×
رسالة مختصَرة في أضرار المُسْكِرات والمُخَدِّرات؛ كالخمر، والدُّخَان، والْقَات، والحبوب المُخَدِّرة الضارَّة بالبَدَن، والصِّحَّة، والعقل، والمال، وهي مُستَفادَة مِن كلام الله - تعالى - وكلامِ رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلامِ العلماء المُحَقِّقِين والأطبَّاءِ المُعْتَبَرِين.

 من أضرار الخمور والمسكرات والمخدرات والدخان والقات والتنباك

جمع وتحقيق: لفقير إلى الله تعالى

عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله

غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين


 مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أرْسَلَهُ الله رحمةً للعالمين، صلوات الله وسلامُه عليه، وعلى آله وأصْحابه أجمعين، ومَنْ تبِعهم بإحسان، واقْتَفَى أَثَرهم على الحقِّ إلى يوم الدِّين.

وبعدُ:

فهذه رسالة مختصَرة في أضرار المُسْكِرات والمُخَدِّرات؛ كالخمر، والدُّخَان، والْقَات، والحبوب المُخَدِّرة الضارَّة بالبَدَن، والصِّحَّة، والعقل، والمال، وهي مُستَفادَة مِن كلام الله - تعالى - وكلامِ رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلامِ العلماء المُحَقِّقِين والأطبَّاءِ المُعْتَبَرِين للذِّكرى، والذِّكرى تنفع المؤمنين، نسأل الله تعالى أن ينفعَ بها مَن قرأها أو سمعها، وهو حسبُنا ونِعْم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


 من آفات الخمْر وأضرارها

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة:90 - 91].

فقد نهى الله - عزَّ وجل - في هذه الآية عن الخمر، وحذَّر منها؛ وفي الحديث: «اجتَنِبوا الخمْر؛ فإنها أمُّ الخبائث، وهي مِفْتَاح كلِّ شرٍّ»([1])، فمَن لَم يجتنبها فقد عصى الله ورسوله، وقد لُعِنَ شاربُها في عِدَّة أحاديث؛ ففي الحديث الصحيح: «إن الله لعَن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وشاربها، وآكل ثمنها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، ومستقيها»([2]).

والخمر ما خامَر العقلَ؛ أي: غطَّاه، سواء كان رطبًا أو يابسًا، أو مأكولاً أو مشْروبًا، وكلُّ مُسْكِر خمر، وكل خمرٍ حرام، وللخمر أضرارٌ كثيرة في: الصِّحَّة والمال، والدِّين والدُّنيا والآخرة، ذَكَرَها الإمامُ ابن القيم في كتابه "حادي الأرواح"، والذهَبي في "الكبائر"([3] فمنها:

1- أنَّ الخمر تغتال العقل.

2- تُكثِر اللَّغو على شاربها.

3- تنزف المال، وتُصَدِّع الرأس.

4- هي رِجْس مِن عمَل الشيطان.

5- تُوقِع العداوة والبغضاء بين الناس.

6- تصدُّ عن ذكْر الله وعن الصلاة.

7- تدعو إلى الزنا، وربما دعتْ إلى الوقوع على البنت والأخت وذوات المحارم.

8- تُذْهِب الغَيْرة من قلب شاربها.

9- تُورِث الخِزْيَ والندامة والفضيحة.

10- تُلْحِقُ شاربها بأنقص نَوْعِ الإنسان، وهم المجانين.

11- تسلبه أحسن الأسماء والسِّمات.

12- وتكسوه أقبح الأسماء والصفات.

13- تسبب قتل النفس، وإفشاء السر، الذي في إفشائه مضرَّته وهلاكه.

14- تهتك الأستار، وتظهر الأسرار.

15- تُهَوِّن ارتكاب القبائح والإثم.

16- تُخْرِج من القلب تعظيم المحارم.

17- المُدَاوِمُ على شربها كعابد وَثَن.

18- أنها جِمَاعُ الإثم، ومفتاح الشر.

19- أنَّ مَن شَرِبها في الدنيا لَم يشربْها في الآخرة.

20- أن مُدْمِنَها إذا مات ولَم يَتُبْ لا يدخل الجنة.

21- أنَّ السَّكْران لا يقبل الله منه حسنة.

22- أنَّ مَن شرب الخمر لا يكون مؤمنًا حين يشربها.

23- أن شارب الخمر عليه الحدُّ ثمانون جلدة.

24- لا يُعاد شاربُ الخمر إذا مرض، ولا يسلَّم عليه؛ لأنه فاسقٌ ملعون، قد لَعَنَهُ الله ورسوله، إلا مَن تاب، ومَن تاب تابَ الله عليه.

اللهم تبْ علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم احْفَظ مجتمعنا المسلم من مُوجِبَات غضبك، وأليم عقابك، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.

* * * *


 تتمَّة «من آفات الخمر وأضرارها»([4]) للشيخ: محمد بن سالم البيحاني - رحمه الله.

قال: أضرُّ ما يكون من المعاصي على أصحابها ضرر عاجل بعد الزنا هو الخمرُ، الذي يُهَيِّج المعدة؛ فيسبب القيء، ثم يسبب التهابات مُزمنة فيها، وأخيرًا يتلف الكبد تدريجيًّا، ثم يكون بعده الاستسقاء القاتل، ومَنْ أدْمَن الخمر تصلَّبت شرايينُه، وتأثَّر بها قلبه وكلاؤه ومخُّه، وضعف جسمه ضعفًا يَعْجز معه عن مُقاومة الأمراض المُعْدية، وأولاده يُصَابون بالصرَع، والجنون، والشلَل، وضعف الإدراك، ويفسد عقله ومزاجه، ويذهب ماله وكرامته، وذكر بعض الأطباء من مضارِّ الخمر أربع عشرة خَصْلة، وهي:

1- أنها تخدِّر المراكز العَصَبية العُلْيا؛ فيصاب شاربُها بجنونٍ وقيء؛ فيلحق الأذى بالناس وبنفسه.

2- تنبه القلب تنبيهًا شديدًا يعقبه ضعفٌ وهبوطٌ.

3- تضعف مناعةُ الإنسان ضد العدوى بالأمراض.

4- مدمن الخمر يُعَرَّض للإصابة بالسُّلِّ أكثر من غيره.

5- نسبة نجاح العمليات الجراحية في مدمن الخمر قليلة.

6- أُجْرِيَ فحصٌ دقيق في عدَّة مستشفيات للأمراض العقلية في أنحاء مختلفة منَ العالَم، وقد أسفر هذا الفَحْص عن أن ما يقرب من 50 % من نُزلاء تلك المستشفيات سُلالة آباءٍ اعتادُوا شرْبَ الخمر.

7- الخمر تتلف الكبد والكُلَى، وتسبب الضَّعْف: العقلي، والجسْمي، والعصبي.

8- المصابون بضَعْف الدم، والبول السكري، وأمراض القلب، لو شربوا الخمر كانوا بمثابة المنتحرين.

9- أن الخمر لا تساعد على الهضْم، بل هي على النقيض، تُعرقل عملية الهضْم.

10- ليس للخمر - وهي رجْسٌ مِن عمَل الشيطان - أيُّ قيمةٍ غذائية.

11- مُدمن الخمر الفقير يُنفق مِن ماله على كؤوسِ الخمر أضعافَ ما ينفقه على صِحَاف الطعام، وهو يجوع ليسكر، ولكن على حساب صحَّتِه وصحة زوجته وأطفاله الصغار؛ فيَتَعَرَّضُون جميعًا للأمراض الفَتَّاكة.

12- تدل الإحصائيات الطبية أنَّ نسبة كبيرةً من الذين يُصابون بالأمراض التناسلية تعرَّضوا لهذه الأمراض على أَثَر شُربهم للخمر.

13- ما من مدمن للخمر أعقب نسلاً قويًّا؛ حيث إنَّها تورث صفات الضعْف للجنين من الخلية الضعيفة التي تكونه.

14- أن أكثر من 40 % من حوادث السيارات يرجع السببُ فيها إلى الخمر، ولا شك أن فتْك الخمر بالناس أشدُّ من فتك الطاعون والحروب والمجاعات، فلا يَتَحَقَّق الفلاح إلا باجتنابها، وبالله التوفيق.

فائدة:

الحكمة من تحريم الخمر هي المحافظةُ على سلامة دين المسلم، وعقله، وبدنه، وماله.

* * *


 حكم شُرْب الدخان، وبيعه، وشرائه

الحمد لله الذي أحلَّ لنا الطَّيِّبات النافعة، وحرَّم علينا الخبائث الضارَّة لأجسامنا وعقولنا وأموالنا، والصلاةُ والسلام على عبْده ورسوله محمد الذي أرْسَلَهُ رحمةً للعالمين، والذي نهانا عن كل مُسْكِرٍ ومُفَتِّر، ونهانا عن إضاعة المال؛ رحمةً بنا وإحسانًا إلينا.

وبعدُ:

فقد أفتى العلماء - رحمهم الله تعالى - بتحريم شُرْب الدخان وبيعه وشرائه؛ لما فيه منَ الأضرار الدينية، والدنيوية، والاجتماعية، والصِّحِّيَّة، وإليك خلاصةَ الأدلة على ذلك:

1- أنه دخان لا يُسْمِن ولا يغني من جوع.

2- أنه مُضِرٌّ بالصحة الغالية، وما كان كذلك يحرم استعماله.

3- أنه مُفَتِّرٌ ومُخَدِّر، وقد نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنْ كل مُسْكِرٍ وعن كل مخدِّر ومُفَتِّر، في الحديث الذي رواه أحمد، وأبو داود، عن أم سلمة، وصحَّحه السيوطي والعراقي.

4- أنه من الخبائث المحَرَّمة بنَصِّ القرآن؛ قال الله - تعالى - في وصف نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: 157].

5- أنَّ رائحة الدخان تُؤذي الناس الذين لا يستعملونه، بل وتؤذي الملائكة الكرام؛ لأن الملائكةَ تتأذَّى مما يَتَأَذَّى منه بنو آدم، وقد حرَّم الله أذية المسلم؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58].

وفي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَن آذى مسلمًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومَن آذى الله يُوشِك أن يأخذه))؛ رواه الطبراني في "الأوسط"، عن أنس بن مالك.

6- أن إنفاق المال في الدخان إسرافٌ وتبذيرٌ، وإضاعة للمال، والله لا يحبُّ المسرفين، وأخْبَر أن المبذِّرين إخوان الشياطين، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعة المال، وأيُّ إضاعة أعظم من إحراقه بالنار؟!

ولو رأينا شخصًا يحرق نقوده بالنار لَحَكَمْنا عليه بالجنون، فكيف بإحراق المال، والجسم، والصحة جميعًا؟! عافانا الله وإخواننا المسلمين من ذلك.

وإذا ثبت أنَّ شُرْب الدخان مُحَرمٌ؛ فيحرم بيعُه وشراؤه وثمنه؛ لأنَّ الله إذا حرَّم شيئًا حرَّم ثمنه، وعلى مَنْ كان يستعمله أن يتوبَ إلى الله - تعالى - منه، كما يجب عليه أن يتوبَ إلى الله - تعالى - من جميع الذنوب قبل أن يَفْجأه الموت وهو على هذه الحالة، فيَلْقى الله عاصيًا، فيندم حين لا ينفعه الندَم، وليتذكر المسلم أنه يصومُ رمضان فيصبر عن الطعام والشراب، والطفل يفطم عن ثَدْي أمِّه فينفطم، والرجل يَتَمَتَّع بالعلم والعقل والإرادة، فإذا عرف أنَّ الدخان مُضِرُّ ومحرَّم، فعليه أن يعزمَ ويُصَمِّمَ على تَرْكه لله، ومَن تَرَك شيئًا لله؛ عوَّضه الله خيرًا منه، والجزاء من جنس العمل، وبالله التوفيق.

* * *


 من أضرار التدخين

هذه الأضرار مُستفادة من الواقع، وقد دلَّ عليها كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وكلام العلماء المُحَقِّقين والأطباء المعتَبَرين؛ فمنها أنَّ التدخين:

1- يفسد القلب، ويضعف القُوَى.

2- يُغَيِّر اللون بالصُّفرة، وخصوصًا الأسنانَ.

3- يَجْلب البلغم، والسُّعال، والأمراض الصَّدْرية.

4- يورث السُّلَّ الرِّئوي، ومرض القلب، والموت بالسكتة القلبيَّة.

5- يسبب فساد الذوق، وعُسْر الهضم، وقلَّة الشهيَّة للطعام.

6- يخرب كُرَيَّات الدم، ويؤثِّر على القلب بتشويش انتظام ضرباته.

7- أنه معدودٌ من الخبائث عند ذوي الطبائع السليمة.

8- أنَّ إنفاق المال فيه إسرافٌ وتبذير في معصية الله.

9- أنه مُفَتِّر باسترخاء الأطراف، وصيرورتها إلى وَهَنٍ وانكسار.

10- كون رائحته الكريهة تؤذي الناس الذين لا يستعملونه، وتؤذي الملائكة الكرام؛ لأن الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم.

11- أنه مضر؛ بالدين، والدنيا، والآخرة.

12- أنه يشوي الوجوه، ويسوِّد الشِّفاه، ويوسخ الأسنان.

13- يُؤَثِّر في القلب فيُحْدِث فيه الرجفات، وفي الرِّئتَيْن فيُحْدِث سعالاً، وفي المعدة فيُنْشِئ فيها ضعف، وفي العينين فيحدث فيهما رمدًا، وفي المجموع العصبي فتورًا.

14- أنَّ الدول الكبرى تُحارب الدعاية إلى شرْب الدخان، وتكتب على علبه التحذير من شربه وضرره، وقد قيل: الحقُّ ما شهدت به الأعداء.

15- شرْب الدخان خَلَلٌ في الحقْل المعيشي؛ حيث إنه نفادٌ للمال، وهدمٌ للصحة.

16- الدعاية إلى شُرْب الدخان تقول: "اشْرَب نارًا، وادفع دينارًا".

17- الدعاية إلى الدخان دعايةٌ إلى فساد الأبدان، وضياع الأموال.

18- الدخان حرام؛ بالشرع، والعقل، والفطرة، فاحذر مِن شُرْبه، وتُبْ منه - تاب الله عليك.

19- قبل أن تشرب الدخان فكِّر: هل هو حلال أو حرام؟ وهل هو نافعٌ أو ضار؟ وهل هو طيب أو خبيث؟ فسوف تجده حرامًا ضارًّا خبيثًا.

20- ثبَت طبيًّا أنَّ شُرْب الشيشة يُسَبِّب الدرن الرِّئوي.

21- أن في شرْب الدخان دعوةً بالفعل إلى استعمال هذه العادة الضارَّة بالمجتمع، خصوصًا إذا كان ممن يقتدى به؛ كالآباء، والمدرِّسين.

22- إذا أدركت - أيُّها المسلم - مَضَارَّ الدخان، وتَحَقَّقَتْ حُرمته، فعليك بما يلي:

أ- كراهته لله.

ب- عقد العزم والتصميم على ترْكه.

ج- ترْكه لله، ومَن تَرَكَ شيئًا لله عوَّضه اللهُ خيرًا منه.

د- استعمل بدله سواكًا أو علكًا أو غيره من الحلال الطيِّب.

هـ- اجتنب مجالسة مَن يشربه؛ والله يحفظك، ويتولاك، ويكون في عونك.

* * *


 من أضرار القَات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، نبينا محمد الصادق الأمين، الذي أحلَّ لأمَّته الطيبات، وحرَّم عليهم الخبائث.

وبعدُ:

أيها الأخ المسلم، في كل بلدٍ ابتلي أهله بأكل الْقَات، وما سواه من المخدِّرات، اعلم - وفقني الله وإياك وجميع المسلمين - أن الله أحل لنا الطيبات، وحرَّم علينا الخبائث في كتابه العزيز؛ رحمة بنا، واعلم - رحمك الله - أن القات من الخبائث؛ لعدة أسباب؛ منها:

1- أنه ضارٌّ بالبدن، وينشأ عنه أمراضٌ خطيرة مُتَنَوِّعة، وقد حرم الله الإضرار بالنفس.

2- أنه مُخَدِّرٌ ومُفَتِّرٌ، وقد نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلِّ مسكر ومُفتِّر.

3- أنه مُضيِّع للوقت في غير فائدة، بل ويفوِّت آكلُه بعضَ الصلوات فلا يؤديها في وقتها، وهذا حرامٌ بنصِّ الكتاب؛ كما قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4 - 5].

4- أن النَّفَقة في شرائه من إضاعة المال التي نَهَى الله عنها، ومن التبذير الذي حرَّمه الله - تعالى - لأنها نفقةٌ في غير وجْهٍ مشْروع.

فاتَّق الله يا آكل القَات، ويا متعاطي الحشيشة، وجوزة الطيب، والتنباك شربًا أو سُعُوطًا، أو مضْغًا أو غير ذلك، اتَّق الله، واترك هذه الخبائث المضرَّة بدينك، وبدنياك، ومالك، وتُبْ إلى الله - تعالى - الذي أحلَّ لك الطيبات النافعة، وحرم عليك الخبائث الضارة القبيحة، أسأل الله - تعالى - أن يهديني وإياك إلى صراطه المستقيم([5]).

وقال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي في رسالته: "نصيحة الإخوان عن تعاطي القات والتبغ والدخان":

يَا بَاحِثًا عَنْ عُفُونِ الْقَاتِ مُلْتَمِسًا

تِبْيَانَهُ مَعَ إِيجَازِ الْعِبَارَاتِ

كُلْهُ لِمَا شِئْتَ مِنْ وَهْنٍ وَمِنْ سَلَسٍ

وَمِنْ فُتُورٍ، وَأَسْقَامٍ وَآفَاتِ

كُلْه لِمَا شِئْتَ مِنْ لَهْوِ الْحَدِيثِ وَمِنْ

إِهْلَاكِ مَالٍ وَمِنْ تَضْيِيعِ أَوْقَاتِ

لَقَدْ عَجِبْتُ لِقَوْمٍ مُولَعِينَ بِهِ

وَهُمْ مُقِرُّونَ مِنْهُ بِالْمَضَرَّاتِ

فِي الدِّينِ وَالْمَالِ وَالْأَبْدَانِ بَلْ شَهِدُوا

بُسُكْرِهِمْ مِنْهُ فِي جُلِّ المَحِلَّاتِ

إِنِّي أَقُولُ لِشَارِيهِ وَبَائِعِهِ

إِنْ لَمْ يَتُوبُوا لَقَدْ بَاؤُوا بِزَلَّاتِ

والبردقان بِهَا الجُهَّالُ قَدْ فُتِنُوا

حَتَّى رَأَوْا أَكْلَهُ مِنْ خَيْرِ مُقْتَاتِ[6]

كَذَا الدُّخَانُ بَأَنْوَاعٍ لَهُ كَثُرَتْ

وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ نَوْعِ الدَّنِيئَاتِ

داءٌ عُضَالٌ وَوَهْنٌ فِي الْقُوَى وَلَهَا

رِيحٌ كَرِيهٌ مُخِلٌّ بِالْمُرُوءَاتِ

أَلَيْسَ فِي آيَةِ الْأَعْرَافِ مُزْدَجَرٌ

لِطَالِبِ الْحَقِّ عَنْ كُلِّ الْخَبِيثَاتِ[7]

وَالنَّهْيُ جَاءَ عَنِ التَّبْذِيرِ مُتَّضِحًا

وَعَنْ إِضَاعَةِ مَالٍ فِي البِطَالاتِ

دَعْ مَا يَرِيبُكَ يَا ذَا اللُّبِّ عَنْكَ إِلَى

مَا لا يَرِيبُكَ فِي كُلِّ المُهِمَّاتِ

ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ مَعَ التْـ

تَسْلِيمِ تَغْشَاهُ مَعْ أَزْكَى التَّحِيَّاتِ[8]

* * *


 الحشيشة

مادةٌ مخدِّرة تُسْتَحْضَرُ من نبات يسمى: (القِنَّب)، وهي من الخبائث المحرَّمة، قال الإمام الذهبي في "الكبائر" (ص48): "والحشيشة المصنوعة من ورق القِنَّب حرامٌ كالخمر، يُحَدُّ شاربُها كما يحد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج؛ حتى يصير في الرجل تَخَنُّثٌ ودياثة، وغير ذلك من الفساد، والخمر أخبث من جهة أنها تُفْضِي إلى المخاصَمة والمقاتلة، وكلاهما يَصُدُّ عن ذِكْر الله وعن الصلاة، وهي نجسة كالخمر، وبكلِّ حالٍ فهي داخلة فيما حرَّم اللهُ ورسولُه من الخمر المُسْكِر لفظًا ومعنًى، وداخلة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ))؛ رواه مسلم، وفي قوله: ((ما أَسْكَر كثيرُه فقليلُه حرام))[9].

* * *


 تتمَّة من أضرار القَات والتِّنباك والبردقان والشَّمَّة

قال في "إصلاح المجتمع" بعد أن تَكَلَّم على تحريم الخمر وأضرارها، والحشيشة وأضرارها، قال - ما ملخصه -: وهنا أجد مناسَبة وفرصة سانحة للحديث عن القات والتنباك، والابتلاء بهما عندنا كثير([10])، وهما من المصائب والأمراض الاجتماعية الفتَّاكة، وإن لَم يكونا من المسكر، فضررهما قريب من ضرَر الخمر والميسر؛ لما فيهما من:

1- إضاعة المال.

2- وذهاب الأوقات.

3- والجناية على الصحة.

4- وبهما يقع التشاغُل عن الصلاة، وكثير منَ الواجبات المهمة.

5- ومعلوم من أمر القات أنه يؤثِّر على الصحة البدنية، فيحطم الأضراس.

6- يهيج الباسور.

7- ويفسد المعدة.

8- ويضعف شهية الأكل.

9- ويَدِرُّ السلاس، وهو (الودي).

10- ربما أهلك الصُّلْبَ، وأضعف المني، و أظهر الهزال.

11- ويسبب القبض المزمن، ومرض الكُلَى.

12- وأولاد صاحب القَات غالبًا يخرجون ضِعَافَ البنية، صِغَارَ الأجسام، قِصَار القَامَة، قليلٌ دَمُهم، مصابين بعِدَّة أمراضٍ جنسية.

13- أما التِّنْباك - وهو التبغ - فضرره أكبر، والمصيبة به أعظم، وهو من الخبائث التي نهى الله عنها، ولو لَم يكن فيه من شَرٍّ إلا ما شَهِد به الأطباء لكان كافيًا في تجنُّبِه والابتعاد عنه.

14- وأخبث من ذا وذاك مَنْ يمضُغ التِّنْبَاك، ويجمعه مطحونًا مع مواد أخرى، ثم يضعه بين شفتيه وأسنانه، ويسمى ذلك (الشمة) فيبصق متعاطيها حيث كان بصاقًا تعافه النفوس، ويتقذر به المكان.

15- وبعضهم يستنشق التنباك بعد طحنه، وهو (البردقان)، يصبُّه في أنفه صَبًّا يَفْسَد به دماغه، ويجني به على سمعه وبصره([11]).

أعاذنا الله والمسلمين من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وعافانا من الخبائث الضارة، وأصلح لنا الدين والدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.


 مضار الحبوب المخدرة، وما يسمى (حبوب الكنغو)

وهي حبوبٌ ضارَّةٌ ضررًا عَظيمًا؛ لكونها صُنِعَت خصيصًا لمقاصد سيئةٍ غير خافية على الفَطِن، وتحتوي على قدرٍ كبير منَ المُنَبِّهات الضارة، وعلى مادة يُرْوَى أنها خليطٌ من مادة الكُحُول والبِنْج والأَفْيُون، وهذا شيء من أضرارها:

1- أنها مُفَتِّرةٌ ومُخَدِّرَةٌ، وقد نُهِينا عن كلِّ مُفَتِّرٍ وعن كل مسكرٍ، في الحديث الذي رواه أحمد، وأبو داود.

2- ثبت من التجارِب أن تناوُل الحبوب يُنَشِّف الدِّماغ، ويُحْدِث لصاحبه الخَبَل أحيانًا، وأنه يتولَّد عن أكلها إفرازاتٌ غيرُ طبيعية، تسبِّب الغَثَيَان والدوار، وتضاعف ضربات القلب.

3- ما رُئِي أن إدمانَ أكلها يسبب تَقَرُّص الطحال بنقط سوداء وصفراء تُفْرِزُ مادةً خبيثة تُكَوِّن في مجموعها قُرُوحًا منتنة، تزداد سوءًا إلى أن تَتَعَطَّل عنده وظيفة الطحال؛ فتأخذ طريقها إلى التَّضَخُّم والتَّعَفُّن والسَّيَلان، مع ما يصاحبه من إفرازات غريبة هي المرض الذي يُوهِن قُوَى المصاب، فلا يزال في هبوط وانحراف في صحته حتى يُسْلِم روحه لبارئها، قتل نفسه، فما هو عذره عند الله وقد حرَّم الله عليه الخبائث، وأنذره منها، وحرَّم عليه قتل نفسه؟!

4- أنه يخرب بيته بيديه بما فعل، ويهدر كرامته، ويسقط عدالته الشرعية بين المسلمين.

5- أنه يكون قدوةً سيئة لمن يُقَلِّدونه من الجهَلة، وعليه مِثْل آثامهم من غير أن ينقصَ من آثامهم شيئًا.

6- أن هؤلاء الصنف من الناس يفتحون أبواب الشر بأيديهم، ويدعون الناس إلى الدخول فيها، فالدعوة إلى الضلالة كما تكون بالأقوال تكون بالأفعال؛ كمَن يتناول شيئًا من المخدِّرات أو المسكرات؛ كالخمر، والدخان، والقات، والشيشة، ويفعل هذا مِرَارًا، ويقتدي به آخرون، يقلدونه على فسْقِه، فعليه مثل آثامهم؛ بما عرفوا الحق وعاندوه وأعرضوا عنه.

7- أن ضرر حبوب الكنغو لا يقتصر على متناولها فحسب، بل يَتَعَدَّاه إلى ذريته وذويه وجلسائه بحكم الاختلاط، وتأثير المساس، وفقدان الإحساس.

8- أثبَتَت التجارب أن هذه الحبوب تفتك بالأجسام، بل أضر من فتك الأفيون والحشيش؛ لما يصاحب تناولها من سرعة سريان الأمراض؛ لما تَقَدَّمَ.

9- أن تناولها يُحدث التَّشَنُّجات العصبية، وشلل الأطراف الناتج عن تَخَثُّر الدم أحيانًا؛ مما يحدث اختلالاً بالدورة الدموية؛ فلا تنتظم انتظامًا طبيعيًّا؛ فينتج عن ذلك ارتباك حالته الصحية، ونوبات قلبية تُقْلِق راحة المصاب، وتُنَغِّص عيشه، وتكدِّر صَفْوَ حياته.

10- ما رُئِي أن هذه الحبوب تُحدِث زغللة في بصَر مُتَعاطِيها؛ فتختلط أمامه المرئيات، وتتَغَيَّر الألوان؛ فيرى النوع نوعَيْن، والشاة شاتين، ويرى الشمس صفراء أحيانًا وهو في الطريق في رابعة النهار، وهذه الزغللة تُشْبِه ما يحدث عند السكران، إلا أنها أخطر وأطول ملازمة.

11- أن تناوُل هذه الحبوب وغيرها من المخدِّرات المذكورة تُنَمِّي في نفسية الشخص الخوف الملازم له في كلِّ حركاته وسكناته، فهو خائف يَتَرَقَّب، قَلِقٌ لا يهدأ له بالٌ، ولا يقر له قرار، يحسب كل صيحة عليه، أولئك الصنف من شِرَار الناس، قد أحاطتْ بهم المخاوِف من جميع جهاتهم، فهم يَخافون سوء العاقبة، ويخافون استحكام الأمراض فيهم، ومخاوف كثيرة تقُضُّ مضاجعهم، وتصم آذانهم، وتُعمي بصائرهم، كما تخفض معنوياتهم، وتسلبهم مقوِّمات الرجولة، وبذلك يتحلَّلون من كلِّ فضيلة، ويتَّصفون بكل رذيلة، ويصبحون من شرِّ الدواب عند الله، الصُّمّ البُكْم الذين لا يعقلون.

فاتَّقوا الله - أيها الإخوة المؤمنون - في أنفسكم، وارحموها أن يمسَّها العذابُ بسبب شهوةٍ خاطفة محرَّمة، واحذروا هذه السمومَ القاتلةَ، واعتبروا بضحاياها من البشر، ممن لا يُحْصَون عددًا، مَضَوا بأفعالهم، ارتهنوا بأعمالهم، وقد عاب الله على مَن اتَّخذ إلهه هواه؛ فقال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 23].

فاللهم رُدَّ الشاردين عن الحق إلى حظيرته، وقِنَا وإياهم برحمتك عذابَ الجحيم، اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، آمين يا رب العالمين([12]).


 إعلان عن الدخان وغيره

الحمد لله رب العالمين، المستحق لجميع المحامد والكمال والجلال، وأصلي وأسلم على نبيه ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي اصطفاه واجتباه وفَضَّلَه على جميع بريَّتِه، وقَرَن ذكرَه بذكْرِه، وشَقَّ له مِن اسمه ليجلَّه؛ فحاز من ربه أسنى المقامات وأعلى الكمال، وعلى آله وصحبه خير صحب وآل.

أما بعدُ:

فهذه نُبْذَة مختصرة في ذكر شيءٍ من أضرار الدُّخان، وما يَتَرَتَّب عليه، وذكر الأدلة الدالة على أنه من الخبائث التي حرَّمَهَا الله؛ قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: 156 - 157]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ﴾ [البقرة: 172].

فبيَّن - تعالى - أنه بعَث نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الثَّقَلَين يأمرهم بالمعروف.

والمعروف هو الذي تعرف حسنَه العقولُ والفِطَر السليمة، وتطمئن له، ويعود نفعه إلى الخلق في مَعَاشِهم ومَعَادِهم، وتستقيم به حياتهم ومجتمعاتهم، وينهاهم عن المنكر الذي تنكره وتنفر منه العقول السليمة، وتعرف ضرره في العاجل والآجل مما يضرها في معاشها ومعادها، وأبدانها وعقولها، وعاجل أمرها وآجله.

وأخبر - جلَّ ذكرُه - أنه أَمَر نبيه أن يحلَّ لهم الطيبات، ويُحَرِّم عليهم الخبائث، فأمَرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين بالأكل من الطيبات، فصرح لهم - جل ثناؤُه - بإباحتها واستعمالها، والتلذُّذ بها وشكره عليها، ومِنْ شكرها الاستعانة بها على طاعته ومرضاته، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

وأخبر في محكم كتابه العزيز أنه أمَر نبيَّه عن أمره وتشريعه بحل الطيبات، وتحريم الخبائث، وهذا من بلاغة القرآن، فإنَّ هذه الجملة القصيرة عامة بحل الطيبات من المآكل والمشارب، والملابس والمناكح وجميع المباحات.

كذلك حرَّم عليهم جميع الخبائث مما يضرهم من المآكل والمشارب، والملابس والمناكح، وجميع المحرمات، فإنَّ الشارع الحكيم لَم يُحَرِّم على الأمة إلا ما يضرهم في معاشهم ومعادهم، وعاجل أمرهم وآجله.

ومن جملة الخبائث الظاهر ضررها: الدُّخَان، الذي ابْتُلِي به جُملة من الناس وصار لديهم - والعياذ بالله – كالمباح، من جهلهم بما ينفعهم ويضرهم، فاستحسنوا القبيح، مع أنه لا يخفى قبحه وضرره على جميع الناس ممن استعمله وممن لم يستعمله، وفيه من الضرر ما لا يُحَدُّ ولا يُعَدُّ، ولنذكر من ذلك طَرَفًا من مضارِّه:

1- فمن ذلك أنه يضعف البدن، ويُوهِي قواه المادية والروحية.

2- ومن ذلك أنه يُحْدِث السُّعال المؤدي إلى مرض السل الرِّئَوي ومرض القلب؛ فيحدث موت السكتة القلبية، فيا عجبًا ممن يضر نفسه؛ بل يقتل نفسه بنفسه!

مَا يَبْلُغُ الْأَعْدَاءُ مِنْ جَاهْلٍ

مَا يَبْلُغُ الْجَاهِلُ مِنْ نَفْسِهِ

3- ومن ذلك أنه يحدث الرائحة الكريهة في الفم؛ من اصفرار الأسنان، وتراكُم الأوساخ عليها؛ فيؤدِّي ذلك إلى تآكُلها وذهابها.

4- ومن ذلك أن جملةً منَ الأطباء المعتبرين الحُذَّاق قرَّروا أنه يحدث داء السرطان الرئوي، ولو لَم يكن فيه إلا هذه المَضَرَّة الواحدة، لكان الجدير بالعاقل اللبيب الذي يحافظ على صحته وحياته وكيانه أن يجتنبَه.

5- ومن ذلك أنه مِن أكبر دسائس الشيطان التي يستدرج بها الإنسان إلى ما هو أعظم منه؛ فإنه وسيلةٌ وبريد للمسكرات - أمهات الخبائث - من الحشيشة والخمر والأفيون - أعاذنا الله من ذلك.

6- ومن ذلك ما فيه من إضاعة المال، الذي يعود عليه ضرره ووزره ويعاقب عليه.

7- وجميع المسلمين قد رَأَوْا خبثه وضرره، وما رآه المؤمنون حسنًا، فهو عند الله حسن، وما رآه المؤمنون قبيحًا، فهو عند الله قبيح.

8-  وقد قال بعض الأطباء المُعْتَبَرِين: إنه لا يشرب الدخان إنسانٌ سليم العقل، بل كل مَن يشربه فإنه مصابٌ في عقله بشعبة من الجنون؛ لأنه لو كان عنده عقل قويم مستقيم كامل لَم يُدْخلْ دخانًا في جوفه؛ فإنه يعمل في جوفه، ويؤثر فيه كما يؤثر الدخان في جدران المنزل الذي تشبُّ فيه النار.

فليُحَكِّم الإنسانُ عقْلَه، ولينظر في مصلحته، وليحتفظ بصحته، وليتدبر إرشادات سيده أرحم الراحمين، الذي هو أرحم بك من نفسك؛ قال تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، ومَنْ قتل نفسه أو تَسَبَّب لها بقتْل، فقد أوجب الله له النار - والعياذ بالله - وكل عاقل ينظر لعواقب الأمور وما تؤول إليه، والعاقل يبذل كل سبب لصحة بدنِه.

وقد حاولتْ بعض الدول الأوروبية منعه؛ لما رَأَت فيه من الضرر والفتك في العالم؛ فكم له من ضحية! وكم أوقع في بلية! وكم جَرَّ إلى رزيَّة، مع إخلالٍ في المروءة والشرَف، والقدح في الشهادة!

9- ومن ذلك أنه يؤدي إلى مصاحبة قُرَنَاء السوء؛ من الفَسَقَة، والسَّفَلة، وذوي الأخلاق المُنْحَطَّة، الذين كثير منهم لا خلاق لهم في الآخرة.

ولو استَقْصَيْنا ذِكْر مضاره لَسَجَّلْنا من ذلك سِفْرًا ضخْمًا، ولكن العاقل اللبيب تكفيه الإشارة، فما أجدر ذوي العقول الحصيفة المريدين السلامة لصحتهم، ومروءاتهم، وذويهم، أن يجتنبوا هذا الخبيث الذي تقدَّم بيانُ شيء من مضاره والأدلة عليها، مع أنَّ العالم بأجمعه لَم يعرفْ فيه فائدة واحد، بل إنه محشو بالمضارِّ التي لا يحصيها إلا الله!

وقد عَوَّضَنا الله عن الخبائث بالطيِّبات النافعة اللذيذة بما فيه غنية وكفاية تامَّة عمَّا حرَّم الله علينا؛ قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: 32]، فقد أباحها المُنْعِم المتفضِّل بها، ومنحها عباده المؤمنين، وأمرهم بتناولها والاستمتاع بها في الحياة الدنيا حلالاً طيبًا خالصة لهم يوم القيامة من الشوائب.

وبالجملة يجب على جميع المسلمين مجانَبة جميع الخبائث والمنكرات، وتغيير وإنكار ما فشا منها وظهر:

1- ومن أعظم ذلك: ترك الصلاة الذي هو الكفر.

2- ومن ذلك: تأخيرها عن وقتها([13])؛ كتأخير صلاة الفجر إلى ما بعد طُلُوع الشمس، والعصر إلى غروبها، فإن ذلك من أعظم الذنوب، وهو أعظم من الزنا وشرب الخمر - أعاذنا الله جميعًا من ذلك كله.

3- ومن ذلك تبَرُّج النساء في الملابس والزينة، واختلاطهن بالرجال في بعض الدوائر والمعارض الذي أَرْبَى على تبرج الجاهلية الأولى، فهذا - والله - لا يقرُّه الدين ولا يرضى به، بل إنه يضاد الشرع الشريف من كافة الوجوه، ويضاد الأخلاق السامية والمروءة والشرف، بل لا يرضى به مَنْ في قلبه إيمان ولا يقره - فالله المستعان.

فإنْ دام هذا ولَم يحدث له تغييرٌ، فإنه - والله - مُؤْذِن بعقوبة تحول السَّرَّاء إلى الضراء، وتحول النِّعْمة نقمةً، وسنة الله في عباده واحدة.

وقد شاهدنا وسمعنا ما حل من العقوبات المنوعة في الماضين والحاضرين، والمجاورين والقاصين؛ من الزلازل والرجف، والتدمير والخسف، والغرَق والقصف؛ ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [فصلت: 53]، ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: 102]، ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر: 14]، لمن ضَيَّع أمره، وارتكب نهيه؛ ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء: 16]، فقد كاد يكون المنكَرُ معروفًا، والمعروف منكرًا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

4- ومن ذلك عكوف كثير من الناس على الملاهي؛ من راديو وتلفزيون، وسينما وفيديو، بما فيها منَ النشرات والأصوات الخليعة التي تهدم الأخلاق الفاضلة، وتنشأ العوائل عليها نشأة لا تُحْمَد عُقْبَاها من الأخلاق الرذيلة:

وَإِنَّمَا الْأُمَمُ الْأَخْلَاقُ مَا بَقِيَتْ

فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلَاقُهُمْ ذَهَبُوا

5- ومن ذلك إضاعة أوقاتهم وأعمالهم النفيسة على تلك الملاهي والمنكرات، التي تُفْضِي بهم إلى الأخلاق السافلة:

... ... ... ... = فَيَا ضَيْعَةَ الأَعْمَارِ تَمْضِي سَبَهْلَلا

فإن الوقت أنفس النفائس، والوقت إن قطعته بما ينفعك، وإلا قطعك بما يضرك، والنفس إن شغلتها بالحق، وإلا شغلتك بالباطل، وكل ما خلا الله باطل، وكل لحظة تُبْعِد الإنسان من الدنيا وتقربه من الآخرة، والدنيا نَفَسٌ من أنفاس الآخرة:

فَمَا هِيَ إِلَّا سَاعَةٌ ثُمَّ تَنْقَضِي

وَيَذْهَبُ هَذَا كُلُّهُ وَيَزُولُ

دَقَّاتُ قَلْبِ الْمَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ

إِنَّ الْحَيَاةَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِ

فساعات عمرك ثلاثٌ: ساعة مضتْ بما فيها، وساعتك الراهنة، فاغتنم عملاً صالحًا فيها، وساعتك الغائبة ما تدْري ما الله قاضٍ فيها.

وليس ينفع العبد سوى الباقيات الصالحات التي يقدِّمها لنفسه، ولا مَنْجى من عذاب الله وعقوبته إلا بتقواه، وتحكيم كتابه وسنة نبيه؛ قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، ﴿لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ﴾ [هود: 43]، ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران: 101].

عصمنا الله وجميع المسلمين عن جميع ما يَتَرَتَّب عليه عضبه، ومَنَّ علينا جميعًا بالاستقامة على ما يرضيه، إنه جوادٌ كريم، وهو حسبُنا ونعْم الوكيل، وهو المستعان وعليه التُّكلان.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أملاه في 15/ 11/ 1383هـ الفقيرُ إلى الله عبدالله المنصور الزامل - رحمه الله.

* * *


 كيف تترك التدخين([14]

أخي المسلم، التدخين أحد وسائل الاعتداء على جسدك باتِّفاق الأطباء، وهو من العادات التي انتشرت في المجتمع رغم ضررها البالغ عليه، والسيجارة التي يتناولها المدخنون تُصنَع من نبات يُقال له: (التبغ)، وهو مادة مُرَّة الطعم مخدِّرة، تحتوي على مواد سامة، وقد قُدِّمت لبعض الكلاب والقِطَط فعافتها واستَقْذَرَتْها، والدخان الذي يتطايَر من السيجارة به أنواع من السموم الفتَّاكة تؤثِّر في جسم المدخن، كلها توجد في الدخان الذي تتناوله، فبعضها يسبب تخريشًا في الجلد، والآخر يسبب البصاق، والسعال، وظهور اللون الأصفر عند المدخن، وقد أجريت تجارِب للتخلص من هذه السموم، ولكنها باءت بالفشل، والآن نذكر أضرار التدخين:

 أولا: أضرار التدخين الصحيَّة:

في الحقيقة أنَّ التدخين يعتبر أَلَدَّ أعداء الصحة، ونذكر بعض الأضرار التي يُسَبِّبها التدخين على صحَّة الإنسان، تاركين الكيفيَّة، والحالات الشاذة:

1- السموم التي ذكرناها تفتك بالأغشية الرقيقة الملتَفَّة حول الأوتار الصوتية؛ فيسبب ذلك البحَّة عند المدخن.

2- يسبب التدخين ضيقًا في التنفُّس؛ بسبب خراب الأكياس الهوائية في الرئتين، ويُسَبِّب آلامًا في الحلْق.

3- يضعف حاسة الشم والذوق، والنظر والقدرة على تمييز الألوان.

4- يزيد من عدد نبضات القلب؛ فينتج عن ذلك السكتة القلبية.

5- تتكدَّس السموم في الكبد، فيشعر المدخن بالتعَب والإرهاق لأيِّ مجهود؛ لأن الكبد لا يستطيع حجز السموم بهذه الكثرة.

6- ارتفاع في ضغط الدم وتَصَلُّب الشرايين الذي يؤدي إلى موت الفَجْأَة.

7- أثبت أحد الأطباء أن التدخين هو سبب مباشر لسرطان الرئة، وذلك بأن أحضر عددًا من الفئران، ووَضَع على جلدها محلول دخان السيجارة فظهر بعد خمسة عشر يومًا ورم سرطان، وكذلك سرطان الرئة يندر بين غير المدخنين، وقد مات بهذا المرض في عام 1963م في بريطانيا 25 ألف شخص، وفي أمريكا 41 ألف شخص.

8- كثره السُّعال عند المدخنين، والتدخين يسبب كذلك توقفًا في نمو الجسم.

9- التدخين مُفَتِّرٌ للأعصاب والمخ؛ لأنه يحدث انتعاشًا وقتيًّا فيها؛ فيظن المدخن أنه يشعر بالراحة عند التدخين.

10- المدخن لا يستطيع القيام بأي نشاط رياضي، وإنْ قام به فهو مهْزُوز.

 ثانيًا: أضرار التدخين النفسية:

1- هبوط مستوى الذكاء.

2- حب التَّسَلُّط عند المدخن.

3- المزاج العصبي، والقلق، والشرُود.

4- ملامح شخصية المُدَخِّن غير متميزة، بل متذبذبة (إمَّعة).

 ثالثًا: أضرار اجتماعية واقتصادية:

1- وُجِدَ أن ما يصرفه 60 مليون مدخن في أمريكا، يساوي 4 مليارات دولار في العام...(فكر).

2- أن إنفاق المال فيه إسراف وتبذير في معصية الله.

3- يسبب معظم الحرائق بسبب تحرُّق بقايا السجائر.

4- كون رائحته تؤذي الناس الذين لا يستعملونه وتضايقهم.


 كيف تترك التدخين

وبعد أن اقتنعتَ بأضرار التدخين على نفسك ومجتمعك، أرجو أن تعزمَ على ترْكه والابتعاد عنه، وسؤالك الآن: كيف أتركه؟

والجواب: اتَّبع الخطوات التالية، والله يوفقك:

1- تعرَّف على أضراره، واقتنع بها، وابدأ بالتفكير في ترْكه، وشد العزم على ذلك، مع التوكل على الله.

2- اعمل قائمة يومية بمساوئه على نفسك وعلى أصدقائك.

3- ابتعد قدْر الإمكان عن المدخنين ورائحة التدخين، وحاول البقاء في الهواء الطلْق، واشتغل بالأمور النافعة.

4- استعمل سواكًا أو علكًا إذا وجدتَ في نفسك حنينًا إلى التدخين، والسواك أنفعُ من غيره.

5- قلِّل من شُرْب القهْوة والشاي، وأَكْثِر من تناول الفاكهة والغذاء الجيد الخالي من التوابل.

6- تناول يوميًّا بعد الإفطار كأسًا من عصير الليمون أو العنَب أو البرتقال؛ لأنه يُخَفِّف من شده الرغبة في التدخين.

ملاحظات:

1- التدخين عادة تَتَغَيَّر، كما هو معروف.

2- ترْك التدخين ليس مستحيلاً، بل هو من أبسط الأشياء، فما عليك إلا اتِّباع طريقة ناجحة ومجربة، ولا تتركه ثم تعود إليه، ولا تخَف من شيء أبدًا إذا عزمتَ على تركه.

3- استنبط علماء الشريعة الإسلامية وفقهاء الأمة حرمة التدخين، واتفقوا على ذلك؛ لأنه كما رأيتَ مُضرٌّ بالصحة، منفق للمال، مفتِّر للأعصاب، ذو رائحة كريهة.

4- قبل أن تشتريَ الدخان وتشربه، فكِّر هل هو حرام أو حلال؟ وهل هو نافع أو ضار؟ وهل هو طيب أو خبيث؟ فسوف تجده حرامًا ضارًّا خبيثًا.

5- إذا ثبت أن الدخان محرم؛ فيحرم بيعه، وشراؤه، وثمنه؛ لأن الله إذا حرم شيئًا حرَّم ثمنَه.

وفَّقَ الله الجميع لتركه، وترك كل محرم.


 خلاصة ما جاء في المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافَحة المسكرات والمخدِّرات

انْعَقَدَ في المدينة المنورة في المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافَحة المُسْكِرَات والمُخَدِّرَات في الجامعة الإسلامية، في الفترة من 27 - 30/ 5/ 1402هـ، بدعوة من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بالتعاوُن مع وزارة الداخلية، ومشاركة الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية، والذي دعي إليه ممثلون لسبع عشرة دولة إسلامية، ويحسن بنا أن ننقل للقارئ الكريم خلاصة العناصر والتوصيات التي تم بحثها في المؤتمر، وأوصى بها المؤتمرون للذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين:

1- المملكة تحارب المُسْكِرَات والمُخَدِّرَات؛ لتطهير المجتمع البشري منها.

2- يجب أن تتصدى المجتمعات الحديثة لمكافحة خطر المسكرات والمخدرات.

3- آفة المسكرات والمخدرات تعوق مسيرة المسلمين وتُقَيِّد حركاتهم.

4- الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحمي البشرية من الآفات والشرور؛ ولذا حَرَّم كل مسكر وكل مخدر ومفتِّر.

5- الفراغ الروحي وإهمال الأسرة لوظائفها يُساعد على انتشار المسكرات.

6- يجب تربية الناشئة على منهج الإسلام، وتقوية الوازع الدِّيني في نفوسهم.

7- ضرورة التوعية الإسلامية لكلِّ فئات المجتمع الإسلامي بأضرار المخدرات والمسكرات وتحريمها شرعًا.

8- لا بد أن ينهضَ المسجد برسالته عن طريق خطبة الجمعة، والدروس الدينية، والإرشاد الاجتماعي.

9- يجب حظْر إنتاج الخمور وزارعة المخدرات والدخان، وتصنيعها واستيرادها في الدول الإسلامية.

10- يجب إغلاق دور اللهْو والفساد؛ لما لها مِن أثَر كبيرٍ في انتشار المسكرات والمخدِّرات، وشيوع الرذائل والمنكرات.

11- توقيع أقصى العقوبات الشرعية الرادعة على المُهَرِّبِين والمُرَوِّجِين والمتاجرين في المسكرات والمخدرات.

12- إحكام الرقابة على صرْف الدواء المُخَدِّر والمُنَوِّم والمُنَبِّه؛ حتى لا يتسربَ إلى المدمنين بحِيَلٍ مختلفة.

13- يقرر المؤتمر بعد استعراض ما قدم إليه من بحوث حول أضرار الْقَات الصحية، والنفسية، والخلقية، والاجتماعية، والاقتصادية: أنه من المخدرات المحرَّمة شرعًا؛ ولذلك فإنه يوصِي الدول الإسلامية بتطبيق العقوبة الشرعية الرادعة على مَن يزرع أو يُرَوِّج، أو يتناول هذا النبات الخبيث.

14- دعوة الحكومات والمنظمات العالمية التي تحارِب المخدرات وتبيح المسكرات إلى معاملة المسكرات معاملة المخدرات؛ لأن ضررها لا يقل عنْ ضرر المخدرات، واعتبار صُنعها وبَيْعها وشُرْبها جريمة.

15- تأييد الفتاوى الصادرة من العديد من كبار فقهاء المسلمين بتَحْريم التدخين بجميع صوره وأشكاله؛ نظرًا لضَرَره على الصِّحَّة والمال، ودعوة الحكومات الإسلامية إلى منْع زراعته وتصنيعه واستيراده وتداوُله، وحتى يتم تنفيذ هذه التوصية يجب:

أ- منْع الدعاية للدخان في كافة وسائل الإعلام في المجتمعات الإسلامية، بصورة مباشرة، أو غير مباشرة.

ب- حظْر التدخين في أماكن العمل ودور التعليم، والمواصَلات والأماكن التي يرتادها الجمهورُ بصفةٍ عامة.

جـ- يراعى في اختيار المعلمين والموجِّهين والدَّعاة في المجتمع المسلم أن يكونوا ممن يَتَنَزَّهُون عن هذه العادة القبيحة.

16- أن التطبيق الكامل للشريعة الإسلامية في كل المجالات هو العلاج الناجع لكلِّ الآفات، ومِن بينها آفة المسكرات والمخدِّرات والتدْخين.

17- إصلاح نظام التعليم والتربية في المجتمعات الإسلامية وَفقًا لتعاليم الإسلام الحنيف، وتعبيرًا عن قِيَمِه ومُثُلِه في إعداد الفرد المسلم الذي هو أساس البناء للأسرة والمجتمع، والعناية باختيار المُعَلِّم المسلم الملْتَزِم بأحكام الإسلام وقِيَمِه.

18- إصلاح أجهزة الإعلام في المجتمعات الإسلامية؛ حفَاظًا على الدِّين والخُلُق، وتطهيرها مِن نشْر الرذائل، ومطالبتها بمَنْع نشْر الصحف والمجلات، والأفلام والمسلسلات، والبرامج التي تُرَوِّج المُسْكِرَات والمُخَدِّرَات والتدخين، بطريق مباشر أو غير مباشر.

وبالله التوفيق.

عن (مجلة التضامن الإسلامي) الصادرة في شهر رجب عام 1402هـ، والتي تصدرها وزارة الحج والأوقاف بمكة المكرمة.

* * *


 التدخين في سطور

- عرفت المكسيك وأمريكا التبغ منذ أكثر من 2500 سنة، وعرفته أوربا في القرن الخامس عشر الميلادي.

- انتقلت عادة التدخين إلى العالم الإسلامي عن طريق تركيا إبَّان الحكم العثماني.

- وقف علماء الإسلام ضد التدخين منذ دخوله إلى بلاد الإسلام، ومعظمهم يحرِّم التبغ باستعمالاته المختلفة.

- يعتبر النيكوتين من أخطر السموم التي اكتشفها الإنسان، فيكفي مِللي غرام واحد منه لقتل إنسان إذا أخذه بالوريد.

- تنتج شركات التبغ يوميًّا ما مُعَدَّله سيجارتان لكلِّ إنسان على وجه الأرض، وتكفي هذه الكمية لإبادة الجنس البشري كله لو أخذت كمية النيكوتين التي تحويها بالوريد، أو عن طريق الفم.

- أعلنت هيئة الصحة العالمية سنة 1975م أنَّ: التدخين أشد خطرًا على صحَّة الإنسان من أمراض: السُّل، والجذام، والطاعون، والجدري، مُجْتَمِعَة.

- ثبت أنَّ التدخين يُضْعِفُ المقدرة الجنسية عند الرجال، ويُسَبِّب الإجهاض، وأحيانًا العُقْم عند النساء، وأن تدخين أيِّ الوالدين يضر بالرضيع([15]).

* * *


 من أضرار المسكرات والمخدرات مختارات من مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - العدد 54 لعام 1402هـ

قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾  [المائدة: 90 - 92].

عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل مسكر خمر، وكل خمر حرام))؛ أخرجه الإمام مسلم.

حِكْمَة:

- قيل لأعرابي: لِمَ لا تشرب النبيذ؟ قال: لا أشرب ما يشرب عقلي.

- وقال أحد الشعراء:

تَرَكْتُ النَّبِيذَ وَشُرَّابَهُ

وَصِرْتُ صَدِيقًا لِمَنْ عَابَهُ

شَرَابٌ يُضِلُّ سَبِيلَ الرَّشَادِ

وَيَفْتَحُ لِلشَّرِّ أَبْوَابَهُ

- عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها))؛ رواه أحمد، والحاكم، وأبو داود، وابن ماجه، وصحَّحه السيوطي، والألباني.

مكافحة المخدرات واجب ديني وطني إنساني

اللواء/ جميل محمد الميمان

مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات

* * *


السُّمُّ المُرَخَّصُ بتداوله في العالَم:

إن الكحول هو السم الوحيد المرخَّص بتداوُلِه على نِطَاقٍ واسع في العالم كله([16])، ويجده تحت يده كلُّ مَنْ يريد أن يهربَ من مشاكله؛ ولذا يتناوله بكثرة كلُّ مضطربي الشخصية، ويؤدي هو إلى اضطراب الشخصية ومرضها، أما الجرعة الواحدة من الكحول فقد تسبب التسمم وتؤدي إما إلى الهيجان، وقد تؤدي إلى الغيبوبة، أما شاربو الخمر المُزْمِنُون يتعرضون للتحلل الأخلاقي الكامل مع الجنون.

رئيس قسم الأمراض النفسية بجامعة لندن.

* * *

من خصال الإيمان ترك الخمر:

أَوْصَى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو على فراش الموت ابنه عبدالله فقال له: "عليك بخصال الإيمان، قال: وما هن يا أبتِ؟ قال: الصوم في شدة أيام الصيف، وقتال الأعداء بالسيف، والصبر على المصيبة، وإسباغ الوضوء في اليوم الشاتي، وتعجيل الصلاة في يوم الغيم، وترك ردغة الخبال، قال عبدالله: وما ردغة الخبال؟ قال: شرب الخمر"؛ ذكره ابن رجب في اللطائف ص343، وقال: رواه ابن سعد.

* * *

الخمر ليس دواءً، ولكنَّه يجلب الداء:

إنما حَرَّم الله على هذه الأمة ما حَرَّم لخبثه، وتحريمه له حمية لهم وصيانة عن تناوله، فلا يناسب أن يطلبَ به الشفاء من الأسقام والعلل، فإنه وإن أثَّر في إزالتها لكنه يعقب سقمًا أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه، فيكون المداوي به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب، وتحريمه يقتضي تَجَنُّبَه والبعد عنه بكل طريق، وفي اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته، وهذا ضد مقصود الشارع.

ابن القيم الجوزية

* * *


حقًّا إن الدخان خبيث([17]):

1- خبيث؛ لأنه يفسد الأسنان فيحطم أساسها وشكلها.

2- خبيث؛ لأنه يضر بالفم، وينشر فيه الالتهابات الخبيثة .

3- خبيث؛ لأنه يضر بالحلْق، فينشر فيه التقرحات المتنوعة.

4- خبيث؛ لأنه يفسد الجهاز التنفسي.

5- خبيث؛ لأنه يفسد الجهاز الهضمي.

6- خبيث؛ لأنه يفسد الجهاز الدموي.

7- خبيث؛ لأنه يفسد الجهاز العصبي.

8- خبيث؛ لأنه يؤثر في محتويات الرأس؛ فيفسد التفكير، ويضعف الإدراك.

9- خبيث؛ لأنه يؤدي إلى أمراض خطيرة أعظمها السرطان - والعياذ بالله.

10- خبيث؛ لأنه يؤدي إلى  قتل النفس وإهلاكها.

11- خبيث؛ لإتلافه المال.

12- خبيث في رائحته.

زيادة نسبة الأمراض بسبب التدخين:

أهم الأمراض التي تزيد نسبتها في التدخين هي سرطان الرئة، وأمراض الشرايين الإكليلية، وأمراض تضيُّق الشرايين، سرطان الشفة، واللسان، والفم، والحنجرة، واللهاة، والمريء، والمثانة، والقرحة، والاثني عشرية.

الخمر وسوء المصير:

روي أن بشار بن بُرْد الشاعر كان عربيدًا([18]) سِكِّيرًا، يؤذي الناس، خاصَّتَهم وعامَّتَهم بقبيح أَهَاجِيه، وقد هجا الخليفة المهدي العباسي، وخرج المهدي إلى البصرة يتفقَّد أحوالها، فسمع أذانًا في الضحى؛ فقال: انظروا ما هذا؟ فإذا بشار وهو سكران، فقال له: يا زنديق عجب أن يكون هذا من غيرك، ثم أمر به فضرب حَدَّ الخمر، فأتلفه الضرب فألقي في سفينة، وألقيت جثته في الماء، فحمله فقذف به الماء إلى شاطئ دِجْلَه، فجاء بعض أهله فحملوه، وأخرجت جنازته فما تبعه أحدٌ، وتباشر الناس بموته؛ لما كان يلاحقهم مِن أذاه.

* * *

أيها المدخن للشيخ محمد المجذوب:

يَا مَنْ يُرِيدُ دَمَارَ صِحَّتِهِ وَيهْـ

ـوَى المَوْتَ مُنْتَحِرًا بِلا سِكِّينِ

لا تَيْأَسَنَّ فَإِنَّ مِثْلَكَ وَاجِدٌ

كُلَّ الَّذِي يَرْجُوهُ فِي التَّدْخِينِ

وَبِفَضْلِ جَهْلِكَ قَدْ غَدَوْتَ لِصَانِعِي

تِلْكَ السُّمُومِ السُّودِ خَيْرَ مُعِينِ

تَحْبُوهُمُ الْمَالَ الَّذِي لَوْلاهُ لَمْ

يَجِدُوا السَّبِيلَ لِكَيْدِ هَذَا الدِّينِ

وَتَخُونُ حَقَّ اللهِ فِي الْجَسَدِ الَّذِي

لا يَسْتَبِيحُ أَذَاهُ غَيْرَ خَؤُونِ

فَاهْنَأْ بِمَا حَقَّقْتَ لِلْأَعْدَاءِ مِنْ

نَصْرٍ وَلِلشَّيْطَانِ مِنْ تَمْكِينِ

مَا كَانَ إِبْلِيسٌ لِيُدْرِكَ غَايَةً

لَوْلا غَبَاوَةُ حِزْبِهِ الْمَأْفُونِ

وَبِمَنْ يَنَالُ مُنَاهُ إِنْ هُوَ لَمْ يَجِدْ

عَوْنًا بِكُلِّ مُضَلّلٍ مَفْتُونِ

* * *

هل تعلم؟

1- أن استعمال المنبهات لإنقاص الوزن، أو للسهر المتواصل من قِبَل الطلاب أو السائقين ضَارٌّ جدًّا؟

2- وأن استعمال المُهَدِّئات النفسية تجعل الإنسان غير قادر على التَّكيُّف مع مشاكله أثناء استعمالها، وحتى بعد الامتناع عنها؟

3- وأن استعمال المُنَوِّمَات عادةٌ سيئةٌ يستيقظ الإنسان بعدها لا يستطيع حَمْل جسمه، مع بُطْءٍ في تفكيره كالذي يتخبطه الشيطان من المس؟

4- وأن اطمئنان القلب يكون بطاعة الله وذكره؛ ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28]؟

* * *

 نظرات في الأمراض الناتجة عن الخمر

للطبيب الباطني الدكتور: إسماعيل صبحي حافظ:

1- التهاب المعدة.

2- تَلَيُّف الكبد.

3- التهاب البنكرياس.

4- فقر الدم.

5- مرض القلب الكحولي.

6- الذبحة الصدرية.

7- السُّبَات وفقد الوعي الكامل.

8- التهاب الأعصاب.

9- الخَبَل العقلي، والشلل التَّشَنُّجِي.

* * *

 الوفيات بسبب التدخين

يقول الدكتور كيث بول: إن بريطانيا خسرت مليون إنسان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب تدخين السجائر، وستخسر مليونًا آخر قبل نهاية هذا القرن إذا استمر الحال ولَم يَتَغَيَّر.

وأعلن وكيل وزارة الصحة الأمريكي أن عدد الذين يموتون في الولايات المتحدة سنويًّا بسبب التدخين يُقَدَّر بنحو 350 ألف شخص.

* * *

التدخين والتوقف عن العمل:

قدرت زيادة أيام التعطُّل عن العمل وملازمة الفراش في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب التدخين بـ77 مليون يوم عمل، و88 مليون يوم في ملازمة الفراش، و306 مليون يوم من العمل المحدود، وبالتالي الإنتاج المحدود.

وفي الرجال المدخنين ما دون الأعمار (45 - 64) سنة تمثل نسبة التعطيل وملازمة الفراش بسبب التدخين 28 % من مجموع أيام التوقف عن العمل.

ويزيد الطلَب على الخدمات الطبية في العيادات الخارجية والمشافي، ويخسر المجتمع من الموت المبكر للناس الذين هم في سن العمل والإنتاج.

* * *

البِيرَة

واسمها (الجِعَة) - بكسر الجيم وفتح العين - وهي نبيذ الشعير، وقد ورد النهي عنها بما رواه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بقوله: "نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حلقة الذهب، والقِسِيِّ الميثرة، والجِعَة))؛ رواه النسائي.

وتعتبر مادة الكحول من أهم مكونات البِيرَة، وعلى هذا الأساس لا توجد بيرة بدون كحول، وإنما هو تزيين الشيطان لأتباعه، وإذا ثبت أن البيرة تحتوي على مقدارٍ معين من الكحول؛ فقد ثبت بأنها مسكرة، ويحرم شربها.

ومن أدلة تحريمها: ما رواه البخاري في "صحيحه" عن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى الأشعري: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن، فسأله عن الأشربة تصنع بها، فقال: ((وما هي؟) قال: البتع والمزر، فقيل لأبي بردة: ما البتع؟ قال: نبيذ العسل، والمزر: نبيذ الشعير، فقال: ((كُلُّ مُسْكِر حرام))؛ أخرجه البخاري.

وهذا الحديث أَصْلٌ في تحريم جميع المسكرات المُغَطِّية للعقل، وعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل مسكر حرام، وما أَسْكَر الفرق، فملء الكف منه حرام))؛ رواه أبو داود، والترمذي وحسَّنه.

فالبيرة المستعمَلة اليوم هي نفس شراب المزر الذي كان يستعمل سابقًا، فتكون محرمة بنص الأحاديث الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولما كان كثير البيرة يسكر لاحتوائها على الكحول، فإن قليلها يحرم بنصِّ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أسكر الزِّق، فملء الكف منه حرام)).

وفي مقدمة رسالة "الخمر ومضارها على الجسم والعقل"؛ للدكتور نبيل الطويل تحت عنوان (شبهة البيرة)؛ قال: إن ما يزعمه بعض الضالِّين من أن البيرة شراب حلال؛ لأنه ليس خمرًا - كذب على الله ورسوله، وكذب على الناس، وخداع لهم، وما يحكى عن بعض أصنافها بأنها خالية من الكحول غير صحيح، بل فيها نسبة منه، فالبيرة مشروب غير صحي، مسكر محرم شرعًا، قليلها وكثيرها، ولا يوجد بيرة بدون كحول؛ لذا يحرم شربها وبيعها وشراؤها وثمنها؛ لأنَّ الله إذا حرَّم شيئًا حرَّم ثمنه، وعلى مَن كان يستعملها أن يتركها، وأن يتوبَ إلى الله من شربها.

أما ما يُقال عن البيرة: أنها مدرَّة للبول، وتساعد على طرح الرِّمال الكُلَوِيَّة، فقد أغنانا الله بحلاله عن حرامه، فهناك كثير من المُدِرَّات التي يستفيد منها الشارب دون أن تُلحِقَ به أذًى، وهي من الحلال المباح الذي لا شبهة فيه، ومنها على سبيل المثال: عصيرُ العنب - خاصَّةً إذا أخذ على الريق - ومحلول العسَل النقي، وبإمكان الأخ المسلم أن يستشيرَ الطبيب المسلم في مثل هذه الأحوال.

ومَن ترَك شيئًا لله، عَوَّضه الله خيرًا منه

والله ولي التوفيق



([1]) رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

([2]) رواه الإمام أحمد بسند صحيح.

([3]) "حادي الأرواح"، ص113، 114، و"كبائر الذهبي"، ص78- 82.

([4]) من كتاب "إصلاح المجتمع"، ص399 - 400.

([5]) انظر: "مجموع سبع رسائل"؛ للشيخ: عبدالرحمن الحماد العمر، ص23 - 26.

([6]) البردقان: تنباك يُطْحَن ويستنشق، ويجمع مع غيره ويمضغ، ويسمى الشمة، وكله خبائث.

([7]) آية الأعراف قوله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: 157].

([8]) انظر: "نصيحة الإخوان عن تعاطي القات والتبغ والدخان"؛ للشيخ: حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله تعالى - (ص3 - 5).

([9]) رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن حبان في "صحيحه".

([10]) يعني في اليمن.

([11]) انظر: "إصلاح المجتمع"؛ للشيخ محمد بن سالم البيحاني، ص406، 408.

([12]) انظر "كشف الستار عما في المسكرات والمخدرات من الأضرار"؛ للشيخ: سليمان بن محمد بن عبدالله الحميضي، ص28 - 32.

([13]) متعمدًا.

([14]) للأستاذ حمد بن بكر العليان.

([15]) من كتاب "التدخين وأثره على الصحة"؛ للدكتور: محمد علي البار.

([16]) في الدُّوَل التي تبيح ذلك.

([17]) للشيخ: سعد ندا.

([18]) العربيد: مَنْ يؤذي جليسه في سُكْرِه، "مختار القاموس"، ص413.