اليوم العظيم
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
اليوم العظيم
إعداد: أحمد العمران
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. وبعد:
فإنه لابدَّ من يوم تتوقف فيه الحياة بعد الحركة التي لا تهدأ ولا تتوقف ليلاً ونهارًا، ولابدَّ من يوم يُفني فيه الرب سبحانه وتعالى جميع مَن على الأرض مِِن مخلوقات مِن إنس وجن ودواب، فلا يبقى إلا الله ذو الجلال والإكرام والعظمة والكبرياء، قال تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 26، 27].
وبعد العيش في القبور سيلاقي الناس – في ذلك اليوم العظيم – من الأهوال العظيمة ما تتقطع له القلوب خوفًا وفزعًا، وعندها لا يُنجي العبد إلا ما قدَّم من خير وعلى رأسه التوحيد، وترك كل شر وعلى رأسه الشرك.
قال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 88، 89].
اليوم العظيم
وَصَفَ الله سبحانه وتعالى يوم القيامة في كتابه الكريم باليوم العظيم ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾؛ لشدة ما سيقع فيه من أهوال عظيمة تنصدع لها القلوب وتشيب منها الولدان وتُنسي المرضعة رضيعها الذي لا يعيش إلا بها وذلك لشدة الهول والفزع.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، «والذي ثبت بسياق الآيات: أن هذه الزلزلة إنما تكون بعد إحياء الناس وبعثهم من قبورهم، لأنه لا يُراد بها إلا إذعان الناس والتهويل عليهم، فينبغي أن يشاهدوها؛ ليفزعوا منها ويهولهم أمرها، ولا تمكن المشاهدة منهم وهم أموات، ولأنه تعالى قال: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ أي: تخبر عمَّا عمل عليها من خير وشر ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا﴾، فدلَّ ذلك على أن هذه الزلزلة إنما تكون والناس أحياء واليوم يوم الجزاء، وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ يعني: الآخرة. ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ إلى قوله: ﴿لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾، فدلَّت هذه السورة على أن اصطدام الأرض والجبال لا يكون إلا بعد الإحياء، فدلَّت هذه الآية على أن الكوائن إنما تكون بعد النشأة الثانية. والله أعلم»([1]).
من أسماء اليوم العظيم:
«وكل ما عظم شأنه تعددت صفاته، وكثرت أسماؤه، وهذا في جميع كلام العرب، ألا ترى أن السيف لما عظم عندهم موضعه وتأكد نفعه لديهم وموقعه جمعوا له خمسمائة اسم، وله نظائر. فالقيامة لما عظم أمرها، وكثرت أهوالها، سمَّاها الله تعالى في كتابه بأسماء عديدة، ووصفها بأوصاف كثيرة»([2]).
ويُحدِّثنا ملك ذلك اليوم في كتابه الكريم عن بعض أسماء ذلك اليوم العظيم:
يوم القيامة: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾.
(القيامة): أي من قيام الناس من قبورهم لرب العالمين.
يوم القارعة: ﴿الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾.
(القارعة): أي تفزع القلوب وتُزعج الناس من هولها.
يوم الصاخة: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ﴾.
(الصاخة): أي تصُم الأسماع من شدة الهول.
يوم الطامة: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾.
(الطامة): أي المُصيبة العظيمة التي يهون عندها كل شدة ومصيبة.
يوم الحاقة: ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾.
(الحاقة): لأنها تُظهر الحقائق ومُخبآت الصدور.
يوم الواقعة: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾.
(الواقعة): أي إذا وقع ذلك الذي لابد منه، فإنه سيرتفع ناس إلى عليين وإن كانوا في الدنيا مغمورين وهم أهل الإيمان، وإنه سينخفض آخرين إلى أسفل سافلين وإن كانوا في الدنيا من أهل الجاه والمناصب وهم أهل الكفر والنفاق.
يوم الآزفة: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾.
(الآزفة): أي اليوم الذي أزف وقرب موعده.
يوم الفصل: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾، ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾.
(الفصل): أي يوم القضاء والحكم بين العباد فيما بينهم وبين الخالق، وبينهم وبين الخلق.
يوم الجزاء: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾.
(الجزاء): أي يوم تجازى كل نفس بما كسبت في هذه الدنيا من خير أو شر.
يوم التغابن: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾.
(التغابن): أي يوم يغبن أهل الإيمان أهل الكفر والنفاق في عرصات القيامة، وعند دخول الجنان.
يوم الخروج: ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾.
(الخروج): أي يوم يخرجون من قبورهم لداعي الله.
يوم الزلزلة: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾.
(الزلزلة): أي اليوم الذي تتحرك فيه الأرض ويسقط كل شيء عليها.
يوم الساعة: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ﴾.
(الساعة): قيل سُميت الساعة لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا.
يوم البعث: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
(البعث): أي يوم يبعث الله أهل القبور.
يوم الجمع: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾.
(الجمع): أي يوم يجمع الله الأولين والآخرين من آدم u إلى آخر الناس.
يوم الدين: ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾.
(الدين): أي يوم الجزاء والحساب على ما قدمت الأيدي من خير أو شر.
يوم العرض: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾.
(العرض): أي يوم يُعرض الناس على ربهم للحساب.
يوم الحسرة: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
(الحسرة): أي يوم يتحسر الكافر والمنافق على ما فَرَّط في جنب الله وعلى ما فاته من الخير العظيم وذلك بدخوله النار وحرمانه من الجنة.
يوم الغاشية: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾.
(الغاشية): لأنها تغشى الناس بأهوالها حتى ينقسم الناس إلى فريقين لا ثالث لهما: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾.
يوم الحساب: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾.
(الحساب): أي يوم الحكم بالعدل ومحاسبة النفس.
اليوم الآخر: ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾.
(الآخر): أي اليوم الذي لا يوم بعده.
مدة ذلك اليوم:
ويقول الحق تبارك وتعالى عن مدة ذلك اليوم العظيم: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾.
مصير الأرض والجبال:
ويُحدِّثنا الرب سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الأرض والجبال في ذلك اليوم العظيم: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾، وقال تعالى: ﴿إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا﴾.
عند ذلك تزول الجبال عن موضعها وتُسوى بالأرض حتى لا يكون فيها مُنخفض أو مرتفع، قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾.
فإذا صعدت يومًا ما إلى الجبال الشاهقة الصلبة أو نظرت إليها فتذكَّر ذلك اليوم العظيم الذي تُدك فيه تلك الجبال فتُصبح رملا ناعمًا.
وها هي الأرض التي مشيت عليها ستتكلم مخبرة بما عملت عليها من خير أو شر، بعد أن تصيبها تلك الزلزلة العظيمة الهائلة والتي على أثرها تُخرج الأرض ما في بطنها وتتكلم بما عُمِلَ عليها من خير وشر، فعندها يتكلم الإنسان مبهورًا بما حَصُل لها من تكسر واضطراب، قال تعالى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾.
مصير البحار:
أما حال البحار في ذلك اليوم فإنها تتفجر وتشتعل نارًا، وهي البحار العظيمة الهائلة التي تحوي من المخلوقات ما لا يعلمه إلا الله. قال تعالى: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾، وقوله: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾.
مصير السماء:
وكذلك السماء بعد أن كانت ذا بناء عظيم هائل جميل المنظر، فإنها في ذلك اليوم العظيم تتشقق وتتفطر وتضعُف. قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا﴾، وقوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾، وقوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾، وقوله: ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾.
أحوال الناس في ذلك اليوم العظيم:
أما حال الناس في ذلك اليوم، فيقول الله تعالى فيهم:
﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾.
أي من شدة ذلك اليوم العظيم ترى الأم الحنون تنسى رضيعها، والحامل تسقط جنينها قبل استكمال مدته، وترى الناس مثل السكارى؛ لأن عقولهم طاشت من هول الموقف.
وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾، فتتقطَّع الأنساب والعلائق في ذلك اليوم الرهيب حتى أن الإنسان يفر من أحب الناس إليه: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾ لماذا؟ ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾.
بل يصل بالكافر الحد بأن يتمنى أن يفدي نفسه وينجيها من النار ولو بأحب الناس إليه ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ﴾. بل تبلغ به الأنانية أن يتمنى نجاة نفسه ولو هلك الناس جميعًا ﴿وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ﴾.
وقال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾.
أي تكون القلوب في ذلك اليوم من الخوف والفزع كأنها ستزول من مواضعها وتصير إلى الحناجر.
وقال تعالى: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾.
أي أن قلوب الكفار في ذلك اليوم تكون قلقة خائفة وأبصارهم ذليلة وذلك من شدة ما يرون من أهوال يوم القيامة.
وقال تعالى: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾.
أي أنه في ذلك اليوم المهول ومن شدة الخوف يصير الطفل الصغير أبيض الشعر.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا﴾.
أي كل إنسان في ذلك اليوم لا يُجادل إلا عن نفسه حتى يُخلصها ولا يلتفت إلى غيرها.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾.
أي يوم يبرزون ويخرجون من قبورهم لربهم الذي لا يخفى عليه شيء مما عملوا في الدنيا.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾.
أي الأمر في ذلك اليوم العظيم لله وحده، فلا تتكلم نفس ولا تشفع إلا من بعد إذنه سبحانه وتعالى.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾.
أي تبيض وجوه أهل الإيمان وتَسْوَدُّ وجوه أهل الكفر والنفاق في ذلك اليوم العصيب.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾.
أي في ذلك اليوم يُعرض الناس على ربهم للحساب لا يخفى عملهم على الله تعالى.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾.
أي يشاهد المرء – يوم القيامة – ما قدم من خير أو شر.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾.
أي يوم القيامة يكون الأمر لله تعالى وحده فلا تنفع نفس أخرى بشيء.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾.
أي لشدة ذلك اليوم يصير الناس كالفراش عند انتشاره، فتراه في كل اتجاه وذلك قبل أن يُحشروا إلى الموقف.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أي يقوم أحدهم في رشحه وعرقه – وذلك من دنو الشمس قدر ميل – إلى كعبيه، ومنهم إلى ركبتيه، ومنهم من يلجمه العرق؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن العرق يوم القيامة ليذهب في الأرض سبعين باعًا، وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو آذانهم» رواه البخاري ومسلم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال: يوم يقوم أحدهم في رشحه إلى نصف أذنيه» رواه البخاري ومسلم.
وعند دُنُو الشمس يكون بعض الناس في ظل عرش الرحمن، ومنهم من يكون في ظل صدقته وأعماله الصالحة، وأما غير هؤلاء فمتفاوتون في العرق على ما دلَّ عليه حديث مسلم.
قال ابن العربي: «وكل واحد يقوم عرقه معه فيغرق فيه إلى أنصاف ساقيه، وإلى جانبيه مثلاً يمنة من يبلغ كعبيه ومن الجهة الشمال من يبلغ ركبتيه، ومن أمامه من يكون عرقه إلى نصفه ومن خلفه من يبلغ العرق صدره، وهذا خلاف المعتاد في الدنيا فإن الجماعة إذا وقفوا في الأرض المعتدلة أخذهم الماء أخذًا واحدًا ولا يتفاوتون كما ذكرنا مع استواء الأرض ومجاورة المحل وهذا من القدرة التي تخرق العادات في زمن الآيات»([3]).
وقال أبو حامد: «واعلم أن كل عرق لم يخرجه التعب في سبيل الله من حج وجهاد وصيام وقيام وتردُّد في قضاء حاجة مسلم وتحمُّل مشقة في أمر بمعروفٍ أو نهي عن منكر، فسيخرجه الحياء والخوف في صعيد القيامة، ويطول فيه الكرب، ولو سلم ابن آدم من الجهل والغرور، لعلم أن تعب العارف في تحمل مصاعب الدنيا أهون أمرًا وأقصر زمانًا من عرق الكرب والانتظار في القيامة، فإنه يوم عظيم شديد طويل مدته».
* * * *
اليوم العظيم رأي العين
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾، و﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾، و﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾» رواه الترمذي.
«وإنما كانت هذه السور الثلاث أخص بالقيامة، لما فيها من انشقاق السماء وانفطارها وتكور شمسها وانكدار نجومها، وتناثر كواكبها إلى غير ذلك من أفزاعها وأهوالها، وخروج الخلق من قبورهم إلى سجونهم أو قصورهم بعد نشر صحفهم وقراءة كتبهم وأخذها بأيمانهم وشمائلهم، أو من وراء ظهورهم في موقفهم على ما يأتي بيانه. قال الله تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، وقال: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾، وقال: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ﴾ فتراها واهية منفطرة متشققة كقوله تعالى: ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا﴾، ويكون الغمام سترة بين السماء والأرض. وقيل: إن (الباء) بمعنى (عن) أي: تشقق عن سحاب أبيض، ويقال: انشقاقها لما يخلص إليها من حر جهنم وذلك إذا بطلت المياه وبرزت النيران، فأول ذلك أنها تصير حمراء صافية كالدهن، وتنشق لما يريد الله من نقض هذا العالم ورفعه، وقد قيل: إن السماء تتلون فتصفر ثم تحمر، أو تحمر ثم تصفر كالمهرة، تميل في الربيع إلى الصفرة، فإذا اشتد الحر مالت إلى الحمرة ثم إلى الغبرة.
وقوله تعالى: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ قال ابن عباس t: تكويرها إدخالها في العرش، وقيل: ذهاب ضوئها، قاله الحسن، وقتادة ورُوي ذلك عن ابن عباس ومجاهد. وقال أبو عبيدة: كورت مثل تكوير الغمامة، تُلَفُّ فَتُمْحَى. وقال الربيع بن خيثم: كورت: رمي بها، ومنه كورته فتكور أي: سقط. قلت: وأصل التكوير: الجمع، مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها. أي: لاتها وجمعها، فهي تكور، ثم يمحى ضوءها، ثم يرمى بها. والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ أي: انتثرت، قيل: تتناثر من أيدي الملائكة لأنهم يموتون.
وفي الخبر: أنها معلقة بين السماء والأرض بسلاسل بأيدي الملائكة. وقال ابن عباس t: انكدرت: تغيرت. وأصل الانكدار الانصباب فتسقط في البحار فتصير معها نيرانًا إذا ذهبت المياه.
وقوله: ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾ هو مثل قوله: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ أي: تحول عن منزلة الحجارة فتكون كثيبًا مهيلاً. أي: رملاً سائلاً، وتكون كالعهن وتكون هباءً منبثًّا، وتكون سرابًا مثل السراب الذي ليس بشيء.
وقيل: إن الجبال بعد اندكاكها أنها تصير كالعهن من حر جهنم كما تصير السماء من حرها كالمهل. قال الحليمي: وهذا والله أعلم، لأن مياه الأرض كانت حاجزة بين السماء والأرض، فإذا ارتفعت وزيد مع ذلك في إحماء جهنم أثر في كل واحد من السماء والأرض ما ذكرنا.
قوله: ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ﴾ أي: عطلها أهلُها فلم تحلب من الشغل بأنفسهم، والعشار: الإبل الحوامل، واحدها عشراء، وهي التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر.
وقوله: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ أي: جُمِعَت، والحشر: الجمع.
وقوله: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ أي: أوقدت، وصارت نارًا.
وقوله: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ تفسير الحسن: أن تلحق كل شيعة شيعتها اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، والمجوس بالمجوس، وكل من كان يعبد من دون الله شيئًا يلحق بعضهم ببعض، والمنافقون بالمنافقين، والمؤمنون بالمؤمنين.
وقوله: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾ يعني: بنات الجاهلية كانوا يدفنونهن أحياء، وسؤال الموءودة على وجه التوبيخ لقاتلها كما يقال للطفل إذا ضرب: لم ضربت وما ذنبك؟ وقال الحسن: أراد الله أن يوبِّخ قاتلها، لأنها قتلت بغير ذنب وبعضهم يقرأ: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾ تعلق الجارية بأبيها فتقول: بأي ذنب قتلتني؟
وقوله: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ أي: للحساب.
وقوله: ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾ قيل معناه: طويت، كما قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ أي: كطي الصحيفة على ما فيها.
وقوله: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ أي: أوقدت.
وقوله: ﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾ أي: قربت لأهلها، وأدنيت ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ أي: من عملها وهو مثل قوله: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾، ومثل قوله: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾، فهو يوم الانشقاق، ويوم الانفطار، ويوم التكوير، ويوم الانكدار، ويوم الانتثار، ويوم التسيير، قال الله تعالى: ﴿وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا﴾، ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾، ويوم التعطيل ويوم التسجير ويوم التفجير ويوم الكشط والطي ويوم المد لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾، إلى غير ذلك من أسماء القيامة، وهي الساعة الموعود أمرها، ولعظمها أكثر الناس السؤال عنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنزل الله عزَّ وجلَّ على رسوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾([4]).
مَثِّل لنفسك أيها المغرور | ||||
يوم القيامة والسماء تمور | ||||
إذا كورت شمس النهار وأدنيت | ||||
حتى على رأس العباد تسير | ||||
وإذا النجوم تساقطت وتناثرت | ||||
وتبدلت بعد الضياء كدور | ||||
وإذا البحار تفجَّرت من خوفها | ||||
ورأيتها مثل الجحيم تفور | ||||
وإذا الجبال تقلعت بأصولها | ||||
فرأيتها مثل السحاب تسير | ||||
وإذا العشار تعطَّلت وتخرَّبت | ||||
خلت الديار فما بها معمور | ||||
وإذا الوحوش لدى القيامة أحشرت | ||||
وتقول لأملاك: أين نسير؟ | ||||
وإذا تقاة المسلمين تزوَّجت | ||||
من حور عين زانهن شعورُ | ||||
وإذا الموءُودة سئلت عن شأنها | ||||
وبأي ذنب قتلها ميسور | ||||
وإذا الجليل طوى السماء بيمينه | ||||
طي السجل كتابه المنشور | ||||
وإذا الصحائف عند ذاك تساقطت | ||||
تبدي لنا يوم القصاص أمور | ||||
وإذا الصحائف نشِّرت فتطايرت | ||||
وتهتكت للمؤمنين ستور | ||||
وإذا السماء كشِّطت عن أهلها | ||||
ورأيت أفلاك السماء تدور | ||||
وإذا الجحيم تسعرت نيرانها | ||||
فلها على أهل الذنوب زفير | ||||
وإذا الجِنان تزخرفت وتطيبت | ||||
لفتى على طول البلاء صبور | ||||
وإذا الجنين بأمه متعلق | ||||
يخشى القصاص وقلبه مذعور | ||||
هذا بلا ذنب يخاف جناية | ||||
كيف المصر على الذنوب دهور؟! | ||||
فماذا أعددنا لذلك اليوم العظيم؟
هل أعددنا له توحيدًا خالصًا من الشرك ومن التعلُّق بغير الله؟
هل أعدننا له بِرًّا للوالدين وصِلة للأرحام؟
هل أعددنا له محافظة على الصلاة حيث يُنادى لها؟
هل أعددنا له أكلاً حلالاً طيبًا بعيدًا عن الحرام؟
هل أعددنا له صيامًا وحجًّا مبرورًا وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر؟
هل أعددنا له تعفُّفًا عن الفواحش والآثام؟
هل أعددنا له لسانًا رطبًا من ذكر الله بعيدًا عن قول الزور والغيبة والنميمة؟
هل نفَّسنا عن مسلم كرب من كُرَب الدنيا؟ لقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «مَن نَفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنده كربة من كرب يوم القيامة» رواه مسلم.
هل تجاوزنا عن مُعسر أو وضعنا عنه؟ كما جاء في حديث ابن مسعود t قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حُوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يُخالط الناس، وكان موسرًا (أي غني) فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، قال: قال عز وجل: أنا أحق بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي» رواه مسلم. ولقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه» رواه مسلم.
هل نحن من السبعة الذين قال عنهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلَّق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه».
أسأل الله العظيم أن يجعلنا في ذلك اليوم في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وأن يجعلنا من الفائزين ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ إنه جواد كريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* * *