رجعت إلى بيتي فعرست فيه ببعض نسائك. قالت: فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم بدئ بوجعه الذي مات فيه ([37]).
4- الحديث الرابع:
ومن مزاحه وملاطفته لأهله ما رواه أبو داود ([38]) بسنده إلى هشام ([39]) بن عروة عن أبيه ([40]) وأبي سلمة ([41]) عن عائشة - رضي الله عنها -: «أنها كانت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، قالت: فسابقتُه فسبقتُه على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: هذه بتلك السبقة»([42]).
5- الحديث الخامس:
ومن مزاحه مع أهل بيته ما رواه النعمان بن بشير ([43]) قال: استأذن أبو بكر على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت عائشة عاليا، فلما دخل تناولها ليلطمها، وقال: لا أراك ترفعين صوتك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يحجزه ([44])، وخرج أبو بكر مغضبا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرج أبو بكر: «كيف رأيتني أنقذتك ([45]) من الرجل». قال: فمكث أبو بكر أياما، ثم استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدهما قد اصطلحا، فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «قد فعلنا»([46]).
المبحث الثاني
الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع الصغار
إن المتأمل لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مزاحه ودعابته مع الصبيان يجد أنموذجا فريدا؛ فهو مع كونه - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولا وقائدا ومعلما ومربيا لهذه الأمة لم ينس الصبيان علماء المستقبل؛ فقد كان أرحم الناس بالصبيان والعيال ([47]).
وقد أشار النووي إلى أن الحديث يروى: «ما رأيت أحدا أرحم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعيال».
وهذا هو المشهور الموجود في النسخ والروايات، وفي بعض الروايات بالعباد، ثم قال: ففيه بيان كريم خلقه - صلى الله عليه وسلم - ورحمته للعيال والضعفاء، وفيه: فضيلة رحمة العيال والأطفال وتقبيلهم ([48]).
6- الحديث الأول:
روى البخاري ومسلم بسنديهما إلى أبي التياح ([49]) قال: سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول: «إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير، ما فعل النغير»([50]).
قلت: هذا الحديث من الأحاديث التي أفردها العلماء بتآليف خاصة دفاعا عن السنة المطهرة؛ فمن العلماء الذين أفردوه بمؤلَّف خاصٍّ ابن القاص ([51]) وسمى كتابه: "فوائد حديث أبي عمير" وذكر في مقدمة هذا الكتاب سبب تأليفه وأن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها ومثَّل بحديث أبي عمير هذا.
وقال رحمه الله: إنه استخرج منه ستين وجها من الفقه وسردها جميعا، ونحن نذكر بعض ما ذكر؛ فقال في قوله: «وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء مازحه». ما يدل على أنه كان يمازحه كثيرا، وإذا كان كذلك كان في ذلك شيئان:
أحدهما: أن الممازحة مع الصبيان مباح.
والثاني: أنها إباحة سنة لا إباحة رخصة؛ لأنها لو كانت إباحة رخصة لأشبه أن لا يكثرها؛ وفيه ما يدل على حسن الخلق وأنه يجوز أن يختلف حال المؤمن في المنزل عن حاله إذا برز؛ فيكون في المنزل أكثر مزاحا، وإذا خرج أكثر سكينة ووقارا إلا من طريق الرياء.
وفيه أنه كان من صفته - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يواسي بين جلسائه حتى يأخذ كلٌّ بِحَظٍّ.
وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دخوله على أم سليم؛ صافح أنسا، ومازح أبا عمير الصغير، ونام على فراش أم سليم، حتى نال الجميع من بركته - صلى الله عليه وسلم - ([52]).
7- الحديث الثاني:
روى الزهري ([53]) عن محمود بن الربيع ([54]) قال: «عقلت من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو»([55]).
وفي هذا الحديث من هديه - صلى الله عليه وسلم - ممازحة الأطفال؛ جبرا لخواطر آبائهم.
قال الحافظ: قوله: "مجّة" أي بفتح الميم وتشديد الجيم، والمج هو إرسال الماء من الفم، وقيل: لا يُسمى مجا إلا إن كان على بعد. وفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع محمود؛ إما مداعبة معه، أو ليبارك عليه بها كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة ([56]).
8- الحديث الثالث:
ما ساقه البخاري بسنده إلى أم خالد ([57]) بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبي وعليَّ قميص أصفر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «سنه سنه» قال عبد الله ([58]) وهي بالحبشية: حسنة. قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزبرني أبي ([59]). قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «دعها» ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أبلي ([60]) وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي». قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر... يعني من بقائها([61]).
إن المتأمل لحديث أم خالد الصغير ليجد فيه عظم خلقه - صلى الله عليه وسلم - وطيب نفسه؛ فقد اشتمل على الممازحة بالقول والفعل مع هذه البنت الصغيرة.
قال الحافظ أثناء شرحه لهذا الحديث: إن الممازحة بالقول والفعل مع الصغيرة إنما يقصد به التأنيس، والتقبيل من جملة ذلك ([62]).
9- الحديث الرابع:
في بيان حرص الصبيان على التقرب من النبي - صلى الله عليه وسلم - وملاقاتهم له في الطرقات، روى ثابت ([63]) عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أتى عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ألعب مع الغلمان، قال: فسلم علينا، فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمي، فلما جئت قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجة. قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لا تحدثن بسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا.
قال أنس: والله لو حدثت به أحدا لحدثتك يا ثابت»([64]).
وقد أجمل القرطبي فوائد هذا الحديث بقوله: فيه دليل على تخلية الصغار ودواعيهم من اللعب والانبساط ولا نضيق عليهم بالمنع مما لا مفسدة فيه، وفيه دليل على مشروعية السلام على الصبيان، وفائدته تعليمهم السلام وتمرينهم على فعله وإفشائه... وكتمان أَنَس سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمه، دليل على كمال عقله ([65]).
10- الحديث الخامس:
ومن أساليبه - صلى الله عليه وسلم - في المزاح والمداعبة للأبناء ترخيم ([66]) أسمائهم أو تصغيرها.
فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة، قلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض بقفاي من ورائي قال: فنظرت إليه، وهو يضحك، فقال: "يا أنيس اذهب حيث أمرتك". قال: قلت: نعم، أذهب يا رسول الله، قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا ([67])؟»
قال النووي: في هذا الحديث بيان كمال خلقه - صلى الله عليه وسلم - ، وحسن عشرته وحلمه وصفحه ([68]).
وقال القرطبي: وقول أنس: "والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب" - هذا القول: صدر من أنس في حال صغره، وعدم كمال تمييزه؛ إذ لا يصدر مثله ممن كمل تمييزه... ولم يؤنبه - صلى الله عليه وسلم - على هذا الفعل؛ بل داعبه، وأخذ بقفاه وهو يضحك رفقا به، واستلطافا له، ثم قال: «يا أنيس اذهب حيث أمرتك». فقال له: أنا أذهب. وهذا كله مقتضى خلقه الكريم، وحلمه العظيم ([69]).
11- الحديث السادس:
ومن ملاطفته وتأنيسه للصبيان ما رواه ابن عباس قال: كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتواريت خلف باب. قال: فجاء فحطأني ([70]) وقال: «اذهب وادع لي معاوية». قال: فجئت فقلت: هو يأكل. فقال: «لا أشبع الله بطنه»([71]) قال ابن المثنى: قلت لأمية: ما حطأني. قال: قفدني قفدة ([72]).
قلت: أما فوائد هذا الحديث فأجملها النووي بقوله: فيه جواز ترك الصبيان يلعبون بما ليس بحرام، واعتماد الصبي فيما يرسل فيه من دعاء إنسان ونحوه من حمل هدية وطلب حاجة وأشباهه... وجواز إرسال الصبي؛ لأن هذا قدر يسير ورد الشرع بالمسامحة للحاجة، واطَّرد به العرفُ وعملُ المسلمين ([73]).
12- الحديث السابع:
ومن مزاحه مع الأطفال وخاصة البنات ما رواه أنس بن مالك قال: كانت عند أم سليم يتيمة، وهي أم أنس، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليتيمة، فقال: «أنت هيه؟ لقد كبرت، لا كبر سنك». فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي. فقالت أم سليم: ما لك يا بنية؟ قالت الجارية: دعا علي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا تكبر سني فالآن لا تكبر سني أبدا. أو قالت: قرني. فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث ([74]) خمارها، حتى لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ما لك يا أم سليم؟» فقالت: يا نبي الله أدعوت على يتيمتي؟ قال: «وما ذاك يا أم سليم؟» قالت: زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها، ولا يكبر قرنها. قال: فضحك ([75]) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال: «يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي على ربي، أني اشترطت على ربي، فقلت: إنما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل، أن يجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة»([76]).
قال النووي: في هذا الحديث: «لا كبر سنك». وفي حديث معاوية: «لا أشبع الله بطنك». ونحو ذلك، لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء فخاف - صلى الله عليه وسلم - أن يصادف شيء من ذلك إجابة فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغِب إليه أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا ([77]).
13- الحديث الثامن:
ومن مزاحه قوله - صلى الله عليه وسلم - لخادمه ممازحا: يا ذا الأذنين. وهذا من المزح الذي لا يدخله كذب قال أنس بن مالك: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : «يا ذا الأذنين»([78]).
قال أبو سليمان الخطابي ([79]) معلقا على هذا الحديث: كان مزح النبي - صلى الله عليه وسلم - مزحا لا يدخله الكذب والتزيد، وكل إنسان له أذنان فهو صادق في وصفه إياه بذلك، وقد يحتمل وجها آخر وهو أن لا يكون قصد بهذا القول المزاح وإنما معناه الحض والتنبيه على حسن الاستماع، والتلقف لما يقوله ويعلمه إياه، وسماه ذا الأذنين إذ كان الاستماع إنما يكون بحاسة الأذن، وقد خلق الله تعالى له أذنين يسمع بكل واحدة منهما، وجعلهما حجة عليه فلا يعذر معهما إن أغفل الاستماع له ولم يحسن الوعي، والله أعلم ([80]).
14- الحديث التاسع:
ومن مداعبته ومزاحه - صلى الله عليه وسلم - تصغيره لأسماء المخاطبين من أبناء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فيكون بذلك مؤانسا لهم ولذويهم؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول: يا زوينب .... يا زوينب مرارا»([81]).
15- الحديث العاشر:
ومن مزاحه ومداعبته لأحب الأطفال إليه - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي - رضي الله عنه - ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -.
قال أبو هريرة: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدلع لسانه ([82]) للحسن بن علي، فيرى الصبي حمرة لسانه، فيبهش ([83]) إليه»([84]).
المبحث الثالث
تضمن هذا المبحث مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه وفيه من التوجيه والإرشاد والأنس للقلوب والتواضع والنصح ما لا يعلمه إلا الله؛ وذلك عملا منه بقوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: 88]، وسيأتي تفصيل ذلك.
16- الحديث الأول:
ومن هديه - صلى الله عليه وسلم - في هذا المجال ما جاء في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري في قصة جمله المشهورة. قال جابر ([85]) بن عبد الله: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاحق بي، وتحتي ناضح لي قد أعيى ولا يكاد يسير قال: فقال لي: «ما لبعيرك؟» قال: فقلت: عليل. قال: فتخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزجره ودعا له، فمازال بين يدي الإبل قدامها يسير، قال: فقال لي: «كيف ترى بعيرك؟» قال: قلت: بخير، قد أصابته بركتك. قال: «أفتبعنيه؟» فاستحييت، ولم يكن لنا ناضح غيره. قال: فقلت: نعم، فبعته إياه، على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة. قال: فقلت له: يا رسول الله إني عروس. فاستأذنته فأذن لي، فتقدمت الناس إلى المدينة حتى انتهيت فلقيني خالي فسألني عن البعير، فأخبرته بما صنعت، فلامني فيه قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي حين استأذنته: «ما تزوجت أبكرا أم ثيبا؟» فقلت له: تزوجت ثيبا. قال: «أفلا تزوجت بكرا تلاعبك وتلاعبها؟» فقلت له: يا رسول الله توفي والدي - أو استشهد - ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج إليهن مثلهن فلا تؤدبهن، ولا تقوم عليهن، فتزوجت ثيبا لتقوم عليهن وتؤدبهن. قال: فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، غدوت إليه بالبعير، فأعطاني ثمنه وردَّه عليَّ ([86]).
وقد أجمل النوويُّ فوائد هذا الحديث بقوله: فيه معجزة ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في انبعاث جمل جابر وإسراعه بعد إعيائه، وجواز طلب البيع ممن لم يعرض سلعته للبيع، وجواز المماكسة في البيع، وسؤال الرجل الكبير أصحابه عن أحوالهم والإشارة عليهم بمصالحهم واستحباب نكاح البكر ([87]).
قلت: وفيه جواز الممازحة من الكبير لمن هو دونه، وقد ذكر صاحب سبل الهدى والرشاد أنه وقع في رواية لجابر: فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلمني ويمازحني ([88]).
17- الحديث الثاني:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما ثبت في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم في تفسيره للخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ قال عدي بن حاتم ([89]): قلت يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين: عقالا أبيض، وعقالا أسود، أعرف الليل من النهار. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن وسادتك لعريض، إنما هو سواد الليل وبياض النهار»([90]).
قال النووي: قوله: «إن وسادتك لعريض»:
قال القاضي: معناه: إن جعلت تحت وسادتك الخيطين اللذين أرادهما الله تعالى وهما الليل والنهار فوسادك يعلوهما ويغطيهما، وحينئذ يكون عريضا، وهو معنى الرواية الأخرى في صحيح البخاري: «إنك لعريض القفا»([91])؛ لأن من يكون هذا وساده يكون عظم قفاه من نسبته بقدره، وهو معنى الرواية الأخرى: «إنك لضخم».
وأنكر القاضي قول من قال: إنه كناية عن الغباوة أو السمن؛ لكثرة أكله إلى بيان الخيطين.
وقال بعضهم: المراد بالوساد النوم، أي نومك كثير، وقيل: أراد به الليل، أي من لم يكن النهار عنده إلا إذا بان له العقالان طال ليله وكثر نومه. والصواب ما اختاره القاضي ([92]).
18- الحديث الثالث:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما حصل لعوف بن مالك ([93]) الأشجعي قال عوف: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك في قبة من أدم، فسلمت فرد وقال: «ادخل» فقلت: أكلي يا رسول الله؟ قال: «كلك» فدخلت ([94]).
وفي رواية عثمان بن أبي عاتكة ([95]) عند أبي داود: أدخل كلي من صغر القبة ([96]).
قال محمد شمس الحق العظيم آبادي: وفيه أنه كما كان يمازح الصحابة كذلك كانوا يمازحونه ([97]).
19- الحديث الرابع:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه رضوان الله عليهم ما رواه أنس بن مالك أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله احملني. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أنا حاملك على ولد ناقة». قال: وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «وهل تلد الإبل إلا النوق؟»([98]).
قال العلماء: إن هذا المزاح قاله - صلى الله عليه وسلم - مباسطا لهذا الرجل بما عساه أن يكون شفاء لبلهه؛ حيث توهم أن الولد لا يطلق إلا على الصغير وهو غير قابل للركوب، فقال له - صلى الله عليه وسلم - : «هل تلد الإبل» - أي جنسها من الصغار والكبار - «إلا النوق؟» وهي أنثى الإبل، والمعنى أنك لو تدبرت لم تقل ذلك؛ ففيه مع المباسطة له الإشارة إلى إرشاده وإرشاد غيره بأنه ينبغي لمن سمع قولا أن يتأمله ولا يبادر إلى رده إلا بعد أن يدرك غوره ([99]).
وقال صاحب عون المعبود: في هذا الحديث والأحاديث بعده في الباب إباحة المزاح والدعابة ([100]).
20- الحديث الخامس:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما رواه الإمام أحمد في المسند بسنده إلى عبد الحميد ([101]) بن صفي عن أبيه ([102]) عن جده ([103]) قال: إن صهيبا قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه تمر وخبز، فقال: «ادن فكل». قال: فأخذ يأكل من التمر، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن بعينيك رمدا». فقال: يا رسول الله، إنما آكل من الناحية الأخرى، قال: فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ([104]).
وفي هذا الحديث إشكال وهو: كيف استجاز صهيب - رضي الله عنه - أن يعرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزح في جوابه؟ وقد أجاب عن هذا الإشكال بدر الدين الغزي بقوله: إنما استجاز صهيب أن يعرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزح في جوابه؛ لأن استخباره قد كان يتضمن المزح، فأجابه عنه بما وافقه عن المزح مساعدة لغرضه، وتقربا من قلبه، وإلا فليس لأحد أن يجعل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مزاحا؛ لأن المزح هزل، ومن جعل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله - عز وجل - أحكامه المؤدي إلى خلقه أوامره هزلا ومزحا، فقد عصى الله تعالى، وصهيب كان أطوع لله سبحانه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون بهذه المنزلة ([105]).
21- الحديث السادس:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما رواه الإمام أحمد في المسند من حديث أنس أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا ([106]) كان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية فيجهزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه». وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبه، وكان رجلا دميما فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه، وهو لا يبصره فقال الرجل: أرسلني من هذا؟ فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجعل لا يألو ([107]) ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يشتري العبد؟» فقال: يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «لكن عند الله لست بكاسد». أو قال: «لكن عند الله أنت غال»([108]).
22- الحديث السابع:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما جاء عن سفينة ([109]) مولى لأم سلمة - رضي الله عنها - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فجعل كل من ثقل عليه متاعه من أصحابه حمله علي، حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا، فمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما أنت اليوم إلا سفينة»([110]).
23- الحديث الثامن:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - العملي ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى ([111]) عن أسيد ([112]) بن حضير رجل من الأنصار قال: بينما هو يحدث القوم ـ وكان فيه مزاح ـ بينا يضحكهم فطعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في خاصرته بعود، فقال: اصطبرني ([113])، فقال: «أصطبر» قال: إن عليك قميصا وليس علي قميص، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه، فاحتضنه وأخذ يقبل كشحه ([114]) قال: إنما أردت هذا ([115]) يا رسول الله ([116]).
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد:
فهذا بحث متواضع في مزاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، جمعت فيه الأحاديث المرفوعة الواردة في الموضوع، وقد قمت بترتيبها ودراستها وتخريجها.
وجعلت عنوانه "المزاح في السنة" وقسمته إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث هي:
المبحث الأول: الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أهله.
المبحث الثاني: الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أبنائه ومع غيرهم من الصغار.
المبحث الثالث: الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه من الرجال.
وقد جمعت مادة هذا البحث من كتب السنة مع تخريجها والحكم عليها بناء على منهج المحدثين؛ فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما فإني أكتفي بالعزو إلى من أخرجه.
فإن لم يكن في الصحيحين أو أحدهما فإني أجتهد في تخريجه من الكتب الأخرى وأحكم عليه.
وقد رتبت الأحاديث في كل مبحث حسب درجتها بدءا بالصحيح ثم الحسن، ثم ما كان من الضعيف الذي ينجبر.
- أنقل أقوال أهل العلم في الحكم على الحديث إن وجدت، وإن لم توجد فإني أجتهد في الحكم عليه من خلال الإسناد.
- ترجمت للرواة الذين تدعو الحاجة إلى الترجمة لهم؛ كمن يدور الحكم في الحديث عليه من كتب الرجال باختصار.
- أبين الغريب الذي يحتاج إلى بيان من كتب الغريب واللغة.
- أبين ما في الحديث من فوائد من كتب شروح الحديث.
- عملت ثبتا للمصادر والمراجع، وفهرسا للموضوعات.
وأخيرا فإني حاولت حسب جهدي وطاقتي إخراج هذا البحث على الوجه اللائق؛ فما كان من صواب فهو من توفيق الله عز وجل وأحمده على ذلك، وما كان فيه غير ذلك فأسأل الله أن يعفو عني فيه ويتجاوز، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - .
الاصطلاحات الواردة في البحث في الهوامش
ت: لتقريب التهذيب، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
ت ت: لتهذيب التهذيب، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
الكاشف: الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
السير: سير أعلام النبلاء، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
العبر: العبر في خبر من غبر، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
الميزان: ميزان الاعتدال في نقد الرجال، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
اللسان: لسان الميزان، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
الفتح: فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
المجمع: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي.
* * *
تمهـــيد
وفيه تعريف المزاح لغة واصطلاحا وبيان أحكامه.
لقد عرفه أهل اللغة بأنه الدعابة ونقيض الجد.
قال ابن منظور ([117]): المزح الدعابة، وفي المحكم: المزح نقيض الجد، مزح يمزح مزحا، ومزاحا ومزاحة وقد مازحه ممازحة ومزاحا، والاسم المزاح بالضم والمزاحة أيضا... والمِزاح - بالكسر: مصدر مازحه، وهما يتمازحان... والمُزح من الرجال الخارجون عن طبع الثقلاء، المتميزون من طبع البغضاء ([118]).
وأما في عرف الشرع فقد عرَّفه الزبيدي ([119]) بقوله: هو المباسطة إلى الغير على جهة التلطف والاستعطاف دون أذية. حتى يُخْرِج الاستهزاء والسخرية، وقد قال الأئمة: الإكثار منه، والخروج عن الجد مخل بالمروءة والوقار، والتنزه عنه بالمرة والتقبض مخل بالسنة والسيرة النبوية المأمور باتباعها والاقتداء، وخير الأمور أوسطها ([120]).
وأما حكمه:
فإن المزاح الخالي من الموانع التي تعكر صفو الخواطر مندوب إليه، وهو خلق كريم حَثَّ عليه الشارع الحكيم.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدَكم مِنِّي مجلسًا يوم القيامة الثَّرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون»([121]).
إن المسلم الذي يجمع إلى الجد الذي يسعى إليه روح الدعابة ومفاكهة الحديث وعذوبة المنطق، وطرافة الحكمة يملك القلوب بجاذبية حديثه، ويأسر النفوس بلطيف معشره وكريم مداعبته؛ ولكن هل للمسلم أن ينطلق في المزح والدعابة كما يشاء وحيث أراد، أم أنه يتقيد بالضوابط الشرعية؟
والحقيقة أنه لابد من التقيد بالشرع في كل ذلك لمعرفة المكروه من المزاح والمندوب إليه منه.
فالمكروه منه ما كان فيه إفراط بحيث يخرج المسلم عن مهمته الأساسية التي خلق من أجلها والتي هي عبادة خالقه جل وعلا: قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].
والمقصود بالعبادة معناها الشامل؛ فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ([122]).
أما إذا لم يكن فيه إفراط ولا شغل عن الله فهذا سنة، وقد فعله صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين تربوا في مدرسة النبوة؛ فقد كانوا يتمازحون فيما بينهم، ولكن إذا جد الجد كانوا هم الرجال.
روى البخاري ([123]) في الأدب المفرد بسنده إلى بكر ([124]) بن عبد الله؛ قال: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبادحون بالبطيخ ([125])، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال»([126]).
إن المزاح المنهي عنه هو ما فيه إفراط؛ لأنه يسبب قسوة القلب ويشغل عن ذكر الله والفكر في مهمات الدين، ويؤول في الكثير من الأوقات إلى الإيذاء، والحقد، وسقوط المهابة والوقار ([127]).
ويقول الشيخ بدر الدين الغزي ([128]): "قد ورد في ذم المزح ومدحه أخبار، فحملنا ما ورد في ذمه على ما إذا وصل إلى حد المثابرة والإكثار؛ فإنه إزاحة عن الحقوق، ومخرج إلى القطيعة والعقوق، يصيم المازح ويضيم الممازح، فوصمُه المازح أن يذهب عنه الهيبة والبهاء، ويجرئ عليه الغوغاء والسفهاء، ويورث الغل في قلوب الأكابر والنبهاء.
وأما إضامة الممازح فلأنه إذا قوبل بفعل ممض أو قول مستكره، وسكت عليه أحزن قلبه وأشغل فكره، أو قابل عليه - جانب مع صاحبه حشمة وأدبا، وربما كان للعداوة والتباغض سببا؛ فإن الشر إذا فُتح لا يستد، وسهم الأذى إذا أُرسل لا يرتد، وقد يعرِّض العرض للهتك، والدماء للسفك؛ فحق العاقل (أن) ([129]) يتقيه وينزه نفسه عن وصمة مساويه"([130]) وعلى هذا يُحمل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده موعدة فتُخْلِفه»([131]).
وكما قرر الشيخ بدر الدين رحمه الله أن المزاح في أصله طريق إلى السرور والفرح؛ فإن الفرح نوعان كما أن المزاح نوعان؛ ففي الفرح خير وشر، كما أن في المزاح خيرا وشرا.
ولهذا فإن نظير هذا التفصيل وإن كان من قبيل آخر مع اجتماعه مع هذا الموضوع بجامع السرور الموجود في المزاح الطيب والسرور المحذور في المزاح السيئ - أقول: نظيره ما جاء من التوجيه الرباني الذي يأمر الله تعالى فيه بالفرح حينما يحصل الإنسان على النعم، وينظر إلى ما بين يديه مما تفضل الله تعالى عليه به من النعم الجزيلة التي تسره وتجعله يتوجه بها إلى استعمالها فيما يرضي الله عز وجل ليؤدي بعمله هذا واجب الشكر.
يقول الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58].
هكذا جاء الأمر في الآية بصيغة الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر، وجاء النهي في كتاب الله تعالى عن الفرح المؤدي إلى الأشر والبطر والطغيان؛ حيث يستعمل الإنسان نعم الله تعالى فيما يسخطه، فيكون بذلك جاحدا لفضله عليه سبحانه وتعالى، وهذا ما ذكره الله تعالى على لسان الناصحين لقارون حينما بطر نعم الله عليه وتفاخر وتعالى فقالوا له: ﴿لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي...﴾ [القصص: 76 - 78].
وأما المزاح المندوب إليه فهو ما يجري بين الأهل والأقارب، والإخوان والأصدقاء؛ بشرط أن لا يكون فيه أذية لأحد، أو استخفاف به، وأن يكون قصد به تطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله على ندرة لمصلحة تطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهو سنة مستحبة ([132]).
قال الماوردي ([133]): "العاقل يتوخَّى بمزاحه حالين لا ثالث لهما:
- أحدهما: إيناس المصاحبين، والتودد إلى المخاطبين، وهذا يكون مما أنس من جميل القول وبسط من مستحسن الفعل.
- والثاني: أن ينفي بالمزاح ما طرأ عليه وحدث به من هم، وقد قيل لابد من المصدور أن ينفث" ([134]).
وقد أوصى أحد السلف ([135]) ابنه بوصية بليغة ينبغي لكل مازح استحضارها لئلا تزل قدمه، فقال: "لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا تمازح الدنيء فتهون عليه" ([136]).
ولم يكن مزح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخرج عن الحالين السابقين.
فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : «إني لأمزح ولا أقول إلا حقا»([137]).
قال المناوي ([138]) رحمه الله: قوله: «ولا أقول إلا حقا»: لعصمتي من الزلل في القول والعمل... وإنما كان يمزح لأن الناس مأمورون بالتأسي به والاقتداء بهديه؛ فلو ترك اللطافة والبشاشة ولزم العبوس والقطوب، لأخذ الناس من أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء؛ فمزح ليمزحوا ([139]).
قلت: وهذا رحمة من الله بهذه الأمة؛ فحياة المسلم لو كانت كلها على سمت واحد لما رأيت أحد يأنس بأخيه، لهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحث أصحابه على بث روح المحبة والألفة بينهم - رضي الله عنه -م أجمعين؛ فعن أبي ذر الغفاري([140]) - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»([141]).
وفي حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أمثلة على مزاحه ستأتي إن شاء الله تعالى.
ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كثير المزاح، وإذا مازح فعل ذلك لأهداف تربوية سامية تفضي إلى حياة القلوب بالتعلق بالله سبحانه وتعالى؛ كما أن فيها التودُّدَ إلى أفراد المجتمع صغيره وكبيره، وإبراز محاسن هذا الدين.
* * *
المبحث الأول: مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أهل بيته
في هذا المبحث بعض ملاطفاته ومزاحه المليء بالتربية، وهذا نتيجة حتمية لما عرف عنه - صلى الله عليه وسلم - من الخيرية لأهله ولأمته عامة.
فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»([142]).
ومن الخيرية بعد أداء الواجبات الصفح والألفة وحسن المعاشرة وطلاقة الوجه؛ وهذا بعض تلك الأخلاق.
1- الحديث الأول:
روى البخاري ومسلم ([143]) بسنديهما إلى عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما: «يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته»([144]).
قال النووي: "فيه - أي في هذا الحديث - من الفوائد فضيلة ظاهرة لعائشة - رضي الله عنها -، وفيه دليل لجواز الترخيم"([145]).
وقال الحافظ: "في هذا الحديث منقبة عظيمة لعائشة" ([146]).
قلت: فترخيمُه - صلى الله عليه وسلم - لاسم عائشة من باب المزاح والملاطفة للأهل ([147]).
2- الحديث الثاني:
ومن طيب معاشرته - صلى الله عليه وسلم - لأهله والمبالغة في حسنها وطيبها قوله لعائشة: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع»([148]). وهذا جزء من حديث طويل اقتصرنا على محل الشاهد منه.
قال النووي: "قال العلماء: هو تطييب لنفسها، وإيضاح لحسن معاشرته إياها، ومعناه: أنا لك كأبي زرع... وقال: قال العلماء: في حديث أم زرع هذا فوائد، منها: استحباب حسن المعاشرة للأهل، وجواز الإخبار عن الأمم الخالية، وأن المشبه بالشيء لا يلزم كونه مثله في كل شيء.
ومنها: أن كنايات الطلاق لا يقع بها طلاق إلا بالنية؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع». ومن جملة أفعال أبي زرع أنه طلق امرأته أم زرع، ولم يقع على النبي - صلى الله عليه وسلم - طلاق بتشبيهه؛ لكونه لم ينو الطلاق"([149]).
وقال الحافظ: في هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم حسن عشرة المرء أهله بالتأنيس والمحادثة بالأمور المباحة؛ ما لم يفض ذلك إلى ما يمنع.
وفيه المزح أحيانا وبسط النفس به، ومداعبة الرجل أهله، وإعلامه بمحبته لها؛ ما لم يؤد ذلك إلى مفسدة تترتب على ذلك من تجنيها عليه وإعراضها عنه... وجواز الانبساط بذكر طرف الأخبار ومستطابات النوادر تنشيطا للنفوس ([150]).
3- الحديث الثالث:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأهله حتى ولو كان ذلك في حالة الشكوى والمرض ما رواه الإمام أحمد ([151]) بن حنبل في المسند من طريق محمد بن إسحاق ([152]) بسنده إلى عائشة - رضي الله عنها - قالت: رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول: وارأساه. فقال: «بل أنا يا عائشة، وارأساه» ثم قال: «ما ضركِ لو مت قبلي فغسَّلتُك، وكفَّنتُك، ثم صليتُ عليك، ودفنتُك». قلت: لكأني بك، والله لو فعلت ذلك؛ لقد رجعت إلى بيتي فعرست فيه ببعض نسائك. قالت: فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم بدئ بوجعه الذي مات فيه ([153]).
4- الحديث الرابع:
ومن مزاحه وملاطفته لأهله ما رواه أبو داود ([154]) بسنده إلى هشام ([155]) بن عروة عن أبيه ([156]) وأبي سلمة ([157]) عن عائشة - رضي الله عنها -: «أنها كانت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، قالت: فسابقتُه فسبقتُه على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: هذه بتلك السبقة»([158]).
5- الحديث الخامس:
ومن مزاحه مع أهل بيته ما رواه النعمان بن بشير ([159]) قال: استأذن أبو بكر على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت عائشة عاليا، فلما دخل تناولها ليلطمها، وقال: لا أراك ترفعين صوتك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يحجزه ([160])، وخرج أبو بكر مغضبا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرج أبو بكر: «كيف رأيتني أنقذتك ([161]) من الرجل». قال: فمكث أبو بكر أياما، ثم استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدهما قد اصطلحا، فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «قد فعلنا»([162]).
المبحث الثاني: الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع الصغار
إن المتأمل لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مزاحه ودعابته مع الصبيان يجد أنموذجا فريدا؛ فهو مع كونه - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولا وقائدا ومعلما ومربيا لهذه الأمة لم ينس الصبيان علماء المستقبل؛ فقد كان أرحم الناس بالصبيان والعيال ([163]).
وقد أشار النووي إلى أن الحديث يروى: «ما رأيت أحدا أرحم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعيال».
وهذا هو المشهور الموجود في النسخ والروايات، وفي بعض الروايات بالعباد، ثم قال: ففيه بيان كريم خلقه - صلى الله عليه وسلم - ورحمته للعيال والضعفاء، وفيه: فضيلة رحمة العيال والأطفال وتقبيلهم ([164]).
6- الحديث الأول:
روى البخاري ومسلم بسنديهما إلى أبي التياح ([165]) قال: سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول: «إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير، ما فعل النغير»([166]).
قلت: هذا الحديث من الأحاديث التي أفردها العلماء بتآليف خاصة دفاعا عن السنة المطهرة؛ فمن العلماء الذين أفردوه بمؤلَّف خاصٍّ ابن القاص ([167]) وسمى كتابه: "فوائد حديث أبي عمير" وذكر في مقدمة هذا الكتاب سبب تأليفه وأن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها ومثَّل بحديث أبي عمير هذا.
وقال رحمه الله: إنه استخرج منه ستين وجها من الفقه وسردها جميعا، ونحن نذكر بعض ما ذكر؛ فقال في قوله: «وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء مازحه». ما يدل على أنه كان يمازحه كثيرا، وإذا كان كذلك كان في ذلك شيئان:
أحدهما: أن الممازحة مع الصبيان مباح.
والثاني: أنها إباحة سنة لا إباحة رخصة؛ لأنها لو كانت إباحة رخصة لأشبه أن لا يكثرها؛ وفيه ما يدل على حسن الخلق وأنه يجوز أن يختلف حال المؤمن في المنزل عن حاله إذا برز؛ فيكون في المنزل أكثر مزاحا، وإذا خرج أكثر سكينة ووقارا إلا من طريق الرياء.
وفيه أنه كان من صفته - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يواسي بين جلسائه حتى يأخذ كلٌّ بِحَظٍّ.
وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دخوله على أم سليم؛ صافح أنسا، ومازح أبا عمير الصغير، ونام على فراش أم سليم، حتى نال الجميع من بركته - صلى الله عليه وسلم - ([168]).
7- الحديث الثاني:
روى الزهري ([169]) عن محمود بن الربيع ([170]) قال: «عقلت من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو»([171]).
وفي هذا الحديث من هديه - صلى الله عليه وسلم - ممازحة الأطفال؛ جبرا لخواطر آبائهم.
قال الحافظ: قوله: "مجّة" أي بفتح الميم وتشديد الجيم، والمج هو إرسال الماء من الفم، وقيل: لا يُسمى مجا إلا إن كان على بعد. وفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع محمود؛ إما مداعبة معه، أو ليبارك عليه بها كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة ([172]).
8- الحديث الثالث:
ما ساقه البخاري بسنده إلى أم خالد ([173]) بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبي وعليَّ قميص أصفر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «سنه سنه» قال عبد الله ([174]) وهي بالحبشية: حسنة. قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزبرني أبي ([175]). قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «دعها» ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أبلي ([176]) وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي». قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر... يعني من بقائها([177]).
إن المتأمل لحديث أم خالد الصغير ليجد فيه عظم خلقه - صلى الله عليه وسلم - وطيب نفسه؛ فقد اشتمل على الممازحة بالقول والفعل مع هذه البنت الصغيرة.
قال الحافظ أثناء شرحه لهذا الحديث: إن الممازحة بالقول والفعل مع الصغيرة إنما يقصد به التأنيس، والتقبيل من جملة ذلك ([178]).
9- الحديث الرابع:
في بيان حرص الصبيان على التقرب من النبي - صلى الله عليه وسلم - وملاقاتهم له في الطرقات، روى ثابت ([179]) عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أتى عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ألعب مع الغلمان، قال: فسلم علينا، فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمي، فلما جئت قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجة. قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لا تحدثن بسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا.
قال أنس: والله لو حدثت به أحدا لحدثتك يا ثابت»([180]).
وقد أجمل القرطبي فوائد هذا الحديث بقوله: فيه دليل على تخلية الصغار ودواعيهم من اللعب والانبساط ولا نضيق عليهم بالمنع مما لا مفسدة فيه، وفيه دليل على مشروعية السلام على الصبيان، وفائدته تعليمهم السلام وتمرينهم على فعله وإفشائه... وكتمان أَنَس سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمه، دليل على كمال عقله ([181]).
10- الحديث الخامس:
ومن أساليبه - صلى الله عليه وسلم - في المزاح والمداعبة للأبناء ترخيم ([182]) أسمائهم أو تصغيرها.
فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة، قلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض بقفاي من ورائي قال: فنظرت إليه، وهو يضحك، فقال: "يا أنيس اذهب حيث أمرتك". قال: قلت: نعم، أذهب يا رسول الله، قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا ([183])؟»
قال النووي: في هذا الحديث بيان كمال خلقه - صلى الله عليه وسلم - ، وحسن عشرته وحلمه وصفحه ([184]).
وقال القرطبي: وقول أنس: "والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب" - هذا القول: صدر من أنس في حال صغره، وعدم كمال تمييزه؛ إذ لا يصدر مثله ممن كمل تمييزه... ولم يؤنبه - صلى الله عليه وسلم - على هذا الفعل؛ بل داعبه، وأخذ بقفاه وهو يضحك رفقا به، واستلطافا له، ثم قال: «يا أنيس اذهب حيث أمرتك». فقال له: أنا أذهب. وهذا كله مقتضى خلقه الكريم، وحلمه العظيم ([185]).
11- الحديث السادس:
ومن ملاطفته وتأنيسه للصبيان ما رواه ابن عباس قال: كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتواريت خلف باب. قال: فجاء فحطأني ([186]) وقال: «اذهب وادع لي معاوية». قال: فجئت فقلت: هو يأكل. فقال: «لا أشبع الله بطنه»([187]) قال ابن المثنى: قلت لأمية: ما حطأني. قال: قفدني قفدة ([188]).
قلت: أما فوائد هذا الحديث فأجملها النووي بقوله: فيه جواز ترك الصبيان يلعبون بما ليس بحرام، واعتماد الصبي فيما يرسل فيه من دعاء إنسان ونحوه من حمل هدية وطلب حاجة وأشباهه... وجواز إرسال الصبي؛ لأن هذا قدر يسير ورد الشرع بالمسامحة للحاجة، واطَّرد به العرفُ وعملُ المسلمين ([189]).
12- الحديث السابع:
ومن مزاحه مع الأطفال وخاصة البنات ما رواه أنس بن مالك قال: كانت عند أم سليم يتيمة، وهي أم أنس، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليتيمة، فقال: «أنت هيه؟ لقد كبرت، لا كبر سنك». فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي. فقالت أم سليم: ما لك يا بنية؟ قالت الجارية: دعا علي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا تكبر سني فالآن لا تكبر سني أبدا. أو قالت: قرني. فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث ([190]) خمارها، حتى لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ما لك يا أم سليم؟» فقالت: يا نبي الله أدعوت على يتيمتي؟ قال: «وما ذاك يا أم سليم؟» قالت: زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها، ولا يكبر قرنها. قال: فضحك ([191]) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال: «يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي على ربي، أني اشترطت على ربي، فقلت: إنما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل، أن يجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة»([192]).
قال النووي: في هذا الحديث: «لا كبر سنك». وفي حديث معاوية: «لا أشبع الله بطنك». ونحو ذلك، لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء فخاف - صلى الله عليه وسلم - أن يصادف شيء من ذلك إجابة فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغِب إليه أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا ([193]).
13- الحديث الثامن:
ومن مزاحه قوله - صلى الله عليه وسلم - لخادمه ممازحا: يا ذا الأذنين. وهذا من المزح الذي لا يدخله كذب قال أنس بن مالك: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : «يا ذا الأذنين»([194]).
قال أبو سليمان الخطابي ([195]) معلقا على هذا الحديث: كان مزح النبي - صلى الله عليه وسلم - مزحا لا يدخله الكذب والتزيد، وكل إنسان له أذنان فهو صادق في وصفه إياه بذلك، وقد يحتمل وجها آخر وهو أن لا يكون قصد بهذا القول المزاح وإنما معناه الحض والتنبيه على حسن الاستماع، والتلقف لما يقوله ويعلمه إياه، وسماه ذا الأذنين إذ كان الاستماع إنما يكون بحاسة الأذن، وقد خلق الله تعالى له أذنين يسمع بكل واحدة منهما، وجعلهما حجة عليه فلا يعذر معهما إن أغفل الاستماع له ولم يحسن الوعي، والله أعلم ([196]).
14- الحديث التاسع:
ومن مداعبته ومزاحه - صلى الله عليه وسلم - تصغيره لأسماء المخاطبين من أبناء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فيكون بذلك مؤانسا لهم ولذويهم؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول: يا زوينب .... يا زوينب مرارا»([197]).
15- الحديث العاشر:
ومن مزاحه ومداعبته لأحب الأطفال إليه - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي - رضي الله عنه - ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -.
قال أبو هريرة: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدلع لسانه ([198]) للحسن بن علي، فيرى الصبي حمرة لسانه، فيبهش ([199]) إليه»([200]).
المبحث الثالث: الأحاديث الواردة في مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه من الرجال.
تضمن هذا المبحث مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه وفيه من التوجيه والإرشاد والأنس للقلوب والتواضع والنصح ما لا يعلمه إلا الله؛ وذلك عملا منه بقوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: 88]، وسيأتي تفصيل ذلك.
16- الحديث الأول:
ومن هديه - صلى الله عليه وسلم - في هذا المجال ما جاء في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري في قصة جمله المشهورة. قال جابر ([201]) بن عبد الله: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاحق بي، وتحتي ناضح لي قد أعيى ولا يكاد يسير قال: فقال لي: «ما لبعيرك؟» قال: فقلت: عليل. قال: فتخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزجره ودعا له، فمازال بين يدي الإبل قدامها يسير، قال: فقال لي: «كيف ترى بعيرك؟» قال: قلت: بخير، قد أصابته بركتك. قال: «أفتبعنيه؟» فاستحييت، ولم يكن لنا ناضح غيره. قال: فقلت: نعم، فبعته إياه، على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة. قال: فقلت له: يا رسول الله إني عروس. فاستأذنته فأذن لي، فتقدمت الناس إلى المدينة حتى انتهيت فلقيني خالي فسألني عن البعير، فأخبرته بما صنعت، فلامني فيه قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي حين استأذنته: «ما تزوجت أبكرا أم ثيبا؟» فقلت له: تزوجت ثيبا. قال: «أفلا تزوجت بكرا تلاعبك وتلاعبها؟» فقلت له: يا رسول الله توفي والدي - أو استشهد - ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج إليهن مثلهن فلا تؤدبهن، ولا تقوم عليهن، فتزوجت ثيبا لتقوم عليهن وتؤدبهن. قال: فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، غدوت إليه بالبعير، فأعطاني ثمنه وردَّه عليَّ ([202]).
وقد أجمل النوويُّ فوائد هذا الحديث بقوله: فيه معجزة ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في انبعاث جمل جابر وإسراعه بعد إعيائه، وجواز طلب البيع ممن لم يعرض سلعته للبيع، وجواز المماكسة في البيع، وسؤال الرجل الكبير أصحابه عن أحوالهم والإشارة عليهم بمصالحهم واستحباب نكاح البكر ([203]).
قلت: وفيه جواز الممازحة من الكبير لمن هو دونه، وقد ذكر صاحب سبل الهدى والرشاد أنه وقع في رواية لجابر: فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلمني ويمازحني ([204]).
17- الحديث الثاني:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما ثبت في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم في تفسيره للخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ قال عدي بن حاتم ([205]): قلت يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين: عقالا أبيض، وعقالا أسود، أعرف الليل من النهار. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن وسادتك لعريض، إنما هو سواد الليل وبياض النهار»([206]).
قال النووي: قوله: «إن وسادتك لعريض»:
قال القاضي: معناه: إن جعلت تحت وسادتك الخيطين اللذين أرادهما الله تعالى وهما الليل والنهار فوسادك يعلوهما ويغطيهما، وحينئذ يكون عريضا، وهو معنى الرواية الأخرى في صحيح البخاري: «إنك لعريض القفا»([207])؛ لأن من يكون هذا وساده يكون عظم قفاه من نسبته بقدره، وهو معنى الرواية الأخرى: «إنك لضخم».
وأنكر القاضي قول من قال: إنه كناية عن الغباوة أو السمن؛ لكثرة أكله إلى بيان الخيطين.
وقال بعضهم: المراد بالوساد النوم، أي نومك كثير، وقيل: أراد به الليل، أي من لم يكن النهار عنده إلا إذا بان له العقالان طال ليله وكثر نومه. والصواب ما اختاره القاضي ([208]).
18- الحديث الثالث:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما حصل لعوف بن مالك ([209]) الأشجعي قال عوف: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك في قبة من أدم، فسلمت فرد وقال: «ادخل» فقلت: أكلي يا رسول الله؟ قال: «كلك» فدخلت ([210]).
وفي رواية عثمان بن أبي عاتكة ([211]) عند أبي داود: أدخل كلي من صغر القبة ([212]).
قال محمد شمس الحق العظيم آبادي: وفيه أنه كما كان يمازح الصحابة كذلك كانوا يمازحونه ([213]).
19- الحديث الرابع:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه رضوان الله عليهم ما رواه أنس بن مالك أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله احملني. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أنا حاملك على ولد ناقة». قال: وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «وهل تلد الإبل إلا النوق؟»([214]).
قال العلماء: إن هذا المزاح قاله - صلى الله عليه وسلم - مباسطا لهذا الرجل بما عساه أن يكون شفاء لبلهه؛ حيث توهم أن الولد لا يطلق إلا على الصغير وهو غير قابل للركوب، فقال له - صلى الله عليه وسلم - : «هل تلد الإبل» - أي جنسها من الصغار والكبار - «إلا النوق؟» وهي أنثى الإبل، والمعنى أنك لو تدبرت لم تقل ذلك؛ ففيه مع المباسطة له الإشارة إلى إرشاده وإرشاد غيره بأنه ينبغي لمن سمع قولا أن يتأمله ولا يبادر إلى رده إلا بعد أن يدرك غوره ([215]).
وقال صاحب عون المعبود: في هذا الحديث والأحاديث بعده في الباب إباحة المزاح والدعابة ([216]).
20- الحديث الخامس:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما رواه الإمام أحمد في المسند بسنده إلى عبد الحميد ([217]) بن صفي عن أبيه ([218]) عن جده ([219]) قال: إن صهيبا قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه تمر وخبز، فقال: «ادن فكل». قال: فأخذ يأكل من التمر، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن بعينيك رمدا». فقال: يا رسول الله، إنما آكل من الناحية الأخرى، قال: فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ([220]).
وفي هذا الحديث إشكال وهو: كيف استجاز صهيب - رضي الله عنه - أن يعرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزح في جوابه؟ وقد أجاب عن هذا الإشكال بدر الدين الغزي بقوله: إنما استجاز صهيب أن يعرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزح في جوابه؛ لأن استخباره قد كان يتضمن المزح، فأجابه عنه بما وافقه عن المزح مساعدة لغرضه، وتقربا من قلبه، وإلا فليس لأحد أن يجعل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مزاحا؛ لأن المزح هزل، ومن جعل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله - عز وجل - أحكامه المؤدي إلى خلقه أوامره هزلا ومزحا، فقد عصى الله تعالى، وصهيب كان أطوع لله سبحانه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون بهذه المنزلة ([221]).
21- الحديث السادس:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما رواه الإمام أحمد في المسند من حديث أنس أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا ([222]) كان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية فيجهزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه». وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبه، وكان رجلا دميما فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه، وهو لا يبصره فقال الرجل: أرسلني من هذا؟ فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجعل لا يألو ([223]) ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يشتري العبد؟» فقال: يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «لكن عند الله لست بكاسد». أو قال: «لكن عند الله أنت غال»([224]).
22- الحديث السابع:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ما جاء عن سفينة ([225]) مولى لأم سلمة - رضي الله عنها - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فجعل كل من ثقل عليه متاعه من أصحابه حمله علي، حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا، فمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما أنت اليوم إلا سفينة»([226]).
23- الحديث الثامن:
ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - العملي ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى ([227]) عن أسيد ([228]) بن حضير رجل من الأنصار قال: بينما هو يحدث القوم ـ وكان فيه مزاح ـ بينا يضحكهم فطعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في خاصرته بعود، فقال: اصطبرني ([229])، فقال: «أصطبر» قال: إن عليك قميصا وليس علي قميص، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه، فاحتضنه وأخذ يقبل كشحه ([230]) قال: إنما أردت هذا ([231]) يا رسول الله ([232]).
([1]) محمد بن مكرم بن علي بن منظور الأنصاري الإفريقي، صاحب لسان العرب (630 – 711هـ). الأعلام للزركلي (7/329)، وبغية الوعاة (106)، والدرر الكامنة (4/262).
([2]) لسان العرب (2/593).
([3]) هو محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي أبو الفيض علامة باللغة والحديث والرجال والأنساب (1145 – 1205هـ). الأعلام للزركلي (7/297)، وفهرس الفهارس (1/398).
([4]) تاج العروس من جواهر القاموس (2/322).
([5]) رواه الترمذي في كتاب البر والصلة، من حديث جابر بن عبد الله، رقم (2018) وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وللحديث شواهد من حديث أبي ثعلبة الخشني عند أحمد في المسند، حديث (17732 و 17743) وابن أبي شيبة في المصنف (8/515)، والخرائطي في مكارم الأخلاق ص (5)، وابن حبان (482)، والطبراني في الكبير (22/588)، والبيهقي في شعب الإيمان حديث (7989) وله شاهد آخر من حديث ابن عباس عند البيهقي في الشعب حديث (7988)، وحديث أبي ثعلبة قال عنه الهيثمي في المجمع: رجال أحمد رجال الصحيح. المجمع (8/21).
وأما حديث ابن عباس فقد حسنه السيوطي. انظر: فيض القدير (3/619) وصححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير (3/118) حديث (3255)، وحسن حديث جابر في السلسلة الصحيحة (791) وقال: حديث حسن الإسناد وله شواهد، وذكر حديث أبي ثعلبة، وحديث ابن عباس كشواهد له.
([6]) انظر: العبودية لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، المكتب الإسلامي، بيروت 1403هـ.
([7]) محمد بن إسماعيل بن المغيرة الجعفي، أبو عبد الله البخاري، جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث، مات سنة ست وخمسين (ومائتين) وله اثنتان وستون سنة، (ت: 468 وت ت: 9/47).
([8]) بكر بن عبد المزني: أبو عبد الله البصري، ثقة ثبت جليل مات سنة ست ومائة، (ت: 127 و ت ت: 1/ 484 ).
([9]) أي: يترامون به، يقال: بدح يبدح إذا رمى. النهاية: (1/104).
([10]) الأدب المفرد للبخاري: (202)، حديث (266)، والحديث في السلسلة الصحيحة للشيخ ناصر، حديث (435).
([11]) انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود (14/106).
([12]) هو أبو البركات بدر الدين محمد بن محمد الغزي ولد سنة أربع وتسعمائة ومات سنة أربع وثمانين وتسعمائة. الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، لنجم الدين الغزي (3/3).
([13]) ليست في الأصل وزدناها للتوضيح.
([14]) المراح في المزاح لبدر الدين الغزي: (7 – 8).
([15]) سنن الترمذي في كتاب البر والصلة، حديث: (1995) وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والحديث فيه الليث بن أبي سليم، صدوق اختلط جدا ولم يميز حديثه فترك. (ت: 464 و ت ت: 8/465).
فقد أعل الحديث به زين الدين العراقي في المغني عن حمل الأسفار، حديث: (187)، والمناوي في فيض القدير: (6/546)، وأورده الشيخ ناصر في ضعيف الجامع الصغير: (6/77).
([16]) فتح الباري (10/526)، وتحفة الأحوذي (6/125).
([17]) هو: علي بن محمد بن حبيب البصري المعروف بالماوردي أبو الحسن فقيه أصولي مفسر أديب (364 – 450هـ)، السير: (11/163)، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة: (7/189).
([18]) انظر: فيض القدير (3/18).
([19]) هو: سعيد بن العاص بن أمية ولد عام الهجرة، وقتل علي أباه يوم بدر وكان سعيد من أشراف بني أمية وأجوادهم وفصحائهم. تجريد أسماء الصحابة: (1/223)، والإصابة: (3/98).
([20]) ذكره الحافظ في ترجمته في الإصابة (3/98).
([21]) رواه الطبراني في الصغير (2/59) حديث (779) من طريق بكر بن عبد الله المزني وقال: لم يرو عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد وحسنه الهيثمي في المجمع: (8/89) والمناوي في فيض القدير: (3/18)، وصححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير: (2/329).
([22]) المناوي (952 – 1031هـ) محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحدادي القاهري. معجم المؤلفين (10/166)، فهرس دار الكتب المصرية (6/177).
([23]) فيض القدير: (3/18).
([24]) هو: جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار أبو ذر الغفاري، مات بالربذة سنة اثنتين وثلاثين. تجريد أسماء الصحابة (1/90)، والكاشف (3/333).
([25]) مسلم باب استحباب طلاقة الوجه (144/2626)، وأحمد في المسند (5/63).
([26]) أبو داود في السنن (4899)، والترمذي (5/709) وقال: حسن غريب صحيح، وأورده الشيخ ناصر في صحيح جامع الترمذي برقم (3057).
([27]) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، ثقة حافظ إمام مصنف عالم بالفقه مات سنة إحدى وستين (ومائتين) وله سبع وخمسون سنة. (ت: 529، ت ت: 10/126).
([28]) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الفضائل باب فضل عائشة. الفتح (7/106)، ومسلم في فضائل الصحابة باب فضل عائشة، حديث (91/2447).
([29]) شرح النووي على مسلم (8/227).
([30]) فتح الباري (7/108).
([31]) يقال رخمت الجارية: صارت سهلة المنطق فهي رخيمة ورخيم، ومنه الترخيم في الأسماء لأنه تسهيل للنطق بها. مختار القاموس (243).
([32]) متفق عليه، البخاري في النكاح، باب حسن المعاشرة مع الأهل من حديث عائشة قالت: «جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا .....». الفتح (9/254)، ومسلم في فضائل الصحابة باب ذكر حديث أم زرع (92/2448).
قال القرطبي معلقا على هذا الحديث: الصحيح أنه كله من قول عائشة رضي الله عنها إلا قول النبي ﷺ لها: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع». هذا هو المتفق عليه عند أهل الصحيح، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/333)، وكذا قال الحافظ في الفتح (9/276)، وقال: وجاء باقيه خارج الصحيح مرفوعا كله.
([33]) شرح النووي على مسلم (8/238).
([34]) الفتح (9/276).
([35]) أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي نزيل بغداد أبو عبد الله أحد الأئمة، ثقة حافظ فقيه حجة مات سنة إحدى وأربعين ومائتين، (ت: 84، ت ت: 1/72).
([36]) محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم، المدني، نزيل العراق، إمام في المغازي، صدوق يدلس ورُمِي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومائة، ويقال بعدها، (ت: 467، ت ت: 9/38).
([37]) رواه أحمد في المسند (6/228) ومن طريقه ابن ماجة في سننه حديث (1465) والبيهقي في دلائل النبوة من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا يعقوب بن عتبة (7/167 – 169)، وفي سننه الكبرى (3/530)، وأورده المزي في تحفة الأشراف (11/482) حديث (16313)، وعزاه للنسائي في الوفاة من سننه الكبرى، وابن هشام في السيرة (4/292)، ورواه ابن حبان في صحيحه كما في التلخيص (2/107) ونقل عن البيهقي أنه أعله بابن إسحاق، وقال الحافظ: لم يتفرد به، بل تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد (6/144) عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله ﷺ في اليوم الذي بدئ فيه فقلت: وارأساه، فقال: «وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك» قالت: فقلت غيري: كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك، قال: «وأنا وارأساه»...
ورواه البخاري في كتاب المرضى باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، أو وارأساه، واشتد بي الوجع. من طريق القاسم بن محمد عن عائشة. البخاري مع الفتح (10/123) حديث (5666)، وأورده البوصيري في زوائد ابن ماجة وقال: إسناد رجاله ثقات، وأشار إلى رواية البخاري بقوله: ورواه البخاري من وجه آخر عن عائشة مختصرا، ورواه النسائي في كتاب الوفاة وليس في روايتنا. مصباح الزجاجة على زوائد ابن ماجة (2/25)، وصححه الشيخ ناصر في إرواء الغليل (3/160) وأيضا صحح إسناده د/ بشار عواد في تعليقه على سنن ابن ماجة ونبه على تصريح ابن إسحاق بالتحديث في سيرته (4/292)، وعند البيهقي في دلائل النبوة (7/168 – 169) كما ذكر ذلك قبله الشيخ ناصر.
([38]) هو: سليمان بن الأشعث الأزدي، السجستاني ثقة حافظ مصنف "السنن" وغيرها مات سنة خمس وسبعين (ومائتين) (ت: 250، ت ت: 4/169).
([39]) هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه ربما دلس، مات سنة خمس أو ست وأربعين (ومائة) وله سبع وثمانون (ت: 573، ت ت: 11/48).
([40]) عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي المدني، ثقة فقيه مشهور مات سنة أربع وتسعين، على الصحيح ومولده في أوائل خلافة عثمان (ت: 389، ت ت: 7/180).
([41]) هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل ثقة مكثر مات سنة أربع وتسعين، أو أربع (ومائة) وكان مولده سنة بضع وعشرين، (ت: 645، ت ت: 11/115).
([42]) رواه أبو داود في سننه، حديث (2578)، والنسائي في الكبرى (5) حديث (8945) والبيهقي في السنن الكبرى (10/31)، ورواه أحمد في المسند (6/39) كلهم عن أبي إسحاق الفزاري عن هشام بن عروة، ورواه ابن ماجة في سننه، حديث (1979)، والنسائي في الكبرى (5/303)، حديث (8942)، والطبراني في الكبير: (23/47) حديث (125)، وابن حبان في صحيحه، حديث (4672) كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة به.
ورواه النسائي في الكبرى (5/204) من طريق هشام بن عروة عن رجل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، قال المزي: فيه اختلاف على هشام وغيره. تحفة الأشراف (12/374). وذكر قبل هذا أنه اختلف فيه على أبي إسحاق الفزاري وغيره. تحفة الأشراف (12/369)، والحديث رواه هشام بن عروة عن أبيه عروة وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وقد رجح ابن التركماني رواية سفيان بن عيينة عن هشام على رواية أبي إسحاق الفزاري، فقال: أخرجه النسائي من حديث أبي إسحاق الفزاري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وكذلك أخرجه النسائي وابن ماجه من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام، عن أبيه عن عائشة؛ فينبغي أن يكون هذا هو الصواب؛ لاجتماع عدة من الرواة عليه، ويحتمل أنه سمع الحديث من أبيه ومن أبي سلمة. انظر: الجوهر النقي بهامش السنن الكبرى للبيهقي (10/31) والحديث صحح سنده الشيخ ناصر في تعليقه على المشكاة، حديث (3251) والدكتور بشار عواد في تعليقه على سنن ابن ماجه، حديث (1979).
([43]) النعمان بن بشير بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي له ولأبيه صحبة سكن الشام، ثم ولي إمرة الكوفة، ثم قتل بحمص سنة خمس وستين، وله أربع وستون سنة، (ت: 563، ت ت: 10/447).
([44]) قال ابن الأثير: وأصل الحجزة: موضع الإزار، ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة، واحتجز الرجل بالإزار إذا شده على وسطه، فاستعاره للاعتصام، والالتجاء والتمسك بالشيء والتعلق به. النهاية (1/344).
([45]) أنقذتك من الرجل: أي من ضربه ولطمه... قال الطيبي: قوله أنقذتك من الرجل ولم يقل من أبيك، وإبعاده ﷺ أبا بكر عن عائشة تطييبا وممازحة كل ذلك داخل في المزاح، ولذا أورده المؤلف "أي صاحب السنن" في باب المزاح. عون المعبود في شرح سنن أبي داود (13/279).
([46]) الحديث رواه أحمد في المسند، حديث: (18394) وأبو داود في السنن، حديث: (4999)، والنسائي في الكبرى، حديث (9155) وقد صحح إسناده شعيب الأرناؤوط، فقال: إسناد صحيح على شرط مسلم، وأورده الخطيب التبريزي في المشكاة، حديث: (4891) ولم يعلق عليه المحقق الشيخ ناصر.
([47]) رواه ابن عساكر من حديث أنس كما ذكر الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير (4/235)، حديث (2673) وفي السلسلة الصحيحة حديث (2089) وقال: إسناد صحيح غير عباس بن الوليد وهو صدوق، وهو أحد رواته.
قلت: وقد أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، حديث (63/2316) من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب، عن عمرو بن سعيد عن أنس بن مالك قال: «ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله ﷺ». وهذه الرواية ليس فيها ذكر الصبيان ولكن تقدم تصحيح الشيخ ناصر للرواية التي فيها ذكر الصبيان، وقد ترجم النووي لهذا الحديث بقوله: باب رحمته ﷺ بالصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك. شرح النووي على مسلم (8/82).
([48]) المصدر السابق (8/85).
([49]) هو: يزيد بن حميد الضبعي، بضم المعجمة وفتح الموحدة، أبو التياح بمثناة تحتانية ثقيلة وأحرى مهملة، بصري، مشهور بكنيته، ثقة ثبت مات سنة ثمان وعشرين ومائة (ت: 600، ت ت: 11/320).
([50]) تصغير النغر، وهو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، ويجمع على: نغران. النهاية (5/86)، والحديث متفق عليه أخرجه البخاري في الأدب، باب الانبساط إلى الناس (8/37)، ومسلم في كتاب الأدب، حديث (3/2150).
([51]) هو: أبو العباس بن القاص، أحمد بن أبي أحمد الطبري الشافعي مات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (335هـ) بطرطوس. شذرات الذهب (4/191)، وسير أعلام النبلاء (15/371).
([52]) جزء فيه فوائد حديث أبي عمير (13 – 25 – 26 – 33).
([53]) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه مات سنة خمس وعشرين ومائة وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، (ت: 506 ، ت ت: 9/445).
([54]) محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الخزرجي، أبو نعيم أو أبو محمد المدني، صحابي صغير، وجل روايته عن الصحابة، (ت: 522، ت ت: 10/63).
([55]) رواه البخاري في كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير (1/172)، والبغوي في شرح السنة (1/242).
([56]) فتح الباري (1/172).
([57]) أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، صحابية بنت صحابي ولدت بأرض الحبشة وتزوجها الزبير بن العوام عمر (ت: 743، ت ت: 12/400).
([58]) عبد الله هو ابن المبارك المروزي، مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير. مات سنة إحدى وثمانين ومائة. (ت: 32، ت ت: 5/382).
([59]) الزبر بزاي وموحدة ساكنة هو: الزجر والمنع. الفتح (10/425).
([60]) أبلي بفتح الهمزة وسكون الموحدة وكسر اللام أمر بالإبلاء، وكذلك قوله "أخلقي" بالمعجمة والقاف أمر بالإخلاق وهما بمعنى، والعرب تطلق ذلك وتريد الدعاء بطول البقاء للمخاطب بذلك، أي أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق، الفتح (10/280).
([61]) البخاري مع الفتح (10/425) باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها.
([62]) الفتح (10/425).
([63]) هو: ثابت بن أسلم البناني، بضم الموحدة ونونين، أبو محمد البصري، ثقة عابد مات سنة بضع وعشرين "ومائة" وله ست وثمانون. (ت: 132، ت ت: 2/2).
([64]) رواه مسلم في كتاب الفضائل باب فضائل أنس بن مالك حديث (145/2482)، وأحمد في المسند (3/109).
([65]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي (6/412).
([66]) وقد تقدم تعريف الترخيم.
([67]) رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب كان رسول الله ﷺ أحسن الناس خلقا، حديث (54/2310)، وأبو داود في كتاب الأدب، حديث: (773).
([68]) شرح النووي على مسلم (8/79).
([69]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/104).
([70]) قال النووي حطأني. فبحاء ثم طاء مهملتين وبعدهما همزة (وقفدني) بقاف ثم فاء ثم دال مهملة. قوله: حطأة بفتح الحاء وإسكان الطاء بعدها همزة وهو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين. وإنما فعل هذا بابن عباس ملاطفة وتأنيسا. شرح النووي على مسلم (8/402).
([71]) وأما دعاؤه على معاوية ألا يشبع حين تأخر ففيه جوابان أحدهما: أنه جرى على اللسان بلا قصد. والثاني: أنه عقوبة له على تأخره. شرح النووي على مسلم (8/402).
([72]) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب. حديث (96/2604).
([73]) شرح النووي على مسلم (8/402).
([74]) هو بالمثلثة في آخره أي: تديره على رأسها. شرح النووي على مسلم (8/401).
([75]) ضحك من خوف أم سليم من قبول دعائه ﷺ على يتيمتها ولم يقصد الدعاء عليها وإنما هو الكلام الجاري على اللسان. الأبي (8/565).
([76]) الحديث أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب حديث (95/2603).
([77]) شرح النووي على مسلم (8/400).
([78]) الحديث رواه أحمد في المسند (3/127، 260)، وأبو داود في سننه في كتاب الأدب، باب ما جاء في المزاح: حديث (4994)، والترمذي في كتاب الأدب، باب ما جاء في المزاح حديث (2059)، وزاد وقال محمود: قال أبو أسامة: "أحد رواته". إنما يعني به أنه يمازحه، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/419)، والبغوي في مصابيح السنة (3/335) وحسنه، وأورده الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير (6/288) برقم (7786).
([79]) هو: حمد بن محمد بن إبراهيم ولد سنة (319هـ) ومات سنة (388هـ) محدث فقيه أديب لغوي شاعر. طبقات الشافعية الكبرى (2/80)، معجم المؤلفين (4/74).
([80]) معالم السنن (4/126).
([81]) رواه الضياء المقدسي في المختارة (2/45) كما في السلسلة الصحيحة (2141) عن أحمد بن حرب: ثنا علي بن عبد الحميد: ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني. قال: قال علي: أحسبه ـ عن أنس مرفوعا. قال الشيخ ناصر: قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات، وأورده في ترتيب أحاديث الجامع وزياداته وصححه (3/185).
([82]) أي يخرجه حتى ترى حمرته فيبهش إليه، يقال دلع وأدلع. النهاية (2/130).
([83]) يقال للإنسان إذا نظر إلى الشيء فأعجبه واشتهاه وأسرع نحوه بهش إليه. النهاية: (1/166).
([84]) رواه البغوي في شرح السنة: (13/180)، وفي الأنوار في شمائل النبي المختار (1/254). وأورده العراقي في المغني عن حمل الأسفار. حديث (2928) وزاد فيه: قال عيينة بن بدر الفزاري: والله ليكونن لي الابن رجلا قد خرج وجهه وما قبلته قط، فقال: "إن من لا يرحم لا يرحم" وعزاه لأبي يعلى من هذا الوجه، دون ما في آخره. من قول عيينة بن بدر، وهو عيينة بن حصن بن بدر ونسب إلى جده، وحكى الخطيب في "المبهمات" قولين في قائلي ذلك: أحدهما: أنه عيينة بن حصن، والثاني أنه الأقرع بن حابس، وعند مسلم من رواية الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة "أن الأقرع بن حابس أبصر النبي ﷺ يقبل الحسن فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم. فقال رسول الله ﷺ : «من لا يرحم لا يرحم». حديث (65/2318) من رواية سفيان بن عيينة ومعمر فرقهما كلاهما عن الزهري عن أبي هريرة، ورواه البخاري من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل رسول الله ﷺ الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله ﷺ ثم قال: «من لا يرحم لا يرحم». البخاري مع الفتح (10/426).
قال الحافظ: ووقع نحو ذلك لعيينة بن حصن، أخرجه أبو يعلى بسند رجاله ثقات إلى أبي هريرة قال: دخل عيينة بن حصن على رسول الله ﷺ .
ووقع في رواية الإسماعيلي عن هشام بن عروة عن أبيه قوله: "جاء أعرابي يحتمل أن يكون الأقرع بن حابس ويحتمل أن يكون قيس بن عاصم التميمي ثم السعدي... ثم قال: ويحتمل أن يكون وقع ذلك لجميعهم؛ فقد وقع في رواية مسلم: "قدم ناس من الأعراب فقالوا...." الفتح (10/430).
والحديث قال فيه العراقي: سنده جيد، المغني عن حمل الأسفار (2928) ووثق رجاله الحافظ في الفتح: (10/430) وحسنه شعيب الأرناؤوط في تعليقه على شرح السنة (13/180)، والشيخ ناصر في السلسلة الصحيحة (1/110) حديث (70) وقال: رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي ﷺ وآدابه من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن.
([85]) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام... الأنصاري شهد أحدا فيما قيل وشهد ما بعدها واستغفر له النبي ﷺ مرات. تجريد أسماء الصحابة (1/73)، والإصابة (1/222).
([86]) متفق عليه، رواه البخاري في كتاب النكاح، باب تزويج الثيبات (9/121) حديث (5079)، ومسلم في المساقاة، باب بيع البعير (6/35) حديث (110/715) بشرح النووي.
([87]) شرح النووي على مسلم (6/40).
([88]) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد لمحمد بن يوسف الصالحي (7/112) وهذه الرواية التي أشار إليها الصالحي لم أقف عليها ولكن الحديث دونها في غاية الصحة، والله أعلم.
([89]) عدي بن حاتم الطائي صحابي شهير وكان ممن ثبت في الردة وحضر فتوح العراق، مات سنة ثمان وعشرين وهو ابن مائة وعشرين سنة وقيل ثمانين. (ت: 388، ت ت: 7/166).
([90]) الحديث متفق عليه أخرجه البخاري في التفسير، باب {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} الفتح: (8/182)، ومسلم في الصيام: حديث (33/1090).
([91]) انظر: البخاري في الباب السابق الفتح (8/182).
([92]) شرح النووي على مسلم (4/218).
([93]) عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي كان معه راية أشجع يوم الفتح. تجريد أسماء الصحابة (1/429)، والإصابة (5/43).
([94]) الحديث أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الأدب، باب ما جاء في المزاح حديث (5000) وابن ماجه في كتاب الفتن باب أشراط الساعة حديث (4042)، وأحمد في المسند (6/25 ، 27)، وأخرجه البخاري مطوَّلا في الجزية، باب ما يحذر في الغدر وليس فيه قصة الدخول. الفتح (6/277) حديث (3176)، وابن حبان (6675)، والطبراني في الكبير (18) حديث (70)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/223)، وفي دلائل النبوة (6/320 ، 383)، والبغوي في شرح السنة (15/43) وقال: هذا حديث صحيح وليس فيه قصة الدخول.
([95]) عثمان بن أبي العاتكة: سليمان الأزدي، أبو حفص الدمشقي، القاص، صدوق ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني مات سنة خمس وخمسين (ومائة) (ت: 384، ت ت: 7/126).
وقال الذهبي: ضعفه النسائي ووثقه غيره. الكاشف (2/251).
وقال أبو حاتم: سمعت دحيما يقول: لم ينكر حديثه عن غير علي بن يزيد والأمر من علي بن يزيد، فقيل له: إن يحيى بن معين يقول: الأمر من القاسم أبي عبد الرحمن. فقال: لا. وقال ابن أبي حاتم: لا بأس به، بليته من كثرة روايته عن علي بن يزيد، فأما ما روى عن غير علي بن يزيد فهو مقارب، يكتب حديثه. تهذيب الكمال: (19/399)، والجرح والتعديل (6/163).
([96]) سنن أبي داود حديث (5001)، قلت: وهذه الزيادة يترجح لي صحتها، لأن عثمان بن أبي العاتكة وإن كان ضعفه النسائي فقد وثقه في غير روايته عن علي بن يزيد الألهاني، والله أعلم.
([97]) عون المعبود (13/280).
([98]) رواه أبو داود في سننه في كتاب الأدب حديث (4990)، والترمذي في السنن حديث (2060)، وفي الشمائل (120) حديث (238) وقال: حديث صحيح غريب، وأحمد في المسند (3/267)، والحديث صححه الترمذي والبغوي وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لشرح السنة: سنده صحيح. شرح السنة (13/182).
([99]) تحفة الأحوذي شرح الترمذي بتصرف.
([100]) عون المعبود شرح سنن أبي داود (13/278).
([101]) عبد الحميد بن زياد بن صفي بن صهيب الرومي، وربما نسب إلى جده. لين الحديث. (ت: 333، ت ت: 6/114).
([102]) زياد بن صفي، بفتح المهملة وسكون التحتانية بن صهيب الرومي، صدوق. (ت: 220، ت ت: 3/374).
([103]) صفي بن صهيب بن سنان مقبول من الثالثة. (ت: 278) وقال الذهبي: وثق. الكاشف (2/33).
([104]) رواه أحمد في المسند (27/136) حديث (16591)، وابن ماجه في سننه (5/119) حديث (3443)، والطبراني في الكبير (8/41) حديث (7304) كلهم من طريق ابن المبارك، ورواه الحاكم في المستدرك (3/399) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي عن ابن المبارك وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في سننه الكبرى (9/344) من طريق سهل بن عثمان عن ابن المبارك عن عبد الحميد بن زياد... والحديث صحح إسناده البوصيري فقال: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. انظر سنن ابن ماجه (2/1139) بتحقيق محمد فؤاد، وأورده الشيخ ناصر في صحيح ابن ماجه (2/253) وقال فيه العراقي في المغني عن حمل السفار (2/1798): رجاله ثقات.
([105]) المراح في المزاح لبدر الدين الغزي (20).
([106]) زاهر بن حرام الأشجعي شهد بدرا وكان من أهل البادية وكان يهدي للنبي ﷺ . تجريد أسماء الصحابة (1/187)، والإصابة (3/2).
([107]) أي لا يقصر.
([108]) الحديث أخرجه عبد الرزاق في المصنف (19688)، وأحمد في المسند (3/161)، والترمذي في الشمائل (91)، وابن حبان في صحيحه (5307)، والطبراني في الكبير: حديث (5310)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (2/518)، والحسين البغوي في شرح السنة (13/181) وصحح إسناده محققه، وأورده الهيثمي في المجمع (9/368) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح، وأورده الحافظ في الإصابة (3/2) في ترجمة زاهر وقال: جاء ذكره في حديث صحيح أخرجه أحمد والترمذي في الشمائل... وللحديث شواهد من رواية سالم بن أبي الجعد الأشجعي عن رجل من أشجع يقال له: زاهر بن حرام كان بدويا لا يأتي إلى النبي ﷺ إذا أتاه إلا بطرفة أو هدية فرآه النبي ﷺ يبيع سلعة فأخذ بوسطه .... الحديث.
([109]) سفينة مولى رسول الله ﷺ اسمه مهران وقيل: رومان وقيل: عبس وقيل: قيس. تجريد أسماء الصحابة (1/228)، وأسد الغابة (2/409)، والإصابة (2/113).
([110]) رواه أحمد في المسند (5/220 ، 221 ، 222) والحاكم في المستدرك (3/606)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ورواه الطبراني في الكبير (7/97)، وأبو نعيم في الحلية (1/369)، وفي معرفة الصحابة (3/1392)، وأورده الذهبي في السير (3/173 ، 13/179) في ترجمة أبي قلابة، وقال: هذا حديث حسن من العوالي، بل هو أعلى ما وقع لأبي قلابة.
وصححه الشيخ ناصر في السلسلة الصحيحة (2959).
([111]) عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، المدني ثم الكوفي ثقة، اختلف في سماعه من عمر، مات بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين وقيل: إنه غرق في دجيل (ت: 349، ت ت: 6/260).
([112]) أسيد بن حضير بن سماك الأوسي الأنصاري الأشهلي أبو يحيى آخى رسول الله ﷺ بينه وبين زيد بن حارثة. مات سنة عشرين من الهجرة. معجم الصحابة لابن قانع (1/38)، والإصابة (1/48)، والاستيعاب (1/119).
([113]) يريد أقدني من نفسك، وقوله: "اصطبرني" معناه استقد يريد بالصبر القود. معالم السنن (4/144).
([114]) الكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع الأقصر من أضلاع الجنب. عون المعبود (14/107).
([115]) ما أردت بقولي "اصطبرني" إلا هذا التقبيل وما أردت حقيقة القصاص. المصدر السابق (14/107).
([116]) رواه أبو داود في كتاب الأدب، باب قبلة الجسد (5/394)، ومن هذا الطريق رواه الطبراني في معجمه الكبير (1/174) حديث (556) والحديث يترجح لدي أنه منقطع، لأن أسيد بن حضير مات في أول خلافة عمر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ولد لست بقين من خلافة عمر. قال الخليلي في الإرشاد: الحفاظ لا يثبتون سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر، وقال العسكري: روى عن أسيد بن حضير مرسلا. (ت ت: 6/261 – 262).
وعلى هذا فالحديث ضعيف للعلة السابقة والله أعلم.
([117]) محمد بن مكرم بن علي بن منظور الأنصاري الإفريقي، صاحب لسان العرب (630 – 711هـ). الأعلام للزركلي (7/329)، وبغية الوعاة (106)، والدرر الكامنة (4/262).
([118]) لسان العرب (2/593).
([119]) هو محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي أبو الفيض علامة باللغة والحديث والرجال والأنساب (1145 – 1205هـ). الأعلام للزركلي (7/297)، وفهرس الفهارس (1/398).
([120]) تاج العروس من جواهر القاموس (2/322).
([121]) رواه الترمذي في كتاب البر والصلة، من حديث جابر بن عبد الله، رقم (2018) وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وللحديث شواهد من حديث أبي ثعلبة الخشني عند أحمد في المسند، حديث (17732 و 17743) وابن أبي شيبة في المصنف (8/515)، والخرائطي في مكارم الأخلاق ص (5)، وابن حبان (482)، والطبراني في الكبير (22/588)، والبيهقي في شعب الإيمان حديث (7989) وله شاهد آخر من حديث ابن عباس عند البيهقي في الشعب حديث (7988)، وحديث أبي ثعلبة قال عنه الهيثمي في المجمع: رجال أحمد رجال الصحيح. المجمع (8/21).
وأما حديث ابن عباس فقد حسنه السيوطي. انظر: فيض القدير (3/619) وصححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير (3/118) حديث (3255)، وحسن حديث جابر في السلسلة الصحيحة (791) وقال: حديث حسن الإسناد وله شواهد، وذكر حديث أبي ثعلبة، وحديث ابن عباس كشواهد له.
([122]) انظر: العبودية لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، المكتب الإسلامي، بيروت 1403هـ.
([123]) محمد بن إسماعيل بن المغيرة الجعفي، أبو عبد الله البخاري، جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث، مات سنة ست وخمسين (ومائتين) وله اثنتان وستون سنة، (ت: 468 وت ت: 9/47).
([124]) بكر بن عبد المزني: أبو عبد الله البصري، ثقة ثبت جليل مات سنة ست ومائة، (ت: 127 و ت ت: 1/ 484 ).
([125]) أي: يترامون به، يقال: بدح يبدح إذا رمى. النهاية: (1/104).
([126]) الأدب المفرد للبخاري: (202)، حديث (266)، والحديث في السلسلة الصحيحة للشيخ ناصر، حديث (435).
([127]) انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود (14/106).
([128]) هو أبو البركات بدر الدين محمد بن محمد الغزي ولد سنة أربع وتسعمائة ومات سنة أربع وثمانين وتسعمائة. الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، لنجم الدين الغزي (3/3).
([129]) ليست في الأصل وزدناها للتوضيح.
([130]) المراح في المزاح لبدر الدين الغزي: (7 – 8).
([131]) سنن الترمذي في كتاب البر والصلة، حديث: (1995) وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والحديث فيه الليث بن أبي سليم، صدوق اختلط جدا ولم يميز حديثه فترك. (ت: 464 و ت ت: 8/465).
فقد أعل الحديث به زين الدين العراقي في المغني عن حمل الأسفار، حديث: (187)، والمناوي في فيض القدير: (6/546)، وأورده الشيخ ناصر في ضعيف الجامع الصغير: (6/77).
([132]) فتح الباري (10/526)، وتحفة الأحوذي (6/125).
([133]) هو: علي بن محمد بن حبيب البصري المعروف بالماوردي أبو الحسن فقيه أصولي مفسر أديب (364 – 450هـ)، السير: (11/163)، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة: (7/189).
([134]) انظر: فيض القدير (3/18).
([135]) هو: سعيد بن العاص بن أمية ولد عام الهجرة، وقتل علي أباه يوم بدر وكان سعيد من أشراف بني أمية وأجوادهم وفصحائهم. تجريد أسماء الصحابة: (1/223)، والإصابة: (3/98).
([136]) ذكره الحافظ في ترجمته في الإصابة (3/98).
([137]) رواه الطبراني في الصغير (2/59) حديث (779) من طريق بكر بن عبد الله المزني وقال: لم يرو عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد وحسنه الهيثمي في المجمع: (8/89) والمناوي في فيض القدير: (3/18)، وصححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير: (2/329).
([138]) المناوي (952 – 1031هـ) محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحدادي القاهري. معجم المؤلفين (10/166)، فهرس دار الكتب المصرية (6/177).
([139]) فيض القدير: (3/18).
([140]) هو: جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار أبو ذر الغفاري، مات بالربذة سنة اثنتين وثلاثين. تجريد أسماء الصحابة (1/90)، والكاشف (3/333).
([141]) مسلم باب استحباب طلاقة الوجه (144/2626)، وأحمد في المسند (5/63).
([142]) أبو داود في السنن (4899)، والترمذي (5/709) وقال: حسن غريب صحيح، وأورده الشيخ ناصر في صحيح جامع الترمذي برقم (3057).
([143]) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، ثقة حافظ إمام مصنف عالم بالفقه مات سنة إحدى وستين (ومائتين) وله سبع وخمسون سنة. (ت: 529، ت ت: 10/126).
([144]) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الفضائل باب فضل عائشة. الفتح (7/106)، ومسلم في فضائل الصحابة باب فضل عائشة، حديث (91/2447).
([145]) شرح النووي على مسلم (8/227).
([146]) فتح الباري (7/108).
([147]) يقال رخمت الجارية: صارت سهلة المنطق فهي رخيمة ورخيم، ومنه الترخيم في الأسماء لأنه تسهيل للنطق بها. مختار القاموس (243).
([148]) متفق عليه، البخاري في النكاح، باب حسن المعاشرة مع الأهل من حديث عائشة قالت: «جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا .....». الفتح (9/254)، ومسلم في فضائل الصحابة باب ذكر حديث أم زرع (92/2448).
قال القرطبي معلقا على هذا الحديث: الصحيح أنه كله من قول عائشة رضي الله عنها إلا قول النبي ﷺ لها: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع». هذا هو المتفق عليه عند أهل الصحيح، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/333)، وكذا قال الحافظ في الفتح (9/276)، وقال: وجاء باقيه خارج الصحيح مرفوعا كله.
([149]) شرح النووي على مسلم (8/238).
([150]) الفتح (9/276).
([151]) أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي نزيل بغداد أبو عبد الله أحد الأئمة، ثقة حافظ فقيه حجة مات سنة إحدى وأربعين ومائتين، (ت: 84، ت ت: 1/72).
([152]) محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم، المدني، نزيل العراق، إمام في المغازي، صدوق يدلس ورُمِي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومائة، ويقال بعدها، (ت: 467، ت ت: 9/38).
([153]) رواه أحمد في المسند (6/228) ومن طريقه ابن ماجة في سننه حديث (1465) والبيهقي في دلائل النبوة من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا يعقوب بن عتبة (7/167 – 169)، وفي سننه الكبرى (3/530)، وأورده المزي في تحفة الأشراف (11/482) حديث (16313)، وعزاه للنسائي في الوفاة من سننه الكبرى، وابن هشام في السيرة (4/292)، ورواه ابن حبان في صحيحه كما في التلخيص (2/107) ونقل عن البيهقي أنه أعله بابن إسحاق، وقال الحافظ: لم يتفرد به، بل تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد (6/144) عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله ﷺ في اليوم الذي بدئ فيه فقلت: وارأساه، فقال: «وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك» قالت: فقلت غيري: كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك، قال: «وأنا وارأساه»...
ورواه البخاري في كتاب المرضى باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، أو وارأساه، واشتد بي الوجع. من طريق القاسم بن محمد عن عائشة. البخاري مع الفتح (10/123) حديث (5666)، وأورده البوصيري في زوائد ابن ماجة وقال: إسناد رجاله ثقات، وأشار إلى رواية البخاري بقوله: ورواه البخاري من وجه آخر عن عائشة مختصرا، ورواه النسائي في كتاب الوفاة وليس في روايتنا. مصباح الزجاجة على زوائد ابن ماجة (2/25)، وصححه الشيخ ناصر في إرواء الغليل (3/160) وأيضا صحح إسناده د/ بشار عواد في تعليقه على سنن ابن ماجة ونبه على تصريح ابن إسحاق بالتحديث في سيرته (4/292)، وعند البيهقي في دلائل النبوة (7/168 – 169) كما ذكر ذلك قبله الشيخ ناصر.
([154]) هو: سليمان بن الأشعث الأزدي، السجستاني ثقة حافظ مصنف "السنن" وغيرها مات سنة خمس وسبعين (ومائتين) (ت: 250، ت ت: 4/169).
([155]) هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه ربما دلس، مات سنة خمس أو ست وأربعين (ومائة) وله سبع وثمانون (ت: 573، ت ت: 11/48).
([156]) عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي المدني، ثقة فقيه مشهور مات سنة أربع وتسعين، على الصحيح ومولده في أوائل خلافة عثمان (ت: 389، ت ت: 7/180).
([157]) هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل ثقة مكثر مات سنة أربع وتسعين، أو أربع (ومائة) وكان مولده سنة بضع وعشرين، (ت: 645، ت ت: 11/115).
([158]) رواه أبو داود في سننه، حديث (2578)، والنسائي في الكبرى (5) حديث (8945) والبيهقي في السنن الكبرى (10/31)، ورواه أحمد في المسند (6/39) كلهم عن أبي إسحاق الفزاري عن هشام بن عروة، ورواه ابن ماجة في سننه، حديث (1979)، والنسائي في الكبرى (5/303)، حديث (8942)، والطبراني في الكبير: (23/47) حديث (125)، وابن حبان في صحيحه، حديث (4672) كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة به.
ورواه النسائي في الكبرى (5/204) من طريق هشام بن عروة عن رجل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، قال المزي: فيه اختلاف على هشام وغيره. تحفة الأشراف (12/374). وذكر قبل هذا أنه اختلف فيه على أبي إسحاق الفزاري وغيره. تحفة الأشراف (12/369)، والحديث رواه هشام بن عروة عن أبيه عروة وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وقد رجح ابن التركماني رواية سفيان بن عيينة عن هشام على رواية أبي إسحاق الفزاري، فقال: أخرجه النسائي من حديث أبي إسحاق الفزاري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وكذلك أخرجه النسائي وابن ماجه من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام، عن أبيه عن عائشة؛ فينبغي أن يكون هذا هو الصواب؛ لاجتماع عدة من الرواة عليه، ويحتمل أنه سمع الحديث من أبيه ومن أبي سلمة. انظر: الجوهر النقي بهامش السنن الكبرى للبيهقي (10/31) والحديث صحح سنده الشيخ ناصر في تعليقه على المشكاة، حديث (3251) والدكتور بشار عواد في تعليقه على سنن ابن ماجه، حديث (1979).
([159]) النعمان بن بشير بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي له ولأبيه صحبة سكن الشام، ثم ولي إمرة الكوفة، ثم قتل بحمص سنة خمس وستين، وله أربع وستون سنة، (ت: 563، ت ت: 10/447).
([160]) قال ابن الأثير: وأصل الحجزة: موضع الإزار، ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة، واحتجز الرجل بالإزار إذا شده على وسطه، فاستعاره للاعتصام، والالتجاء والتمسك بالشيء والتعلق به. النهاية (1/344).
([161]) أنقذتك من الرجل: أي من ضربه ولطمه... قال الطيبي: قوله أنقذتك من الرجل ولم يقل من أبيك، وإبعاده ﷺ أبا بكر عن عائشة تطييبا وممازحة كل ذلك داخل في المزاح، ولذا أورده المؤلف "أي صاحب السنن" في باب المزاح. عون المعبود في شرح سنن أبي داود (13/279).
([162]) الحديث رواه أحمد في المسند، حديث: (18394) وأبو داود في السنن، حديث: (4999)، والنسائي في الكبرى، حديث (9155) وقد صحح إسناده شعيب الأرناؤوط، فقال: إسناد صحيح على شرط مسلم، وأورده الخطيب التبريزي في المشكاة، حديث: (4891) ولم يعلق عليه المحقق الشيخ ناصر.
([163]) رواه ابن عساكر من حديث أنس كما ذكر الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير (4/235)، حديث (2673) وفي السلسلة الصحيحة حديث (2089) وقال: إسناد صحيح غير عباس بن الوليد وهو صدوق، وهو أحد رواته.
قلت: وقد أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، حديث (63/2316) من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب، عن عمرو بن سعيد عن أنس بن مالك قال: «ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله ﷺ». وهذه الرواية ليس فيها ذكر الصبيان ولكن تقدم تصحيح الشيخ ناصر للرواية التي فيها ذكر الصبيان، وقد ترجم النووي لهذا الحديث بقوله: باب رحمته ﷺ بالصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك. شرح النووي على مسلم (8/82).
([164]) المصدر السابق (8/85).
([165]) هو: يزيد بن حميد الضبعي، بضم المعجمة وفتح الموحدة، أبو التياح بمثناة تحتانية ثقيلة وأحرى مهملة، بصري، مشهور بكنيته، ثقة ثبت مات سنة ثمان وعشرين ومائة (ت: 600، ت ت: 11/320).
([166]) تصغير النغر، وهو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، ويجمع على: نغران. النهاية (5/86)، والحديث متفق عليه أخرجه البخاري في الأدب، باب الانبساط إلى الناس (8/37)، ومسلم في كتاب الأدب، حديث (3/2150).
([167]) هو: أبو العباس بن القاص، أحمد بن أبي أحمد الطبري الشافعي مات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (335هـ) بطرطوس. شذرات الذهب (4/191)، وسير أعلام النبلاء (15/371).
([168]) جزء فيه فوائد حديث أبي عمير (13 – 25 – 26 – 33).
([169]) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه مات سنة خمس وعشرين ومائة وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، (ت: 506 ، ت ت: 9/445).
([170]) محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الخزرجي، أبو نعيم أو أبو محمد المدني، صحابي صغير، وجل روايته عن الصحابة، (ت: 522، ت ت: 10/63).
([171]) رواه البخاري في كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير (1/172)، والبغوي في شرح السنة (1/242).
([172]) فتح الباري (1/172).
([173]) أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، صحابية بنت صحابي ولدت بأرض الحبشة وتزوجها الزبير بن العوام عمر (ت: 743، ت ت: 12/400).
([174]) عبد الله هو ابن المبارك المروزي، مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير. مات سنة إحدى وثمانين ومائة. (ت: 32، ت ت: 5/382).
([175]) الزبر بزاي وموحدة ساكنة هو: الزجر والمنع. الفتح (10/425).
([176]) أبلي بفتح الهمزة وسكون الموحدة وكسر اللام أمر بالإبلاء، وكذلك قوله "أخلقي" بالمعجمة والقاف أمر بالإخلاق وهما بمعنى، والعرب تطلق ذلك وتريد الدعاء بطول البقاء للمخاطب بذلك، أي أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق، الفتح (10/280).
([177]) البخاري مع الفتح (10/425) باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها.
([178]) الفتح (10/425).
([179]) هو: ثابت بن أسلم البناني، بضم الموحدة ونونين، أبو محمد البصري، ثقة عابد مات سنة بضع وعشرين "ومائة" وله ست وثمانون. (ت: 132، ت ت: 2/2).
([180]) رواه مسلم في كتاب الفضائل باب فضائل أنس بن مالك حديث (145/2482)، وأحمد في المسند (3/109).
([181]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي (6/412).
([182]) وقد تقدم تعريف الترخيم.
([183]) رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب كان رسول الله ﷺ أحسن الناس خلقا، حديث (54/2310)، وأبو داود في كتاب الأدب، حديث: (773).
([184]) شرح النووي على مسلم (8/79).
([185]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/104).
([186]) قال النووي حطأني. فبحاء ثم طاء مهملتين وبعدهما همزة (وقفدني) بقاف ثم فاء ثم دال مهملة. قوله: حطأة بفتح الحاء وإسكان الطاء بعدها همزة وهو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين. وإنما فعل هذا بابن عباس ملاطفة وتأنيسا. شرح النووي على مسلم (8/402).
([187]) وأما دعاؤه على معاوية ألا يشبع حين تأخر ففيه جوابان أحدهما: أنه جرى على اللسان بلا قصد. والثاني: أنه عقوبة له على تأخره. شرح النووي على مسلم (8/402).
([188]) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب. حديث (96/2604).
([189]) شرح النووي على مسلم (8/402).
([190]) هو بالمثلثة في آخره أي: تديره على رأسها. شرح النووي على مسلم (8/401).
([191]) ضحك من خوف أم سليم من قبول دعائه ﷺ على يتيمتها ولم يقصد الدعاء عليها وإنما هو الكلام الجاري على اللسان. الأبي (8/565).
([192]) الحديث أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب حديث (95/2603).
([193]) شرح النووي على مسلم (8/400).
([194]) الحديث رواه أحمد في المسند (3/127، 260)، وأبو داود في سننه في كتاب الأدب، باب ما جاء في المزاح: حديث (4994)، والترمذي في كتاب الأدب، باب ما جاء في المزاح حديث (2059)، وزاد وقال محمود: قال أبو أسامة: "أحد رواته". إنما يعني به أنه يمازحه، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/419)، والبغوي في مصابيح السنة (3/335) وحسنه، وأورده الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير (6/288) برقم (7786).
([195]) هو: حمد بن محمد بن إبراهيم ولد سنة (319هـ) ومات سنة (388هـ) محدث فقيه أديب لغوي شاعر. طبقات الشافعية الكبرى (2/80)، معجم المؤلفين (4/74).
([196]) معالم السنن (4/126).
([197]) رواه الضياء المقدسي في المختارة (2/45) كما في السلسلة الصحيحة (2141) عن أحمد بن حرب: ثنا علي بن عبد الحميد: ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني. قال: قال علي: أحسبه ـ عن أنس مرفوعا. قال الشيخ ناصر: قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات، وأورده في ترتيب أحاديث الجامع وزياداته وصححه (3/185).
([198]) أي يخرجه حتى ترى حمرته فيبهش إليه، يقال دلع وأدلع. النهاية (2/130).
([199]) يقال للإنسان إذا نظر إلى الشيء فأعجبه واشتهاه وأسرع نحوه بهش إليه. النهاية: (1/166).
([200]) رواه البغوي في شرح السنة: (13/180)، وفي الأنوار في شمائل النبي المختار (1/254). وأورده العراقي في المغني عن حمل الأسفار. حديث (2928) وزاد فيه: قال عيينة بن بدر الفزاري: والله ليكونن لي الابن رجلا قد خرج وجهه وما قبلته قط، فقال: "إن من لا يرحم لا يرحم" وعزاه لأبي يعلى من هذا الوجه، دون ما في آخره. من قول عيينة بن بدر، وهو عيينة بن حصن بن بدر ونسب إلى جده، وحكى الخطيب في "المبهمات" قولين في قائلي ذلك: أحدهما: أنه عيينة بن حصن، والثاني أنه الأقرع بن حابس، وعند مسلم من رواية الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة "أن الأقرع بن حابس أبصر النبي ﷺ يقبل الحسن فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم. فقال رسول الله ﷺ : «من لا يرحم لا يرحم». حديث (65/2318) من رواية سفيان بن عيينة ومعمر فرقهما كلاهما عن الزهري عن أبي هريرة، ورواه البخاري من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل رسول الله ﷺ الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله ﷺ ثم قال: «من لا يرحم لا يرحم». البخاري مع الفتح (10/426).
قال الحافظ: ووقع نحو ذلك لعيينة بن حصن، أخرجه أبو يعلى بسند رجاله ثقات إلى أبي هريرة قال: دخل عيينة بن حصن على رسول الله ﷺ .
ووقع في رواية الإسماعيلي عن هشام بن عروة عن أبيه قوله: "جاء أعرابي يحتمل أن يكون الأقرع بن حابس ويحتمل أن يكون قيس بن عاصم التميمي ثم السعدي... ثم قال: ويحتمل أن يكون وقع ذلك لجميعهم؛ فقد وقع في رواية مسلم: "قدم ناس من الأعراب فقالوا...." الفتح (10/430).
والحديث قال فيه العراقي: سنده جيد، المغني عن حمل الأسفار (2928) ووثق رجاله الحافظ في الفتح: (10/430) وحسنه شعيب الأرناؤوط في تعليقه على شرح السنة (13/180)، والشيخ ناصر في السلسلة الصحيحة (1/110) حديث (70) وقال: رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي ﷺ وآدابه من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن.
([201]) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام... الأنصاري شهد أحدا فيما قيل وشهد ما بعدها واستغفر له النبي ﷺ مرات. تجريد أسماء الصحابة (1/73)، والإصابة (1/222).
([202]) متفق عليه، رواه البخاري في كتاب النكاح، باب تزويج الثيبات (9/121) حديث (5079)، ومسلم في المساقاة، باب بيع البعير (6/35) حديث (110/715) بشرح النووي.
([203]) شرح النووي على مسلم (6/40).
([204]) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد لمحمد بن يوسف الصالحي (7/112) وهذه الرواية التي أشار إليها الصالحي لم أقف عليها ولكن الحديث دونها في غاية الصحة، والله أعلم.
([205]) عدي بن حاتم الطائي صحابي شهير وكان ممن ثبت في الردة وحضر فتوح العراق، مات سنة ثمان وعشرين وهو ابن مائة وعشرين سنة وقيل ثمانين. (ت: 388، ت ت: 7/166).
([206]) الحديث متفق عليه أخرجه البخاري في التفسير، باب {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} الفتح: (8/182)، ومسلم في الصيام: حديث (33/1090).
([207]) انظر: البخاري في الباب السابق الفتح (8/182).
([208]) شرح النووي على مسلم (4/218).
([209]) عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي كان معه راية أشجع يوم الفتح. تجريد أسماء الصحابة (1/429)، والإصابة (5/43).
([210]) الحديث أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الأدب، باب ما جاء في المزاح حديث (5000) وابن ماجه في كتاب الفتن باب أشراط الساعة حديث (4042)، وأحمد في المسند (6/25 ، 27)، وأخرجه البخاري مطوَّلا في الجزية، باب ما يحذر في الغدر وليس فيه قصة الدخول. الفتح (6/277) حديث (3176)، وابن حبان (6675)، والطبراني في الكبير (18) حديث (70)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/223)، وفي دلائل النبوة (6/320 ، 383)، والبغوي في شرح السنة (15/43) وقال: هذا حديث صحيح وليس فيه قصة الدخول.
([211]) عثمان بن أبي العاتكة: سليمان الأزدي، أبو حفص الدمشقي، القاص، صدوق ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني مات سنة خمس وخمسين (ومائة) (ت: 384، ت ت: 7/126).
وقال الذهبي: ضعفه النسائي ووثقه غيره. الكاشف (2/251).
وقال أبو حاتم: سمعت دحيما يقول: لم ينكر حديثه عن غير علي بن يزيد والأمر من علي بن يزيد، فقيل له: إن يحيى بن معين يقول: الأمر من القاسم أبي عبد الرحمن. فقال: لا. وقال ابن أبي حاتم: لا بأس به، بليته من كثرة روايته عن علي بن يزيد، فأما ما روى عن غير علي بن يزيد فهو مقارب، يكتب حديثه. تهذيب الكمال: (19/399)، والجرح والتعديل (6/163).
([212]) سنن أبي داود حديث (5001)، قلت: وهذه الزيادة يترجح لي صحتها، لأن عثمان بن أبي العاتكة وإن كان ضعفه النسائي فقد وثقه في غير روايته عن علي بن يزيد الألهاني، والله أعلم.
([213]) عون المعبود (13/280).
([214]) رواه أبو داود في سننه في كتاب الأدب حديث (4990)، والترمذي في السنن حديث (2060)، وفي الشمائل (120) حديث (238) وقال: حديث صحيح غريب، وأحمد في المسند (3/267)، والحديث صححه الترمذي والبغوي وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لشرح السنة: سنده صحيح. شرح السنة (13/182).
([215]) تحفة الأحوذي شرح الترمذي بتصرف.
([216]) عون المعبود شرح سنن أبي داود (13/278).
([217]) عبد الحميد بن زياد بن صفي بن صهيب الرومي، وربما نسب إلى جده. لين الحديث. (ت: 333، ت ت: 6/114).
([218]) زياد بن صفي، بفتح المهملة وسكون التحتانية بن صهيب الرومي، صدوق. (ت: 220، ت ت: 3/374).
([219]) صفي بن صهيب بن سنان مقبول من الثالثة. (ت: 278) وقال الذهبي: وثق. الكاشف (2/33).
([220]) رواه أحمد في المسند (27/136) حديث (16591)، وابن ماجه في سننه (5/119) حديث (3443)، والطبراني في الكبير (8/41) حديث (7304) كلهم من طريق ابن المبارك، ورواه الحاكم في المستدرك (3/399) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي عن ابن المبارك وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في سننه الكبرى (9/344) من طريق سهل بن عثمان عن ابن المبارك عن عبد الحميد بن زياد... والحديث صحح إسناده البوصيري فقال: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. انظر سنن ابن ماجه (2/1139) بتحقيق محمد فؤاد، وأورده الشيخ ناصر في صحيح ابن ماجه (2/253) وقال فيه العراقي في المغني عن حمل السفار (2/1798): رجاله ثقات.
([221]) المراح في المزاح لبدر الدين الغزي (20).
([222]) زاهر بن حرام الأشجعي شهد بدرا وكان من أهل البادية وكان يهدي للنبي ﷺ . تجريد أسماء الصحابة (1/187)، والإصابة (3/2).
([223]) أي لا يقصر.
([224]) الحديث أخرجه عبد الرزاق في المصنف (19688)، وأحمد في المسند (3/161)، والترمذي في الشمائل (91)، وابن حبان في صحيحه (5307)، والطبراني في الكبير: حديث (5310)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (2/518)، والحسين البغوي في شرح السنة (13/181) وصحح إسناده محققه، وأورده الهيثمي في المجمع (9/368) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح، وأورده الحافظ في الإصابة (3/2) في ترجمة زاهر وقال: جاء ذكره في حديث صحيح أخرجه أحمد والترمذي في الشمائل... وللحديث شواهد من رواية سالم بن أبي الجعد الأشجعي عن رجل من أشجع يقال له: زاهر بن حرام كان بدويا لا يأتي إلى النبي ﷺ إذا أتاه إلا بطرفة أو هدية فرآه النبي ﷺ يبيع سلعة فأخذ بوسطه .... الحديث.
([225]) سفينة مولى رسول الله ﷺ اسمه مهران وقيل: رومان وقيل: عبس وقيل: قيس. تجريد أسماء الصحابة (1/228)، وأسد الغابة (2/409)، والإصابة (2/113).
([226]) رواه أحمد في المسند (5/220 ، 221 ، 222) والحاكم في المستدرك (3/606)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ورواه الطبراني في الكبير (7/97)، وأبو نعيم في الحلية (1/369)، وفي معرفة الصحابة (3/1392)، وأورده الذهبي في السير (3/173 ، 13/179) في ترجمة أبي قلابة، وقال: هذا حديث حسن من العوالي، بل هو أعلى ما وقع لأبي قلابة.
وصححه الشيخ ناصر في السلسلة الصحيحة (2959).
([227]) عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، المدني ثم الكوفي ثقة، اختلف في سماعه من عمر، مات بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين وقيل: إنه غرق في دجيل (ت: 349، ت ت: 6/260).
([228]) أسيد بن حضير بن سماك الأوسي الأنصاري الأشهلي أبو يحيى آخى رسول الله ﷺ بينه وبين زيد بن حارثة. مات سنة عشرين من الهجرة. معجم الصحابة لابن قانع (1/38)، والإصابة (1/48)، والاستيعاب (1/119).
([229]) يريد أقدني من نفسك، وقوله: "اصطبرني" معناه استقد يريد بالصبر القود. معالم السنن (4/144).
([230]) الكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع الأقصر من أضلاع الجنب. عون المعبود (14/107).
([231]) ما أردت بقولي "اصطبرني" إلا هذا التقبيل وما أردت حقيقة القصاص. المصدر السابق (14/107).
([232]) رواه أبو داود في كتاب الأدب، باب قبلة الجسد (5/394)، ومن هذا الطريق رواه الطبراني في معجمه الكبير (1/174) حديث (556) والحديث يترجح لدي أنه منقطع، لأن أسيد بن حضير مات في أول خلافة عمر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ولد لست بقين من خلافة عمر. قال الخليلي في الإرشاد: الحفاظ لا يثبتون سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر، وقال العسكري: روى عن أسيد بن حضير مرسلا. (ت ت: 6/261 – 262).
وعلى هذا فالحديث ضعيف للعلة السابقة والله أعلم.