نصيحة جامعة لعموم أهل الإسلام والإيمان
التصنيفات
الوصف المفصل
نصيحة جامعة لعموم أهل الإسلام والإيمان
للشيخ العلاَّمة
فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313 هـ - 1376هـ )
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ﴾
﴿ َقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلاَّ على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين صلى الله على آله وأصحابه والتابعين ، وسلَّم تسليماً كثيراً .
من فيصل بن عبد العزيز آل مبارك إلى من يسمعه من إخواننا المسلمين ، وفقنا الله وإياهم لفعل الخيرات وترك المنكرات آمين .
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته .
- وبعد فقد قال الله تعالى : ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ .
- وقال تعالى : ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ .
( فصل ) ( في وجوب المحافظة على الصلاة وبعض آدابها )
- وقد قال النبي ﷺ : « بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان » .
- وقال النبي ﷺ : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » .
- وأمر تعالى بالمحافظة عليها ، قال تعالى : ﴿ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ﴾ ، والصلاة الوسطى هي صلاة العصر .
- وقال بريدة رضي الله تعالى عنه : بكروا بصلاة العصر فإن النبي ﷺ قال : « من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله » .
- وقال ﷺ : « الذي تفوته صلاة العصر كأنما وُتِر أهله وماله » .
- وقال ﷺ : « بين الكفر والإيمان ترك الصلاة » .
- وذكر النبي ﷺ الصلاة يوماً فقال : « من حافَظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نجاةٌ ، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وأبي بن خلف » .
- وروي عن النبي ﷺ أنه قال : « إنَّ العبد المملوك ليحاسب بصلاته ، فإذا نقص منها قيل له : لم نقَصت منها ، فيقول : يا ربِّ سلطت علي مليكاً شغلني عن صلاتي ، فيقول : قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك ، فهلاَّ سرقت من عملك لنفسك فيجِبُ لله تعالى عليه الحجة » .
- ومن المحافظة على الصلاة إقامتها في الجماعة ، قال النبي ﷺ : « صلاة الرجل في جماعة تزيدعلى صلاته في سوقه وفي بيته بخمسة وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضَّأ فأحسن الوضوء ثمَّ خرج عامداً إلى المسجد لا يخرجه إلاَّ الصلاة لم يخطُ خطوةً إلاَّ رفعت بها درجة وحُطَّ عنه بها خطيئة ،فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مجلسه الذي صلى فيه ، تقول : اللهم صل عليه ، اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، ولا يزال في ما انتظر الصلاة » .
- وقال ﷺ : « من سمع النداء ولم يأت فلا صلاة له إلاَّ من عُذر » .
- وقال أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه : صلى بنا النبي ﷺ يوماً الصبح ، فلمَّا سلَّم قال : « أشاهدٌ فلان ؟ » قالوا : لا ، قال : « أشاهدٌ فلان ؟ » قالوا : لا ، قال : « إنَّ هاتين الصلاتين أثقل الصلاة على المنافقين ، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموها ولو حبواً على الركب ، وإنَّ الصف الأول على مثل صف الملائكة ، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه ، فإنَّ صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما أكثر فهو أحبُّ إلى الله ، ومن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلَّى الليل كلَّه » .
- ومن إقامة الصلاة الأذان في وقتها ، قال ﷺ : « لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ، ثمَّ لم يجدوا إلاَّ أن يستهموا عليه لاستهموا عليه ، ولو يعلمون ما في التجهير لاستبقوا إليه ، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً » .
- وقال ﷺ : « إنَّ الله وملائكته يصلون على الصف المقدم ، والمؤذن يغفر له بمدِّ صوته ، ويصدقه من سمعه من رطبٍ ويابسٍ ، وله مثل أجر من صلَّى » .
- وقال أبو سعيد لرجل : إنِّي أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك أوباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء ، ( فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جِنٌّ ولا إنسٌ ولا شيءٌ إلاَّ شهد له يوم القيامة ) سمعته عن رسول الله ﷺ .
- وقال ﷺ : « يعجب ربك من راعي غنمٍ في رأس شظية للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي ، فيقول الله تعالى : انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة ويصلي يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة » .
- وقال ﷺ : « ما من ثلاثة في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة إلاَّ قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية » .
- وقال ﷺ : « إذا أُذِن في قرية آمنها الله تعالى من عذابه ذلك اليوم » .
( فصل ) ومن شعائر الإسلام تعظيم المساجد وعمارتها وتنظيفها عن الأذى .
- قال الله عز وجل : ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ .
- وقال تعالى : ﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ .
- وقال ﷺ : « من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة » .
- وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال : رأى النبي ﷺ نخامة في قبلة المسجد ، فشقَّ عليه ، فقام فحكَّه بيده ، وقال : « إنَّ أحدكم إذا قام في الصلاة فإنما يناجي ربه ، وإنَّ ربَّه بينه وبين القبلة ، فلا يبزقنَّ أحدكم قِبَلَ قبلتِه ، ولكن عن يساره أو تحت قدمه » ثمَّ أخذ طرف ردائه فبصق فيه ، ثمَّ ردَّ بعضه على بعض ، فقال : « أو يفعل هكذا » .
- وقال ﷺ : « من سمع رجلاً ينشد ضالَّة في المسجد فليقل : لا ردَّها الله عليك ، فإنَّ المساجد لم تُبنَ لهذا » .
- وقال ﷺ : « إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك » .
- وقال ﷺ : « عُرِضت علي أجور أمتي حتَّى القذاة يخرجها الرجل من المسجد » .
*- ومن إقامة الصلاة الخشوع فيها والطمأنينة في ركوعها وسجودها وجميع أفعالها ، قال الله عز وجل : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ .
- وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : بينما نحن جلوسٌ مع رسول الله ﷺ في المسجد إذ دخل رجلٌ فصلَّى ، ثمَّ جاء فسلم على النبي ﷺ ، فقال : « وعليك السلام ، ارجع فصل ، فإنَّك لم تصل » فرجع فصلَّى كما صلَّى ، ثمَّ جاء فسلَّم على النبي ﷺ، فقال « ارجع فصل ، فإنك لم تصل » فعل ذلك ثلاثاً ، فقال : والذي بعثك بالحق نبياً ما أحسن غير هذا فعلمني ، قال :
« إذا قمت إلى الصلاة فكبِّر ، ثمَّ اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن ، ثمَّ اركع حتى تطمئنَّ راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ، ثم اسجد حتى تطمئنَّ ساجداً ، ثم ارفع حتى تطمئنَّ جالساً ، ثمَّ اسجد حتى تطمئنَّ ساجداً ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلِّها » .
- ورأى حذيفة رضي الله عنه رجلاً يصلي ولا يقيم ظهره ، فلمَّا فرغ قال له : أيألم ظهرك ، قال : لا ، قال : لو أنَّك متَّ على حالتك هذه متَّ مخالفاً لسنة رسول ﷺ .
- وعن النعمان بن مرَّة قال : قال رسول الله ﷺ : « ما ترون في الشارب والزاني والسارق » - وذلك قبل أن تنزل الحدود - قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : « هنَّ فواحش ، وفيهنَّ عقوبة ، وأسوأ السرقة الذي يسرق من صلاته » قالوا : وكيف يسرق من صلاته يا رسول الله ، قال : « لا يتمُّ ركوعها ولا سجودها » .
_ وقال ﷺ : « أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوِّل الله رأسَه رأس حمار ، أو يجعل صورته صورة حمار » .
- وقال ﷺ : « إيَّاك والالتفات في الصلاة ، فإنَّه هَلكة » .
- وسئل عن الالتفات في الصلاة فقال : « هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد » .
( فصل ) ( في خُلُق المسلم )
وقد أمر الله تعالى ببرِّ الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الأيتام والمساكين وإكرام الضيف .
- قال الله تعالى : ﴿ َاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ﴾ .
- وقال ﷺ : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، و من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت » .
- وقد نهى الله تعالى عن عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام ، قال الله تعالى : ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ .
- وقال ﷺ : « ألا أنبئكم بأكبر الكبائر » ثلاثاً قلنا: بلى يا رسول الله ، قال : « الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين » وكان متكئاًَ فجلس ، فقال : « ألا وقول الزور ، وشهادة الزور » فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت .
- وقال ﷺ : « أيها الناس عدلت شهادة الزور إشراكاً بالله » ثمَّ قرأ النبي ﷺ :
﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾.
- وقال ﷺ : « من أعان على خصومة وهولا يعلم أحقٌ هو أوباطل فهو في سخط الله حتى ينزع ، ومن مشى مع قوم يُرِي أنه شاهدٌ وليس بشاهد فهو كشاهد الزور » .
- وقال ﷺ : « من كتم شهادةً إذا دُعِي إليها كان كمن شهد بالزور » ، وقد قال الله تعالى : ﴿ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ .
- وقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ .
- وقد نهى الله تعالى عن الظلم في الدماء والأموال والأعراض فقال : ﴿ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾.
- وقال ﷺ في حجة الوداع : « إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا » .
- وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى : « يا عبادي إني حرَّمت الظلم على عبادي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا » .
- وقال ﷺ : ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) .
- وقال ﷺ لأصحابه : ( ما تعدُّون المفلس فيكم ) قالوا : يا رسول الله ، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال ﷺ : « المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، فيأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا وسفك دم هذا ،فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته أُخِذ من سيئاتهم فطرحت عليه ، ثمَّ طُرِح في النار » .
- وقال تعالى : ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ﴾ .
- وقال ﷺ : « اجتنبوا السبع الموبقات » قالوا : وما هُنَّ يا رسول الله ، قال : « الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات » .
- وقال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ﴾ .
- وقال تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ .
- وقال ﷺ : « البيِّعان بالخِيار ما لم يتفرَّقا ، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا مُحِقت بركة بيعهما » .
- وقال ﷺ : « ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة ، رجلٌ أعطى بي ثمَّ غَدر ، ورجلٌ باع حُراًّ فأكل ثمنَه ، ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منهو لم يعطِهِ أجره » .
- وقال ﷺ : « آية المنافق ثلاث : إذا حَدَّث كذَب ، وإذا وعَد أخلَف ، وإذا أؤتمن خان » ، وفي حديثٍ آخر : « وإذا خاصم فجَر، وإذا عاهَدَ غَدر » .
- وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوهما ، قال تعالى : ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ .
- وقال تعالى : ﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ .
( فصل ) ( في اجتناب الفَواحِش )
إيّاكم والزنا فإنَّه من الفواحش المحرَّمات ، وإنَّه معصية لرب الأرض والسماوات .
- قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ﴾.
- وقال تعالى : ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
- وقال ﷺ : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا ينتهب النهبة ذات شرف يرفع الناس إليها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن » .
- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حلَّ بها البلاء » قيل : وما هي يا رسول الله ، قال : « إذا كان المغنم دُوَلاً ، والأمانة غُنماً ، والزكاة مغرماً ، وأطاع الرجل زوجته ، وعقَّ أمَّه ، وبَرَّ صديقَه ، وجفا أباه ، وارتفعت الأصوات في المساجد ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأُكرِمَ الرجلُ مخافةَ شَرِّه ، وشُرِبت الخمور ، ولُبِس الحرير،
و اتُّخِذت القينات والمعازف ، ولعَنَ آخِر هذه الأُمَّة أوَّلها ، فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء وخسفاً ومسخاً ) .
- وقال ﷺ : « من زنى أو شرب الخمر نزَعَ الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسِه » .
- وقال ﷺ : « كلُّ مسكِرٍ خمر ، وكلُّ خمرٍ حرام » .
- وقال ﷺ : « لا يحِلُّ دمُ امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأنِّي رسول الله ، إلاَّ بإحدى ثلاث : الثيِّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والترك لدينه المفارق للجماعة » .
- وقال ﷺ : « إنَّ الزناة تشتعل وجوههم ناراً » .
- و قال ﷺ : « إنَّ الزنا يورِثُ الفقر » .
- وقال ﷺ - في رؤياه - : « فانطلقنا على مثل التنُّور ، فإذا فيه لغَطٌ وأصواتٌ - قال : فاطَّلعنا فيه ، فإذا فيه رجالٌ ونساء عُراةٌ ، وإذا هم يأتيهم لهبٌ من أسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضؤضؤ ، وأمَّا الرجال والنساء العراة فإنَّهم الزناة والزواني » .
وفي رواية : « فانطلقنا إلى ثقبٍ مثل التنُّور ، أعلاه ضيِّق ، وأسفله واسعٌ ، يتوقَّدُ تحتهُ ناراً ، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا ، وإذا أخمدت رجعوا فيها ، وفيها رجالٌ ونساء ٌ عراةٌ » .
و في رواية : « ثمَّ انطلق بي ، فإذا بقومٍ أشَدُّ شيءٍ انتفاخاً ، وأنتنه ريحاً ، كأنَّ ريحهم المراحيض ، قلت: من هؤلاء ، قال : هؤلاء الزانون والزواني » .
_ وروي عن النبي ﷺ أنَّه قال : « إنَّ السماوات السبع والأرضين السبع لتلعن الشيخ الزاني ، وإنَّ فروج الزناة ليؤذي أهل النار نتنُ ريحِها » .
- وفي حديث المعراج : « مررتُ برجالٍ تُقرَضُ جلودهم بمقاريضَ مِن نارٍ ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ، قال : الذين يتزينون للزنية » قال : « ثمَّ مررتُ بجُبٍّ منتنِ الريح ، فسمعت فيه أصواتاً شديدة ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ، قال : نساءٌ كنَّ يتزيَّنَّ للزنية ، ويفعلن ما لا يحِلُّ لهنَّ » .
- وروي عن النبي ﷺ أنَّه قال : « المقيم على الزنا كعابد وثن » .
- وقال ﷺ : « إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحَلُّوا بأنفسهم عذاب الله » .
- وقال رسول الله ﷺ لأصحابه : « ما تقولون في الزنا » ، قالوا : حرام حرَّمه الله ورسولُه ، فهو حرامٌ إلى يوم القيامة ، فقال رسول الله ﷺ : « لأن يزني الرجل بعشرة نسوة خيرٌ له من أن يزني بامرأة جاره » .
- وقال ﷺ : « من قعدَ على فراشِ مغيَّبةٍ قيَّض الله له ثعباناً يوم القيامة » .
- وقال الله تعالى : ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ .
- وقال ﷺ : « لا يخلونَّ رجلٌُ وامرأة إلاَّ والشيطانُ ثالثهما » .
- وقال ﷺ : « لا يبيتنَّ رجلٌ عند امرأةٍ إلاَّ أن يكون ناكحاً أو ذا محرم » .
( فصل) ( في آفات اللسِان )
واجتنبوا الكذب والغيبة والنميمة والبهت وقول الزور وشهادة الزور واليمين الفاجرة .
- قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾.
- وقال ﷺ : « من اقتطع مال امرئٍ مسلمٍ بيمينه ، لقِيَ اللهَ وهو عليه غضبان » قالوا : يا رسول الله ، وإن كان شيئاً يسيراً ، قال : « وإن كان قضيباً من أراك » .
- وقال ﷺ : « إنَّكم لتختصمون إلَيَّ ، ولعَلَّ بعضُكم أن يكون ألحَنَ بحُجَّتِهِ من بعض ، فأقضي له بنحوٍ ممَّا أسمع ، فمن قضيتُ له من حَقِّ أخِيهِ بشيءٍ فإنَّما أقطعُ له قِطعةً من النار ، فليأخذها أو يدعها » .
- وقال ﷺ : « لا يدخل الجَنَّةَ نمَّام » .
- وقال ﷺ : « الغِيبةُ ذكرك أخاك بما يكره » ، قيل : يا رسول الله ، أرأيتَ إن كان في أخي ما أقول ، قال : « إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه » .
- وقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾
( خاتمة )
فيجِب علينا وعليكم التواصي بالحق والتناصح فيه .
- قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾
- وقال ﷺ : « الدين النصيحة » قلنا : لمن يا رسول الله ، قال : « لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم » .
- وقال ﷺ : « من رأى منكم منكراً فليغَيِّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانِه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان » .
- وقال ﷺ : « ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعِيَّته ، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعِيَّته ، والأميرُ راعٍ ومسؤولٌ عن رعِيَّتِه ، والرجلُ راعٍ في أهلِ بيتِه ومسؤولٌ عن رعِيَّتِه ، والمرأةُ راعيةٌ في بيت زوجِها ومسؤولةٌ عن رعِيَّتِها ، والخادم راعٍ في مال سَيِّدِه ومسؤولٌ عن رعِيَّتِه ، والأمير راعٍ ومسؤولٌ عن رعِيَّتِه ، ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعِيَّته » .
فنسأل الله الكريم أن يجعَلَنا وإيَّاكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأن يوفقنا وإيَّاكم لما يحِبُّه ويرضاه ، ويجنِّبنا ما يسخطه ويأباه
سبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عَمَّا يصِفون
وسلامٌ على المرسلين
والحمد لله ربِّ العالمين
###