آداب الموعظة الحسنة
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
- آداب
الموعظة الحسنة
- 1- الإخلاص: وهو أساس للأعمال كلها وروحها وقطب رحاها الذِّي تدور عليه قبولاً وردًّا، كما قال ﷺ: «إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى...» متفق عليه.
- 2- تأثر الواعظ بموعظته وتحمسه لها وحرصه على إيصالها إلى القلوب لا إلى الآذان فقط.
- 3- أن يكون الواعظ سليم القلب من الرياء والفسق والحقد وحب الظهور والكبر وغيرها من الأمراض التي تعتري القلوب محبًّا للخير ناصحًا للخلق، همه في وعظه أن يتأثر السامع ليتوب إلى الله وينيب لا ليثني على الواعظ ويمدحه ويشكره.
- 4- اختيار الموضوع المناسب: إن اختيار الموضوع المناسب من أهم عناصر الموعظة بحيث يكون ذلك الموضوع مناسبًا للوقت والحالة والموعوظين.
- 5- التحضير الجيد للموعظة: وذلك بمراجعة النصوص وضبطها وحفظها، فالآيات لا مساومة عليها، بل يجب ضبطها حفظًا وتلاوةً.
- 6- أن تكون الموعظة وسطًا لا طويلة مملَّة ولا قصيرة مخلَّة، كما كانت مواعظ النبي ﷺ عن جابر بن سمرة t، قال: «كنت أصلي مع النبي ﷺ، فكانت صلاته قصدًا وخطبته قصدًا» مسلم.
- 7- عدم الإكثار من المواعظ، وذلك أن الإكثار منها يقلل أثرها في النفوس، وقد كان النبي ﷺ يتخول أصحابه بالموعظة.
- 9- البلاغة: قال تعالى: }وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا{ [النساء: 63]. وفي حديث العرباض: «وعظنا رسول الله ﷺ موعظة بليغة...».
- 10- وضع عناصر للموعظة: ينبغي للواعظ أن يعدَّ للموعظة إعدادًا جيِّدًا، ويرتبها بعناصر محددة بحيث ينتظم الكلام ويلتزم بالوقت المحدد فلا يملُّ ولا يُخِلُّ وتشتمل الموعظة على ثلاثة عناصر: المقدمة، والعرض، والخاتمة.
- الخاتمة:
آداب الموعظة الحسنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين.
وبعد:
فإنَّ من أهم أساليب الدعوة إلى الله عز وجل الموعظة الحسنة.
قال تعالى: }ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ{ [النحل: 125].
وقد وَعَظَ الله عباده، قال تعالى: }وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{ [البقرة: 231].
وقال تعالى: }إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{ [النحل: 90].
وأَمَرَ الله نبيه ﷺ أن يعظ الناس، قال تعالى: }أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا{ [النساء: 63].
وكان ﷺ يعظ أصحابه، فعن العرباض بن سارية t قال: وعَظَنَا رسول الله ﷺ موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون. فقلنا: يا رسول الله، كأنَّها موعظة مودِّع فأوصِنا. قال: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، فإنه من، يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنَّ كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
والموعظة الحسنة لها أثر في النفوس كما أثَّرت موعظة رسول الله ﷺ على أصحابه فوجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، قال تعالى: }وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ{ [الذاريات: 55].
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في الآية: «وعظ يا محمد مَن أرسلت إليه، فإن العظة تنفع أهل الإيمان» تفسير ابن جرير.
ولكن حتى تؤثر الموعظة وتكون موعظة حسنة لابدَّ لها من آداب. ولعليِّ أن أُوَفَّق في ذِكر بعضها:
آداب الموعظة الحسنة:
1- الإخلاص: وهو أساس للأعمال كلها وروحها وقطب رحاها الذِّي تدور عليه قبولاً وردًّا، كما قال ﷺ: «إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى...» متفق عليه.
قال تعالى: }وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ...{ [البينة: 5].
وقال سبحانه: }قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{ [يوسف: 108]. وهذه الآية الكريمة بيَّنت شرطي الدعوة إلى الله، وهما: الإخلاص؛ كما في قوله تعالى: }أَدْعُو إِلَى اللَّهِ{. والبصيرة، وهي العلم؛ كما في قوله تعالى: }عَلَى بَصِيرَةٍ{.
فالمخلص في فعله وكلمه يفتح الله له قلوب الخلق، وتوضع له المحبة والقبول، وتخرج كلماته من قلبه الناصح المخلص المشفق، فتقع من القلوب بمكان ويكون لها أثرها ونفعها بإذن ربها. قال ﷺ: «إذا أحبَّ الله العبد نادى جبريل: إن الله تعالى يحب فلانًا فأحبه؛ فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله تعالى يحب فلانًا فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض» متفق عليه.
قال ابن الجلاء: «ما جلا أبي شيئًا قط، ولكنه كان يعظ فيقع كلامه في القلوب فسمي جلاء القلوب» نزهة الفضلاء (3/1148).
قال حماد بن زيد: «سمعت أيوب يقول: كان الحسن يتكلم بكلام كأنَّه الدر» نزهة الفضلاء (2/561).
وذكر عن القشيري الإمام الزاهد «أنه لو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب» نزهة الفضلاء (3/1407).
2- تأثر الواعظ بموعظته وتحمسه لها وحرصه على إيصالها إلى القلوب لا إلى الآذان فقط.
وهذا يظهر في نبرات صوته، وتغير ملامح وجهه، وتكرار بعض الكلمات، وهذا يتضح في مواعظ سيد الوعاظ وإمامهم محمد بن عبد الله ﷺ، قدوة الوعاظ على الإطلاق. عن جابر t قال: «كان رسول الله ﷺ إذا خطب وذكر الساعة اشتدَّ غضبه وعلا صوته واحمرَّت عيناه كأنه منذر جيش يقول صبَّحكم ومسَّاكم» مسلم.
وعن النعمان بن بشير t قال: (سمعت رسول الله ﷺ يخطب يقول: «أنذرتكم النار، أنذرتكم النار، أنذرتكم النار»، حتى لو أن رجلاً كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا، حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه). الإمام أحمد والحاكم وقال: هذا حديث صحيح.
عن جابر t قال: «كان النبي ﷺ إذا أتاه الوحي أو وعظ قلت نذير قوم أتاهم العذاب فإذا ذهب عنه ذلك رأيت أطلق الناس وجهًا وأكثرهم ضحكًا وأحسنهم بشرًا». الطبراني والبزار.
ولذا أثرت مواعظ النبي ﷺ في نفوس أصحابه y، فوجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، وقد قيل: ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة.
3- أن يكون الواعظ سليم القلب من الرياء والفسق والحقد وحب الظهور والكبر وغيرها من الأمراض التي تعتري القلوب محبًّا للخير ناصحًا للخلق، همه في وعظه أن يتأثر السامع ليتوب إلى الله وينيب لا ليثني على الواعظ ويمدحه ويشكره.
قال الله تعالى عن نوح u في بيان نصحه لقومه: }أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{ [الأعراف: 62].
وقال سبحانه عن صالح u: }فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ{ [الأعراف: 79].
وقال الله ناهيًا نبيه محمدًا ﷺ أن يهلك نفسه حزنًا وأسفًا على عدم إيمان قومه: }فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا{ [الكهف: 6].
قال ﷺ: «الدين النصيحة...» الحديث رواه مسلم.
4- اختيار الموضوع المناسب: إن اختيار الموضوع المناسب من أهم عناصر الموعظة بحيث يكون ذلك الموضوع مناسبًا للوقت والحالة والموعوظين.
فعلى سبيل المثال الموعظة في أول شهر رمضان المبارك تختلف عنها في آخره، ففي أوله يحث الواعظ على اغتنام الشهر والمسارعة للطاعات، وفي آخره يحثهم على الاستقامة على الطاعة، وفي حال المصائب والأزمات تختلف الموعظة عنها حال الأفراح والمسرَّات.
وموعظة الشباب تختلف عن موعظة كبار السن، وموعظة طلاب العلم تختلف عن موعظة العوام وموعظة ولاة الأمر وأصحاب السلطة تختلف عن موعظة عامة الناس. قال علي t: «حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله» البخاري. وقال ابن مسعود t: «ما أنت محدِّثًا قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» مسلم.
وهذا موضوع طويل يحتاج إلى تتبع مواعظ السلف رحمهم الله وكيف كانت تختلف مواعظهم حسب الحالات والأشخاص والأزمان، ولذا نجد مواعظ نبينا ﷺ ووصاياه تختلف من شخص إلى آخر، فيوصي شخصًا بقوله: «لا تغضب» البخاري. وآخر: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله» الترمذي. وثالثًا: «قل آمنت بالله ثم استقم...» مسلم. ورابعًا: ببر والديه: «ففيهما فجاهد» البخاري. وهكذا ﷺ.
5- التحضير الجيد للموعظة: وذلك بمراجعة النصوص وضبطها وحفظها، فالآيات لا مساومة عليها، بل يجب ضبطها حفظًا وتلاوةً.
وأما الأحاديث النبوية فلا شك أن حفظها وضبطها هو الأفضل والأمثل، فإن لم يكن فقد رخَّص بعض العلماء في نقل الحديث بالمعنى، ولكن المعنى المستقيم الذي لا يغيِّر في الحديث شيئًا ولا يزيد ولا ينقص فيه، فإن بعض الناس ينقل الحديث بالمعنى، ولكنه يأتي بمعنى مخالف لما يدل عليه الحديث، بل يزيد وينقص فيه، فليحذر مَن يفعل ذلك أن يدخل في قول النبي ﷺ: «مَن كذب عليِّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار» متفق عليه.
وليقل بعد رواية الحديث بالمعنى: «أو كما قال ﷺ»، وكان ابن مسعود وأبو الدرداء وأنس y إذا رووا الحديث يقولون: «أو نحو هذا»، أو «شبهه» أو «قريبًا منه». الباعث الحثيث للحافظ ابن كثير رحمه الله.
أما إذا كان الواعظ يعظ مِن ورقة، فلابد أن يكتب الحديث بنصه من مصادره، أما أحاديث الدعاء والأذكار فهذا مما يتعبد بلفظه، فلا يجوز روايته بالمعنى. والله أعلم.
وكلما كانت الموعظة مليئة بالنصوص من الآيات والأحاديث وكلام السلف رحمهم الله كانت أكثر تأثيرًا وحبذا لو ذكر فيها شيئًا من القصائد الوعظية فهذا مما يزيدها جمالاً، قال تعالى: }فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ{ [ق: 45]. والسُّنَّة المطهَّرة مليئة بأحاديث الزُّهد والرقائق، وقد جمع ذلك المحدِّثون أمثال البخاري ومسلم وغيرهما، بل قد صنَّف الإمام أحمد وعبد الله بن المبارك كتبًا في الزهد.
وكلام السلف في المواعظ والرقائق كثير، وعليه نور تجده في كتاب (الحلية) لأبي نعيم، و (صفة الصفوة) لابن الجوزي، و (سير أعلام النبلاء) للذهبي. رحمهم الله جميعًا.
ومما يوصى به في هذا المضمار من شعر الزهد والرقائق كتاب: (دليل الدعاة إلى شعر الرقائق والزهد) لأزهري أحمد محمود.
6- أن تكون الموعظة وسطًا لا طويلة مملَّة ولا قصيرة مخلَّة، كما كانت مواعظ النبي ﷺ عن جابر بن سمرة t، قال: «كنت أصلي مع النبي ﷺ، فكانت صلاته قصدًا وخطبته قصدًا» مسلم.
وعن عمرو بن العاص t أن رجلاً قام يومًا فأكثر القول، فقال عمرو: لو قصد هذا في قوله كان خيرًا له، سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لقد رأيت أو أمرت أن أتجوز في القول، فإن الجواز هو خير» أبو داود بإسناد حسن. وقال ﷺ: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّةٌ مِن فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة، فإن من البيان لسحرًا» مسلم.
عن عطاء قال: «دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقالت له: خَفِّف فإن الذكر ثقيل» نزهة الفضلاء (1/467).
وكان عبيد بن عمير واعظًا رحمه الله.
فعلى الواعظ أن يلاحظ عدم الإطالة، ففي الإطالة السآمة، وإذا ملَّ السامع من الموعظة فلن يستفيد منها وربما أنسى آخرُها أولهَا.
7- عدم الإكثار من المواعظ، وذلك أن الإكثار منها يقلل أثرها في النفوس، وقد كان النبي ﷺ يتخول أصحابه بالموعظة.
عن أبي وائل قال: «كان عبد الله يُذَكِّر الناس في كل خميس فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لَوَدِدْتُ أنك ذَكَّرْتَنَا كل يوم. قال: أَمَا إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أُمِلَّكُمْ، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي ﷺ يتخولنا بها؛ مخافة السَّآمة علينا». البخاري (عبد الله: هو: ابن مسعود) الفتح (1/215).
فإذا كان النبي ﷺ يخشى على الصحابة السآمة، فغيره من باب أولى.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «حدِّث الناس كل سبعة – أي كل أسبوع – مرة، فإن أبيت فمرَّتين، فإن أكثرت فثلاثًا، لا تملَّ الناس» البخاري. وروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أمر القاص أن يقص كل ثلاثة أيام مرة المسند.
8- أن لا تكون الموعظة متشعبة المواضيع، فبعض الوعاظ يعظ في عدة مواضيع ويكثر من ذلك فيكون الواعظ بين أمرين حلوهما مر، فإما أن يطيل، وهذا يسبب السآمة والملل، وإما أن يقصر فلا يعطي كل موضوع حقه فتكون المواضيع وكأنها فهرس كتاب، أما إذا كانت الموعظة في موضوع واحد محدد، أو اثنين على الأكثر أعطى الموضوع حقه، وأفاد فيه، مع التزام عدم التطويل، ومن تتبع أحاديث المصطفى ﷺ يجد غالبها في موضوع واحد، وإن وجد بعض الأحاديث في عدة مواضيع فإن النبي ﷺ أفصح العرب وأبلغهم وأوتي جوامع الكلم ﷺ.
9- البلاغة: قال تعالى: }وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا{ [النساء: 63]. وفي حديث العرباض: «وعظنا رسول الله ﷺ موعظة بليغة...».
وهذا يتطلب من الوعاظ أن يتعلم اللغة العربية وآدابها وأساليبها، وحسن تلاوة القرآن الكريم، وقراءة الأحاديث النبوية، والقصائد الوعظية، وكلام السلف، قراءة صحيحة، وكلما كان أبلغ كان أكثر تأثيرًا قال ﷺ: «إن من البيان لسحرًا» متفق عليه. ولست أقصد بذلك أن لا يتكلم إلا البلغاء الفصحاء، ولكنها دعوة للوعاظ في تعلم اللغة وأساليبها، ولا يعني ذلك أيضًا التفاصح والتكلف في البلاغة المنهي عنها كما قال ﷺ: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثًا. مسلم. وبوَّب النووي رحمه الله على هذا الحديث بقوله: «باب كراهة التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم» رياض الصالحين (539).
وقال ﷺ: «إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تَخَلَّلَ الباقرة بلسانها» أبو داود. والباقرة أي البقرة، كما في رواية الترمذي: «البليغ» المبالغ في فصاحة الكلام وبلاغته. عون المعبود (7/ 237) والحديث حسَّنه الألباني في الصحيحة برقم (880).
وإنما البلاغة تعني مراعاة مقتضى الحال – أي حال السامع، ومدى إدراكه وثقافته – وإفهامه بأحسن الألفاظ وأكثرها تأثيرًا عليه، بعيدًا عن وحشي اللغة وتعقيدها، وعن الكلمات العامية الساقطة، كما قال الجاحظ في كتابه: (البيان عن البلاغة): «أما أنا فلم أر أمثل طريقة في البلاغة من الكتَّاب وذلك أنهم قد التمسوا من الألفاظ ما لم يكن متوعَّرًا وحشيًا ولا ساقطًا عاميًا» نقلاً عن كتاب (جواهر الأدب) للسيد أحمد الهاشمي ص (29).
وقال الماوردي رحمه الله: «وليس يصح اختيار الكلام إلا لمن أخذ نفسه بالبلاغة وكلفها لزوم الفصاحة حتى يصير متدربًا بها معتادًا لها فلا يأتي بكلام مستكره اللفظ ولا مختل المعنى؛ لأن البلاغة ليست على معان مفردة ولا لألفاظها غاية، وإنما البلاغة أن تكون المعاني الصحيحة مستودعة في ألفاظ فصيحة فتكون فصاحة الألفاظ مع صحة المعاني هي البلاغة» أدب الدنيا والدين للماوردي.
وقال ابن رجب رحمه الله: «والبلاغة في الموعظة مستحسنة؛ لأنها أقرب إلى قبول القلوب واستجلابها، والبلاغة هي التوصل إلى إفهام المعاني المقصودة وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من ألألفاظ الدالة عليها وأفصحها وأحلاها للأسماع، وأوقعها في القلوب، وكان ﷺ يقصر خطبته ولا يطيلها، بل كان يبلغ ويوجز» جامع العلوم والحكم لابن رجب (310).
10- وضع عناصر للموعظة: ينبغي للواعظ أن يعدَّ للموعظة إعدادًا جيِّدًا، ويرتبها بعناصر محددة بحيث ينتظم الكلام ويلتزم بالوقت المحدد فلا يملُّ ولا يُخِلُّ وتشتمل الموعظة على ثلاثة عناصر: المقدمة، والعرض، والخاتمة.
أ- المقدمة: تحتوي على السلام، والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ﷺ، والثناء على السامعين؛ ليفتح قلوبهم كما قال النبي ﷺ لمعاذ t: «والله إني أحبك» فقال: «أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» أبو داود. وقال ﷺ: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل». قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً. متفق عليه.
وقد يبين فيها عنوان الموعظة، ولماذا اختار هذا الموضوع، أو أهميته، ونحو ذلك من الكلام الذي يشوق السامعين لسماع موعظته.
ولتكن المقدمة قصيرة؛ لأنها تمهيد لما بعدها من العرض، وليست هي الأصل، أما ما يفعله بعض الوعاظ من إطالة المقدمة وتكلف السجع وكثرة الكلمات المترادفة فهذا يأخذ عليه وقت الموعظة، وربما ملَّ السامع قبل أن يبدأ في أصل الموعظة وبعض الناس إذا رأى الواعظ أطال في المقدمة علم أن العرض أطول فربما خرج وترك سماع الموعظة.
ب- العرض: وهو الأصل في الموعظة وإذا رتبه الواعظ على عناصر فرعية بحيث ينظم كلامه فهذا جيد حتى لا ينسى شيئًا مما يريد أن يعظ به ولا يشتت ذهن السامع ويحتوي العرض على موضوع الموعظة من الأدلة وكلام السلف ونحو ذلك مما أعده الواعظ، وأن لا تكون متشعبة كما مر في الفقرة (8)، وينتبه الواعظ أن لا يخرج عن أصل موعظته؛ لأن بعض الوعاظ يخرج إلى موضوع آخر يطرأ عليه أثناء الموعظة من ذكر قصة أو شرح حديث استدل به ونحو ذلك، فيسهب فيه فينسى أصل الموعظة وربما انتهى دون أن يرجع إلى الأصل أو يأخذه الوقت فلا يعطي أصل الموعظة حقه من البيان فتقل الفائدة.
جـ- الخاتمة: وفيها تلخيص مختصر لما عرضه الواعظ والوصية بالعمل بما ورد في الموعظة ثم ختمها بشكر السامعين على إنصاتهم والدعاء لهم ولعامة المسلمين ولأئمتهم والدين النصيحة، ومسك الختام الصلاة والسلام على خير الأنام.
تنبيهات عامة:
1- إن كانت الموعظة في المسجد فلابد من استئذان إمام المسجد، وحبذا لو كان الاستئذان قبل الصلاة، فإن لم يكن فبعد الصلاة وقبل الشروع في الموعظة، فإن أذن فبها ونعمت، وإن رفض فلا تلح وتجادل فينزغ الشيطان بينكما وتكون الموعظة لحظ انتصار النفس ويحصل الخلاف بين جماعة المسجد من مؤيد للإمام في منعه وآخر مؤيد للواعظ في وعظه والخلاف شر كما قال عبد الله بن مسعود t ورفع الأصوات في بيوت الله لا يجوز، فعلى الواعظ أن يستجيب للإمام في منعه فهو المسؤول عن المسجد وأجر الواعظ قد تم ولله الحمد.
2- التبكير إلى المسجد الذي ستلقى فيه الموعظة أمر مهم جدًّا؛ أولاً: لإدراك فضيلة التبكير، قال ﷺ: «تقدموا فأتموا بين وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله» مسلم.
ثانيًا: ليكون الواعظ في الصف الأول، بل في روضة المسجد حتى يكون قدوة لغيره ويستطيع أن يستأذن من الإمام، أما إذا جاء متأخرًا وكان في الصف الثاني أو الثالث ثم قام يتخطى الرقاب أو كان في أطراف الصف فأمر لا يليق بالواعظ والداعي إلى الله ناهيك إذا فاته ركعة من الصلاة فقد فاتته الموعظة مع ما فاته من فضيلة التبكير وإدراك أول الصلاة «بورك لأمتي في بكورها» صحيح الجامع الصغير برقم (2841).
3- ملاحظة الصوت، فإن كان الواعظ جهوري الصوت ومكبرات الصوت جيدة فليبعد اللاقط عن فمه ويخفض صوته قليلاً؛ لأنه إذا قرَّب اللاقط ورفع صوته أحدث ذلك صوتًا مزعجًا لكثير من السامعين الذين يتأذون بقوة الصوت وربما آذى جيران المسجد فلينتبه لذلك وليكن الصوت وسطًا وخير الأمور الوسط. أما ما ورد أن النبي ﷺ إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته، ومر ذكر الحديث في فقرة (2) فلم يكن ثمة مكبرات وصوت الإنسان دون مكبر لا يزعج مهما علا.
4- كثرة الحركة بالأيدي ولمس اللحية أو تغيير هيئة الغترة ونحو ذلك من الحركات التي يفعلها بعض الوعاظ وربما حركات لا إرادية يفعلها أثناء الحماس في الموعظة فهذه لا تليق بالواعظ اللهم إلا إذا كانت حركة باليد فقط وحركة منضبطة مقصودة وتعبر عن معنى الموعظة، فهذه مما يزيد الموعظة تأثيرًا وهذا ما كان يفعله المصطفى ﷺ، عن أبي موسى t قال: (قال رسول الله ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا». ثم شبك بين أصابعه). البخاري.
وعن سهل t قال: قال ﷺ: «بعثت أنا والساعة كهاتين» ويشير بأصبعيه فيمدهما. البخاري.
5- انظر إلى القوم أثناء الحديث، فإن رأيتهم ينظرون إليك بأبصارهم وينصتون إليك بأسماعهم فاستمر في الحديث دون إطالة، وإن رأيتهم ينظرون يمينًا وشمالاً وبدأ بعضهم بالقيام والبعض في الحديث بينهم فقف واختم حديثك ولا تملَّ الناس، وقد قيل: خير الخطباء ما سكت والناس يقولون: ليته يتكلم، وشرهم من تكلم والناس يقولون: ليته يسكت. فإن سكوت الواعظ والناس لا يزالون بشوق إلى كلامه فيجعل تأثرهم بالموعظة وشوقهم إلى المواعظ الأخرى أشد. قال عبد الله بن مسعود t: «حدِّث الناس ما حدجوك بأبصارهم وأذنوا لك بأسماعهم وإذا رأيت منهم فترة فأمسك». حدجوك بأبصارهم أي: لحظوك بأبصارهم. البيان والتبيين للجاحظ ص(104).
6- حاول إيضاح الكلام وعدم العجلة فيه؛ حتى يفهم عامة الناس، ولا بأس بإعادة بعض الكلمات مرتين أو ثلاثًا لأهميتها وتأثيرها على القلوب. تقول عائشة رضي الله عنها: «ما كان رسول الله ﷺ يسرد كسردكم، ولكنه كان يتلكم بكلام فصل، يحفظه من جلس إليه» رواه الترمذي في الشمائل المحمدية، وعن أنس t قال: «كان النبي ﷺ إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا؛ حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثًا» البخاري.
وقد سبق ذكر حديث: «أنذرتكم النار، أنذرتكم النار، أنذرتكم النار» في فقرة (2). فقليل يفهم ويعقل خير من كثير ينسي بعضه بعضًا، وخير الكلام ما قل ودل.
7- اكتب عناصر الموعظة والنصوص الواردة فيها، ومصادرها ولو كنت ستلقيها ارتجالاً؛ لأن ذلك أحفظ لها في الرأس والقرطاس وتستطيع مراجعتها متى احتجت إلى إلقائها في مناسبة أخرى دون عناء البحث مرة أخرى.
8- ابتعد عن التعميم والمخاطبة بضمير المخاطب عندما تذكر من يرتكب الذنوب، كقول بعض الوعاظ: الناس يفعلون كذا وكذا. فهذا تعميم غير صحيح، فلو قال: بعض الناس. أو: إلا مَن رحم الله. وكذلك مَن يقول: «أنتم تفعلون كذا...». فكأنه جاء ليوبخهم لا ليعظهم، فالناس يشمئزون من هذا الخطاب، فلو قال: البعض يفعل. أو عم نفسه معهم. أو قال: نحن مقصرون في كذا إلا مَن رحم الله. فهذا أولى. ثم إن الإغراق في ذكر ما يفعل الناس من معاصي وسيئات فيه محذوران، الأول: تهوين المعاصي لدى بعض ضعيفي الإيمان، فإذا سمع الواعظ يذكر أن الناس وقعوا في الربا والزنا... فهذا يهون تلك المعاصي في قلبه وربما قال كما يقول البعض: «حشر مع الناس جنة»، ثم إنه مخالف لهدى النبي ﷺ الذي يقول: «إذا قال الرجل: هلك الناس؛ فهو أهلكُهُم» مسلم([1]).
ثم لا ننسى أن نذكر الجانب المشرق والإيجابي الذي يحصل في المجتمع، فنشيد بأهل الخير والصلاح والاستقامة من الشباب والفتيات؛ حتى يكون ذلك قدوة لهم وحافزًا للاستقامة إذا علموا أن من بني جلدتهم ومن هم في سنهم واهتماماتهم ومع ذلك فهم مستقيمون، وفيه كذلك فتح باب التفاؤل وإبعاد التشاؤم الذي قد يخيم على بعض النفوس ويرى أن المجتمع قد فسد وربما فتَّ ذلك في عضده في الدعوة، بل ربما قصر في تربية أبنائه لتشاؤمه ويأسه من الإصلاح.
9- حسن الهيئة والمظهر له أثره خاصة في هذا العصر. قال ﷺ: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة؟ قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق، وغمط الناس» مسلم.
10- الدعاء له أثره وهو سلاح المؤمن، فادع الله قبل الموعظة أن يرزقك الإخلاص وأن يشرح صدرك وييسر لك أمرك ويعينك على قول الحق واجتناب الباطل، وقد دعا موسى u لما أمره الله جل وعلا بالذهاب إلى فرعون، قال تعالى: }اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي{ [طه: 24 – 28]. وفي ختامها أن ينفع بها وأن يعيذك من فتنة القول والعمل، ولا تنس الدعاء الذي علمه النبي ﷺ لأبي بكر الصديق t: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم» أحمد وأبو نعيم والقاسم البغوي.
11- أخي الواعظ: الناس بعد الموعظة بين موقفين: فمنهم من يأتي للسلام على الواعظ وشكره والثناء عليه وعلى موعظته. فاحذر الافتتان بهذا، وسل الله أن يجعلك خيرًا مما يظنون، ويغفر لك ما لا يعلمون، فما علموا منك إلا الوقوف في المحراب والوعظ، ما علموا ما أنت فيه من تقصير وذنوب وأنت أدرى بنفسك وأعلم بعيوبها وذنوبها، فلا يغرنك ما يقولون.
والموقف الآخر: موقف الذهاب سريعًا بعد نهاية الموعظة، فلا سلام ولا شكر ولا ثناء، فإياك أن يؤثر هذا في نفسك، فما جئت للثناء والشكر، وإنما جئت واعظًا لا تريد جزاءً ولا شكورًا إلا من الله عز وجل وكفى أنهم استمعوا لموعظتك، وتذكر موقف نوح u وهو يدعو قومه ويجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم، ومع ذلك ما فتَّ في عضده، بل استمر في دعوته u، واقرأ سورة نوح، ففيها الدروس والعظات والعِبر لكل داعٍ وواعظ، وقد قيل في الإخلاص: «أن يكون مادحه وذامّه في الحق سواء».
12- احذر من القول على الله بلا علم، كثير من الناس بعد نهاية الموعظة يأتي إلى الواعظ ويستفتيه، وكثير من الناس لا يفرق بين الواعظ والفقيه، فإن كان عندك علم فأجبه، وإلا فلا تستح أن تقول: لا أعلم، فقد قالتها الملائكة، وقالها النبي ﷺ لما سأله جبريل u عن الساعة «ما المسئول عنها بأعلم من السائل» مسلم. وقالها كبار العلماء، قال ابن وهب: «لو كتبنا عن مالك لا أدري، لملأنا الألواح» جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر.
واعلم أُخيَّ أن القول على الله بلا علم قرين الشرك، قال تعالى: }قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{ [الأعراف: 33].
* * *
الخاتمة:
هذا ما تيسر جمعه عن هذا الموضوع العظيم المهم الذي لا أراني وفِّيته حقّه، وحسبي بذل الجهد ولو بمشاركة بسيطة، فإن يك صوابًا فمن الله، وما كان من خطأ وزلل فمن النفس المقصِّرة ومن الشيطان، وأعوذ بالله من الشيطان وشركه ونزغاته وهمزاته وخطواته.
وصلى الله على سيد الوعاظ وأفصح من نطق بالضاد محمد عليه وعلى آله وأصحابه أفضل صلاة وأتم تسليم.
ليلة الجمعة 15/8/1427هـ
عبد الله سعد الفالح
* * *
([1]) لفظة «أهلكهم» يروى بفتح الكاف وضمها. النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري. جزء 5 ص233.