القرآن يا أمة القرآن
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
- القرآن يا أمة القرآن
القرآن يا أمة القرآن
القسم العلمي بمدار الوطن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فالقرآن الكريم: كلام الله العظيم، وصراطه المستقيم، ودستوره القويم، ورسالته الخالدة ومعجزته الدائمة، ورحمته الواسعة، وحكمته البالغة،، وحجته الدامغة.
عاش السلف معه: واعتنوا به كل العناية حفظًا وتلاوة وتدبرًا وفهمًا وتفسيرًا، وتحاكموا إليه في كل شئونهم، وتأدبوا بآدابه وأدبوا أولادهم بها؛ ففتحوا البلاد به، ودانت لهم رقاب العباد، وعزت كلمتهم وارتفعت رايتهم، وصارت لهم كلمة مسموعة لدى القريب والبعيد.
ثم جاء الخلف: فأعرضوا عنه وهجروه ونسوه وتحاكموا إلى غيره، وطلبوا العزة في غيره، فحلت بهم المصائب والفتن، والزلازل والمحن، وانتشرت البدع والخرافات، وسيطر الكفرة عليهم فأهانوهم وأذلوهم وتحكموا في ثرواتهم وخيراتهم وتكالبت عليهم الأمم من كل مكان.
ولا نجاة للمسلمين مما حل بهم: ولا طريق لاستعادة مجدهم، ولا خلاص مما ابتلوا به، إلا بالعودة إلى المنهل الصافي والمنبع الأصيل، القرآن الكريم.
وهذا الكتيب: محاولة لإعادة المسلمين إلى مصدر عزهم ومنيع خيرهم، وأساس سعادتهم في الدنيا والآخرة وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تعريف القرآن
القرآن في اللغة: لفظ مشتق من القُرء بمعنى الجمع، يقال: قرأ الشيء قرءًا وقرآنًا أي جمعة وضم بعضه إلى بعض.
وقيل: إن لفظ القرآن مشتق من القرائن التي يصدق بعضها بعضًا، أو يشابه بعضها بعضًا.
وقيل: قرآن مصدر كغفران سمي به المقروء أي المتلو.
وأيا كان أصل اشتقاق هذا اللفظ، فإن القرآن بهذا اللفظ المعرف صار علمًا شخصيًا على الكتاب المعجز الموحى به من الله تعالى، والمنزل على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وفي الاصطلاح: هو الكلام المعجز المنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - المكتوب في المصاحف، المنقول عنه بالتواتر، المتعبد بتلاوته.
وقد سمي القرآن الكريم: «قرآنًا» لأنه جمع القصص والأحكام، والمواعظ والأمثال، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، أو لأنه جمع الآيات والسور.
أسماء القرآن الكريم وأوصافه:
للقرآن الكريم أسماء عديدة من أشهرها:
(1) الفرقان قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1] وسمي بذلك لأنه كلام فارق بين الحق والباطل والهدى والضلال، والحلال والحرام، أو مفروق بعضه عن بعض في النزول أو في السور والآيات.
(2) الكتاب: وقد سماه الله بذلك في قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا﴾ [الكهف: 1].
(3) الذكر: قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9] وسمي القرآن بالذكر لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه، فهو ذكر لهم، وقيل سمي بذلك لأن فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء.
وقد بين العلماء أن كثرة الأسماء و تعددها تدل على شرف المسمى وكماله وفضيلته.
وقد وصف الله تعالى القرآن الكريم بأوصاف كثيرة متنوعة: جميعها يدل على رفعة شأنه وعلو مكانته، ومن هذه الأوصاف، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 57].
وقال عز وجل: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: 89] وقال سبحانه ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29].
وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87] وقال: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ [ق: 1] إلى غير ذلك من الأوصاف التي تشعر بعظمته وقدسيته، وتدل على جلالة قدره.
ومما ورد في وصف القرآن الكريم: ما جاء في الأثر: "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لا تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ﴾ [الجن: 1، 2] من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم.
فضائل القرآن الكريم
فضل القرآن لا يُدانيه فضل: ومكانته لا تسمو إليها مكانة، ومهما حاولت استقصاء فضائله ما استطعت، ولو استطعت ما اتسعت لذلك صحف الأرض كلها، وما عساي أن أقول في فضائل كتاب أنقذ الله به أمة من جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، كتاب ختم الله به الكتب، وأنزله على نبي خُتم به الأنبياء وبدين خُتمت به الأديان، كتاب فُتحت به أمصار، وجثت عنده الركب، ونهل من منهله العلماء، وخشعت لهيمنته الأبصار، وذلت له القلوب، وقام بتلاوته العابدون، والراكعون والساجدون. لهذا اكتفي من فضائله بما يلي:
(1) أن حملة القرآن الكريم هم أهل الله وخاصته:
قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله أهلين من الناس» قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: «هم أهل القرآن، أهل الله وخاصّته»([1])
(2) أن القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه»([2]) .
(3) أن حافظه مع السفرة الكرام البررة: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران» رواه البخاري.
(4) أن حامله يقدم في قبره: فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أُحد في ثوب واحد، ثم يقول: «أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟» فإذا أشير له إلى أحدهما قدّمه في اللحد وقال: «أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة» وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا ولم يصل عليهم([3]).
(5) أن حافظه أولى الناس بالإمامة: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنًا..»([4]).
(6) أن حامله أولى الناس بالإمارة والولاية: فعن نافع بن عبد الحارث أنه لقي عمر رضي الله عنه بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزي، قال: ومن أين أبزي؟ قال: مولى من موالينا قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين»([5]) .
(7) أن حامله مكرم: وتكريمه من أجلال الله تعالى: فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط» ([6]) .
(8) أن حفظه وتعلمه خير من متاع الدنيا: فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفقة فقال: «أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان إلى العقيق فيأتي منه بنافقتين كوماوين في غير إثم أو قطع رحم، فقلنا: يا رسول الله، نحب ذلك» قال: «أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل»([7]) .
(9) أن حفظه سبب لرفعة الدرجات في الجنة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول: يا ربُ حُلة فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا ربّ زده، فيُلبس حُلة الكرامة، ثم يقول: يا ربُ ارض عنه فيرضي عنه فيقال: اقرأ وارتق، ويزاد بكل آية حسنة»([8]) .
(10) أن حفظه شفاء للصدور قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 57].
(11) أن معلم القرآن ومتعلمه من خير الناس: فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»([9]).
(12) أن قراءته أمان من الشياطين والسحرة قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة» وعن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اقرءوا البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة» أي السحرة ([10]).
آداب تلاوة القرآن الكريم
أخي الحبيب: القرآن الكريم كلام الله تعالى ليس كغيره من الكلام، ففضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه، وتعظيم القرآن من تعظيم الله تعالى، ولذلك كان لتلاوة القرآن آداب ينبغي على القارئ التأدب بها والمحافظة عليها، وهذه الآداب منها آداب قلبية، ومنها آداب ظاهرية وهي كالتالي:
أولاً: الآداب القلبية:
(1) أن تخلص لله تعالى في قراءتك فلا تقصد بها إلا رضى الله تعالى، وذلك لأن الإخلاص لُبّ العبادة، وبه قوامها وهو لها بمنزلة الروح للجسد قال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: 11] وقال سبحانه: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البيئة: 5].
(2) ألا تقصد بقراءتك التوصل إلى غرض من أغراض الدنيا: من مال أو رئاسة أو وجاهة أو ثناء عند الناس، أو صرف وجوه الناس إليك قال - صلى الله عليه وسلم -: «من تعلم علمًا مما ينبغي به وجه الله تعالى، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا: لم يجد عَرفَ الجنة يوم القيامة»([11]).
(3) أن تستحضر في نفسك أنك تناجي الله تعالى وتخاطبه بكلامه الذي أنزله على قلب رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتوقن أن الله يراك ويراقبك، ويعلم دخيلة نفسك وحقيقة أحوالك، وأن الله يقبل عليك ويتحدث إليك.
(4) أن تستشعر عظمة الله تعالى في كل آية تقرؤها: وأن تتلمس نوره في كل ما تتلوه، وأن تتجاوب روحك مع كل آية تقرؤها، فلا تمر بآية فيها تخويف وعذاب إلا استعذت بالله من عذابه، ولا بآية فيها رحمة إلا سألت الله من فضله، تشتاق للجنة عند وصفها، وترتعد من النار عند ذكرها.
(5) استحضار الخشوع والتدبر والخضوع عند القراءة وحضور القلب وسكون الجوارح، فهذا هو المقصود والمطلوب، وبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: 29].
ثانيًا: الآداب الظاهرية:
(1) يستحب التسوك وتنظيف الفم قبل البدء في القراءة؛ لأنه من تمام النظافة والطهارة، ولأن الفم طريق القرآن.
(2) أن تكون متوضئًا نظيف البدن والثياب.
(3) يستحب للقار ئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة لأنها أشرف الجهات.
(4) ينبغي أن يكون المكان الذي يقرأ فيه القرآن طاهرًا نظيفًا فلا يقرأ في دورات المياه والحشوش والمزابل، ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعًا للنظافة ولشرف البقعة.
(5) يستحب لقارئ القرآن: أن يستعيد بالله من الشيطان الرجيم عند ابتدائه القراءة لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98].
(6) ينبغي أن تحافظ على قراءة البسملة في بداية كل سورة ما عدا سورة التوبة.
(7) عدم قطع القراءة بكلام لا فائدة فيه.
(8) المحافظة على أحكام التلاوة: وإعطاء كل حرف حقه من النطق، وإبراز الكلام بلفظه وتمامه، لقوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4].
(9) اجتناب ما يخل بالقراءة كالضحك واللغط والحديث والعبث باليد والثياب، والنظر إلى ما يلهي ويبدد الذهن، والبعد عن كل ما يبعدك عن مناجاة ربك، ويقطع عليك لذة الوقوف ببابه.
(10) أن تحترم المصحف فلا تضعه على الأرض،، ولا تضع فوقه شيئًا، ولا تمسه إلا وأنت طاهر.
(11) أن تمسك عن القراءة أثناء التثاؤب لأن التثاؤب من الشيطان، فإن انتهيت عدت إلى القراءة.
(12) يستحب تحسين الصوت بالقراءة: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «زينوا القرآن بأصواتكم؛ فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا»([12]).
(13) أن تمسك عن القراءة إذا عرض لك ريح حتى يتكامل خروجها ثم تعود للقراءة.
(14) أن تمسك عن القراءة إذا غلبك النعاس حتى لا تختلط عليك آيات القرآن، ويفوت عليك التدبر الذي هو غاية القراءة. (15) يفضل أن تقرأ من المصحف ولو كنت حافظًا: لأن من قرأ من المصحف اجتمعت له عبادتان: عبادة التلاوة، وعبادة النظر في المصحف.
الأمور المعينة على حفظ كتاب الله:
هناك أمور كثيرة تُعين المسلم على حفظ كتاب الله تعالى منها:
(1) إخلاص النية لله عز وجل وإصلاح القصد: وجعل حفظ القرآن والعناية به من أجل الله تعالى والفوز بجنته والحصول على مرضاته، فمن صدقت نيته وإرادته فتح الله عليه باب حفظ القرآن ويسره له.
(2) دعاء الله تعالى أن ييسر لك حفظ كتابه: فإن قراءة القرآن وحفظه إنما هي بتيسير الله عز وجل، فإذا أردت حفظه فالجأ إلى الله داعيًا متضرعًا أن ييسر لك حفظ كتابه والعمل به، فما استجلبت النعم إلا بالدعاء.
(3) وجود الدافع الذاتي على الحفظ: وهذا أمر أساس لكل من يحاول حفظ القرآن، إذ لا بد من تحسس اللذة والسعادة في تلاوة القرآن الكريم وحفظه، واعلم أنه إذا تهيأ لك هذا الدافع رأيت نفسك لا تكل من النظر في كتاب الله، ولا تشبع من تلاوته..
(4) تصحيح القراءة والنطق: ولا يكون ذلك إلا بالسماع من قارئ مجيد أو حافظ متقن، والقرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي، ويساعد على هذا الأمر في هذه الأيام حلقات تحفيظ القرآن المنتشرة ولله الحمد في معظم المساجد وكذلك السماع من الأشرطة.
(5) تحديد نسبة الحفظ كل يوم فتجعل لنفسك قدرًا من الآيات تحفظه كل يوم، وتحرص كل الحرص على ألا ينتهي يومك قبل أن تحفظه، وليكن حرصك على حفظ هذا القدر كحرصك على طعامك وشرابك ونومك.
(6) لا تتجاوز مقررك اليومي حتى تجيد حفظه: وذلك ليثبت في الذهن، ومما يعين على ذلك أن تقرأ ما حفظته في صلاتك وفي سيرك وركوبك واضطجاعك وسائر أحوالك.
(7) حافظ على رسم واحد لمصحف حفظك:
وذلك لأن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع حيث تنطبع صور الآيات ومواضعها في المصحف في الذهن مع كثرة القراءة والنظر في المصحف.
(8) استذكار ومتابعة ومداومة الحفظ والتلاوة فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيًا، أي تفلتًا، من الإبل في عقلها» ويقول أيضًا: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت»([13]).
(9) فهم الآيات المحفوظة: ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض، فهذا يعين على الحفظ ورسوخه في الذهن.
(10) مصاحبة أهل القرآن وقراءة القرآن عليهم.
ففي ذلك من الفوائد ما لا يحصي منها المواظبة والمداومة، فإن العبد قد يمل منفردًا فإذا اجتمع مع إخوانه حصل له من النشاط والمواظبة ما لا يحصل له إذا انفرد، ومنها تصحيح الأخطاء وتصويب التجويد، ومنها المحافظة على الأوقات، فإن العبد قد يشرد ذهنه إذا انفرد، ومنها الاجتماع على مدارسة القرآن ونزول السكينة والرحمة والملائكة.
فضل مجالس القرآن
عن أبي هريرة: رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «.. وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده»([14]).
(11) اغتنام فترة الشباب وصغر السن في الحفظ حيث تكون الحافظة في هذه السن أفضل من غيرها، وهذا أدعى إلى ثبوت الحفظ ورسوخه، وقد قيل الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء.
(12) معرفة حال السلف مع القرآن: وكيف كان حرصهم على تلاوته وتدبره وحفظه، فإن الناس تطمع أن تبلغ منازلهم، وأن تدنوا من درجاتهم، وأن تلحق بركابهم.
(13) الالتحاق بمدارس وحلقات تحفيظ القرآن في المساجد وغيرها: فإنها تعين الراغب في الحفظ على المتابعة وفهم المعاني.
(14) معرفة العوائق التي تمنع الحفظ أو تعين على نسيان القرآن الكريم والتي منها.
(أ) كثرة الذنوب والمعاصي: فإنها تنسي العبد القرآن وتنسيه نفسه، وتعمي القلب عن ذكر الله وتلاوة كتابه وحفظه، وقد قال الضحاك رضي الله عنه: «ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه؛ لأن الله يقول: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: 30]» وأي مصيبة أكبر من نسيان القرآن؟!
(ب) كثرة الانشغال بالدنيا والاهتمام الزائد بها فهذا مما يجعل القلب معلقًا بها وبالتالي لا يستطيع أن يحفظ بسهولة، فإن القلب وعاء، فاختر ما تملؤه به، وفرغه من غيره ولو كان مباحًا.
(ج) حفظ آيات كثيرة في وقت قصير: والانتقال منها إلى غيرها قبل إتقانها وتثبيت حفظها.
(د) ترك متابعة ومراجعة ما حفظته من القرآن
من أحوال السلف مع القرآن
لقد اعتنى السلف رحمهم الله بالقرآن كل العناية حفظًا وتلاوة وكتابة وتدبرًا فكانوا يحكمون به ويتحاكمون إليه، ويتأدبون ويؤدبون أولادهم بآدابه، وكانوا يأتمرون بأوامره وينزجرون بزواجره، ويسارعون إلى ما حث عليه، ويتخلقون بأخلاقه ويتسابقون إلى دراسته وتفهمه وتطبيق أحكامه. وكانوا يقومون به الليل كما وصفهم ربهم سبحانه بقوله: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ وقال: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ الليْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ وكان المار ببيوتهم في غسق الليل يسمع دويًا كدوي النحل من تلاوتهم للقرآن ومن بكائهم وكثرة تدبرهم لمعانيه وتأثرهم به.
لقد كان لهم مع القرآن الكريم أحوال عجيبة ومواقف جليلة تدل على تعظيمهم للقرآن وعنايتهم به وتعلقهم وارتباطهم به، فهيا بنا أخي الحبيب لنقف على بعض أحوال القوم مع كلام الله، لعل ذلك يشحذ هممنا نحو القرآن، ويزيد من اهتمامنا به فتقبل عليه تلاوة وحفظًا ومدارسة.
(أ) همة السلف في تعلم القرآن الكريم:
حرص السلف رضوان الله عليهم على حفظ القرآن وتعلمه، وتسابقوا على دراسته، فهذا عمرو ابن سلمة رضي الله عنه وهو من صغار الصحابة كان يتلقى الركبان ويسألهم ويستقرئهم حتى فاق قومه أجمع وأهله ذلك لإمامتهم يقول رضي الله عنه: «كنا على حاضر فكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدنوا منهم فأسمع حتى حفظت قرآنا..».
وهذا زيد بن ثابت: شيخ المقرئين وكاتب الوحي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدمه المدينة فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام بني النجار، و قد قرأ مما أنزل عليك سبع عشرة سورة، فقرأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعجبه ذلك.
ولو نظرنا إلى حياة السلف: لوجدنا أن معظم علمائهم قد حفظوا القرآن قبل تجاوز العاشرة، ومنهم من حفظه في فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وهذا يدل على شدة حرصهم على تعلمه وحفظه برغم ضعف الإمكانات وقلة الوسائل.
(ب) تدبر السلف للقرآن الكريم:
أخذ السلف رضوان الله عليهم آيات القرآن الكريم بحس مرهف، وكان لهم مع كل آية شأن لأنهم أدركوا أن القرآن ليس ألفاظًا تُقرأ أو تُسمع فحسب، وإنما هي معان تخالط شغاف القلوب فتنعم بها، ونزلت الآيات على قلوبهم التي أحياها الإيمان فأنبتت فهمًا وتدبرًا وخشية فرقت وأقبلت على ربها فحيت بالقرآن وعاشت في معانيه، يقول وهيب بن الورد: نظرنا في الأحاديث و المواعظ فلم نجد شيئًا أرق للقلوب، ولا أشد استجلابًا للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره.
وهذا الحسن البصري: رحمه الله يدعوك لتدبر القرآن، فليس بعد القرآن واعظ، يقول: يا ابن آدم، والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولن في الدنيا حزنك وليشتدن في الدنيا خوفك، وليكثرن في الدنيا بكاؤك.
وهذا عمرو بن مرة يقول: أكره أن أمر بمثل في القرآن فلا أعرفه؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾.
(ج) تأثر السلف بالقرآن عند سماعه أو تلاوته:
فمنهم من كانت تسيل الدموع من عينيه سيلاً غزيرًا، ومنهم من كان يُصعق ويُغشى عليه، ومنهم من كان يفيض الدمع من مآقيه فيقشعر جلده ويلين قلبه ويرتجف، ومنهم من كان يخر ميتًا.
لقد استجاب السلف لنداء الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ فكانوا كما وصفهم ربهم عز وجل: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ وهذه بعض أحوالهم.
كان عمر رضي الله عنه يمر بالآية في ورده فتخنقه فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته حتى يُعاد يحسبونه مريضًا.
وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ...﴾ يبكي حتى يغلبه البكاء.
وقال علي بن المديني رحمه الله: كنا عند يحيى بن سعيد القطان فقرأ رجل سورة الدخان، فصعق يحيى وغُشي عليه.
وقال أبو بكر بن عياش: صليت خلف فضيل بن عياض، وابنه علي إلى جانبي فقرأ: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ فلما قال: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ سقط علي على وجهه مغشيًا عليه.
وقال عون بن ذكوان: صلى بنا زرارة بن أوفي صلاة الصبح فقرأ ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ حتى إذا بلغ: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ خر ميتًا، وكنت فيمن حمله إلى داره.
(د) تخريب السلف للقرآن:
علم السلف أن قراءة القرآن من أفضل العبادات وأعظم القُربات، وأجل الطاعات، فحرصوا عليها وأكثروا منها، ووضعوا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ﴿ألم﴾ حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»([15]). نصب أعينهم، وتفاوت هممهم في ختم القرآن، وها هي بعض أخبارهم في هذا نسوقها علّها تكون حافزا للهمم على الإكثار من تلاوته.
كان عروة بن الزبير: يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف نظرًا ويقوم به الليل.
قال أبي بن كعب: إنا لنقرؤه يعني القرآن في ثمان ليال.
وكان تميم الداري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختم القرآن في سبع.
وكان قتادة: يختم القرآن في سبع، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة.
حالنا مع القرآن
أخي الحبيب: بعد أن وقفنا على بعض أحوال سلفنا الصالح مع القرآن الكريم، نقف مع حالنا في هذه الأيام مع كتاب الله تعالى؛ لنرى الفرق بيننا وبينهم، فكم من الناس من هجروا القرآن بالكلية، لا يقرءون منه شيئًا ولا يستمعون إليه، وكأنهم لا علاقة لهم بالقرآن ولا صلة بينهم وبينه، في الوقت الذي نراهم يضيعون أوقاتهم في مطالعة الصحف والمجلات ومشاهدة البرامج والمسلسلات، وسماع الأغاني والملهيات، ولا تجد لكتاب الله من أوقاتهم نصيبًا، ولا لروعة خطابه منهم مجيبًا.
وكم من الناس: من لا يُسمع في بيوتهم ومراكبهم إلا الغناء والموسيقى والعياذ بالله.
ومنهم: من لا يعرف القرآن إلا في رمضان أو عند نزول الشدائد وحدوث المصائب والكوارث، ومنهم من لا يقرؤه إلا في الصلاة.
ومنهم: من إذا قرءوا القرآن لم يحسنوا النطق بألفاظه، ولم يتدبروا معانيه ويفهموا مراده، فتراهم يمرون على الآيات التي طالما بكى منها الباكون، وخشع لها الخاشعون، والتي لو أنزلت على جبل ﴿لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ﴾ فلا ترق قلوبهم، ولا تخشع نفوسهم، ولا تدمع عيونهم وصدق الله إذ يقول ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ [البقرة: 74].
ومنهم من ألهتهم التجارة والأموال والأولاد عن القرآن مع أن الله تعالى نهى المؤمنين عن ذلك فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المنافقون: 9] وامتدح عبادة المؤمنين بأنهم ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ﴾ [النور: 37].
ومنهم من جعلوا القرآن أمرًا ثانويًا تفتتح به الحفلات والمناسبات، ويتلى في المآتم، ومنهم من يقرأ القرآن ليرائي به أو ليبتغي به عرضًا من أعراض الدنيا الفانية، فاتخذوا القرآن مهنة لهم يقرءونه على الأموات وفي الحفلات والمناسبات من أجل الحصول على الأموال، وتحقق فيهم ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -: «علموا القرآن وسلوا الله به الجنة قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأه لله»([16]).
وكثير من الناس: يقرءون القرآن ولكن لا تجد له تأثيرًا في سلوكهم وأخلاقهم ومعاملاتهم حتى إنك ترى بعض هؤلاء في أخلاقهم سوء، وفي معاملاتهم غلظة وبشاعة، ومنهم من يقرأ دون تدبر أو فهم ودون عمل بما يدعو إليه.
وهناك من الناس والعياذ بالله من يكذب ببعض القرآن، ويصد عنه، أو يصف بعض أحكامه بأنها لا تتلاءم مع العصر الذي نعيش فيه، وهذا أعظم الهجران، بل هو كفر مخرج من الملة.
فأي هجران بعد هذا الهجران؟ وأي خسران أعظم من هذا الخسران؟!
أخي الحبيب: إن الفارق بين حالنا وحال السلف مع القرآن الكريم كبير، والبون بيننا وبينهم شاسع، ولهذا صار القرآن حجة لهم وأصبح حجة علينا، وتحققت فينا شكوى النبي - صلى الله عليه وسلم -:﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَب إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: 30].
من صور هجر القرآن
يقول ابن القيم رحمه الله: وهجر القرآن أنواع:
أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
والثاني: هجر العمل به، والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به.
وكل هذا داخل في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَب إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
من آثار هجر القرآن
صور القرآن الكريم: نتيجة إعراض الناس عن كتاب الله وهجرهم له فقال الله عز وجل: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ [طه: 124-126] فما يحدث للناس اليوم من مصائب وفتن وزلازل ومحن، وما يعيشون فيه من المعيشة الضنك والحياة الضيقة الشاقة، وما يعانون من الهموم والغموم والآلام وظلمة القلوب، وفساد الفطر، وكدر الأفهام، ومحق العقول، كل هذا وغيره بسبب بُعدهم عن كتاب ربهم، وهجرهم له، وإعراضهم عن هديه والتمسك به.
وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 36، 37] يخبر ربنا في هذه الآية أن من ابتلاه بقرين من الشياطين فأضله عن الهدي إنما كان بسبب إعراضه وعشوه عن ذكره الذي أنزله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فكان عقوبة هذا الإعراض أن قيض له شيطانًا يقارنه فيصده عن سبيل ربه وطريق فلاحه وهو يحسب أنه مهتد، حتى إذا وافى ربه يوم القيامة مع قرينه وعاين هلاكه وإفلاسه قال: ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ [الزخرف: 38].
يقول - صلى الله عليه وسلم -: «القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار»([17]).
ويقول: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب»([18]).
شروط الانتفاع بالقرآن الكريم
يقول ابن القيم رحمه الله: «إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: 37]» وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفًا على مؤثر مقتض ومحل قابل وشرط لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظه وأبينه وأدله على المراد:
فقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى﴾ إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا، وهذا هو المؤثر.
وقوله: ﴿لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ فهذا هو المحل القابل والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله ما قال تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا﴾ [يس: 69، 70]. أي: حي القلب.
وقوله: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ﴾ أي: وجه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يُقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام.
وقوله: ﴿وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ أي شاهد القلب حاضر غير غائب.
قال ابن قتيبة: استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثر، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يُقال له والنظر فيه وتأمله.
فإذا حصل المؤثر وهو القرآن والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر: حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر.
أخي الحبيب: لو جاءك خطاب من ملك من ملوك الدنيا أو عظيم من عظمائها يأمرك فيه وينهاك، لم يستقر لك قرار، ولم يهدأ لك بال حتى تقرأه وتفهمه وتنفذ ما فيه، فكيف بكلام الله ملك الملوك، ورب الأرباب، وقيوم السموات والأرضين، الذي تضمن أسباب سعادتك وشقائك، وخيرك وشرك وهدايتك وضلالك الذي لو نزل على الأرض لقطعها أو على الجبال لصدعها كيف لا تهتم به وتحرص على قراءته وفهم معانيه وتدبره والانتفاع به؟!
واعلم: أنه لا شيء أنفع لقلبك من قراءة كتاب ربك بالتدبر والتفكر، فهو الذي يورثك المحبة والخوف والرجاء والإنابة، والتوكل والرضا والتفويض، والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة قلبك وكماله وصلاحه، ولهذا يقول ابن مسعود رضي الله عنه: «لا تهذوا القرآن هذّا الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، لا يكن هم أحدكم آخر السورة».
وصايا لحملة كتاب الله تعالى:
(1) اعلم أنك حامل راية الإسلام لذا عليك أن تكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن تصون نفسك عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالاً للقرآن وألا تكون جافيًا ولا غافلاً ولا صخابًا ولا صياحًا.
يقول ابن مسعود رضي الله عنه: ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخوضون،وبخشوعه إذا الناس يختالون..
ويقول القاضي عياض رحمه الله: «حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلغو مع من يلغو، ولا يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، وينبغي لحامل القرآن ألا يكون له إلى الخلق حاجة، وأن كون حوائج الخلق إليه..».
(2) إياك أن يقف همك عند مجرد إقامة حروف القرآن، والاعتناء بتطبيق أحكام التجويد دون العمل بالقرآن وتدبر أحكامه، فإن العمل به هو الثمرة الحقيقية والمرجوة من تلاوته وقراءه، وهو الغاية والنتيجة المفترضة بعد تحسين الصوت به وتطبيق أحكام التجويد، وإلا أصبح القرآن حجة عليك.
واعلم أخي الحبيب: أن القرآن لا ينفع صاحبه إلا إذا عمل به وطبقه على نفسه ثم على أصحابه وجيرانه، وإلا سيكون بئس حامل القرآن إذا ناقض فعله ما حفظ في صدره.
ولذلك بشر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذين يقرءون القرآن ويعملون به بالبشرة الحسنة يوم القيامة فقال - صلى الله عليه وسلم -: «يؤتي بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنها غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرف، أو كأنهما حزقان من طير صواف حاجّان عن صاحبهما»([19]).
(3) احذر يا حامل القرآن وقارءه من التكلف المذموم والتشدق والتنطع في القراءة فإن هذا يصرف همتك إلى مراعاة الحروف، ويشغلك عن تدبر معاني كتاب الله تعالى، ويصرفك عن الخشوع في التلاوة لله وحده.
(4) احذر من العجب بالنفس: حيث يأتيك الشيطان فيقول لك: قد أتممت حفظ القرآن، فأنت خير من فلان وفلان، وأنت من أهل الله وخاصته، وأنت أولى بالإمامة من زيد، وبالإمارة من عمرو.. وهذا والعياذ بالله آفة الآفات ومصيبة المصائب نسأل الله العافية.
(5) ينبغي لحامل القرآن أن يتعلم أحكام القرآن: فيفهم عن الله عز وجل مراده، وما فُرض عليه، فينتفع بما يقرأ، ويعمل بما يتلو، فما أقبح لحامل القرآن أن يتلو فرائضه وأحكامه ولا يفهم ما يتلو، فكيف يعمل بما لا يعلم معناه؟! وما أقبح أن يُسأل عن فقه ما يتلوه ولا يدر به، فما مثل من هذه حاله إلا كمثل الحمار الذي يحمل أسفارًا.
أحكام وتنبيهات يحتاجها قارئ القرآن
حكم تفسير القرآن بالرأي (بدون علم)
يجب أن يُصان القرآن الكريم عن أن يُفسر بغير علم قال - صلى الله عليه وسلم -: «من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم؛ فليتبوأ مقعده من النار» قال الترمذي: هذا حديث حسن. فالقرآن يجب أن يُفسر بالقرآن أو بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أو بأقوال الصحابة أو بأقوال التابعين، أو بما تقتضيه لغة العرب التي نزل بها، هكذا على الترتيب المذكور.
أما تفسير القرآن بالرأي فحرام وعليه وعيد شديد، وهو من القول على الله بلا علم. ومن ذلك تفسيره بالنظريات الحديثة التي هي في الغالب من تخرصات الجهال، وهي تتناقض وتتغير ويكذب بعضها بعضًا؛ فلا يجوز أن تُجعل تفسيرًا لكتاب الله عز وجل كما يفعله بعض الجهال اليوم فيما يسمونه بالإعجاز العلمي. فإن هذا الأمر جد خطير، وهو من التلاعب بكتاب الله عز وجل، فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك والتحذير منه. ([20]).
حكم المراء والجدال في القرآن:
يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المراء في القرآن كفر» ([21]).
قال الخطابي: المراد بالمراء الشك، وقيل: الجدال المشكك فيه، وقيل: الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوه ([22]).
وقال أبو العالية: آيتان ما أشدهما على من يجادل في القرآن قوله تعالى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [غافر: 4] وقوله: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ [البقرة: 176].
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع قومًا يتمارون في القرآن فقال: «إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب» ([23]).
حكم استعمال آيات القرآن في المزاج:
لا يجوز استعمال آيات القرآن في المزاج على أنها آيات من القرآن. أما إذا كانت هناك كلمات دارجة على اللسان لا يقصد بها حكاية آية من القرآن أو جملة منه فيجوز ([24]).
حكم دخول الحمام بالقرآن:
لا يجوز أن يدخل الشخص الحمام ومعه مصحف، بل يجعل المصحف في مكان لائق به تعظيمًا لكتاب الله واحترامًا له، لكن إذا اضطر إلى الدخول به خوفًا من أن يُسرق إذا تركه خارجًا جاز له الدخول به للضرورة([25]).
حكم قراءة القرآن للجُنب:
أجمع جمهور العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن وهو جنب ولو عن ظهر قلب دون أن يمس المصحف؛ لما رواه أحمد وأصحاب السنن عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة فإن لم يجد الماء أو عجز عنه لمرض تيمم»([26]).
حكم قراءة القرآن لغير المتوضي:
يجوز للإنسان أن يقرأ القرآن على غير وضوء إذا كانت القراءة حفظًا عن ظهر قلب؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يحبسه عن القراءة إلا الجنابة، فكان يقرأ متوضًئا وغير متوضئ.
أما المصحف: فلا يجوز لمن عليه حدثٌ أن يمسه، لا الحدث الأصغر ولا الحدث الأكبر قال الله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79] أي المطهرون من الأحداث والأنجاس ومن الشرك. وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب الذي كتبه إلى عمرو بن حزم قال: «لا يمس المصحف إلا طاهر».
هذا باتفاق الأئمة: أنه لا يجوز للمحدث حدث أصغر أو أكبر أن يمس المصحف إلا من وراء حائل، كأن يكون المصحف في صندوق أو كيس أو يمسه من وراء ثوب أو من وراء كمه([27]).
حكم حمل المصحف إلى بلاد الكفر:
حمل المصحف القرآن إلى بلاد الكفار من المسائل التي اختلف الفقهاء في حكمها فقال جماعة منهم بجواز حمله إلى بلادهم وقال آخرون بمنع ذلك؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن السفر به إلى بلادهم خشية أن يمتهنوه أو يحرفوه أو يشبهوا على المسلمين فيه.
روي مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن يناله العدو».
وقال آخرون: ويجوز حمله إلى بلادهم للبلاغ وإقامة الحُجة عليهم وللتحفظ والتفهم لأحكامه عند الحاجة إذا كان للمسلمين قوة أو سلطان، أو ما يقوم مقامهما من العهود والمواثيق ونحوه ذلك مما يكفل حفظه ويُرجى معه التمكن من الانتفاع به في البلاغ والحفظ والدراسة، ويؤيد ذلك ما ورد في آخر حديث النهي عن السفر به إلى بلادهم من التعليل.
وهذا الأخير هو الأرجح: لحصول المصلحة مع انتفاء المفسدة التي خشيها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ([28]).
حكم لف المتاع في أوراق بها آيات قرآنية أو أحاديث نبوية:
لا يجوز أن يضع المسلم متاعه أو حاجته في أوراق كتب فيها سور أو آيات من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية، ولا أن يلقي ما كُتب فيه ذلك في الشوارع والحارات والأماكن القذرة؛ لما في ذلك من الامتهان وانتهاك حرمة القرآن والأحاديث النبوية وذكر الله، ودعوى أنه لا يجد غير هذا الورق دعوى يكذبها الواقع، فإن وسائل صيانة المتاع كثيرة، وفيها غنية عن استعمال ما كتب فيه القرآن والأحاديث النبوية أو ذكر الله، وإنما هو الكسل وضعف الدين ([29]).
حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن:
لا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء القرآن على الصحيح؛ لأنه لم يرد نص صحيح صريح يمنع الحائض والنفساء من قراءة القرآن، إنما ورد في الجُنب خاصة بأن لا يقرأ القرآن وهو جنبٌ لحديث علي رضي الله عنه وأرضاه، أما الحائض والنفساء فورد فيهما حديث ابن عمر: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن» ولكنه ضعيف؛ لأن الحديث من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وهو ضعيف في روايته عنهم؛ ولكنها تقرأ بدون مس المصحف عن ظهر قلب. أما الجنب فلا يجوز له أن يقرأ القرآن لا عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى يغتسل.
والفرق بينهما: أن الجنب وقته يسير، وفي إمكانه أن يغتسل في الحال من حين يفرغ من إتيان أهله، فمدته لا تطول، والأمر في يده متى شاء اغتسل، وإن عجز عن الماء تيمم وصلى وقرأ أما الحائض والنفساء فليس بيدها وإنما هو بيد الله عز وجل، والحيض يحتاج إلى أيام والنفاس كذلك، ولهذا أبيح لهما قراءة القرآن لئلا تنسياه؛ ولئلا يفوتهما فضل القرآن وتعلم الأحكام الشرعية من كتاب الله.. هذا هو الصواب،وهو أصح قولي العلماء رحمهم الله في ذلك ([30]).
أهم المراجع
1- الفوائد لابن القيم.
2- التبيان في آداب حملة القرآن للنووي.
3- حفظ القرآن الكريم لمحمد الدويش.
4- مع القرآن وحملته في حياة السلف، لعبيد الشعبي.
5- (70) فتوى في احترام القرآن.
6- حالنا مع القرآن لعبد الكريم العلي.
7- رسالة التلاوة، لمحمد الحسيني.
8- حق القرآن الكريم على الناس؛ ليوسف بديوي. ومراجع أخرى كثيرة.
([1]) رواه ابن ماجه وصحح الألباني.
([2]) رواه مسلم.
([3]) رواه البخاري.
([4]) رواه مسلم.
([5]) رواه مسلم.
([6]) رواه أبوداود وحسنه الألباني.
([7]) رواه مسلم.
([8]) رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني.
([9]) رواه البخاري.
([10]) رواهما مسلم.
([11]) رواه أبو داود وصححه الألباني.
([12]) رواه أبو داود وصححه الألباني.
([13]) كلاهما متفق عليه.
([14]) رواه مسلم.
([15]) رواه الترمذي.
([16]) رواه الحاكم وصححه الألباني.
([17]) رواه ابن حبان والبيهقي وصححه الألباني.
([18]) رواه الترمذي.
([19]) رواه مسلم.
([20]) الشيخ الفوزان.
([21]) رواه أبو داود وصححه الألباني.
([22]) الإمام النووي.
([23]) رواه مسلم.
([24]) اللجنة الدائمة.
([25]) اللجنة الدائمة.
([26]) اللجنة الدائمة.
([27]) الشيخ الفوزان.
([28]) اللجنة الدائمة.
([29]) اللجنة الدائمة.
([30]) الشيخ ابن باز رحمه الله