×
قال المؤلف: إن الاشتغال بمعرفة أسماء الله وصفاته هو اشتغال بأعلى المطالب، وتحقيقه للعبد يعد من أشرف المواهب، كيف لا وهو اشتغال بمعرفة الله سبحانه وتعالى، والاشتغال بذلك هو انقياد لما خلق له العبد؟ فإن \”مفتاح دعوة الرسل، وزبدة رسالتهم: معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله، إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها، من أولها إل آخرها\”. وإن من صفات الله تعالى الثابتة له ـ سبحانه ـ في عدد من الأحاديث الصحيحة: صفة الغيرة، وقد لفت انتباهي قلة الحديث عنها، والاستدلال لها، وبيان معناها، ومنهج السلف في ذلك، حتى في الكتب المؤلفة في أسماء الله وصفاته يندر الحديث عن هذه الصفة العظيمة. ولهذا عقدت العزم على جمع مادة علمية تعنى بصفة الغيرة لله جلا وعلا.

 صفة الغيرة لله تعالى دراسة في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة

محمد بن عبد العزيز بن أحمد العلي

بسم الله الرحمن الرحيم

 المقدمة

الحمد لله، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولمن يكن له كفواً أحد، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فإن الاشتغال بمعرفة أسماء الله وصفاته هو اشتغال بأعلى المطالب، وتحقيقه للعبد يعد من أشرف المواهب، كيف لا وهو اشتغال بمعرفة الله سبحانه وتعالى، والاشتغال بذلك هو انقياد لما خلق له العبد؟ فإن "مفتاح دعوة الرسل، وزبدة رسالتهم: معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله، إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها، من أولها إل آخرها" ([1]).

وإن من صفات الله تعالى الثابتة له ـ سبحانه ـ في عدد من الأحاديث الصحيحة: صفة الغيرة، وقد لفت انتباهي قلة الحديث عنها، والاستدلال لها، وبيان معناها، ومنهج السلف في ذلك، حتى في الكتب المؤلفة في أسماء الله وصفاته يندر الحديث عن هذه الصفة العظيمة.

ولهذا عقدت العزم على جمع مادة علمية تعنى بصفة الغيرة لله جلا وعلا.

ومما تجدر الإشارة إليه أني هدفت إلى تأصيل هذه المسألة، والاستدلال لها، وتقريرها، أما موقف المخالفين والرد عليهم، فمع أهميته، فقد أجملت الحديث فيه، لاسيما موقف المعطلة، لأنه يدور حول نفي هذه الصفة والقول بأنها مجار، ودرست موقف الصوفية، لكثر لغطهم وغلطهم فيها.

وسبب إجمالي في ذكر المخالفين: أني رأيت أن هذا هو المناسب في بحث مختصر أزمع نشره ليكون في متناول الأيدي، فتقرير الصفة والاستدلال لها، أولى وآكد من طرح شبه القوم والخوض فيها.

وقد اخترت أن يكون عنوان هذا البحث: "صفة الغيرة لله تعالى دراسة في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة".

هذا وقد قسمت الموضوع إلى: مقدمة، وتمهيد، وأربعة مباحث، وخاتمة.

فالمقدمة: تحدثت فيها عن أهمية الموضوع، وأسباب اختياره إجمالاً، وخطة إعداده.

والتمهيد: ذكرت فيه مذهب السلف في صفات الله تعالى، إجمالاً.

أما المبحث الأول: فأكتب فيه تعريف الغيرة لغة واصطلاحاً.

وأما المبحث الثاني: فأذكر فيه أدلة ثبوت صفة الغير لله تعالى، وأقوال بعض أهل العلم في ذلك، وفيه مطلبان.

المطلب الأول: أدلة ثوت صفة الغير لله تعالى.

 المطلب الثاني: أقوال بعض أهل العلم في تقرير صفة الغيرة.

وأما المبحث الثالث: فأكتب فيه أنواع الغيرة وأقسام الناس فيها، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: أنواع الغيرة.

المطلب الثاني: أقسام الناس في الغيرة.

وأما المبحث الرابع: فأذكر فيه مواقف المخالفين في الغيرة، إجمالاً، ونقدها وفيه مطلبان.

المطلب الأول: موقف المعطلة، ونقده.

المطلب الثاني: موقف الصوفية، ونقده.

وأما الخاتمة. فأكتب فيها خلاصة البحث وأهم نتائجه.

ثم أذكر قائمة بأهم المصادر والمراجع التي أفدت منها.

           أسأل الله إخلاص النية وصلاح العمل.


التمهيد

 مذهب السلف في صفات الله تعالى

السلف الصالح ملتزمون بمصدري التلقي: كتاب الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وبخاصة في باب أسماء الله وصفاته، لأنه لا أحد أعلم بالله جل وعلا من نفسه تعالى، رسوله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق بربه.

ولذا قام مذهب السلف في صفات الله تعالى على قواعد عظيمة، أهمها ما يلي:

1- أن صفات الله عز وجل توقيفية، فلا يثبت منها إلا ما أثبته الله تعالى لنفسه، أو ما أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ينفى عن الله عز وجل إلا ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكل صفة ثبتت بالنقل الصحيح وافقت العقل الصريح ولابد.

والألفاظ التي لم يرد فيها إثبات ولا نفي في الكتاب والسنة يتوقف فيها، وأما معانيها فيستفصل عنها، فإن أريد بها معنى باطلاً وجب تنزيه الله عنها، وردها لفظاً ومعنى، وإن أريد بها معنى حقاً قبل المعنى، ولكن يعبر عنه بالألفاظ الشرعية بدل الألفاظ المجملة([2]).

2- أن صفات الله تعالى الثابتة له في الكتاب والسنة يؤمن بها من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

وكذلك نفي الصفات المنفية عنه سبحانه في الكتاب والسنة، تنفى عن الله تعالى، ويؤمن بتنزيه الله عنها، مع اعتقاد ثبوت كمال ضدها لله تعالى ([3]).

3- أن صفات الله تعالى معلومة الألفاظ والمعاني، مجهولة الكيفيات، فكل صفة ثابتة في الكتاب والسنة يؤمن بلفظها الثابت، وبمعناها كما يعرف في لغة العرب، مع قطع الطمع عن إدراك حقيقة الكيفية ([4]).

4- أن صفات الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة جاءت مفصلة، مثل: السمع والبصر، والغيرة، ونحو ذلك، أما نفي النقص عن الله تعالى فجاء مجملاً ([5] قال تعالى: }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{ [الشورى: 11].

5- صفات الله تعالى كلها كمال، لا نص فيها بوجه من الوجوه ([6]).

6- أن دلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة تكون:

- إما بالتصريح بها، مثل: الوجه، واليدين، والرحمة.

- أو تضمن الاسم لها، مثل: البصير متضمن إثبات البصر، والسميع متضمن إثبات السمع.

- أو التصريح بفعل أو وصف دال عليها، مثل: }الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى{ [طه: 5] دال على إثبات صفة الاستواء، وهكذا ([7]).

7- أن الكلام في الصفات كالكلام في الذات، فكما أن الله تعالى له ذات لا تماثل الذوات، فكذلك له صفات لا تماثل الصفات، وكما أن إثبات الذات إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات ([8]).

وأيضاً فإن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، فمن آمن ببعض صفات الله كالسمع والبصر والقدرة، مثلاً، وجب عليه الإيمان ببقية صفات الله الثابتة له، كالمحبة والرضا والغضب والغيرة، ونحو ذلك ([9])، "ومن فرق بين صفة وصفة، مع تساويها في أسباب الحقيقة والمجاز، كان متناقضاً في قوله، متهافتاً في مذهبه، مشابهاً لمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض"([10]).

8- أن صفات الله تعالى نوعان:

- صفات ذاتية، متعلقة بذات الله تعالى لا تنفك عنه بحال، مثل الوجه واليدين والأصابع، ونحو ذلك.

- وصفات فعلية، متعلقة بأفعال الله وإرادته ومشيئته، كالنزول والاستواء، ونحو ذلك من صفات الله الفعلية التي لا منتهى لها ([11]).

هذه هي أهم معالم وقواعد مذهب السلف في إيمانهم بصفات الله عز وجل، أسأل الله تعالى أن يهدينا إلى صحة المعتقد، وسلامة المنهج، واستقامة العمل على أمره.

المبحث الأول

 تعريف الغيرة

الغيرة: مصدر من الفعل غار، تقول غار الرجل على أهله، وغار الرجل على امرأته، والمرأة تغار على زوجها غيرة وغيْرا وغاراً وغِياراً.

ويقال: امرأة غيور، ورجل غيور، هو فعول من الغيرة، وهي: الحمية والأنفة. والمغيار: الشديد الغيرة ([12]).

وهذه الحمية والأنفة مبنية على الإصلاح والمنفعة، وهي أصل معنى كلمة (غير)، يقول ابن فارس (ت 385هـ): "غير: الغين والراء والياء أصلان صحيحان، يدل أحدهما على صلاح وإصلاح ومنفعة، والآخر على اختلاف شيئين.

فالأول الغيرة، وهي الميرة، بها صلاح العيال، يقال: غرت أهلي غيرة وغيارا، أي مِرْتُهم، وغارهم الله تعالى بالغيث يغيرهم ويغورهم: أي أصلح شأنهم ونفعهم، ويقال: ما يغيرك كذا، أي ما ينفعك، ومن هذا الباب الغيرة: غيرة الرجل على أهله، تقول: غرت على أهلي غيرة، وهذا عندنا من الباب، لأنها صلاح ومنفعة" ([13]).

وقال النووي (ت 676هـ): "قال العلماء: الغيرة بفتح الغين، وأصلها المنع، والرجل غيور على أهله، أي منعهم من التعلق بأجنبي، بنظر أو بحديث، أو غيره"([14])، ولا شك أن الغاية من هذا المنع المنفعة والمصلحة للمانع والممنوع.

ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ): أن "الغيرة إما من تغير الغائر، وإما من مزاحمة الغير"([15]).

وقال ابن حجر (ت 852هـ): "الغيرة، بفتح الغين المعجمة، وهي في اللغة تغير يحصل من الحمية والأنفة، وأصلها في الزوجين والأهلين"([16]).

وقال ابن القيم (ت 756هـ): "والغيرة، نوعان: غيرة من الشيء، وغيرة على الشيء، والغيرة من الشيء هي: كراهة مزاحمته ومشاركته لك في محبوبك.

والغيرة على الشيء هي: شدة حرصك على المحبوب أن يفوز به غيرك دونك، أو يشاركك في الفوز به" ([17])، بل قد توسع المتأخرون في اصطلاح الغيرة، حتى أدخلوا فيه أموراً كثيرة، لعل من أشهرها: الغيرة المتضمنة للمنافسة والحسد، مثل أن يغار أحدهم إذا رأى أحداً سبقه إلى الحق، أو نال منه نصيباً وافراً، ونحو ذلك ([18]).

هذا هو تعريف الغيرة في أصل اللغة، وفي اصطلاح بعض الناس، بناء على ما فهمه من أصل الكلمة.

أما الغيرة في الاصطلاح الشرعي فهي: الحمية والأنفة الناهية عن انتهاك محارم الله وإتيان الفواحش، وصيانة الأمة ودينها من ذلك، وهي الغيرة في ريبة ([19]).

وهناك غيرة خاصة بالعبد، وهي حميته وأنفته ومنعه من مشاركة الغير في أهله ([20]).

وسيأتي بعد ذلك ذكر معنى صفة الغيرة التي هي إحدى صفات الله تعالى.


المبحث الثاني

 أدلة ثبوت صفة الغيرة لله تعالى وأقوال العلماء في ذلك

المطلب الأول: أدلة ثبوت صفة الغيرة لله تعالى:

الغيرة صفة من الصفات الفعلية الثابتة لله تعالى، تليق بجلاله وعظمته، نؤمن بها لفظاً ومعنى، وأنها لا تشبه صفة الغيرة للمخلوقين من أي وجه من الوجوه.

وقد دل على ثبوتها أحاديث صحيحة صريحة من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك ما يلي:

1- عقد البخاري في صحيحه باباً بعنوان: "باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا شخص أغير من الله»، ثم ساق بسنده حديثاً إلى سعد بن عبادة أنه قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ([21])، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين، ولا أحد أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة»([22]).

قال عبد الله الغنيمان: "ومقصد البخاري أن هذين الاسمين (الشخص والغيرة) يطلقان على الله تعالى وصفاً له، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أثبتهما لله، وهو أعلم الخلق بالله تعالى"([23]).

2- وعقد البخاري أيضاً في صحيحه في كتاب آخر باباً هكذا: "باب الغيرة، وقال وراد عن المغيرة، قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني»([24])! ثم ساق تحت هذا الباب أحاديث، غير السابق، منها:

3- ما أخرجه بسنده عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش، وما أحد أحب إليه المدح من الله»، وفي لفظ: «ما أحد أغير من الله، ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن...»([25]).

4- وما أخرجه بسنده عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أمة محمد، ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً»([26]).

5- وما أخرجه بسنده عن أبي سلمة أن عروة بن الزبير حدثه عن أمه أسماء ـ رضي الله عنها ـ أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا شيء أغير من الله»([27]).

6- وما أخرجه بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله»([28]).

7- عقد الإمام مسلم (ت 261هـ) باباً في صحيحه بعنوان: "باب غيرة الله تعالى، وتحريم الفواحش"، وساق تحته ثلاثة أحاديث، هي: حديثا عبد الله بن مسعود، وأسماء بنت أبي بكر، سابقا الذكر، بألفاظ مقاربة لما أخرجه البخاري ([29])، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال سعد بن عبادة: يا رسول الله! لو وجدت مع أهلي رجلاً لم أمسه حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم»، قال: كلا والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسمعوا إلى ما يقول سيدكم، إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني»([30]).

وذكر ابن القيم أن الغيرة منزلة من منازل }إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ{ [الفاتحة: 5]، ثم استدل عليها بآيتين من القرآن الكريم، ذكر الأولى، وهي قوله تعالى: }قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ{ [الأعراف: 33]، وأتبع هذه الآية بذكر ثلاثة أحاديث صحيحة في إثبات صفة الغيرة.

ثم ذكر الآية الثانية فقال: }وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا{ [الإسراء: 45]([31])، ووجه ذلك أن الله تعالى لم يجعل الكفار أهلاً لفهم كلامه، ولا أهلاً لمعرفته وتوحيده ومحبته، فجعل بينهم وبين رسوله وكلامه وتوحيده حجاباً مستوراً، غيرة عليه أن يناله من ليس أهلاً له ([32]).

وابن كثير (ت 774هـ) ـ رحمه الله ـ ذكر الآية السابقة من سورة الأعراف، واستدل عليها بحديث عبد الله بن مسعود، الذي فيه صفة الغيرة، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا أحد أغير من الله، فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدحة من الله...»([33])، كما أنه رحمه الله ذكر هذا الحديث، وحديث قصة سعد بن عبادة، وحديث أبي هريرة، هذه الأحاديث الثلاثة في الغيرة ذكرها عند تفسيره لقوله تعالى: }وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ{ [الأنعام: 151]([34]).

وقبله البغوي (ت 516هـ) ساق أحد أحاديث الغيرة عند تفسيره للآية السابقة من سورة الأعراف ([35]).

والآية الثانية، التي استدل بها ابن القيم ـ أعني آية الإسراء ـ استدل بها بعض أهل التصوف أيضاً على الغيرة ([36]).

وقد تعقب استدلالهم بها شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) ذاكراً أن الغيرة التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - هي: "غيرة على ما هو من أفعال العبد التي نهى عنها، وأما هذه الغيرة (التي استدلوا بالآية عليها) فهي غيرة على ما هو من فعل الرب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصف الله بأنه يغار على ما يقدر عليه من الأفعال"([37]).

المطلب الثاني: بعض أقوال أهل العلم في صفة الغيرة لله تعالى:

لم يختلف السلف، أهل السنة والجماعة، في ثبوت صفة الغيرة لله تعالى، والإيمان بها، مع تفويض كيفيتها، ومن أقوالهم في ذلك:

قال قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني (ت 535هـ) في بيانه لمذهب أهل السنة في صفات الله تعالى: "وجميع آيات الصفات التي في القرآن، والأخبار الصحاح في الصفات التي نقلها أهل الحديث، واجب على جميع المسلمين أن يؤمنوا بها، وسلموها، ويتركوا السؤال فيه وعنه، لأن السؤال في غوامضها بدعة... مثل: النفس، والبدن، والسمع، والبصر، والكلام... وغيرة الله تعالى، وفرحه بتوبة العبد، وغير ذلك مما صح عنه وثبت، فعلى العبد أن يؤمن بجميع ذلك، ولا يؤوله تأويل المخالفين، ولا يمثله تمثيل الممثلين، ولا يزيد فيه، ولا ينقص عنه، ولا يفسر منه إلا ما فسره السلف، ويمره على ما أمروا، ويقف حيث وقفوا، لا يقول: كيف، ولم؟ يقبل ما قبلوه، ولا يتصرف فيه تصرف المعتزلة والجهمية، هذا مذهب أهل السنة، وما وراء ذلك بدعة وفتنة، ثبتنا الله على الطريقة المستقيمة بمنه وفضله"([38]).

وقال أبو يعلى الفراء (ت 458هـ)، بعد أن ذكر حديثين في الغيرة: "اعلم أن الكلام في هذا الخبر في فصلين:

أحدهما: إطلاق صفة الغيرة عليه.

والثاني: في إطلاق الشخص.

أما الغيرة، فغير ممتنع إطلاقها عليه سبحانه، لأنه ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لأن الغيرة هي الكراهية للشيء وذلك جائز في صفاته، قال تعالى: }وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ{ [التوبة: 46]"([39]).

ولعل مراده رحمه الله أن مما تتضمنه الغيرة لشيء كراهته.

فالغيرة ليست هي البغض والكراهة، بل مما تتضمنه الغيرة البغض والكراهة، يقول ابن القيم (ت 751هـ): "وجمع - صلى الله عليه وسلم - في الحديث بين ما يحبه ويبغضه، فإنه قال فيه: «لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، وما أحد أحب إليه المدح من الله، من أجل ذلك مدح نفسه»، فإن الغيرة تتضمن البغض والكراهة، فأخبر أنه لا أحد أغير منه، وأن من غيرته حرم الفواحش، ولا أحد أحب إليه المدحة منه"([40]).

وبعد ذلك ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) حديث ابن مسعود في الغيرة: «ما أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، وما أحد أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه»، وفي رواية: «وليس أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل»([41] بعد أن ذكر هذا الحديث قال رحمه الله: "جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بين وصفه سبحانه بأكمل المحبة للممادح، وأكمل البغض للمحارم"([42]).

ثم قال - بعد أن ساق جملة من الأحاديث في الغيرة -: "فالغيرة المحبوبة هي ما وافقت غيرة الله تعالى، وهذه الغيرة هي أن تنتهك محارم الله، وهي أن تؤتى الفواحش الباطنة والظاهرة"([43]).

ثم قال ـ رحمه الله ـ مبيناً معنى "غيرة الله تعالى": "وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه، وغيرته أن يزنى عبده أو تزني أمته... الغيرة التي وصف الله بها نفسه إما خاصة: وهي أن يأتي المؤمن ما حرم عليه، وإما عامة: وهي غيرته من الفواحش، ما ظهر منها وما بطن"([44]).

والنصوص الدالة على ثبوت صفة الغيرة لله تعالى، تدل على أن معنى تلك الصفة لله جل وعلا: غيرته أن يأتي المؤمن ما حرم عليه، وغيرته أن يزني عبده أو تزني أمته، ومن غيرته أن حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وهذه الغيرة أخص من مطلق البغض والمقت والسخط ([45]).

ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) عن أبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي، مقرراً قوله بأن من صفات الله الثابتة له عز وجل: "الغيرة، الكراهة، والسخط"، هذا هو الشاهد: ذكره صفة الغيرة لله جل وعلا، وإلا فقد عدد صفات كثيرة ([46]).

ويقرر شيخ الإسلام صفة الغيرة لله تعالى في موضع آخر، فيقول: "يذم من لا غيرة له على الفواحش كالديوث، ويذم من لا حمية له يدفع بها الظلم عن المظلومين، ويمدح الذي له غيرة يدفع بها الفواحش، وحمية يدفع بها الظلم، ويعلم أن هذا أكمل من ذلك.

ولهذا وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - الرب بالأكملية في ذلك، فقال في الحديث الصحيح: «لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن»([47] وقال: «أتعجبون من غيرة سعد؟ أنا أغير منه، والله أغير مني»([48]).

هذا هو معنى غيرة الله تعالى، فإن قيل: هل يدخل كل ذنب في ما يغار الله منه، سواء أكان ترك واجب أو فعل محرم؟

فإنه يقال: "هذا المعنى حسن موافق للشريعة، فإن الله يبغض ذلك ويمقته، فيكون لفظ الغيرة مرادفاً للفظ البغض والمقت والسخط، لكن هو أعم مما يظهر في عرف الشارع، حيث جعل غيرته أن يأتي المؤمن ما حرم عليه، وجعل غيرته أن يزني عبده أو تزني أمته، ومن غيرته أن حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

وهذه الغيرة أخص من مطلق البغض، إلا أن يقال ترك للشريعة، وأما تسميته غيرة فهو أمر اصطلاحي، والنزاع فيه لفظي"([49]).

ومما يجب التنبيه عليه أن: "غيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق، بل هي صفة تليق بعظمته، مثل الغضب والرضا، ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها"([50]).

والضابط في ذلك أنه إذا صح الدليل من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وجب اعتقاده والعمل به والقول بموجبه، سواء أكان في مسائل الاعتقاد، أو في العبادات أو في المعاملات، وقد صح الدليل وثبت في وصف الله تعالى بأنه يغار، فوجب إثبات هذه الصفة لله تعالى.

يقول عبد العزيز بن باز في تعليقه على كلام لابن حجر: "المحال عليه سبحانه وتعالى وصفه بالغيرة المشابهة لغيرة المخلوق، وأما الغيرة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى فلا يستحيل وصفه بها، كما دل عليه هذا الحديث، وما جاء في معناه، فهو سبحانه يوصف بالغيرة عند أهل السنة على وجه لا يماثل فيه المخلوقين، ولا يعلم كنهها وكيفيتها إلا هو سبحانه، كالقول في الاستواء والنزول والرضا والغضب، وغير ذلك من صفاته سبحانه، والله أعلم"([51]).

وقد أحسن النووي (ت 676هـ) ـ رحمه الله ـ حين قال: "والغيرة صفة كمال"([52] إلا أنه أخطأ في تفسيره لمعنى غيرة الله تعالى حين قال: "أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن سعداً غيور، وأنه أغير منه، وأن الله أغير منه، وأنه من أجل ذلك حرم الفواحش، فهذا تفسير لمعنى غيرة الله تعالى: أي أنها منعه سبحانه وتعالى الناس من الفواحش"([53] وقال في موضع آخر: "غيرته منعه وتحريمه" ([54]).

فهذا تعريف ناقص، إذ "ليس هذا هو غيرة الله تعالى، ولكنه من مقتضى الغيرة، كما يوضحه قوله: "ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش"، فبين أن تحريم الفواحش، والمنع منها ليس هو الغيرة، وإنما هو من آثارها"([55]).

المبحث الثالث

 أنواع الغيرة وأقسام الناس فيها

المطلب الأول: أنواع الغيرة:

يذكر بعض أهل العلم أن الغيرة أنواع: غير محمودة، وغير مذمومة، وهناك نوع ثالث يأتي ذكره بعد النوعين.

أما النوع الأول: فهو الغيرة المحمودة، وهي ما وافقت غيرة الله تعالى، وهي أن يغار إذا انتهكت محارم الله، وإذا أوتيت الفواحش الباطنة والظاهرة.

ومن هذا النوع: غيرة العبد الخاصة، وهي أن يشركه الغير في أهله، فغيرته من فاحشة أهله ليست كغيرته من زنا الغير، لأن هذا يتعلق به، وذلك لا يتعلق به، إلا من وجهة بغضه لبغض الله له، ولهذا كانت الغيرة الواجبة عليه هي في غيرته على أهله، وأعظم ذلك امرأته، ثم أقاربه، ومن هو تحت طاعته، ولهذا كان له إذا زنت أن يلاعنها، لما يصيبه في ذلك من الضرر، بخلاف ما إذا زنا غير امرأته ([56]).

فالغيرة المحمودة، إذاً، ما جاءت بها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك الأحاديث التي سبق ذكرها في مبحث أدلة ثبوت صفة الغير لله تعالى.

ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من الغيرة ما يحبها الله، ومن الغيرة ما يكرهها، فالغيرة التي يحبها الله الغيرة في الريبة، والغيرة التي يكرها الله الغيرة في غير ريبة، وإن من الخيلاء ما يحبها الله، ومن الخيلاء ما يبغضها الله، فالخيلاء التي يحبها اختيال نفسه عند الحرب وعند الصدقة، والخيلاء التي يبغضها الله اختيال الرجل في البغي والفخر»([57]).

وجاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: «دخلت الجنة فرأيت امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله، فذكرت غيرتك» فقال عمر بن الخطاب: "يا رسول الله، بأبي وأمي، أو عليك أغار؟"([58]).

ومنها أيضاً حديث أسماء ـ رضي الله عنها ـ لما كانت تنقل النوى للزبير - رضي الله عنه -، قالت: فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من الأنصار، فدعاني، ثم قال: «إخ إخ»، ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان أغير الناس، فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني قد استحييت، فمضى، فجئت الزبير، فقلت: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب فاستحييت منه، وذكرت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلي أبي أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني"([59]).

من عموم الأحاديث سابقة الذكر في الغيرة نعلم أنه: (لا أحد أغير من الله) وأن: (غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه)، وهذا يعم جميع المحرمات، ونعلم أيضاً أنه: (من أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن)، وهذا تخصيص لغيرته من الفواحش، كما جاء في الحديث الآخر: «لا أحد أغير من الله، وأن يزني عبده أو تزني أمته»، فهذه الغيرة من الفواحش، وعامة ما يطلق من الغيرة، إنما هو من جنس الفواحش ([60]).

هذا هو النوع الأول من أنواع الغيرة، وهي الغيرة الشرعية الثابتة، وهي الغيرة المحمودة، وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه أغير من غيره من المؤمنين، وأن المؤمن يغار، والله يحب الغيرة، وذلك في الريبة.

"ومن لا يغار فهو ديوث"([61] وقد جاء في الحديث أن: «ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث»([62]).

وهذه الغيرة المحمودة، منها ما هو غيرة واجبة، ومنها ما هو غيرة مستحبة، "فالغيرة الواجبة ما يتضمنه النهي عن المخزي، والغيرة المستحبة ما أوجبت المستحب من الصيانة... فهذه الغيرة التي جاءت بها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه، وغيرته أن يزني عبده، أو تزني أمته، وغيرة المؤمن أن يفعل ذلك عموماً وخصوصاً في حقه، والغيرة التي يحبها الله الغيرة في ريبة"([63]).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإنه سبحانه أمر العباد ونهاهم، فعلى العبد أن يفعل ما أمره به من الغيرة وغيرها، فإذا كان قد أمره بأن يغار لمحارمه إذا انتهكت، وأن ينكر المنكر بما يقدر عليه، من يده ولسانه وقلبه، فلم يفعل، فإنما هو فاسق عن أمر ربه، وفي الجملة فالغيرة المحمودة: إما ترك ما نهى الله عنه، أو ترك ما لم يأمر الله به، ولا أوجبه، ومن لم يكن فيه أحد الحالين، فهو ممن فسق عن أمر ربه، والثانية حال الكمال الصادقين"([64]).

وأما النوع الثاني: فهو الغيرة المذمومة، وهي الغيرة التي لا يحبها الله تعالى: وهي كل غيرة في غير ربية، وقد جاء في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «والغيرة التي يكرهها الله الغيرة في غير ربية»([65]).

فالغيرة المذمومة، إذاً، هي الغيرة في غير ربية، وهي الغيرة في ما لم يحرمه الله، أو مباح لا ريبة فيه، فهي مما لا يحبه الله تعالى، بل ينهى عنه إذا كان فيه ترك ما أمر الله، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن»([66])، فمن منع إماء الله مساجد الله، غيرة، فغيرته مذمومة، لا محمودة.

فهذا النوع غيرة مذمومة يبغضها الله تعالى، إذ هي غيرة في غير ربية ([67]).

وللغيرة المذمومة صور كثيرة، تختلف درجات ذمها باختلاف مقدار مخالفتها، يأتي ذكر بعضها عند الحديث عن الغيرة عند الصوفية ([68]).

وقد توسع في مصطلح الغيرة، فدخلت فيه أمور كثيرة، ولهذا فإن "الغيرة الاصطلاحية من مدحها مطلقاً فقد أخطأ، ومن ذمها مطلقاً فقد أخطأ، وهذا يقع كثيراً للسالكين في هذا الخلق وغيره، فإنه يلبس الحق بالباطل، ولهذا السبب ينكر كثير من الناس مثل هذا الطريق لما فيه من لبس الحق بالباطل، والآخرون يعظمونه لما فيه من الحق، والصواب الفرقان: }وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ{ [النور: 40]"([69]).

وهناك نوع ثالث: وهو غيرة ليس مأموراً بها، لكنها من أمور الطباع، مثل غيرة النساء بعضهن من بعض، فهذا النوع ليس مأموراً به، وإنما هو من طباع الناس، كالحزن على المصائب.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ): "وأما غيرة النساء بعضهن من بعض، فتلك ليس مأموراً بها، لكنها من أمور الطباع، كالحزن على المصائب، وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كلوا، غارت أمكم»([70])، لما كسرت القصعة، وقالت عائشة: "أولا يغار مثلي على مثلك؟"([71]«ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة»([72])"([73]) وغير ذلك من الأحاديث في هذا الباب([74]).

المطلب الثاني: أقسام الناس في الغيرة:

انقسم الناس في الغيرة إلى أربعة أقسام، هي:

القسم الأول: قوم يغارون مما يكرهه الله تعالى ويكرهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحبون ما يحبه الله تعالى ويحبه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، إذ غيرتهم موافقة لغيرة الله تعالى وغيرة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهؤلاء هم أهل الإيمان.

الثاني: قوم لا يغارون على حرمات الله تعالى بحال، ولا على حرمهم، مثل الديـوث والقواد، بنحو ذلك، ومثل أهل الإباحة الذين لا يحرمون ما حرم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يدينون دين الحق، ومنهم من يجعل ذلك سلوكاً وطريقاً في حياته، قال تعالى: }وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ{ [الأعراف: 28].

الثالث: قوم يغارون على ما حرمه الله تعالى، وعلى ما أمره به، مما هو من نوع الحسد والكره، يجعلون ذلك غيرة، فيكره أحدهم من غيره أموراً يحبها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم من يجعل ذلك طريقاً وديناً، ويجعلون الحسد والصد عن سبيل الله، وبغض ما أحبه الله ورسوله غيرة.

الرابع: قوم يغارون على ما أمر الله به، دون ما حرمه، فنراهم في الفواحش لا يبغضونها، ولا يكرهونها، بل يبغضون الصلوات والعبادات، كما قال تعالى فيهم: }فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا{ [مريم: 59]([75]).

المبحث الرابع

 مواقف المخالفين في الغيرة، ونقدها

المطلب الأول: موقف المعطلة من الغيرة، ونقده:

نفت المعطلة صفة الغيرة عن الله تعالى، زاعمين تنزيه الله سبحانه وتعالى عن مشابهة خلقه، وقالوا بأن الله يوصف بالغيرة مجازاً، وفسرها بعضهم ببعض ما يتضمنه معنى الغيرة، وهو الكراهة والبغض والسخط، وفسرها بعضهم بالمنع، وقالوا: إن الغيرة هي انفعال نفسي، وهذا من صفات المخلوقين، فإثباتها لله تعالى يقتضي مشابهة الله بخلقه. وللنفاة في ذلك كلام كثير ([76]).

فيقال: ليس مجرد الغيرة هو الانفعال النفسي، وإنما الانفعال النفسي قد يقارن الغيرة، كما أن الغضب يقارن غليان الدم، والحياء يقارن حمرة الوجه، والوجل يقارن صفرة الوجه، لا أنه هو.

ثم إنه لو قدر أن الانفعال النفسي هو حقيقة الغيرة، لم يلزم أن تكون صفة الغيرة لله تعالى مثل غيرتنا، "كما أن حقيقة ذات الله ليست مثل ذاتنا، فليس هو مماثلاً لنا، لا لذاتنا، ولا أرواحنا، وصفاته كذاته، ونحن نعلم بالاضطرار أنا إذا قدرنا موجودين: أحدهما عنده قوة يدفع بها الفساد، والآخر لا فرق عنده بين الصلاح والفساد، كان الذي عنده تلك القوة أكمل"، ولهذا يذم من لا غيرة له على الفواحش، كالديوث، ويمدح الذي له غيرة يدفع بها الفواحش، ولهذا وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - الرب بالأكملية في ذلك فأثبت صفة الغيرة، وقول القائل: إن هذه انفعالات نفسية يقال له: كل ما سوى الله مخلوق منفعل، ونحن وذواتنا منفعلة، فكونها انفعالات فينا لغيرنا نعجز عن دفعها لا يوجب أن يكون الله منفعلاً لها عاجزاً عن دفعها، وكان كل ما يجري في الوجود فإنه بمشيئته وقدرته، لا يكون إلا ما يشاء، ولا يشاء إلا ما يكون، له الملك وله الحمد ([77]).

يقول ابن القيم: "والغيرة عند المعطلة النفاة من الكيفيات النفسية، كالحياة والفرح والغضب والسخط والمقت والكراهة، فيستحيل وصفه عندهم بذلك.

ومعلوم أن هذه الصفات من صفات الكمال المحمودة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرة، وأضدادها مذمومة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرة، فإن الذي لا يغار، بل تستوي عنده الفاحشة وتركها، ومذموم غاية الذم، مستحق للذم القبيح"([78]).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن»، لا يفهم منه أن الغيرة هي المنع فقط كما تقول المعطلة([79])، وإنما المراد أنه من أثر غيرة الله تعالى منع عباده من ارتكاب الفواحش، وهي ما عظم وفحش في النفوس الزاكية والعقول السليمة، مثل الزنا، والظاهر يشمل ما فعل علناً، وما باشرته الجوارح وإن كان سراً، والباطن يشمل ما في السر، وما انطوت عليه القلوب ([80]).

ثم يقال للمعطلة: إذا كان الله - سبحانه وتعالى عما يقول الجاهلون به علواً كبيراً - لا يفرح ولا يرضى بمدحه وحمده والثناء عليه، ولا يغار ولا يسخط ولا يغضب ويبغض ما قال فيه أعداؤه، وإتيان ما حرم، بل نسبة الأمرين إلى ذاته وصفاته بنسبة واحدة، إذ لو حصل فيه سبحانه فرح ورضا ومحبة من ذلك، وغيرة وسخط وكراهة من هذا، للحقته الكيفيات النفسية، كان لا فرق عنده تعالى بين الحسن والقبيح والمدح والذم، وهذا في غاية النقص والعيب شرعاً وعقلاً وفطرة وعادة، ومن كلام الشافعي (ت 204هـ) "من استرضي ولم يرض فهو جبار، ومن استغضب ولم يغضب فهو حمار"([81])، وهذا يدل على موت القلب، وبطلان الحس، وفقد الحياة، ولهذا كان أكمل الناس حياة أشدهم حياء، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها، لكمال حياة قلبه، والله سبحانه الحي القيوم، وقد وصف نفسه بالحياء، ووصفه رسوله، فهو الحيي الكريم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا»([82]).

والحياء عند هؤلاء المعطلة من الكيفيات النفسية، فل يجوز وصفه الله تعالى به.

والمقصود أنه كلما كانت صفات الكمال في الحي، كان فرحه ومحبته ورضاه وغيرته وغضبه ومقته أكمل، وإذا كانت هذه صفات كمال فلا يجوز سلبها عن من هو أحق بالكمال المطلق من كل أحد بمجرد تسميتها كيفيات نفسية، أو انفعالات نفسية، أو أعراضاً، ونحو ذلك: "فإن هذا من اللبس والتلبيس، وتسمية المعاني الصحيحة الثابتة بالأسماء القبيحة المنفرة، وتلك طريقة للنفاة مألوفة، وسجية معروفة، وإذا عرف هذا تبين أن هؤلاء المعطلة النفاة أضاعوا حق الله الذي يستحقه لنفسه، والذي بعث به رسله وأنزل به كتبه، والذي هو أصل دينه ومنتهى عبادته بما هم متناقضون فيه"([83]).

ويقول ابن القيم في رده على المعطلة دعوى المجاز في أسماء الله وصفاته: "إن ههنا ألفاظاً تطلق على الخالق والمخلوق... فإن كانت حقائقها ما يفهم من صفات المخلوقين وخصائصهم، وذلك منتف في حق الله تعالى قطعاً، لزم أن تكون مجازاً في حقه لا حقيقة، فلا يوصف بشيء من صفات الكمال حقيقة، وتكون أسماؤه الحسنى كلها مجازات، فتكون حقيقة للمخلوق مجازاً للخالق، وهذا من أبطل الأقوال وأعظمها تعطيلاً، فلا يكون رب العالمين موجوداً حقيقة، ولا حيًّا حقيقة ولا قادراً حقيقة، ولا ملكاً حقيقة، ولا رباً حقيقة، وكفى أصحاب هذه المقالة بها كفراً، فهذا القول لازم لكل من ادعى المجاز في شيء من أسماء الرب وأفعاله، لزوماً لا محيص عنه، فإنه إنما فر إلى المجاز لظنه أن حقائق ذلك مما يختص بالمخلوقين"([84]).

ثم قال رحمه الله تعالى: "ولا فرق بين صفة وصفة، وفعل وفعل، فإما أن يقول الجميع مجاز أو الجميع حقيقة، وأما التفريق بين البعض وجعله حقيقة وبين البعض جعله مجازاً، فتحكم محض باطل، فإن زعم هذا المتحكم أن ما جعله مجازاً ما فهم من خصائص المخلوقين، وما جعله حقيقة ليس مفهومه مما يختص بالمخلوقين طولب بالتفريق بين النفي والإثبات، وقيل له: بأي طريق اهتديت إلى هذا التفريق؟ بالشرع أم بالعقل؟ أم باللغة؟ فأي شرع أو عقل أو لغة أو فعل على أن الاستواء والوجه واليدين والفرح والضحك والغضب والنزول (ويقال مثل هذا في صفة الغيرة)

 حقيقة في ما يفهم من خصائص المخلوقين، والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة حقيقة في ما لا يختص به المخلوق، فإن قال: أنا لا أفهم من الوجه واليدين والقدم إلا خصائص المخلوق، وأفهم من السمع والبصر والعلم والقدرة ما لا يختص به المخلوق، قيل له: فيم تنفصل عن شريكك في التعطيل إذا ادعى في السمع والبصر والعلم مثل ما ادعيته أنت في الاستواء والوجه واليدين (والغيرة)؟ ثم يقال لك: هل تفهم مما جعلته حقيقة خصائص المخلوق تارة وخصائص الخالق تارة أو القدر المشترك؟ أو لا تفهم منها إلا خصائص الخالق؟ فإن قال بالأول كان مكابراً جاهلاً، وإن قال بالثاني قيل له: فهلا جعلت الباب كله باباً واحداً، وفهمت ما جعلته مجازاً خصائص المخلوق تارة والقدر المشترك تارة، فظهر للعقل أنكم متناقضون"([85]).

وبعض من يؤمن ببعض صفات الله تعالى ويعطل بعضها الآخر ـ كالغيرة والنزول والاستواء ونحوها ـ يزعم أنه ينفيها ويعطلها لأن هذه الصفات لا تعقل إلا لجسم مركب، والله منزه عن ذلك.

فيقال لهؤلاء النفاة: وكذلك الحياة والإرادة والسمع والبصر والعلم والقدرة والكلام هي من صفات الأجسام، فإنه لا يعقل من يسمع ويبصر ويريد ويعلم ويقدر ويتكلم ويكون حياً إلا الجسم.

فإن قالوا: سمعه ليس كسمعنا، وعلمه ليس كعلمنا، وبصره ليس كبصرنا، قيل لهم: كذلك غيرته، واستواؤه، ونزوله، وغضبه، وفرحه، وحبه، وسائر صفاته، "واللذين يؤولون النصوص في ذلك مخالفون لها ومتناقضون"([86]).

يقول الشيخ عبد الله الغنيمان: "وقد تقرر أنه تعالى ليس كمثله شيء في ذاته، فكذلك في صفاته وأفعاله، ولكن لابد من الاشتراك في ألفاظ الأسماء التي تضاف إلى الله صفات له، وبين ألفاظ الأسماء التي يوصف بها العباد، لأنه لا يمكن معرفة ما غاب عنا إلا بمعرفة ما شهدناه، فنعتبر بعقولنا الغائب بالشاهد، فلولا أنا نجد من أنفسنا جوعاً وعطشاً، وشبعاً ورياً، وحباً وبغضاً، ولذة وألما، ورضا وسخطا، لم نعرف حقيقة ما نخاطب به إذا وصف لنا ذلك، وأخبرنا به عن غيرنا، ولو لم نعلم ما في المشاهد من الحياة والقدرة والعلم والكلام، لم نفهم ما نخاطب به من ذلك في الغائب، فلابد في ما شهدناه وما غاب عنا من قدر مشترك هو مسمى اللفظ"([87]).

ثم يضرب مثلاً لذلك ـ ولله المثل الأعلى ـ باختلاف معنى صفات المخلوقين، فيقول: "وقد أخبرنا عن نعيم الآخرة وعذابها، مما يؤكل ويشرب، ويفرح ويحزن، وينعم ويؤلم، فلولا معرفتنا بما يشبه ذلك في الدنيا، لم نفهم ما وعدنا به من ذلك، مع علمنا أن حقائق ما في الآخرة ليست كحقائق ما في الدنيا، ولكن بين ما في الدنيا وما في الآخرة مشابهة واشتراك من بعض الوجوه، وبذلك نفهم المراد، فنحب النعيم ونرغب فيه، ونكره المؤلم وننفر عنه، فنعرف معنى العسل واللبن والحرير والذهب، ونفرق بينهما لما عرفناه من نظريها في الشاهد، وإن كانت حقائقها في ما هي عليه لا يعلمها إلا الله تعالى، كما قال جل وعلا: }فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ{ [السجدة: 17].

فإن كان هذا في صفات المخلوق، فكيف في صفات الخالق عزَّ وجلَّ، فإنها أشد مباينة"([88]).

المطلب الثاني: موقف الصوفية من الغيرة ونقده:

ضلت طوائف الصوفية مع من ضل في معنى الغيرة لله تعالى، وقد ذكر ذلك أحدهم بقوله: "إذا وصف الحق سبحانه بالغيرة فمعناه: أنه لا يرضى بمشاركة غيره معه، فيما هو حق له من طاعة عبده"([89]).

وهذا مبني على تعريفهم للغيرة بأنها: "كراهية مشاركة الآخرين"([90]).

فالسبب في هذا الضلال تخبطهم في معنى لفظ الغيرة، "فإنهم تكلموا فيها بمعان بعضها موافق لعرف الشارع، وبعضها ليس كذلك، وبعضهم حمد منها ما حمده الشارع، وبعضهم حمد منها ما لم يحمده الشارع، بل ذمه"([91]).

فهذا التعريف الصوفي مخالف للاصطلاح الشرعي للغيرة، إذ "هو أعم منه من وجه، وأخص منه من وجه:

أما كونه أخص، فإنه يخرج منه الغيرة التي لا يشاركه فيها، مثل غيرة المؤمن أن يزني أقاربه، أو غيرته أن تنتهك محارم الله، فإن الله يغار من ذلك، والمؤمن موافق لربه، فيحب ما أحب، ويكره ما كره"([92]).

فالصوفي بنى فهمه لمعنى غيرة الله على تعريفه لمصطلح الغيرة، فقال بأن معنى غيرة الله: "أنه لا يرضى بمشاركة غيره معه، فيما هو حق له من طاعة عبده"([93]).

فهذا المفهوم الصوفي للغيرة هو كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728هـ): "أعم مما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه، وأبعد عن مقصود الغيرة التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - من غيرة الحق سبحانه، فقد فسر غيرته أن يأتي المؤمن ما حرم عليه، وبأن يزني عبده أو تزني أمته، وقال: «من أجل غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن»([94])، فجعل الغيرة مطلقة متعلقة بفعل المحرمات، وجعل عظمها وسلطانها في إتيان الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، ومن جعلها لنفي لمشاركة في حقه كان دخول الشرك في الله في باب الغيرة عنده أولى من دخول الفواحش، وكان استعمال لفظ الغيرة في الشرك أولى من استعمال لفظ الغيرة في الزنا.

وأيضاً إذا جعلناها لنفي المشاركة في ما هو حق له من طاعة عبده، فقد يدخل في ذلك ما يفعله العبد من المباحات على غير وجه التقرب، فإن هذا لم يفعله لله، ومع هذا فليس من غيرة الله التي وصف الرسول بها ربه.

وأيضاً فالمشاركة في ما هو حق له قد يدخل فيه فعل الفواحش والمحرمات، إذا لم يقصد العبد بها طاعة غيره، وإن كان مطيعاً فيها للشيطان، وإنما يدخل فيها ما فعله من الطاعات له ولغيره براً ونحوه"([95]).

ثم بين ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أنه قد يقال: إن كل ما كان من ترك واجب أو فعل محرم، ففيه مشاركة الغير معه ما يستحقه من طاعة عبده، وبالتالي يدخل كل ذنب في ما يغار الله منه، سواء أكان ترك واجب أو فعل محرم، وهذا المعنى حسن موافق للشريعة، فالله يبغض ذلك ويمقته، وبهذا يكون لفظ الغيرة مرادفاً للفظ البغض والمقت والسخط، لكنه في الحقيقة أعم مما يظهر في عرف الشارع، إذ جعل الشارع غيرة الله تعالى أن يأتي المؤمن ما حرم عليه، وجعل غيرته أن يزني عبده أو تزني أمته، ومن غيرته أن حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وهذه الغيرة أخص من مطلق البغض والسخط "إلا أن يقال: ترك الشريعة، وأما تسميته غيرة فهو أمر اصطلاحي"([96]).

فالواجب الوقوف مع النص، فصفات الله تعالى مبناها على الإيمان بما ثبت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك السلامة من الزلل.

ولأهل التصوف كلام كثير، وحكايات عديدة، وأحوال صوفية عدوها من الغيرة الشرعية ([97])، وهي ليست كذلك، بل هي مخالفات عقدية، ومفارقات لما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ومجموع هذه القصص والأحوال الصوفية تظهر في مذهبين، هما:

"الأول: يتضمن الغيرة مما لا يغار الله منه، بل يحبه.

والثاني: يتضمن ترك الغيرة مما يغار الله منه، ويحب الغيرة منه، ويأمر بذلك.

وكلاهما مذهب مذموم، متضمن إما لترك مأمور يحبه الله، أو لفعل مكروه يكرهه الله"([98]).

المذهب الصوفي الأول في الغيرة، ونقده:

المذهب الصوفي الأول هو الذي يتضمن الغيرة مما لا يغار الله منه، بل يحبه: مثل ما يتلفظ به بعض الصوفية من كراهة توبة العاصين، وكراهة عبادة المقصرين، ومن ذلك ما يكرونه عن أحدهم أنه سئل: متى تستريح؟ فقال: إذا لم أر له ذاكراً، ومن ذلك ما يذكرونه عن أحدهم أنه مات له ابن، فجزعت عليه أمه، فقطعت شعرها، فدخل ذلك الصوفي الحمام وحلق شعر لحيته، فكل من أتاه معزياً وسأله عن سبب حلق شعر لحيته يقول له: موافقة لأهلي، فلما سأله بعضهم: لماذا فعلت هذا؟ قال علمت أنهم يعزونني على الغفلة، ويقولون آجرك الله تعالى، ففديت ذكرهم لله تعالى بالغفلة بلحيتي.

وسمع أحد الصوفية رجلاً يؤذن فقال: "طعنة وسم الموت"، بينما لما سمع كلباً ينبح قال له: "لبيك وسعديك"، فلما سئل عن ذلك قال: أما المؤذن فكان ذكره لله تعالى على رأس الغفلة، وأما الكلب فقد قال تعالى: }وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ{ [الإسراء: 44]، فنباحه تسبيح لله تعالى ([99]).

ومن قصصهم، التي عدوها ـ كذباً وزوراً ـ من الغيرة: ما يروونه عن أحدهم أنه أذن فلما انتهى من الشهادتين قال: لولا أنك أمرتني ما ذكرت معك غيرك.

ومنها أن رجلاً سمع رجلاً يقول: جل الله جلاله، فقال له: أحب أن تجله عن هذا، وكان أحدهم يقول: لا إله إلا الله من داخل القلب، محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من القراط([100]).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ساق هذه القصص الصوفية: "ومثل هذه الكلمات والحكايات لا تصلح أن تذكر للاقتداء، أو سلوك سبيل وطريقة، لما فيها من مخالفة أمر الله ورسوله"([101]).

ويذكر ابن قيم الجوزية (ت 751هـ) أن الصوفية يعدون تلك الحكايات من "الغيرة على الله"، أي غيرة عليه من أهل الغفلة وذكرهم، ثم يقول ـ رحمه الله ـ عن هذا النوع من الغيرة: "وأما الغيرة على الله: فأعظم الجهل وأبطل الباطل، وصاحبها من أعظم الناس جهلاً، وربما أدت بصاحبها إلى معاداته وهو لا يشعر، وإلى انسلاخه من أصل الدين والإسلام، وربما كان صاحبها شراً على السالكين إلى الله من قطاع الطريق، بل هو من قطاع طريق السالكين حقيقة، وأخرج قطع الطريق في قالب الغيرة، وأين هذا من الغيرة لله التي توجب تعظيم حقوقه، وتصفية أعماله وأحواله لله؟ فالعارف يغار لله، والجاهل يغار على الله، فلا يقال: أنا أغار على الله، ولكن أنا أغار لله"([102]).

والحكاية الأولى التي قال فيها أحدهم أنه لا يستريح إلا إذا لم ير لله ذاكراً منكر عظيم، وقول بغيض من أقوال الصوفية وأحوالهم الفاسدة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن نقل القول الصوفي السابق: "وذكر هذا في الغيرة التي هي من طريق أولياء الله وعباده الصالحين من أعظم المنكرات، ومن القول الذي يبغضه الله ورسوله وأولياؤه من الأولين والآخرين، أيغار المؤمن أن يذكر الله، أو يغار أن تنتهك محارم الله؟! وليس لهذا القول وجه يحمد به"([103]).

ثم ذكر ـ رحمه الله تعالى ـ أن قائل ذلك القول الصوفي إن قصد به أن أحداً لا يذكره كما يستحقه، فالذي يستحقه هو العبادة التي هي حقه على عباده، وهو جل وعلا لا يكلفهم أكثر من طاقتهم، وهذا هو الذي يؤمرون به، ويقبله الله منهم، "وإن قصد أنهم يقصرون في الواجب، فبعض الواجب خير من تركه كله، وإن كان هذا لضيق في نفسه، وحرج في فؤاده، فهذا من الغيرة التي يبغضها الله ورسوله، وهو شر من الحسد"([104]).

وبعد أن ذكر ابن تيمية قول هذا الصوفي ودعواه علق ـ رحمه الله ـ على هذه الدعوى بقوله: "وهو من أقبح الشطحات، وذكر الله على الغفلة، وعلى كل حال خير من نسيانه بالكلية، والألسن متى تركت ذكر الله، الذي هو محبوبها اشتغلت بذكر ما يبغضه ويمقت عليه، فأي راحة للعارف في هذا؟ وهل هو إلا أشق عليه، وأكره إليه؟"([105]).

والإنسان مهما كان مقصراً وغافلاً لا يجوز نهيه عن ذكر الله تعالى بلسانه، وعن ما أظهره من ذكر الله، بل يؤمر بما يكمل ذلك من حقائق القلوب المحمودة، وإن كان ذاكراً لله بلسانه، فأعظم المراتب ذكر الله بالقلب واللسان، ثم ذكر الله بالقلب، ثم ذكر الله باللسان، "والأعضاء لا تتحرك إلا بإرادة القلب، لكن قد تكون الغفلة غالبة عليه، وذلك الكلام خير من العدم، والله يحبه ويأمر به"([106]).

وكيف يقال مثل هذا الباطل والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد قال للرجل الذي قال له: أوصني، فإن شرائع الإسلام قد كثرت علي: «لا يزال لسانك رطباً بذكر الله»([107]).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم»([108]).

أما قصة من حلق شعر لحيته فداء لذكر المعزي الله مع الغفلة، فيقول عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: "فحلق اللحية منهي عنه ومثلةٌ كرهها الله ورسوله، والمعزي... وإن لم يكن معه كمال الحضور فلا يجوز سبه أو ذمه على ما أظهره من ذكر الله، بل يؤمر بما يكمل ذلك من حقائق القلوب المحمودة"([109]).

وبعد أن ساق ابن القيم ـ رحمه الله ـ القصة علق عليها، وتعقبها بقوله: "فانظر إلى هذه الغيرة المحرمة القبيحة، التي تضمنت أنواعاً من المحرمات:

* حلق الشعر عند المصيبة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من حلق وسلق وخرق»([110])، أي حلق شعره، ورفع صوته بالندب والنياحة، وخرق ثيابه.

* ومنها: حلق اللحية، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعفائها وتوفيرها.

* ومنها: منع إخوانه من تعزيته، ونيل ثوابها.

* ومنها: كراهته لجريان ذكر الله على ألسنتهم بالغفلة، وذلك خير بلا شك من ترك ذكره.

... وأما أن يعد ذلك في مناقبه، وفي الغيرة المحمودة: فسبحانك، هذا بهتان عظيم"([111]).

وأضاف محمد حامد الفقي في تعليقه على كلام ابن القيم قوله: "ومنها: أن أهله كانوا على الجاهلية الجهلاء، وهو دليل على أنه كان مضيعاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..."([112]).

أما قصة الصوفي الذي قال عند سماع المؤذن: "طعنة وسم الموت"، معللاً بأن المؤذن ذكر الله على رأس الغفلة، فيذكر شيخ الإسلام القصة وينقدها بأن المؤذن وإن كان غافلاً، وليس معه كمال الحضور، فلا يجوز سبُّه وذمُّه على إظهاره ذكر الله تعالى، بل يؤمر بما يكمل ذلك من ذكر الله جلا وعلا بالقلب، واستدراك ما فاته حين الغفلة، "وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع المؤذن لم يغزو، وإلا أغار([113])، وكثير من المؤذنين لا يكون كامل الحضور، بل المنافقون الذي يظهرون الإيمان بألسنتهم دون قلوبهم يقرون على ذلك في الظاهر، بأمر الله ورسوله، فكيف بالمؤمن؟!"([114]).

ثم استدل ابن تيمية ـ رحمه الله ـ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي التأذين أقبل، فإذا ثوب بالصلاة أدبر، فإذا قضى التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يضل الرجل، لم يدر كم صلى»([115]).

فإذا كان التأذين يطرد الشيطان، كيف يصلح أن يقال للمؤذن: طعنة وسم الموت لزعم تقصيره بغفلة في قلبه؟! نعم الأجر ينقص بالغفلة، لكن استحقاق العقوبة نوع آخر، وإذا استحق العقوبة لم يجز أن تكون عقوبته مقابلة لما أظهره من الحسنة ([116]).

والعجيب أن ذلك الصوفي يمدح ويعد من مناقبه ـ عند الصوفية ـ أنه يقول للمؤذن: طعنة وسم الموت، بينما يقول عند سماع نباح الكلب: لبيك وسعديك!!

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إذا كان التأذين يطرد الشيطان، ونباح الكلب يكون عن رؤية الشيطان، فكيف يصلح أن يقال لهذا: طعنة وسم الموت، لأجل تقصير هذا بغفلة في قلبه، ولهذا: لبيك وسعديك، لكون الكلب يسبح بحمده، فإن هذه حجة فاسدة.

وأما نباح الكلب إن كان تسبيحاً، فصوت المؤذن أولى أن يكون تسبيحاً، فبكل حال لا يكون نباح الكلب الذي يقترن به الشيطان أدنى من ذلك: من صوت المؤذن، الذي هو سبب لهروب الشياطين، فإن ذلك إن كان لدلالته على الربوبية، فصوت المؤذن أكمل، وإن كان لعبادته بما يستحقه الرب من الإلهية، فصوت المؤذن أعظم عبادة من نباح الكلب.

فتسبيح كل شيء بحمده يدخل في المؤذن بكل حال، أعظم مما يدخل في الكلب، فكيف يدخل الكلب النابح، ويخرج المؤذن، لنوع من الغفلة؟! فهذا والكلب محرم اقتناؤه إلا لضرورة من صيد أو حرث أو ماشية، ومن اقتنى كلباً بغير هذه الثلاثة نقص كل يوم من عمله قيراط ([117]).

وتلبية الكلب في نباحه أمر منكر، لا وجه له أصلاً، فلا يتبع أحد في ذلك"([118]).

عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا سمعتم نباح الكلب، ونهيق الحمر بالليل، فتعوذوا بالله منهن، فإنهن يرين ما لا ترون»([119]).

ونقل ابن القيم هذه القصة ـ أعني قول الصوفي عند سماع المؤذن، وسماع نباح الكلب ـ على سبيل الإنكار والرد، ولذا تعقبها قائلاً: "فيا لله!! ماذا ترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواجه هذا القائل لو رآه يقول ذلك، أو عمر بن الخطاب، أو من عد ذلك من المناقب والمحاسن؟!"([120]).

أما حكاية الصوفي الذي أذن فما انتهى إلى الشهادتين قال: لولا أنك أمرتني ما ذكرت معك غيرك، فيقول عنها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ بعد أن ذكرها على سبيل الإنكار: "فإن ذكر هذا في باب الغيرة منكر من القول وزور، لا يصلح إلا أن نبين أن هذا من الغيرة التي يبغض الله صاحبها، بل الغيرة من الشهادة لرسله بالرسالة من الكفر وشعبه، وهل يكون موحداً شاهداً لله بالإلهية إلا من شهد لرسله بالرسالة، وقد بينا في غير موضع من القواعد وغيرها أن كل من لم يشهد برسالة المرسلين فإنه لا يكون إلا مشركاً، يجعل مع الله إلهاً آخر، وأن التوحيد والنبوة متلازمتان، وكل من ذكر الله عنه في كتابه أنه مشرك فهو مكذب للرسل، ومن أخبر عنه أنه مكذب للرسل فإنه مشرك، ولا تتم الشهادة لله بالإلهية إلا بالشهادة لعبده بالرسالة"([121]).

وقريب من هذه الحكاية الصوفية الحكاية الأخرى التي سبق ذكرها، وهي قول أحدهم: لا إله إلا الله من داخل القلب، محمد رسول الله من القرط.

يقول ابن القيم تعليقاً وإنكاراً على هذا القول: "ونحن نقول: محمد رسول الله من تمام قول لا إله إلا الله، فالكلمتان تخرجان من أصل القلب، من مشكاة واحدة، لا تتم إحداهما إلا بالأخرى"([122]).

هذه هي بعض أحوالهم وقصصهم التي يؤكدون بها مذهبهم الصوفي الأول الذي يتضمن الغيرة مما لا يغار الله منه، بل يحبه.

ذكر هذه الحكايات والأقوال وأيدها الصوفي أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري (ت 465هـ) ودافع عنها بقوله: "ومن نظر إلى ظاهر هذا اللفظ توهم أنه استصغر الشرع، ولا كما يخطر بالبال، إذ الأخطار للأغيار، بالإضافة إلى قدر الحق سبحانه متصاغرة في التحقيق"([123]).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في إنكاره مقالة القشيري السابقة: "وهذه الحكاية أيضاً من أقبح الكلام وأفحشه، وذكر هذا في باب الغيرة من أنكر المنكر، فإن هذا الكلام لا يقال إنه استصغار للشرع، بل هو من أكبر شعب النفاق، وأعظم أركان الكفر، وذلك أن الإيمان بالرسل عليهم السلام ليس من باب ذكر الأغيار، بل لا يتم التوحيد لله، والشهادة له بالوحدانية، والإيمان به، إلا بالإيمان بالرسالة، فمن جعل الإيمان بملائكة الله وكتبه ورسله مغايراً للإيمان به، وجعل الإعراض عنه من باب الغيرة المعظمة عند المشايخ، فقد ضل سعيه، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، ومن لم تكن الشهادة بالرسالة داخلة في ضمن قلبه بالشهادة بالألوهية فليس بمؤمن"([124]).

ثم استدل - رحمه الله - على قوله بأنه لا يتم التوحيد له إلا بالإيمان بالرسالة بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه أوحي إلى أنكم تفتنون في قبوركم مثل وقريباً من فتنة الدجال: يؤتى الرجل في قبره، فيقال له: ما علمك بهذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فأما المؤمن أو الموقن فيقول: هذا هو محمد عبد الله ورسوله، جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه، وأما المنافق أو المرتاب فيقول: آه آه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته»([125])، نسأل الله الثبات على الحق في الدنيا والآخرة.

وبعد ذلك قال شيخ الإسلام معقباً على قول القشيري واعتذاره عن كلام الصوفية: "وأما اعتذار أبي القاسم عنه بأن: الإخطار للأغيار بالإضافة إلى قدر الحق متصاغرة: فعذر باطل، وذلك أن الشاهد للرسول بالرسالة لم يجعله نداً لله، ولا شريكاً له، ولا ظهيراً، حتى يفاضل بينهما.

هذا الكلام يليق بمن يقول: إن الله ثالث ثلاثة، أو يجعل لله شريكاً وولداً، أو بمن يستغيث بمخلوق ويتوكل عليه، أو يعمل له، أو يشتغل به عن الله... فأما الإيمان بالكتاب والرسول، فهذا من تمام الإيمان بالله، وتوحيده لا يتم إلا به، وذكر الله بدون هذا غير نافع أصلاً، بل هو سعي ضال، وعمل باطل، لم يتنازع المسلمون في أن الرجل لو قال أشهد أن لا إله إلا الله، ولم يقر بأن محمداً رسول الله: أنه لم يكن مؤمناً ولا مسلماً، ولا يستحق إلا العذاب"([126]).

وهؤلاء الذين يغلون بزعمهم في توحيد الله تعالى، حتى يعرضون عن ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو يعرضون عن الكتاب والسنة، ويستخفون بحرمتهما: تجد أحدهم يعظم شيخه ومتبوعه "أكثر مما يعظم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتجدهم يشركون بالله في استغاثتهم بغيره، وخوفهم ورجائهم لغيره، ومحبتهم لغيره، فتجد فيهم من أنواع الشرك الجلي والخفي التي نهى الله عنها ورسوله ما الله به عليم، ومع هذا فيعرضون عما هو من تمام التوحيد، زعماً أنهم يحققون التوحيد"([127]) نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه.

ومن غيرة الصوفية في هذا المذهب الذي يتضمن الغيرة مما لا يغار الله منه: ما ذكره ابن تيمية من أحدهم ذكر له أنه كان يصلي بالليل، فقام آخر يصلي، فأخذت المصلي الأول الغيرة من صلاة الآخر، فقال له شيخ الإسلام: "هذا حسد وضيق عطن وظلم، ليس بغيرة، إنما الغيرة إذا انتهكت محارم الله، والله تعالى واسع عليم، يسع عباده الأولين والآخرين، وهو يحب ذلك ويأمر به، ويدعو إليه، فكيف يبغض المؤمن ما يحبه؟!"([128]).

ثم قال شيخ الإسلام: "وهذا القدر واقع كثير من أرباب الأحوال، حتى يقتل بعضهم بعضاً، ويعتدي بعضهم على بعض، يؤذي بعضهم بعضاً، ويقولون: هذا غيرة على الحق، وإنما هو تعد لحدوده، وظلم لعباده، وصد عن سبيله، وأصل ذلك من طلب الفساد والعلو في الأرض، وطلب الانفراد بالتألُّه، لا لأجل الله، لكن لأجل الاستعلاء في الأرض، فهو من الكبر والحسد، من جنس ذنب إبليس وفرعون، وأخي ابن آدم، لا من أعمال عوام الخلق، فضلاً عن مؤمنهم، فضلاً عن أولياء الله المتقين.

ولهذا نجد أمثال هؤلاء من أقل الناس غيرة إذا انتهكت محارم الله، ويكون المؤمن منهم في تعب، والمشركون منهم في راحة"([129]).

ومما أدخلوه في الغيرة، وليس منها، ما يرددونه من الدعوة إلى أن يغار على الحق أن يذكره أحد، أو أن ينظر إليه أحد، كما يغار الإنسان على محبوبته، ومن ذلك ما يروونه عن أحدهم أنه قيل لبعضهم: "أتريد أن تراه؟ فقال: لا، قيل: ولم؟ قال: أنزه ذلك الجمال عن نظر مثلي" وكما قالوا في المحبة: "المحبة أن تغار على المحبوب أن يحبه مثلك" ونحو ذلك ([130]).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر بعض أخبارهم في ذلك، ومنها ما سبق ذكره: "وهذا أيضاً وجه فاسد جداً، وهو جهل بالله وبما يستحقه، وتشبيه له بالمحبوب من البشر، وظن من هذا القائل أنه إذا رأى الله حصل بذلك نقص في حق الله أو ضرر عليه، فإن الإنسان إنما يغار على محبوبه مما فيه عليه ضرر، أو على المحب فيه ضرر، فيغار من الشركة لما فيه من الضرر، وقد يغار عليه من نفسه لاستشعاره به أن ذلك نقص، وذلك كله محال في حق الله.

ومن قال هذا قد يقول: أغار عليه من أن أحبه، ومثلي لا يصلح أن يعبده، وإنما أعبد من يعبده، ونحو ذلك مما زينه الشيطان للمشركين وأهل الضلال، وذلك أنهم قد يدخلون في غيرة الله منعه لمواهبه وعطاياه من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتقربوا إليه بأصناف القربات، كما قد يمنع السيد والمحبوب عبيده ومحبيه ما يستحقونه، وهذا أيضاً جهل بالله وتكذيب بوعده، وتجوير له، وتزكية لنفوسهم، وهو باطل"([131]).

المذهب الصوفي الثاني في الغيرة، ونقده:

المذهب الصوفي الثاني في الغيرة هو الذي يتضمن ترك الغيرة مما يغار الله تعالى منه، ويحب الغيرة منه، ويأمر بذلك.

يقول أبو القاسم القشيري الصوفي (ت 465هـ): "ومن الناس من قال: إن الغيرة من صفات أهل البداية، وإن الموحد لا يشهد الغيرة، ولا يتصف بالاختيار، وليس له فيما يجري في المملكة تحكم، بل الحق سبحانه أولى بالأشياء في ما يقضي على ما يقضي"([132]).

ثم روى عن أبي عثمان سعيد بن سلام المغربي (ت 373هـ) أنه قال: "الغيرة عمل المريدين، فأما أهل الحقائق فلا"([133])، وروى عن دلف الشبلي (ت 334هـ) قوله: "الغيرة غيرتان: غيرة البشرية على النفوس، وغيرة الإلهية على القلوب"([134]).

وقد نقل هذه الأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية ([135])، منكراً لها، وراداً عليها، إذ قال بعد أن ذكرها: "أما نفي الغيرة مطلقاً وجعلها من عمل المريدين، فهذا يضاهي قول من يشهد توحيد الربوبية، وأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، لا يشهد توحيد الإلهية، وما يستحقه الرب من عبادته وطاعته، وطاعة رسله، فلا يفرق بين المؤمن والكافر، والأعمى والبصير، والظلمات والنور، وأهل الجنة وأهل النار.

وهذا من جنس قول المشركين الذي قالوا: }لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ{ [الأنعام: 148]، فإن المشركين استدلوا بالقدر على نفي الأمر والنهي، والمحبوب والمكروه، والطاعة والعصية، ومن سلك هذا المسلك فهو في نوع من الكفر البين"([136]).

ثم تعقب قولهم بأن الموحد "لا يتصف بالاختيار، وليس له في ما يجري في المملكة تحكم"، فقال رحمه الله: "وقول القائل: (إن الموحد لا يتصف بالاختيار) كلام مجمل، فإن أراد أنه لا يختار بنفسه ولنفسه، فقد أحسن، وإن أراد به أنه لا يختار ما اختاره الله، وأمر به وأحبه ورضيه، وأمره هو أن يختاره ويريده ويحبه، فهذا كفر وإلحاد، بل المؤمن عليه أن يريد ويختار، ويحب ويرضى، ويطلب ويجتهد في ما أمر الله به وأحبه ورضيه، وأراده واختاره ديناً وشرعاً.

وكذلك قوله: (ليس له في ما يجري في المملكة تحكم): إن أراد به أنه لا يعارض الله في أمره ونهيه، فهذا حسن وحق، فإن عليه أن يرضى بما أمر الله به، ويسلم لله، ومن ذلك التسليم لرسوله، كما قال تعالى: }فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{ [النساء: 65]، وقال تعالى: }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ{ [الأحزاب: 36]... وأمثال هذا كثير"([137]).

ثم قال رحمه الله: "وقوله: (الموحد لا يشهد الغيرة ولا يتصف بالاختيار)، فالتوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، هو أن يعبد الله وحده، لا شريك له، فهو توحيد الألوهية، وهو مستلزم لتوحيد الربوبية، وهو أن يعبد الحق رب كل شيء، فأما مجرد توحيد الربوبية، وهو شهود ربوبية الحق لكل شيء، فهذا التوحيد كان في المشركين، كما قال تعالى: }وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ{ [يوسف: 106].

وكذلك إن أراد اعترافه بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وشهوده لفقره وعبوديته، وفقر سائر الكائنات، وأن الله هو رب كل شيء (وعالم) بكل شيء وملكيه، لا يخلق ولا يرزق إلا هو، ولا يعطي ولا يمنع إلا هو، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع: }مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ{ [فاطر: 2]، }يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{ [فاطر: 15]، (فإن) أراد هذا المشهد، فهذا أيضاً من الإيمان، والدين، فالأول: الإقرار بالأمر والنهي، واتباع ذلك هو عبادته، وهذا الإقرار بالقضاء والقدر وشهود الافتقار إلى الله هو استعانته.

فإن أراد بقوله: (الموحد لا يشهد الغيرة ولا يتصف بالاختيار) أنه لا يختار شيئاً أصلاً، لا مما أمر به ولا مما نهى عنه، فهذا مع بطلانه في الواقع، وفساده في العقل، فهو من أعظم المروق من دين الله، إذ عليه أن يريد كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه له، ويحبه له، ويستعين الله على هذه الإرادة، والعمل بها، فإنه لا حول ولا قوة إلا به، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك»([138])، وأصل صلاح القلب إرادته ونيته...

وكذلك قوله: (ليس له في ما يجري في المملكة)، إن أراد به أنه لا يغار إذا انتهكت محارم الله، ولا يغضب لله، ولا يأمر بمعروف، ولا ينهى عن منكر، ولا يجاهد في سبيل الله، فهذا فاسق مارق، بل كافر، وإن أظهر الإسلام فهو منافق، وإن كان له نصيب من الزهد والعبادة ما كان فيه.

ومعلوم أن المؤمن لا يخلو من ذلك بالكلية، ومن خلا من ذلك بالكلية فهو منافق محض، وكافر صريح، إذ المؤمن لابد أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ولابد أن يتبرأ من الإشراك بالله وأعداء الله، كما قال تعالى: }قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ{ [الممتحنة: 4]...

وأيضاً فالقائل لذلك لا يثبت عليه، بل لابد أن يكره أموراً كثيرة مضرة، وكثيراً ما يعتدي في إنكاره حتى يخرج عن العدل، فهذا خروج عن العقل والدين، وعن الإنسانية بالكلية إذا أخذ على عمومه، وأما إن قيل ذلك في بعض الأمور، بحيث يترك الكراهة أحياناً لما كرهه الله، والغيرة أحياناً إذا انتهكت محارم الله، فهذا ناقص الإيمان بحسب ذلك"([139]).

ثم تعقب بقية كلامه، فقال رحمه الله: "وكذلك قوله: (بل الحق أولى بالأشياء في ما يقضي على ما يقضي): فيه تقصير في خلق الرب وأمره، فإن قوله: "أولى" قد يفهم منه أن له شريكاً، بل لا خالق إلا الله، ولا رب غيره: }قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ{ [سبأ: 22، 23].

وأما الأمر سبحانه أمر العباد، ونهاهم، فعلى العبد أن يفعل ما أمره به من الغيرة وغيرها، فإذا كان قد أمره بأن يغار لمحارمه إذا انتهكت، وأن ينكر المنكر بما يقدر عليه، من يده ولسانه وقلبه، فلم يفعل، فإنما هو فاسق عن أمر ربه، لا تارك لمشاركته، إذ لا سبيل له إلى الشركة بحال، وهو سبحانه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.

فالاحتجاج بكونه أولى من العبد بخلقه على ترك ما أمر به من محبوبه ومرضيه، وطاعته وعبادته، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه أمران قبيحان: توهم نوع مشاركة من العبد له إذا أطاعه وعبده، وإسقاط ما أمر به وأحبه من الغيرة"([140]).

أما قول أبي عثمان المغربي ودلف الشبلي فإن شيخ الإسلام ابن تيمية يحمله على محمل حسن، حيث قال: "وإنما يعني الغيرة الاصطلاحية التي يسميها هؤلاء المتأخرون غيرة، مثل الغيرة المتضمنة للمنافسة والحسد، مثل أن يغار أحدهم إذا رأى أحداً سبقه إلى الحق، أو نال منه نصيباً وافراً، ونحو ذلك، فإن هذا كثير جداً في السالكين"([141])، فهذه هي الغيرة التي تعرض للمريدين، فأما أهل الحقائق، الذين يشهدون أن الله هو المعطي المانع، وأنه لا رب غيره، فإنهم لا يغارون على ما وهبه الله عباده من هباته المستحبة أو المباحة([142]).

ولبعض الزهاد، والمتأثرين ببدايات التصوف كلام كثير في الغيرة ومفهومها، هو كلام مجمل محتمل، حمله شيخ الإسلام ابن تيمية على محمل حسن، حيث رأى أن مقصودهم بالغيرة بمفهومها الاصطلاحي الحادث "ليس هو بالاصطلاح القديم، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بين أن غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه، وهذا يشترك فيه السابقون والمقتصدون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ثم السابقون بجعل أعمالهم كلها لله، فإذا صانهم عن العمل لغيره، فصارت أعمالهم كلها لله، تركوا المحارم، وأتوا بالواجبات والمستحبات، وقد شبه تنزيههم عن فضول المباح، وعن فعل المكروهات وترك المستحبات غيرة من الحق عليهم، فهذا أمر اصطلاحي، لكن المعنى صحيح موافق للكتاب والسنة"([143]).


 الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم، وبعد:

فقد جلىَّ هذا البحث أموراً أهمها:

1-   أن معنى الغيرة: الحمية والأنفة المبنية على الصلاح والإصلاح والمنفعة، وتتضمن المقت والسخط والغضب، والمنع، ونحو ذلك.

2-   أن صفة الغيرة من الصفات الثابتة لله تعالى، حيث ورد التصريح بها في أحاديث صحيحة عديدة.

3-   أن صفة الغيرة من صفات الكمال التي نؤمن بلفظها، ومعناها، نفوض كيفيتها إلى الله تعالى، إذ كيفيات صفات الله تعالى غير معلومة.

4-   لعلماء السلف ـ أهل السنة والجماعة ـ كلام واضح في تقرير هذه الصفة لله عز وجل، والتأكيد على الإيمان بها وفق ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

5-   أن الإيمان بصفة الغيرة لله تعالى هو إيمان من غير تعطيل أو تحريف لمعناها، ومن غير تكييف أو تمثيل لها بصفات الخلق.

6-   للغيرة بالنسبة للناس أنواع، منها المحمود ومنها المذموم، ومنها ما هو من طباع الناس، ولكل نوع حكم شرعي يخصه.

7-   الناس في موقفهم من الغيرة أنواع، فمنهم من يغار الغيرة الشرعية، ومنهم من لا يغار البتة، ومنهم من يغار غيرة غير موافقة للغيرة الشرعية.

8-   المعطلة نفوا صفة الغيرة لله تعالى، وقالوا بأنها مجاز في حق الله عز وجل، وحرفوا معناها، إما ببعض مقتضياتها، أو نحو ذلك من المعاني غير الموافقة للحق.

9-   خاض الصوفية في الغيرة، فغلطوا فيها غلطاً عظيماً، في كونها صفة لله عز وجل، كما أنهم غلطوا في معنى صفة الغيرة للعباد أيضاً.

10-    المؤمن الحق يغار، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أغير منه، والله جلا وعلا أغير من رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أهمية الغيرة ومكانتها في حياة العباد.

أسأل الله أن يجعل علي خالصاً لوجهه الكريم، موافقاً لشرعه الحكيم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.


 فهرس المصادر والمراجع

1-          إبطال التأويلات لأخبار الصفات، ابن فراء، مكتبة دار الإمام الذهبي، الطبعة الأولى 1410هـ.

2-          الأدب المفرد، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق الألباني، مكتب المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ.

3-          إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1399هـ.

4-          الاستقامة، شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، أشرف على طباعته ونشره جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، الطبعة الأولى 1411هـ.

5-          الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط6، 1976م.

6-          بدائع الفوائد، ابن القيم الجوزية، دار البيان، دمشق، الطبعة الأولى، 1415هـ.

7-          تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن كثير، دار السلام، الرياض، الطبعة الخامسة 1421هـ.

8-          الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، مطابع المجد التجارية، بدون تاريخ.

9-          الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة، قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني، دار الراية، الطبعة الأولى 1411هـ.

10-    حلية الأولياء، أبو نعيم الأصفهاني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1400هـ.

11-    ذم التأويل، موفق الدين ابن قدامة المقدسي، الدار السلفية، الكويت، الطبعة الأولى 1406هـ.

12-    الرسالة التدمرية، شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، بدون ناشر، ط1، 1405هـ.

13-    الرسالة القشيرية في علم التصوف، أبو القاسم القشيري، المكتبة العصرية، بيروت، الطبعة الأولى 423هـ.

14-    سلسلة الأحاديث الصحيحة، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، بدون تاريخ.

15-    سنن ابن ماجة، أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة، دار الدعوة، استانبول 1401هـ.

16-    سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، دار الدعوة، استانبول، 1401هـ.

17-    سنن الترمذي (الجامع الصحيح)، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، دار الدعوة، استانبول 1401هـ.

18-    سنن الدارمي، أبو عبد الله محمد الدارمي، حديث أكادمي، باكستان، 1404هـ.

19-    سنن النسائي، أحمد بن شعيب النسائي، دار الدعوة، استانبول 1401هـ.

20-    سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، 1405هـ.

21-    شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري، عبد الله بن محمد الغنيمان، مكتبة الدار، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1405هـ.

22-    صحيح البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، دار الدعوة، استانبول 1401هـ.

23-    صحيح سنن ابن ماجة، محمد ناصر الدين الألباني، مكتب التربية لدول الخليج العربي، الرياض، الطبعة الثالثة 1408هـ.

24-    صحيح سنن الترمذي، محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1420هـ.

25-    صحيح سنن النسائي، محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ.

26-    صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، دار الدعوة استانبول 1401هـ.

27-    صحيح مسلم بشرح النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، نشر وتوزيع إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض.

28-    الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ابن قيم الجوزية، دار العاصمة، الرياض، الطبعة الأولى 1408هـ.

29-    عقيدة السلف وأصحاب الحديث، عبد الرحمن بن إسماعيل الصابوني، الدار السلفية، الكويت، الطبعة الأولى 1404هـ.

30-    فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ.

31-    الفوائد، ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1393هـ.

32-    قاعدة في المحبة، شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1420هـ.

33-    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمد بن عثيمين، مكتبة السنة، القاهرة، الطبعة الأولى 1411هـ.

34-    لسان العرب المحيط، ابن منظور، دار لسان العرب، بيروت، بدون تاريخ.

35-    مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم وابنه محمد، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض.

36-    مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم، اختصره محمد بن الموصلي، مكتبة الرياض الحديثة، بدون تاريخ.

37-    مدارج السالكين، ابن قيم الجوزية، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ.

38-    المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله النيسابوري الحاكم، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب.

39-    المسند، أحمد بن حنبل الشيباني، دار الدعوة، استانبول 1401هـ.

40-    معالم التنزيل، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية 1407هـ.

41-    معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريا، إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى 1422هـ.

42-    منهاج السنة النبوي، شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، أشرف على طباعته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1411هـ.

43-    منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات، محمد الأمين الشنقيطي، الدار السفلية، الكويت، الطبعة الرابعة، 1404هـ.

44-    النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، دار بن الجوزي، الدمام، الطبعة الأولى 1421هـ.



([1]) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة 1/150، 151.

([2]) انظر: عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص4، والرسالة التدمرية ص65، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 3/3، 4/182، 5/26، 299، 6/38، 515، ومختصر الصواعق المرسلة 1/141، 253.

([3]) انظر الرسالة التدمرية ص58، والجواب الصحيح لم بدل دين المسيح 3/139، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 4/182، 5/26.

([4]) انظر: ذم التأويل ص11-27، والرسالة التدمرية ص89-116، ومختصر الصواعق المرسلة 1/141، 253، 2/332، 412، 433 ومنهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص26.

([5]) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 6/37، 515.

([6]) انظر: المصدر السابق 5/206، ومختصر الصواعق المرسلة 1/232، وبدائع الفوائد 1/168.

([7]) انظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ص38.

([8]) انظر: الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 1/174، والرسالة التدمرية ص43، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 5/330، 6/355.

([9]) انظر: الرسالة التدمرية ص31، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 5/212.

([10]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 5/212.

([11]) انظر: مختصر الصواعق المرسلة 1/232، والقواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ص30.

([12]) انظر: لسان العرب المحيط 2/1036، والنهاية في غريب الحديث والأثر ص685.

([13]) انظر: معجم مقاييس اللغة ص779.

([14]) شرح النووي على صحيح مسلم 10/132، وانظر 17/67، 77.

([15]) الاستقامة 2/11.

([16]) فتح الباري شرح صحيح البخاري 2/530، 531، وانظر 9/320، وشرح النووي على صحيح مسلم 17/77.

([17]) ومدارج السالكين 3/43 وانظر الفوائد ص33.

([18]) انظر: الاستقامة 2/39، 41، 65.

([19]) انظر المصدر السابق2/7، 8، 9، 64.

([20]) انظر المصدر السابق 2/7.

([21]) من صفح السيف أي عرضه وجانبه، وأراد أنه يضربه بحده لا بعرضه، انظر فتح الباري 9/321، وصحيح مسلم بشرح النووي 10/131.

([22]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا شخص أغير من الله» ح7416، ومسلم، كتاب اللعان، ح1499.

([23]) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/335.

([24]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب 107، وكتاب الحدود، باب من رأى مع امرأته رجلاً فقتله، ح6846، وكتاب التوحيد، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا شخص أغير من الله»، ح7416 وأخرجه مسلم، كتاب اللعان، ح1499.

([25]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الغيرة، ح5220، وأخرجه مسلم، كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش، ح2760.

([26]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الغيرة، ح5221، وفي كتاب الكسوف، باب الصدقة في الكسوف، ح1044، وفي كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: }وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ{، ح7403.

([27]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الغيرة، ح5222، ومسلم كتاب التوبة، باب غير الله تعالى وتحريم الفواحش، ح2762.

([28]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الغيرة، ح5223، ومسلم كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش، ح2761.

([29]) صحيح مسلم كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش الأحاديث 2760-2762، وسبق تخريجها مفصلة قبل قليل.

([30]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب اللعان، ح1498.

([31]) انظر: مدارج السالكين 3/42، 43.

([32]) انظر: المصدر السابق 3/43.

([33]) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله عز وجل: } قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ{، ح4637، وانظر تفسير القرآن العظيم 2/1110.

([34]) انظر: تفسير القرآن العظيم 2/1080.

([35]) انظر: معالم التنزيل 2/157.

([36]) انظر: الرسالة القشيرية ص255.

([37]) الاستقامة 2/46، 47.

([38]) انظر: الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 2/468-470.

([39]) إبطال التأويلات 1/165.

([40]) الصواعق المرسلة 4/1497.

([41]) هذه الرواية أوردها مسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى...، ح2760.

([42]) الاستقامة 2/3.

([43]) الاستقامة 2/7.

([44]) المصدر السابق 2/9، 11.

([45]) انظر: المصدر السابق 2/13.

([46]) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 4/181، وانظر قاعدة في المحبة ص275، 276.

([47]) سبق تخريجه.

([48]) سبق تخريجه، وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 6/119، 120.

([49]) الاستقامة 2/13، وانظر منهاج السنة النبوية 3/61.

([50]) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/335.

([51]) تعليق ابن باز على فتح الباري 2/531.

([52]) شرح النووي على صحيح مسلم 10/132.

([53]) شرح النووي على صحيح مسلم 10/132.

([54]) المصدر السابق 17/76، 77.

([55]) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/340.

([56]) الاستقامة 2/7 بتصرف يسير.

([57]) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في الخيلاء في الحرب، ح2659، والنسائي في سننه كتاب الزكاة، باب الاختيال في الصدقة، وأحمد في المسند 5/445، 446، والدامي في سننه، كتاب النكاح، باب في الغيرة، ح2232، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب الغيرة، ح1996، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/337، ح1623، وفي إرواء الغليل، ح1999.

([58]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة، ح3242، وفي كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب، ح3680، وكتاب النكاح، باب الغيرة، ح5227، وكتاب التعبير، باب القصر في المنام، ح7023، وأخرجه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر رضي الله عنه، ح2395.

([59]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الغيرة، ح5224، ومسلم، في صحيحه، كتاب السلام، باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق، ح2182.

([60]) انظر: الاستقامة 2/6، 7.

([61]) انظر: المصدر السابق ص7.

([62]) أخرجه النسائي في سننه، كتاب الزكاة، باب المنان بما أعطى، وأحمد في المسند 7/227، 8/293، 9/42، 43، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2/215، ح2561، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، ح673، 674.

([63]) الاستقامة 2/8، 9، وانظر كتاب الفوائد ص23، 24.

([64]) الاستقامة 2/37، 64.

([65]) سبق تخريجه ص35.

([66]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم، ح900، ومسلم، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، ح442.

([67]) انظر: الاستقامة 2/8، 9، 64.

([68]) وانظر: الاستقامة 2/14، 15، 27، وكتاب الفوائد ص23، 24، والرسالة القشيرية ص256-259.

([69]) الاستقامة 2/65.

([70]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الغيرة، ح5225.

([71]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المنافقين، باب تحريش الشيطان، ح2815.

([72]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب غيرة النساء ووجدهن، ح5229، وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: }وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ...{، ح744، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، ح2435.

([73]) الاستقامة 2/8.

([74]) انظر مثلاً: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف، ح5230، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ح2449.

([75]) انظر: الاستقامة 2/9، 10 بتصرف يسير.

([76]) انظر شرح النووي على صحيح مسلم 10/132، 17/76، 77، وفتح الباري شرح صحيح البخاري 2/531، 9/320، 321، 13/384، 385، 399.

([77]) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 6/119، 121.

([78]) الصواعق المرسلة، 4/1497.

([79]) انظر شرح النووي على صحيح مسلم 17/76، 77، 10/132، وفتح الباري شرح صحيح البخاري 2/531.

([80]) انظر شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/341.

([81]) ذكره أبو نعيم في الحلية 9/143، وابن القيم في الصواعق المرسلة 4/1498.

([82]) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الدعوات، ح3556، وقال: هذا حديث حسن غريب، وأبو داود، أبواب الوتر، باب الدعاء، ح1474،  الحاكم في المستدرك 1/497 وقال: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/463، ح3556، وصحيح سنن ابن ماجة، ح3865.

([83]) الصواعق المرسلة، 4/1498-1501 بتصرف.

([84]) مختصر الصواعق المرسلة، 2/35، 36.

([85]) مختصر الصواعق المرسلة 2/36.

([86]) انظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/337.

([87]) المصدر السابق 1/336.

([88]) انظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/336، 337.

([89]) الرسالة القشيرية ص255.

([90]) انظر: المصدر السابق، الصفحة نفسها.

([91]) الاستقامة 2/10.

([92]) المصدر السابق 2/11، 12.

([93]) الرسالة القشيرية ص255.

([94]) سبق تخريجه.

([95]) الاستقامة 2/12، 13.

([96]) انظر: الاستقامة ص13.

([97]) انظر: الرسالة القشيرية ص255-259.

([98]) الاستقامة 2/13، 14.

([99]) انظر هذه الحكايات والقصص في الرسالة القشيرية ص256-259.

([100]) انظر: الرسالة القشيرية ص259.

([101]) الاستقامة 2/15.

([102]) مدارج السالكين 3/44.

([103]) الاستقامة 2/26، 27.

([104]) المصدر السابق 2/27.

([105]) المصدر السابق، 2/45.

([106]) انظر: الاستقامة 2/16، 17.

([107]) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الدعوات، باب فضل الذكر، ح3375، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وابن ماجة في سننه، كتاب الأدب، باب فضل الذكر، ح3793، وأحمد في المسند 4/188، 190 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/385، وصحيح سنن ابن ماجة 2/317، ح3060.

([108]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: } وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ{، ح7405، ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء، ح2675.

([109]) الاستقامة، 2/16، 17.

([110]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية، ح104.

([111]) مدارج السالكين 3/45، 46.

([112]) المصدر السابق 3/46، الحاشية.

([113]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سمع فيهم الأذان، ح382.

([114]) انظر: الاستقامة 2/16، 17، 18.

([115]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب فضل التأذين، ح608، وأخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، ح389.

([116]) انظر: الاستقامة 2/18، 19.

([117]) جاء ذلك في حديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء، ح3324، 3325.

([118]) الاستقامة 2/19، 20.

([119]) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب ما جاء في الديك والبهائم، ح5104، وأحمد في المسند 3/355، 306، والبخاري في الأدب المفرد، باب نباح الكلب ونهيق الحمار، ح1233، 1234، وصححه الألباني في تحقيقه للأدب المفرد، وفي السلسلة الصحيحة، ح1518.

([120]) مدارج السالكين 3/46.

([121]) الاستقامة 2/20، 21.

([122]) مدارج السالكين 3/47، وانظر الاستقامة لشيخ الإسلام 2/21، 22.

([123]) الرسالة القشيرية ص259.

([124]) الاستقامة 2/22، 23.

([125]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس، ح86، وفي مواضع أخرى من الصحيح، وأخرجه مسلم، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، ح905.

([126]) الاستقامة 2/24، 25.

([127]) المصدر السابق 2/24.

([128]) المصدر السابق 2/27.

([129]) الاستقامة 2/28.

([130]) انظر: الرسالة القشيرية ص256، 322.

([131]) الاستقامة 2/63، 64.

([132]) الرسالة القشيرية ص256.

([133]) الرسالة القشيرية ص256.

([134]) المصدر السابق ص257.

([135]) انظر: الاستقامة 2/29.

([136]) الاستقامة 2/29، 30.

([137]) الاستقامة 2/30، 31.

([138]) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، ح2140 وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه ابن ماجة، كتاب الدعاء، باب دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ح3834، وأحمد في المسند 4/182، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/444، ح2140.

([139]) الاستقامة 2/32-36.

([140]) الاستقامة 2/37، 38.

([141]) المصدر السابق 2/38، 39.

([142]) انظر: المصدر السابق 2/39.

([143]) الاستقامة 2/40-42، وانظر ص43-62.